.بيروت، 2024
.كُتِبَتْ قصائدُ الديوان عام 2020
،القصائدُ الأصليَّة مُدَوَّنة على دفاتر خاصَّة وقصاصات متفرِّقة
.اختلطت طويلًا بورق الخريف
،القصائدُ الأصليَّة مُدَوَّنة على دفاتر خاصَّة وقصاصات متفرِّقة
.اختلطت طويلًا بورق الخريف
ذاكرة الوصول
من الطابقِ التاسعَ عَشَرَ لغمامِ الغَسَقِ الهائمِ بدهشةِ وجهي
،وبكَمْشَةٍ من كونْفيتّي دموعي
على خَطِّ أُفُقٍ ماطر
وقِرميدِ مَعْبَد
،وقلبِ حديقة
تتجلَّى المدينةُ باخضرارِ لوحةٍ أُمّ
.لجهازٍ عبقريٍّ لتقنينِ الحنين
قاماتٌ حانيةٌ من الحجر
بدلًا عن البلادِ التي تَفَتَّتَتْ في لَعِبِ أطفال
.دُفِنَتْ أحلامُهُمْ في ظلالِ تماثيلِ الطاغية
ملايينُ النوافذِ المُضاءةِ والمُطْفَأَة
.لمِلءِ فراغاتِ العَلاقاتِ القليلةِ التي أَغْلَقْتُ أبوابَها دونَما أسف
جسورٌ شافيةٌ من الشوق
ومساحاتُ عشبٍ عادلة
،لوَصْلِ قلبي بحواسِّهِ القديمةِ في ألبوماتِ الأمل
ولو أنَّ شجرةً واحدةً تكفي لاكتمالِ هزيمة
والقمرَ المشبوكَ بلا دَبُّوسٍ بينَ بنايتيْن
.يفيضُ عن حاجةِ الحُبِّ إلى أبطال
أيُّ مقهًى أنتقي كي ألتقيَ نفسي؟
ولِمَن، في أقصى الأرض، أرتدي قمصانَ المواعيد؟
كأنَّني على سطحِ كوكبٍ آخر
ألهو بنجومِ علبةِ ثقابٍ في قاعِ قَبْوٍ
«يَقَعُ تحتَ لافتةِ «نهاية العالم
والليلُ من حولي يسيل
وحيدًا كحَبّارٍ جريحٍ نحوَ أسطحِ المباني
.وتقاطعاتِ الشوارعِ ذاتِ الأسماءِ الطويلةِ كطريقي
مدينة المظلّات الشفيفة
.طفلٌ يطاردُ ضحكةَ فراشةٍ في الحديقة
أزهارُ كرزٍ غزيرة
.حولَ أصداءِ الإمبراطورِ المهزوم
.طيفُ بيكاتْشو المُضيءُ لعتمةِ المعابدِ العتيقة
،رسّاماتٌ زاهياتٌ بخريفِ العُمْر
بملامحَ تتفتّح
.في فَيءِ ناطحاتِ السحاب
.قِرميدٌ ملوّنٌ بأصلِهِ النيليّ
.بيوتٌ باشّةٌ بشبابيكَ كثيرة
ملاكٌ بكيمونو
.ساهٍ في زُقاقٍ مديدٍ من الليلِ والمصابيح
وردةٌ حمراءُ من البلاستيك الرخيص
في شَعْرِ عاملِ النظافة
.تنحني أمامَ بابِ قطار
إمرأةٌ غافيةٌ من التعبِ على قلبي
.في المقعدِ المُلاصِقِ من صمتِ المترو
باقةٌ من الأزهارِ البَرِّيَّةِ المُعَلَّقَةِ بوَهْنِ وجود
.بمَقْبَضِ مظلّةٍ بيضاء
.عاشقانِ على جسرٍ رهيفٍ من الخشب
دُمْيَةٌ بينَ الأقدام
.لقَطْعِ الطريق
.مَزاراتٌ بطوابيرَ طويلةٍ من المُلحدِين
.بازارٌ شاسعٌ من الدُّمى والدموع
.سيّارةُ أُجْرَةٍ تشبهُ شجرةً تعبرُ الشارع
سائقٌ بقُفّازَيْنِ ناصعيْن
.ووجهٍ يسيلُ من الحنان
تعويذةٌ لعتبة
.وأُخرى لوداع
.درّاجةٌ تتوضّأُ بضوءِ المطر
.مَتْجَرُ المئةِ يِنّ المفتوحُ لأفواجِ الوحيدِين
طوكيو مدينةٌ من المظلّاتِ الشفيفة
،والجَمالِ الحزينِ على جَمالِ البشر
.كلِّ البشر
ملاك طوكيو الضليل
تكادُ الغيومُ التي بحلاوةِ غَزْلِ بنات
أن تَلْمِسَ كَتِفي
،لتَرَفُّعِ التَّلِّ عن ترابِه
.والدروبُ وارفةٌ بالمفارق
.بيوتٌ بيضاءُ باسمة
حدائقُ مُنَمْنَمَة، وكأنَّها نُقِلَتْ من ألوانِ ماكيت
.إلى نورِ النَّاسِ والشوارع
أشجارٌ كثيفةُ الأمل
.وأسيجةٌ من حفيفِ العصافير
درّاجاتٌ مُسْرِعَةٌ نحوَ المجهول
بأُمّهاتٍ أجملَ من زهرِ الفساتينِ المُتطايرة
.بأطفالٍ بطاعةِ القططِ الأليفة
كم تبدو الحيواتُ سعيدةً عن مسافة
.خلفَ الوجوهِ والنوافذ
كم من أجنحتي أهدرتُ
لأقولَ جُمْلَةً مُبْهَمَة؟
هل تستحقُّ تلكَ العَلاقاتُ العابرةُ كالليالي
هذا العداءَ العميق؟
ومن تُراهُ الصغيرُ الذي يصرخُ وينوح
بروحِ عاصفة
على حافّةِ حديقة؟
وماذا عن الرجلِ الأنيق
الجالسِ على صمتِ مصطبة
بحقيبةٍ سوداءَ بينَ القَدَمَيْن؟
ألا يهتزُّ سورُ العزلة
لخوفِ وردة؟
.طفلٌ ضالٌّ بينَ شوارعِ طوكيو المُتشابهة
طيفٌ ببنطالٍ أزرقَ قصير
.وقميصٍ من قُطْنِ الأفلام
وجهٌ يشبهُ تيهَ الغرباءِ عن أحضانِ لغاتِهِم
.وبكاءٌ يفيضُ برغبةِ الأوتارِ في الغناء
يدٌ قابضةٌ على نجمةٍ خَفِيَّةٍ في يدي
ودموعٌ تَجِفُّ الخطوةَ تلوَ الأُخرى
.بنجاةِ أكثرَ من غريق
أخفّ من ريشة الخلود
لا الهيكلُ الخشبيُّ المَهيب
.ولا المصابيحُ الحجريّةُ كحَمامٍ ساكنٍ من حولِه
،لا الغابةُ بجهاتِها الأربع
ولا الدَّلْوُ الذي لا تُحْصى دموعُهُ
.وكأنَّهُ وجهي
لا مصاطبُ القصبِ الأصفر
.ولا رسائلُ النَّاسِ إلى الله
.لا النُّسَّاكُ ولا حُفاةُ النسيان
وحدَهُ الغرابُ الذي يحومُ في مدارِ جِذْعٍ ظليل
وصورتُهُ تتلألأُ في بِرْكَةِ مطر
يحمِلُ في ريشِهِ
.شيئًا من روحِ الإمبراطور ميجي
حياة وحيدة
بفراغِ فزَّاعِ طيورٍ من زهرةِ عبّادِ شمس
في معطفٍ زَيْتِيٍّ خفيفٍ لكَسْرِ الرياح
«أقِفُ على حافّةِ حديقةِ السيِّدِ «نون
نسبةً إلى الرسّامِ الذي يسكنُ وحيدًا في الغابة
.«وإلى الحرفِ الساكنِ في نهايةِ «الحزن
،مطرٌ ساهمٌ يَهْبِطُ على العشبِ بسلام
على قبّعةِ عزلتي المسنونة
.وعلى كواكبِ أكتافِنا
.كلُّ قطرةٍ أُيقونةُ نفسِها
،الرذاذُ رسائلُ أشباحٍ طائرةٍ في السديم
والأزهارُ المُوَشّاةُ بفِضَّةِ عاصفةٍ لا تَهابُ سياجًا
أصداءُ ضحكاتِ أطفالٍ مَرُّوا بأحلامِهِمْ من هُنا
حاملِينَ لوحاتِهِمْ الأُولى كالمصابيحِ على ألعابِهِم
.راكضِينَ نحوَ النُّضْجِ بجَهْلِ البياض
متى كَبِرَ الفتى العابرُ بدرّاجتِهِ الصفراء بينَ سَرْوَتَيْن؟
وكيفَ غَدَت الأميرةُ ذاتُ الضفيرةِ الطويلةِ والغَمَّازتيْن
أغنيةً تتساقَطُ بأنغامِها زينةُ الأعياد؟
أمامَ الأخضرِ الخاسرِ بأسمالِ خريفٍ مُتأخّرٍ قليلًا
عن إفلاتِ دفاترِهِ القديمة
المليئةِ بالأخطاء
بالأسماءِ الزائدةِ عن حاجةِ عاشقٍ إلى ندم
أُدْرِكُ كم هي حياةٌ وحيدة
هذه التي بينَ يديَّ
،على هيئةِ علبةِ ثقابٍ بعودٍ أخير
رُغْمَ رفوفِ الدُّمى الباسمة
والكتبِ ذاتِ الكنوزِ الغزيرة
والصداقاتِ الفريدةِ كصداقةِ وردة
وصداقةِ ثعلب
.على امتدادِ مُتْحَفِ النسيان
لفرطِ النقاءِ في كلِّ نسمةٍ تَلْمِسُ وجهي
.أكادُ ألْتَمِسُ العُذْرَ لكلِّ ما أبكاني
،ليست المغفرةُ بابًا لنُغْلِقَه
.المغفرةُ غيمةُ الغريق
بعيدًا عن مُساواةِ المرايا والمَجاز، عن ألعابِ الضوءِ في حفيفِ الظلالِ حولَ مَغْزاها، أتماثلُ بكوخٍ أحمرَ سعيد، بقِرميدٍ رماديٍّ مائل، لزَحْلَقَةِ عصفورٍ نحوَ صورتِهِ في حُفرةِ ماء.
.بدربٍ قصيرٍ من ألواحِ الخشبِ المُتباعدةِ بتنهيدةٍ من تراب
.بأغصانِ وردٍ بأوراقٍ قانية، كما قصائدِ الحُبِّ المُعَتَّقَةِ في زجاجةِ جُرْح
.بتمثالٍ زاهدٍ عن حياةِ شجرة، عن وجهِ شمعة، عن رحلةِ صاروخٍ ناصعٍ نحوَ ملعبٍ فسيحٍ من النجوم
أيُّ أملٍ يختبئُ داخلَ دمعة؟
ومَن الذي سيكنُسُ نُدَفَ الثلجِ عن أهدابِ البنتِ التي تصنعُ الآيس كريم، بملامحِ حيواناتٍ أليفةٍ ومُهَرِّجِين، في كافيتيريا
الموسمِ الكفيف؟
ثمّةَ من يتلصّصُ على دهشتِنا في زجاجِ التشابُه، على وَحْشَتِنا حولَ النوافذِ الواطئة، على رعشةِ أعضائنا التي لم تبرأْ تمامًا
تحتَ أضمدةِ الماضي.
.نَظْرَتُهُ نجمةٌ في إكليلِ الكاميراتِ المُعَلَّقَةِ بأُلْفَةِ فوانيسَ ورقيّةٍ في الزوايا، مِلءَ ثقوبِ عيونِنا
هو يوشيتومو نارا نفسُهُ على الأرجح. الفنّانُ الكسير. الطفلُ الذي يرفُضُ بعنفٍ أن يخسر. الرجلُ الذي يشيخُ مثلَنا في الصُّوَر، في رجفةِ ظلٍّ وحيدٍ ومديد، وَسْطَ حقولِ القمحِ والقشِّ والقلوبِ التي تفتَّتَتْ أشجارُها تحتَ فؤوسٍ غامضة، لتغدوَ أقلامًا من الخشبِ ملوّنةً بينَ أصابعِ صغار، يُصِرُّونَ على رَسْمِنا في كراريسِهِمْ مُبْتَسِمِين.
حديقة للوحدة، قمران للسلوان
بوجهٍ من ورقِ الأوريغامي
،في طَيِّ النسيان
بلا زهرةِ كرزٍ واحدةٍ في راحةِ اليد
،ولو لزيارةِ قبرٍ قديمٍ من اليَراع
بحقيبةِ ظهرٍ تتدلَّى منها تعويذةُ حَبَّةِ طحينٍ تشبهُ الغيمة
ومعطفٍ واسع
،واقٍ من الوَحْدَةِ تحت المطر
.ينزلقُ وجودي نحوَ حُفرةٍ مجهولةٍ من الوجود
في فَيءِ لافتةٍ مائلة
.يضيئُها نَمِرُ إعلانٍ عتيق
.على امتدادِ سلالمَ لانهائيّةٍ نحوَ قَبْوِ الخيال
تحتَ سماءٍ كثيرةِ الكلام
.يقتسِمُها قمرانِ مُتقابلان
بخِفّةِ رسالةٍ من صفحةٍ وحيدة
بسرعةِ الوقوعِ في هُوَّةِ الحُبِّ الخاطئ
،أو في فَخِّ أليس في بلادِ العجائب
أجدُ نفسي على مِزْلاقٍ ملوّن
.وشاحي مع الريح، وردةٌ سوداء
:الحديقةُ حكايةٌ أُخرى
تمثالُ امرأةٍ آسرةِ الحنان
.بينَ يَدَيْها يمامةٌ من حجر
ساعةٌ على ساقٍ وحيدة
كما تَشْقى بأقدارِها الأشجارُ
.وفزَّاعاتُ العصافير
رجلٌ نحيل، في قبضتِهِ مظلّةٌ بيضاء
.ونَظْرتُهُ فراشةٌ تَشِفُّ في الرذاذ
مَن الذي يعتني الآنَ
بفراشاتِ الدفيئةِ المهجورة
وصبّارةِ العاشقةِ التي غادرت الشرفة
والانتظار؟
ما الذي يحدثُ للأشياء
حينَ يختفي فجأةً حرّاسُ ظلالِها؟
هل تموتُ الغُرَفُ من الصمت
والصحونُ الناصعة
وقلوبُ القمصان؟
لماذا لا ينتصرُ الصِّدْقُ في قصصِنا الصغيرة
كما تنجو خاتمةُ كتاب؟
.«هُنا مقهى باسْمِ «قصيدة
على بُعْدِ مصباحيْن
وآلةٍ لبيعِ المشروباتِ السريعة
.تنتظرُني محطّةُ القطار
أتوقّفُ لِوَهْلَةٍ
لأتأمَّلَ كيفَ يضيقُ الحزنُ بالأرصفةِ والشوارع
.وخَزَرِ العيون
المطرُ يتساقَطُ بهدوءِ قاتل
والعالمُ معه
.في خريفِ البطولاتِ المُتطايرةِ بينَ السطور
عاصمة المعابد المضاءة بالدموع
من المقهى المُعَلَّقِ كمِشْكاةٍ على ليلِ كيوتو
.أرى العالمَ كما تُبْصِرُهُ دمعة
أعلى من طينِهِ بطابقيْن
وبضعةِ سلالمَ
.موسيقيّة
.أوسعُ من نفسِهِ بمساحةِ نافذة
فضاءٌ يصلُحُ لكلِّ احتمال
.عدا أن تبتسمَ البنتُ التي تُغَطِّي عينَها اليُمْنى بضِماد
غرفةٌ واحدةٌ وشُبّاكٌ وحيد
.كما يكتملُ وجهٌ بنظرة
مصابيحُ من الأوريغامي مُضاءةٌ
.بخمسِ أصابعَ على أشكالِ نجوم
طاولاتٌ مُستديرةٌ مُوَشّاةٌ بحروق
.ومقاعدُ من المُخْمَلِ الكُحْليِّ للوحيدِين
في الزجاجِ الساكنِ أبتسمُ لنفسي
.دونَ هاجسِ التلويحِ لأحد
من هذا الزُّقاقِ المُعتمِ الطويل
مَرَّتْ فصولٌ بمراوحَ ملوّنة
.وشتاءاتٌ تُحْنيها الحربُ والثلوج
مَرَّ السَّاموراي السامقُ بسيفِ أفعالِهِ
وبائعُ الألعابِ الناريّة
.ومُحَصِّلُ الدموع
مَرَّ الحنينُ في زهرةٍ عالقةٍ بظهرِ سُلَحْفاة
وصيّادو السمكِ الباسِمون
بقلوبٍ من قشّ
.وقبّعاتٍ من خَيْزَران
.مَرَّتْ أزمنةٌ حزينةٌ كالكُحْلِ على خدِّ غيشا
مَرَّ الحطّابُ والناسك
.ورائدُ الفضاء
.مَرَّت العاصفةُ والقطاراتُ السريعةُ والأعياد
مَرَّ الخوفُ الذي لا ترسِمُهُ ملامح
.والجوعُ الحاسرُ في مِلْحِ العيون
.مَرَّ غريندايزر على يقينِ قَدَمَيْه
مَرَّت القطّةُ الأرستقراطيّةُ كيتي
كعادتِها
.بلا بَسْمَةٍ أو كلام
.مَرَّ الغُزاة، ومَرَّتْ غيوم
مَرَّ السيِّدُ كواباتا
.بقامةِ قَبْقابِهِ الخشبيّ
على خُطاه
ما زالَ يمضي
.في طريقِهِ المطر
رجال من سُكَّر
رجلٌ مَحْنِيٌّ
بربطةِ عُنُقِهِ المُتطايرة
فوقَ يَرَقَةٍ
.في منتصفِ رصيف
آخرُ بلباسٍ رياضيٍّ
عاريَ الأكمام
.في لافتةٍ عملاقة
.بهَيْبَةِ أبطالِ الألعابِ الأولمبيّة
.بلهفةِ السكاكرِ إلى أفواهِ الأطفال
مُهَرِّجٌ محشوٌّ بالضحكِ والحلوى
،والدموع
وقبّعتُهُ المُقَلَّمَة
.تُظَلِّلُ نظّارتَهُ الكثيفة
.كأنَّهُ من أقليّةِ عُشَّاقِ الشعر
بالأبيضِ والأحمر
يرسِمُ نفسَهُ على أكياسٍ شفيفة
بكلِّ أحزانِ السيرك
واليابان
.والعالم
من تُراهُ الرجلُ الذي يشبهُ مشاهيرَ الروك
وحاشيتُهُ تملأُ المقهى كالدخان؟
رجالٌ من سُكَّر
قابلونَ للكَسْرِ برَفّةِ دمعة
وقلوبُ الجميلاتِ من حولِهِم
.شظايا مرايا
على هامش هيروشيما
كادَ الرجلُ السكرانُ يبكي
.بمجرّدِ أن تجلَّتْ بينَنا غيمةُ هيروشيما
:قالَ: «قالت جَدَّتي
كانَ النَّاسُ يرمونَ بأَنْفُسِهِمْ في النهرِ كالحصى
،لعلَّهُمْ يُطْفِئُونَ الجحيمَ في أجسادِهِم
لكنَّ الماءَ كانَ بحُرْقَةِ حطبٍ في مدفأة
.«والأرواحُ صَعَدَتْ بأحذيتِها إلى السماء
:قالَ
.«سلامي إلى هيروشيما التي لم أجرؤْ على إثارةِ رمادِها بنثرِ زهرة»
قالت الكأسُ أشياءَ كثيرةً عن غيمةِ عشِّ الغُراب
عن الغِربانِ الناصعةِ لهَوْلِ الغُبار
عن المطرِ الأسودِ الغزير
وعن الأطفالِ الذين غَفَوْا فجأةً
.في غابةٍ ساكنة
:قالت
.تساقطَتْ عيونٌ وأصابعُ وظلال»
.«لم تنهمرْ دمعةٌ واحدةٌ على الأديم
:قالت
،بعضُهُمْ بَحَثَ عن يَدَيْهِ بلا ذراعيْن»
.«أولئكَ الذينَ لم يعانقوا الموتَ حتّى
.بينَ هيروشيما وبيني كلامٌ لا يبدأ
بينَنا كتابٌ مُفَتَّتُ الصفحات
يملأُ حُضْني بقِطَعِ الأطفال
.منذُ ذلكَ الملجإِ السحيقِ بينَ كراكيبِ الذاكرة
بينَ هيروشيما وبيني وعدُ مليونِ وردة
.من حديقةٍ قديمةٍ من القَتْلى في قلبي
بينَنا إعصارٌ كفيفٌ يُجَمِّدُ القطاراتِ والأحلام
.كالأشجارِ في أرضِها
يا لَقسوةِ هذا المطرِ على نوافذِ أوساكا
.على واجهةِ الفندقِ المَهولِ كسفينةِ فضاء
.بكلِّ فأسٍ يقطَعُ الطريق
بينَ هيروشيما وبيني
وجهُ الرجلِ الذي كادَ يَقْلِبُ خارطتي
لولا ابتسامةُ إيفا على الطاولة
وتلكَ العاشقةُ المكسورة
كرسالةٍ من كلمتيْن
.في زاويةٍ مُظلمةٍ من الحانة
ماذا تفعلُ امرأةٌ أمريكيّةٌ بينَنا؟
هل تحتملُ قنبلةٌ ذَرِّيَّة
ريشةَ اعتذار؟
لا تتلامَسُ أكتافُ الغرباءِ
،إلّا حولَ بئرِ دمعة
والعالمُ مُكْتَظٌّ بالغرباء
كليلِ أوساكا الماطر
وحاسرٌ من كلِّ معنى
عدا خيطِ دخانٍ ضئيل
.يضيءُ ضفافَ هيروشيما
دمعتان في أكواريوم
.أُفَكِّرُ فيكَ في مثلِ هذه الليالي الماطرةِ بعنفِ دموعِنا
.يتلألأُ ندمُكَ أمامي، بأضواءِ شجرةِ ميلاد
أَلْمِسُهُ ببصمةِ وجهي وقلبي
،كما نحضُنُ طفلً أو طائرًا في نافذة
.ويملؤُني كمثلِ ماءٍ في أكواريوم
وحدَكَ الأعلى من دمعة
وحدَكَ الأدنى من دمعة
،وحدَكَ الدمعة
.لا الآخرَ ولا نفسي
أكادُ أكتبُ لكَ كلَّ هذا الجنونِ في رسالة
.لولا مخافةُ الأمل
لو تَرى كيفَ تُبكيني زجاجةُ العطرِ المهجورة
صحونُ الوَحْدَةِ في آخرِ الليل
حركةُ كلِّ يد
.بظلالِها تُشْعِلُ الشموع
أموتُ على كافّةِ الضفافِ وفي كلِّ نهر
.بغربةِ غرفةٍ شفيفةٍ في عاصفة
أسيلُ بذاكرةِ ضحكتِنا
بنصفِ نسيان
.كما ينسكبُ النبيذُ الأحمرُ وحيدًا
.كأنَّني قد أنسى
كأنَّ النسيانَ قد يَقَعُ بينَنا
كالقطيعةِ والكُرْه
.ونُدَفِ العداءِ العميق
تُراها الأسماكُ ما زالت تملأُ بيتَك؟
كم شاخت ملامحُكَ من الوَحْدَةِ في المرايا؟
أما زالت الأغاني تَحْفَظُ مَرْبَطَ ظلالي؟
أُفَكِّرُ فيكَ، وفي السلالمِ الخشبيّةِ المستديرة
،التي ترعبُني وكأنَّها مشنقةُ سماء
،في الحارسِ ذي اللحيةِ المُسْدَلَةِ على السهرِ والأحلام
في تلكَ المدفأةِ السوداء
،وذلكَ المرسمِ المهجور
،في انحناءتِكَ على تعبي بلِحافٍ من رذاذِ الملائكة
في الأدوارِ المُلْتَبَسَة
والأقدارِ الطائشةِ كرصاصٍ بلا رحمة
.وبلا ريشةِ عَدْل
أُفَكِّرُ في الطريق
في صمتِ الطريق
.في مصابيحِ الطريق
.كِلانا العُمْرُ الذي ما عادَ يَتَّسِعُ لنقطةِ ندم
أحدُنا العاشقُ الذي قَطَعَ الطريقَ بطاعةِ قطار
حاملً في قلبِهِ
رسالةَ حُبٍّ
.باسْمٍ خاطئ
في بلدة القلوب الدافئة
على شرفةٍ شفيفةٍ على شَفا الأرض
والعُمْرُ قُبالتي
.مُضاءٌ بمَضيقِ دمعة
هُنا تبرأُ من أوهامِنا
.طُرُقُ الحياةِ السريعة
هُنا العالمُ الذي يفكّكُ السِّكَكَ الحديديّةَ على ركبتيْن
.لئلّا يَصِلَ أحد
كُرْسِيَّانِ من الحديدِ المطروقِ بحُبّ
طاولةٌ مفتوحةٌ على بياضِ البدايات
صحنُ فنجانِ قهوةٍ كمنفضة
.وما لا يُحْصى من حزنٍ وعَدْلٍ وهزيمةٍ وجَمال
سيجارةٌ تلوَ الأُخرى
أدخِّنُ الدقائقَ التي بخِفّةِ قطراتِ مطر
كما تسلو الغيومُ في قاطِراتٍ مُتقطِّعة
.في رحلةِ سواها نحوَ النسيان
كيفَ أشكرُ مْيُو
على سِعَةِ قلبِها
وسيّارتِها السوداء؟
.جُمْلَةٌ قصيرةٌ على هامشِ النُّعاس
:رسوماتٌ سريعةٌ على قرطاسيّةِ فندق
.طفلٌ في بِرْكَة
.نصفُ سمكة
.جبلٌ يتزلّجُ كفجرٍ عارٍ على جليد
،خريفٌ آخر، بنجومٍ أقلَّ بينَ اليَدَيْن
والوقتُ يفيضُ كنبضٍ عن نفسِهِ
.يتلألأُ في ضَحِكِ الينابيع
متى يستيقظُ تِنِّينُ البحيرة؟
وهل تُباغِتُني شيهيرو
ضاحكةً كالشمسِ بينَ فَكَّيْه؟
.في الضبابِ يلوحُ قاربٌ نحيل
قلبُ رجلٍ أو امرأةٍ بمجذاف
.بسرعةِ سيفِ ساموراي
.على شرفتي أنتظرُ إطلالةَ فوجي
،الجرحُ الساكن
.النجمُ المُتَرَفِّعُ عن ترابِ الألم
تَمُرُّ سماوات
وينجلي مطر
عن فضاءِ المرفإِ الفارغ
عن يقَظَةِ الضفاف
.ورهبةِ الهضابِ الخضراء
يتجلَّى الحجرُ في وجهٍ بعيدٍ كحجرِ سُلوان
كما تتفتّحُ كلمةُ حُبٍّ في مساحةٍ مُشْمِسَةٍ من الصمت
كما تَشِفُّ شجرةٌ شاهقةٌ من الدموع
كما ينحني إمبراطور
.لزهرةِ أُقحوان
وليمة المنتحرين
عشرةُ صحونٍ صغيرة
.من الخَزَفِ المُزَخْرَفِ بريشةِ الخريف
وليمةٌ بمدارِ وَحْدَتي
بمحاذاةِ نافذةٍ
،تطلُّ بنصفِ وجهي على الوادي
ونجمةٌ بعيْنِها
تُعَلِّقُ نفسَها بخِفّةِ جرسٍ قديم
.فوقَ فلسفةِ الانتحار
رَفّةٌ واحدةٌ في الأغصانِ الغافية
ويَسْقُطُ القمرُ بِدَوِيِّ دمعة
.في قلبِ قَدَحِ الساكي
على طاولتي إبريقٌ أزرق
نصفُ فارغ
،نصفُ ملآنَ بالغيوم
وبحرٌ يتوالى بكنوزِهِ الحزينة
كروايةٍ تُطْوى بينَ صفحاتِها
:أكثرُ من حياة
.التونة التي بأحمرِ فنادقِ الحُبّ
السلمون الذي يسبحُ وحيدًا
.كما يسلو عاشق
.ذاتُ الذيلِ الأصفر
مُحارُ الأمواج
.ذو التلويحةِ الشاهقةِ الهامدة
لمن تُراها كلُّ هذه الرسائل
بقلمِ حَبّارِ الحنين؟
كأنَّما السوشي مأدبةُ الذينَ ذاقوا الألم
في كافّةِ أطباقِهِ
وظَلَّتْ قلوبُهُمْ تحِنُّ
.إلى طفولةِ قطعةِ حلوى
،لطالما رأيتُ العالمَ كأكواريوم كبير
.كلُّنا أسماكٌ تأكلُ سواها
لكنَّ العجوزَ الباسمةَ التي ظَلَّلَتْني
من جنونِ المطرِ في دُكّانِها
،وأهدَتْني تعويذةً بحجمِ حَبَّةِ فولِ الصويا
غَرَسَتْ في قلبي
.غابةً ما
كأنّهُ الحبّ
،ألبومٌ كاملٌ للأشباح
وأغنيةٌ إضافيّةٌ
مَخْفِيَّة
.عن زيزِ الحصادِ والحنين
.كِدْتُ أنسى
،كِدْتُ أسامحُ وأمضي مع اللحنِ والريح
لولا النجمةُ الناقصة
من نظرةِ الليل
.إلى نفسِه
تلكَ المرأةُ التي أَكَّدْتُ لها مِرارًا
،أنَّني لا ألتفتُ إلى الوراء
تُراها ما زالت تضحك؟
.تجمعُنا الخَسارةُ وكأنَّها هذه الأرض
على الدربِ الغائمِ بظلالِ البامبو
:يزهو الترابُ الأحمرُ بجراحِ الماشِينَ على قلوبِهِم
سائحونَ بحقائبَ مُتأرجحة
،وكاميراتٍ مُدَلَّاةٍ من الأعناق
،نُسَّاكٌ بأسمالِ أحلام
أقدامٌ غزيرة
وعَرَبَةٌ بيضاءُ بلا أجنحة
وغروبٌ وحيد
بوجهِ حصانٍ
.وحيدِ القَرْن
.كأنَّهُ من رسمةٍ بَرَّاقَةٍ على بطاقةِ بريد
،على درّاجتي
.بشالٍ يَشِفُّ بحزنِ الشوارع
«إلى «شارع كواباتا
تُشيرُ اللّفتةُ الزرقاء
.المُعَلَّقَةُ كسماءٍ بينَ المعابدِ والمطر
دمعتي مدينةٌ لامرئيّة
.كالعُمْرِ العابرِ تحتَ الجسور
.إلى أيِّ عدمٍ يُعيدُنا الطريق
.دُكّانٌ يبيعُ النهاياتِ المفتوحة
،آخرُ مليءٌ بالتعاويذ
بالذكرياتِ المُغَلَّفَةِ سَلَفًا
.في مصنعِ السعادة
النادمون
يعودونَ تباعًا على دموعِهِم
.كالأنهارِ التي تحفِرُ قبورَها بنفسِها
كم من الألمِ والأمل
.في مصباحٍ مائلٍ على المارّة
.كأنَّهُ الحُبّ
،العاصفةُ لوحةٌ مُتحرّكةٌ في نافذة
وأنا بألوانٍ نافذة
.شبحٌ ببَشاشةِ شخوصِ الكرتون
،بكلِّ هذه البداياتِ بينَ اليَدَيْن
،بهذا النبضِ المُتسارعِ كقطارٍ نحوَ قطرةِ مطرٍ في المَرِّيخ
.كم أخجلُ من ضوءِ القمر
صورة بالرنين المغناطيسيّ لروحي
.في الحُلُم، وجهُكَ أقربُ من أنفاسي إلى نفسي
.على هلالِهِ أُسْدِلُ أهدابي
.أُطْفِئُهُ كما الشموع
.أفتحُ دمعتي كنافذةٍ على فراغِ الغرفة
بيدِ النُّعاس
.أمسحُ انعكاسَ غيمةٍ عن جبيني
،لولا فضاءُ طوكيو الوامضُ بفزَّاعاتِ طائراتٍ ونوافذ
بنِقاطٍ مُتفرِّقةٍ حمراء
،ببَشاشةِ يَراعٍ يَرِفُّ بينَ السنابل
لَذَوَتْ نظرتي كحذاءِ فان غوغ البنيِّ العنيد
مليئةً بالتراب
.وخيباتِ الطُّرُق
،يدايَ حمامةٌ في الظلام
،أرنبٌ أَسْوَدُ على أرقِ الجدار
مُسَدَّسٌ بدخانِ سيجارة
خلفَ بابٍ جَرَّارٍ من الورقِ الشفيف
خَشْيَةَ أن تَلْمِسَ وَحْدَتي
.وردةُ الندمِ الدَّامية
،في الحُلُمِ حَدَّثْتُكَ عنها
المرأةُ التي مَرَّتْ بانكسارِ سلالةٍ عريقةٍ من السَّاموراي
.عبرَ المُتْحَفِ الدامسِ في قلبي
تركَتْ معطفَها مُعَلَّقًا في دمعة
.على مسمارِ لوحةٍ مفقودة
حَدَّثْتُكََ عنها وعنِّي
بطلاقةِ من أَسْقَطَ آخرَ أوراقِ الخوفِ عن أطرافِهِ
وأطعمَ أطفالَ الغابة
ما تبقّى من أطباقِ الأمل
.على امتدادِ مائدةِ المُنتحرِين
حَدَّثْتُكَ عن العَلاقةِ الماضيةِ
نحوَ المجهول
على درّاجةٍ مُسْرِعَةٍ في الليل
،في زُقاقٍ زاهٍ بمصابيحِهِ الملوّنةِ والمنازل
عن الإعاقةِ في محاولاتِ الحُبِّ المُتتالية
،كأصداءِ مطرٍ على إكسيلوفون
،عن الخيباتِ المُتراكمةِ في قمصانٍ جديدةٍ في خزانةِ الخريف
وعن هياكلِ أصدقائيَ العظميّة
.المُتجذّرةِ بلَهَفٍ في حفيفِ الخُزامى
في الحُلُم
تمدّدتُ وَسْطَ أشدِّ تقاطعاتِ الشوارعِ ازدحامًا
.فقط كي أبكي
فتحتُ روحي للعابرِين
،مظلّةً تجمعُ في جوفِها المطر
كمَنْ قَضى أحلامَهُ يركضُ
.بنبضٍ أسرعَ من العُمْر
،قلتُ أشياءَ كنتَ تُرَدِّدُها بخِفّة
قلتَ أشياءَ كنتُ أعتنقُها
بيقينِ من عانقَ المجرّاتِ والملائكة
.ذاتَ حُلُم
.اليأسُ أصدقُ الدروب
،اليأسُ أقصرُ الدروبِ إلى مَعْبَدِ السعادة
والقمرُ دبٌّ قطبيٌّ
نصفُ نائم
في عزلةِ قفصٍ زجاجيٍّ
.فالتٍ بينَ الأفلاك
من أيِّ بركانٍ في روحي
تتصاعدُ هذه الصُّوَر؟
وهل تَصْمُدُ في عراءِ العاصفة
ذاكرةٌ بوَهْنِ ورقةِ توت؟
في الحُلُمِ وجدتُ وَشَمًا فقَبَّلْتُه
كما يَلْثِمُ العالقُ بسفينةٍ في زجاجة
.قَدَمَ نسمة
You are the best part of my life.
بخطٍّ مائلٍ
يُؤاخي بكاءَ شجرة
.على كَتِفِ كمنجة
،«همستُ لكَ: «أعلمُ أنَّها رسالةٌ لسواي
لكنَّ الأسى الذي فاضَ فجأةً عن كذبةِ عينيك
.كادَ يُبكيني
،لو كانَ في يدي قلمٌ في الحُلُم
لرسمتُ أُفُقًا فاصلًا
بينَ كلِّ ما مضى
.وضحكتي حينَ اقتربتَ قليلًا
في الحُلُمِ اتَّسَعَ وجهُ الصديقة
.بمدارِ زهرةِ أُقحوان
.لبُرْهَةٍ ظننتُنا لن نعرفَ اليتمَ قَطّ
سؤالٌ وحيدٌ ظَلَّ يُلِحُّ
:كلحنٍ مُبْهَمٍ على بالي
ما قصَّةُ الصحونِ البيضاءِ بينَنا؟
.في الحُلُمِ لم نَكْبُرْ بعُمْرِ الهجرِ الطويلِ بينَنا
.كُنَّا كما كُنَّا، وجهي يضحكُ وعيناكَ كوكبان
كأنَّني لم أقْطَعْ الطريقَ الطليقَ بمُفْرَدي
بالقطارِ الفِضِّيِّ السريع
على جسورٍ مُعَلَّقَةٍ بطُمأنينةِ مدينةٍ فوقَ الماء
وَسْطَ أطفالٍ ثرثارِينَ كعصافيرِ الفجر
،من أقصى القُنوطِ حتّى أُدَيْبَة
،الجزيرةُ الشافيةُ من الأشباح
ذاتُ الأسوارِ الناصعةِ الناصعة
.المرصوفةِ برهافةِ أزهارِ عبّادِ شمس
في الحُلُمِ القصيرِ كأصداءِ غيوم
،لاحَ الحُبُّ بلهفةِ سيّارةِ الآيس كريم
في قميصِهِ الأصفرِ الفَضْفاض
بقبّعةِ بوكيمون الخفيفة
باسِمًا
،وفي يدِهِ كوبٌ كبيرٌ من البيرة
وكأنَّ كلَّ ما حَدَث
.حَدَثَ في حُلُم
.لم توقِظْني شمسُ المعابدِ القديمة
.لم يوقِظْني مطرُ طوكيو المتسلسلُ في مِسْبَحَةٍ طويلةٍ من المراثي
أيقظَتْني وَحْدَةُ الجالسِينَ إلى طاولاتٍ مُتَفَرِّقَة
في خلاءِ مطعمِ ماكدونالدز
.بعدَ منتصفِ الليلِ في المحطّة
.أيقظَتْني وَحْدَتي
من الطابقِ التاسعَ عَشَرَ لغمامِ الغَسَقِ الهائمِ بدهشةِ وجهي
،وبكَمْشَةٍ من كونْفيتّي دموعي
على خَطِّ أُفُقٍ ماطر
وقِرميدِ مَعْبَد
،وقلبِ حديقة
تتجلَّى المدينةُ باخضرارِ لوحةٍ أُمّ
.لجهازٍ عبقريٍّ لتقنينِ الحنين
قاماتٌ حانيةٌ من الحجر
بدلًا عن البلادِ التي تَفَتَّتَتْ في لَعِبِ أطفال
.دُفِنَتْ أحلامُهُمْ في ظلالِ تماثيلِ الطاغية
ملايينُ النوافذِ المُضاءةِ والمُطْفَأَة
.لمِلءِ فراغاتِ العَلاقاتِ القليلةِ التي أَغْلَقْتُ أبوابَها دونَما أسف
جسورٌ شافيةٌ من الشوق
ومساحاتُ عشبٍ عادلة
،لوَصْلِ قلبي بحواسِّهِ القديمةِ في ألبوماتِ الأمل
ولو أنَّ شجرةً واحدةً تكفي لاكتمالِ هزيمة
والقمرَ المشبوكَ بلا دَبُّوسٍ بينَ بنايتيْن
.يفيضُ عن حاجةِ الحُبِّ إلى أبطال
أيُّ مقهًى أنتقي كي ألتقيَ نفسي؟
ولِمَن، في أقصى الأرض، أرتدي قمصانَ المواعيد؟
كأنَّني على سطحِ كوكبٍ آخر
ألهو بنجومِ علبةِ ثقابٍ في قاعِ قَبْوٍ
«يَقَعُ تحتَ لافتةِ «نهاية العالم
والليلُ من حولي يسيل
وحيدًا كحَبّارٍ جريحٍ نحوَ أسطحِ المباني
.وتقاطعاتِ الشوارعِ ذاتِ الأسماءِ الطويلةِ كطريقي
مدينة المظلّات الشفيفة
.طفلٌ يطاردُ ضحكةَ فراشةٍ في الحديقة
أزهارُ كرزٍ غزيرة
.حولَ أصداءِ الإمبراطورِ المهزوم
.طيفُ بيكاتْشو المُضيءُ لعتمةِ المعابدِ العتيقة
،رسّاماتٌ زاهياتٌ بخريفِ العُمْر
بملامحَ تتفتّح
.في فَيءِ ناطحاتِ السحاب
.قِرميدٌ ملوّنٌ بأصلِهِ النيليّ
.بيوتٌ باشّةٌ بشبابيكَ كثيرة
ملاكٌ بكيمونو
.ساهٍ في زُقاقٍ مديدٍ من الليلِ والمصابيح
وردةٌ حمراءُ من البلاستيك الرخيص
في شَعْرِ عاملِ النظافة
.تنحني أمامَ بابِ قطار
إمرأةٌ غافيةٌ من التعبِ على قلبي
.في المقعدِ المُلاصِقِ من صمتِ المترو
باقةٌ من الأزهارِ البَرِّيَّةِ المُعَلَّقَةِ بوَهْنِ وجود
.بمَقْبَضِ مظلّةٍ بيضاء
.عاشقانِ على جسرٍ رهيفٍ من الخشب
دُمْيَةٌ بينَ الأقدام
.لقَطْعِ الطريق
.مَزاراتٌ بطوابيرَ طويلةٍ من المُلحدِين
.بازارٌ شاسعٌ من الدُّمى والدموع
.سيّارةُ أُجْرَةٍ تشبهُ شجرةً تعبرُ الشارع
سائقٌ بقُفّازَيْنِ ناصعيْن
.ووجهٍ يسيلُ من الحنان
تعويذةٌ لعتبة
.وأُخرى لوداع
.درّاجةٌ تتوضّأُ بضوءِ المطر
.مَتْجَرُ المئةِ يِنّ المفتوحُ لأفواجِ الوحيدِين
طوكيو مدينةٌ من المظلّاتِ الشفيفة
،والجَمالِ الحزينِ على جَمالِ البشر
.كلِّ البشر
ملاك طوكيو الضليل
تكادُ الغيومُ التي بحلاوةِ غَزْلِ بنات
أن تَلْمِسَ كَتِفي
،لتَرَفُّعِ التَّلِّ عن ترابِه
.والدروبُ وارفةٌ بالمفارق
.بيوتٌ بيضاءُ باسمة
حدائقُ مُنَمْنَمَة، وكأنَّها نُقِلَتْ من ألوانِ ماكيت
.إلى نورِ النَّاسِ والشوارع
أشجارٌ كثيفةُ الأمل
.وأسيجةٌ من حفيفِ العصافير
درّاجاتٌ مُسْرِعَةٌ نحوَ المجهول
بأُمّهاتٍ أجملَ من زهرِ الفساتينِ المُتطايرة
.بأطفالٍ بطاعةِ القططِ الأليفة
كم تبدو الحيواتُ سعيدةً عن مسافة
.خلفَ الوجوهِ والنوافذ
كم من أجنحتي أهدرتُ
لأقولَ جُمْلَةً مُبْهَمَة؟
هل تستحقُّ تلكَ العَلاقاتُ العابرةُ كالليالي
هذا العداءَ العميق؟
ومن تُراهُ الصغيرُ الذي يصرخُ وينوح
بروحِ عاصفة
على حافّةِ حديقة؟
وماذا عن الرجلِ الأنيق
الجالسِ على صمتِ مصطبة
بحقيبةٍ سوداءَ بينَ القَدَمَيْن؟
ألا يهتزُّ سورُ العزلة
لخوفِ وردة؟
.طفلٌ ضالٌّ بينَ شوارعِ طوكيو المُتشابهة
طيفٌ ببنطالٍ أزرقَ قصير
.وقميصٍ من قُطْنِ الأفلام
وجهٌ يشبهُ تيهَ الغرباءِ عن أحضانِ لغاتِهِم
.وبكاءٌ يفيضُ برغبةِ الأوتارِ في الغناء
يدٌ قابضةٌ على نجمةٍ خَفِيَّةٍ في يدي
ودموعٌ تَجِفُّ الخطوةَ تلوَ الأُخرى
.بنجاةِ أكثرَ من غريق
أخفّ من ريشة الخلود
لا الهيكلُ الخشبيُّ المَهيب
.ولا المصابيحُ الحجريّةُ كحَمامٍ ساكنٍ من حولِه
،لا الغابةُ بجهاتِها الأربع
ولا الدَّلْوُ الذي لا تُحْصى دموعُهُ
.وكأنَّهُ وجهي
لا مصاطبُ القصبِ الأصفر
.ولا رسائلُ النَّاسِ إلى الله
.لا النُّسَّاكُ ولا حُفاةُ النسيان
وحدَهُ الغرابُ الذي يحومُ في مدارِ جِذْعٍ ظليل
وصورتُهُ تتلألأُ في بِرْكَةِ مطر
يحمِلُ في ريشِهِ
.شيئًا من روحِ الإمبراطور ميجي
حياة وحيدة
بفراغِ فزَّاعِ طيورٍ من زهرةِ عبّادِ شمس
في معطفٍ زَيْتِيٍّ خفيفٍ لكَسْرِ الرياح
«أقِفُ على حافّةِ حديقةِ السيِّدِ «نون
نسبةً إلى الرسّامِ الذي يسكنُ وحيدًا في الغابة
.«وإلى الحرفِ الساكنِ في نهايةِ «الحزن
،مطرٌ ساهمٌ يَهْبِطُ على العشبِ بسلام
على قبّعةِ عزلتي المسنونة
.وعلى كواكبِ أكتافِنا
.كلُّ قطرةٍ أُيقونةُ نفسِها
،الرذاذُ رسائلُ أشباحٍ طائرةٍ في السديم
والأزهارُ المُوَشّاةُ بفِضَّةِ عاصفةٍ لا تَهابُ سياجًا
أصداءُ ضحكاتِ أطفالٍ مَرُّوا بأحلامِهِمْ من هُنا
حاملِينَ لوحاتِهِمْ الأُولى كالمصابيحِ على ألعابِهِم
.راكضِينَ نحوَ النُّضْجِ بجَهْلِ البياض
متى كَبِرَ الفتى العابرُ بدرّاجتِهِ الصفراء بينَ سَرْوَتَيْن؟
وكيفَ غَدَت الأميرةُ ذاتُ الضفيرةِ الطويلةِ والغَمَّازتيْن
أغنيةً تتساقَطُ بأنغامِها زينةُ الأعياد؟
أمامَ الأخضرِ الخاسرِ بأسمالِ خريفٍ مُتأخّرٍ قليلًا
عن إفلاتِ دفاترِهِ القديمة
المليئةِ بالأخطاء
بالأسماءِ الزائدةِ عن حاجةِ عاشقٍ إلى ندم
أُدْرِكُ كم هي حياةٌ وحيدة
هذه التي بينَ يديَّ
،على هيئةِ علبةِ ثقابٍ بعودٍ أخير
رُغْمَ رفوفِ الدُّمى الباسمة
والكتبِ ذاتِ الكنوزِ الغزيرة
والصداقاتِ الفريدةِ كصداقةِ وردة
وصداقةِ ثعلب
.على امتدادِ مُتْحَفِ النسيان
لفرطِ النقاءِ في كلِّ نسمةٍ تَلْمِسُ وجهي
.أكادُ ألْتَمِسُ العُذْرَ لكلِّ ما أبكاني
،ليست المغفرةُ بابًا لنُغْلِقَه
.المغفرةُ غيمةُ الغريق
بعيدًا عن مُساواةِ المرايا والمَجاز، عن ألعابِ الضوءِ في حفيفِ الظلالِ حولَ مَغْزاها، أتماثلُ بكوخٍ أحمرَ سعيد، بقِرميدٍ رماديٍّ مائل، لزَحْلَقَةِ عصفورٍ نحوَ صورتِهِ في حُفرةِ ماء.
.بدربٍ قصيرٍ من ألواحِ الخشبِ المُتباعدةِ بتنهيدةٍ من تراب
.بأغصانِ وردٍ بأوراقٍ قانية، كما قصائدِ الحُبِّ المُعَتَّقَةِ في زجاجةِ جُرْح
.بتمثالٍ زاهدٍ عن حياةِ شجرة، عن وجهِ شمعة، عن رحلةِ صاروخٍ ناصعٍ نحوَ ملعبٍ فسيحٍ من النجوم
أيُّ أملٍ يختبئُ داخلَ دمعة؟
ومَن الذي سيكنُسُ نُدَفَ الثلجِ عن أهدابِ البنتِ التي تصنعُ الآيس كريم، بملامحِ حيواناتٍ أليفةٍ ومُهَرِّجِين، في كافيتيريا
الموسمِ الكفيف؟
ثمّةَ من يتلصّصُ على دهشتِنا في زجاجِ التشابُه، على وَحْشَتِنا حولَ النوافذِ الواطئة، على رعشةِ أعضائنا التي لم تبرأْ تمامًا
تحتَ أضمدةِ الماضي.
.نَظْرَتُهُ نجمةٌ في إكليلِ الكاميراتِ المُعَلَّقَةِ بأُلْفَةِ فوانيسَ ورقيّةٍ في الزوايا، مِلءَ ثقوبِ عيونِنا
هو يوشيتومو نارا نفسُهُ على الأرجح. الفنّانُ الكسير. الطفلُ الذي يرفُضُ بعنفٍ أن يخسر. الرجلُ الذي يشيخُ مثلَنا في الصُّوَر، في رجفةِ ظلٍّ وحيدٍ ومديد، وَسْطَ حقولِ القمحِ والقشِّ والقلوبِ التي تفتَّتَتْ أشجارُها تحتَ فؤوسٍ غامضة، لتغدوَ أقلامًا من الخشبِ ملوّنةً بينَ أصابعِ صغار، يُصِرُّونَ على رَسْمِنا في كراريسِهِمْ مُبْتَسِمِين.
حديقة للوحدة، قمران للسلوان
بوجهٍ من ورقِ الأوريغامي
،في طَيِّ النسيان
بلا زهرةِ كرزٍ واحدةٍ في راحةِ اليد
،ولو لزيارةِ قبرٍ قديمٍ من اليَراع
بحقيبةِ ظهرٍ تتدلَّى منها تعويذةُ حَبَّةِ طحينٍ تشبهُ الغيمة
ومعطفٍ واسع
،واقٍ من الوَحْدَةِ تحت المطر
.ينزلقُ وجودي نحوَ حُفرةٍ مجهولةٍ من الوجود
في فَيءِ لافتةٍ مائلة
.يضيئُها نَمِرُ إعلانٍ عتيق
.على امتدادِ سلالمَ لانهائيّةٍ نحوَ قَبْوِ الخيال
تحتَ سماءٍ كثيرةِ الكلام
.يقتسِمُها قمرانِ مُتقابلان
بخِفّةِ رسالةٍ من صفحةٍ وحيدة
بسرعةِ الوقوعِ في هُوَّةِ الحُبِّ الخاطئ
،أو في فَخِّ أليس في بلادِ العجائب
أجدُ نفسي على مِزْلاقٍ ملوّن
.وشاحي مع الريح، وردةٌ سوداء
:الحديقةُ حكايةٌ أُخرى
تمثالُ امرأةٍ آسرةِ الحنان
.بينَ يَدَيْها يمامةٌ من حجر
ساعةٌ على ساقٍ وحيدة
كما تَشْقى بأقدارِها الأشجارُ
.وفزَّاعاتُ العصافير
رجلٌ نحيل، في قبضتِهِ مظلّةٌ بيضاء
.ونَظْرتُهُ فراشةٌ تَشِفُّ في الرذاذ
مَن الذي يعتني الآنَ
بفراشاتِ الدفيئةِ المهجورة
وصبّارةِ العاشقةِ التي غادرت الشرفة
والانتظار؟
ما الذي يحدثُ للأشياء
حينَ يختفي فجأةً حرّاسُ ظلالِها؟
هل تموتُ الغُرَفُ من الصمت
والصحونُ الناصعة
وقلوبُ القمصان؟
لماذا لا ينتصرُ الصِّدْقُ في قصصِنا الصغيرة
كما تنجو خاتمةُ كتاب؟
.«هُنا مقهى باسْمِ «قصيدة
على بُعْدِ مصباحيْن
وآلةٍ لبيعِ المشروباتِ السريعة
.تنتظرُني محطّةُ القطار
أتوقّفُ لِوَهْلَةٍ
لأتأمَّلَ كيفَ يضيقُ الحزنُ بالأرصفةِ والشوارع
.وخَزَرِ العيون
المطرُ يتساقَطُ بهدوءِ قاتل
والعالمُ معه
.في خريفِ البطولاتِ المُتطايرةِ بينَ السطور
عاصمة المعابد المضاءة بالدموع
من المقهى المُعَلَّقِ كمِشْكاةٍ على ليلِ كيوتو
.أرى العالمَ كما تُبْصِرُهُ دمعة
أعلى من طينِهِ بطابقيْن
وبضعةِ سلالمَ
.موسيقيّة
.أوسعُ من نفسِهِ بمساحةِ نافذة
فضاءٌ يصلُحُ لكلِّ احتمال
.عدا أن تبتسمَ البنتُ التي تُغَطِّي عينَها اليُمْنى بضِماد
غرفةٌ واحدةٌ وشُبّاكٌ وحيد
.كما يكتملُ وجهٌ بنظرة
مصابيحُ من الأوريغامي مُضاءةٌ
.بخمسِ أصابعَ على أشكالِ نجوم
طاولاتٌ مُستديرةٌ مُوَشّاةٌ بحروق
.ومقاعدُ من المُخْمَلِ الكُحْليِّ للوحيدِين
في الزجاجِ الساكنِ أبتسمُ لنفسي
.دونَ هاجسِ التلويحِ لأحد
من هذا الزُّقاقِ المُعتمِ الطويل
مَرَّتْ فصولٌ بمراوحَ ملوّنة
.وشتاءاتٌ تُحْنيها الحربُ والثلوج
مَرَّ السَّاموراي السامقُ بسيفِ أفعالِهِ
وبائعُ الألعابِ الناريّة
.ومُحَصِّلُ الدموع
مَرَّ الحنينُ في زهرةٍ عالقةٍ بظهرِ سُلَحْفاة
وصيّادو السمكِ الباسِمون
بقلوبٍ من قشّ
.وقبّعاتٍ من خَيْزَران
.مَرَّتْ أزمنةٌ حزينةٌ كالكُحْلِ على خدِّ غيشا
مَرَّ الحطّابُ والناسك
.ورائدُ الفضاء
.مَرَّت العاصفةُ والقطاراتُ السريعةُ والأعياد
مَرَّ الخوفُ الذي لا ترسِمُهُ ملامح
.والجوعُ الحاسرُ في مِلْحِ العيون
.مَرَّ غريندايزر على يقينِ قَدَمَيْه
مَرَّت القطّةُ الأرستقراطيّةُ كيتي
كعادتِها
.بلا بَسْمَةٍ أو كلام
.مَرَّ الغُزاة، ومَرَّتْ غيوم
مَرَّ السيِّدُ كواباتا
.بقامةِ قَبْقابِهِ الخشبيّ
على خُطاه
ما زالَ يمضي
.في طريقِهِ المطر
رجال من سُكَّر
رجلٌ مَحْنِيٌّ
بربطةِ عُنُقِهِ المُتطايرة
فوقَ يَرَقَةٍ
.في منتصفِ رصيف
آخرُ بلباسٍ رياضيٍّ
عاريَ الأكمام
.في لافتةٍ عملاقة
.بهَيْبَةِ أبطالِ الألعابِ الأولمبيّة
.بلهفةِ السكاكرِ إلى أفواهِ الأطفال
مُهَرِّجٌ محشوٌّ بالضحكِ والحلوى
،والدموع
وقبّعتُهُ المُقَلَّمَة
.تُظَلِّلُ نظّارتَهُ الكثيفة
.كأنَّهُ من أقليّةِ عُشَّاقِ الشعر
بالأبيضِ والأحمر
يرسِمُ نفسَهُ على أكياسٍ شفيفة
بكلِّ أحزانِ السيرك
واليابان
.والعالم
من تُراهُ الرجلُ الذي يشبهُ مشاهيرَ الروك
وحاشيتُهُ تملأُ المقهى كالدخان؟
رجالٌ من سُكَّر
قابلونَ للكَسْرِ برَفّةِ دمعة
وقلوبُ الجميلاتِ من حولِهِم
.شظايا مرايا
على هامش هيروشيما
كادَ الرجلُ السكرانُ يبكي
.بمجرّدِ أن تجلَّتْ بينَنا غيمةُ هيروشيما
:قالَ: «قالت جَدَّتي
كانَ النَّاسُ يرمونَ بأَنْفُسِهِمْ في النهرِ كالحصى
،لعلَّهُمْ يُطْفِئُونَ الجحيمَ في أجسادِهِم
لكنَّ الماءَ كانَ بحُرْقَةِ حطبٍ في مدفأة
.«والأرواحُ صَعَدَتْ بأحذيتِها إلى السماء
:قالَ
.«سلامي إلى هيروشيما التي لم أجرؤْ على إثارةِ رمادِها بنثرِ زهرة»
قالت الكأسُ أشياءَ كثيرةً عن غيمةِ عشِّ الغُراب
عن الغِربانِ الناصعةِ لهَوْلِ الغُبار
عن المطرِ الأسودِ الغزير
وعن الأطفالِ الذين غَفَوْا فجأةً
.في غابةٍ ساكنة
:قالت
.تساقطَتْ عيونٌ وأصابعُ وظلال»
.«لم تنهمرْ دمعةٌ واحدةٌ على الأديم
:قالت
،بعضُهُمْ بَحَثَ عن يَدَيْهِ بلا ذراعيْن»
.«أولئكَ الذينَ لم يعانقوا الموتَ حتّى
.بينَ هيروشيما وبيني كلامٌ لا يبدأ
بينَنا كتابٌ مُفَتَّتُ الصفحات
يملأُ حُضْني بقِطَعِ الأطفال
.منذُ ذلكَ الملجإِ السحيقِ بينَ كراكيبِ الذاكرة
بينَ هيروشيما وبيني وعدُ مليونِ وردة
.من حديقةٍ قديمةٍ من القَتْلى في قلبي
بينَنا إعصارٌ كفيفٌ يُجَمِّدُ القطاراتِ والأحلام
.كالأشجارِ في أرضِها
يا لَقسوةِ هذا المطرِ على نوافذِ أوساكا
.على واجهةِ الفندقِ المَهولِ كسفينةِ فضاء
.بكلِّ فأسٍ يقطَعُ الطريق
بينَ هيروشيما وبيني
وجهُ الرجلِ الذي كادَ يَقْلِبُ خارطتي
لولا ابتسامةُ إيفا على الطاولة
وتلكَ العاشقةُ المكسورة
كرسالةٍ من كلمتيْن
.في زاويةٍ مُظلمةٍ من الحانة
ماذا تفعلُ امرأةٌ أمريكيّةٌ بينَنا؟
هل تحتملُ قنبلةٌ ذَرِّيَّة
ريشةَ اعتذار؟
لا تتلامَسُ أكتافُ الغرباءِ
،إلّا حولَ بئرِ دمعة
والعالمُ مُكْتَظٌّ بالغرباء
كليلِ أوساكا الماطر
وحاسرٌ من كلِّ معنى
عدا خيطِ دخانٍ ضئيل
.يضيءُ ضفافَ هيروشيما
دمعتان في أكواريوم
.أُفَكِّرُ فيكَ في مثلِ هذه الليالي الماطرةِ بعنفِ دموعِنا
.يتلألأُ ندمُكَ أمامي، بأضواءِ شجرةِ ميلاد
أَلْمِسُهُ ببصمةِ وجهي وقلبي
،كما نحضُنُ طفلً أو طائرًا في نافذة
.ويملؤُني كمثلِ ماءٍ في أكواريوم
وحدَكَ الأعلى من دمعة
وحدَكَ الأدنى من دمعة
،وحدَكَ الدمعة
.لا الآخرَ ولا نفسي
أكادُ أكتبُ لكَ كلَّ هذا الجنونِ في رسالة
.لولا مخافةُ الأمل
لو تَرى كيفَ تُبكيني زجاجةُ العطرِ المهجورة
صحونُ الوَحْدَةِ في آخرِ الليل
حركةُ كلِّ يد
.بظلالِها تُشْعِلُ الشموع
أموتُ على كافّةِ الضفافِ وفي كلِّ نهر
.بغربةِ غرفةٍ شفيفةٍ في عاصفة
أسيلُ بذاكرةِ ضحكتِنا
بنصفِ نسيان
.كما ينسكبُ النبيذُ الأحمرُ وحيدًا
.كأنَّني قد أنسى
كأنَّ النسيانَ قد يَقَعُ بينَنا
كالقطيعةِ والكُرْه
.ونُدَفِ العداءِ العميق
تُراها الأسماكُ ما زالت تملأُ بيتَك؟
كم شاخت ملامحُكَ من الوَحْدَةِ في المرايا؟
أما زالت الأغاني تَحْفَظُ مَرْبَطَ ظلالي؟
أُفَكِّرُ فيكَ، وفي السلالمِ الخشبيّةِ المستديرة
،التي ترعبُني وكأنَّها مشنقةُ سماء
،في الحارسِ ذي اللحيةِ المُسْدَلَةِ على السهرِ والأحلام
في تلكَ المدفأةِ السوداء
،وذلكَ المرسمِ المهجور
،في انحناءتِكَ على تعبي بلِحافٍ من رذاذِ الملائكة
في الأدوارِ المُلْتَبَسَة
والأقدارِ الطائشةِ كرصاصٍ بلا رحمة
.وبلا ريشةِ عَدْل
أُفَكِّرُ في الطريق
في صمتِ الطريق
.في مصابيحِ الطريق
.كِلانا العُمْرُ الذي ما عادَ يَتَّسِعُ لنقطةِ ندم
أحدُنا العاشقُ الذي قَطَعَ الطريقَ بطاعةِ قطار
حاملً في قلبِهِ
رسالةَ حُبٍّ
.باسْمٍ خاطئ
في بلدة القلوب الدافئة
على شرفةٍ شفيفةٍ على شَفا الأرض
والعُمْرُ قُبالتي
.مُضاءٌ بمَضيقِ دمعة
هُنا تبرأُ من أوهامِنا
.طُرُقُ الحياةِ السريعة
هُنا العالمُ الذي يفكّكُ السِّكَكَ الحديديّةَ على ركبتيْن
.لئلّا يَصِلَ أحد
كُرْسِيَّانِ من الحديدِ المطروقِ بحُبّ
طاولةٌ مفتوحةٌ على بياضِ البدايات
صحنُ فنجانِ قهوةٍ كمنفضة
.وما لا يُحْصى من حزنٍ وعَدْلٍ وهزيمةٍ وجَمال
سيجارةٌ تلوَ الأُخرى
أدخِّنُ الدقائقَ التي بخِفّةِ قطراتِ مطر
كما تسلو الغيومُ في قاطِراتٍ مُتقطِّعة
.في رحلةِ سواها نحوَ النسيان
كيفَ أشكرُ مْيُو
على سِعَةِ قلبِها
وسيّارتِها السوداء؟
.جُمْلَةٌ قصيرةٌ على هامشِ النُّعاس
:رسوماتٌ سريعةٌ على قرطاسيّةِ فندق
.طفلٌ في بِرْكَة
.نصفُ سمكة
.جبلٌ يتزلّجُ كفجرٍ عارٍ على جليد
،خريفٌ آخر، بنجومٍ أقلَّ بينَ اليَدَيْن
والوقتُ يفيضُ كنبضٍ عن نفسِهِ
.يتلألأُ في ضَحِكِ الينابيع
متى يستيقظُ تِنِّينُ البحيرة؟
وهل تُباغِتُني شيهيرو
ضاحكةً كالشمسِ بينَ فَكَّيْه؟
.في الضبابِ يلوحُ قاربٌ نحيل
قلبُ رجلٍ أو امرأةٍ بمجذاف
.بسرعةِ سيفِ ساموراي
.على شرفتي أنتظرُ إطلالةَ فوجي
،الجرحُ الساكن
.النجمُ المُتَرَفِّعُ عن ترابِ الألم
تَمُرُّ سماوات
وينجلي مطر
عن فضاءِ المرفإِ الفارغ
عن يقَظَةِ الضفاف
.ورهبةِ الهضابِ الخضراء
يتجلَّى الحجرُ في وجهٍ بعيدٍ كحجرِ سُلوان
كما تتفتّحُ كلمةُ حُبٍّ في مساحةٍ مُشْمِسَةٍ من الصمت
كما تَشِفُّ شجرةٌ شاهقةٌ من الدموع
كما ينحني إمبراطور
.لزهرةِ أُقحوان
وليمة المنتحرين
عشرةُ صحونٍ صغيرة
.من الخَزَفِ المُزَخْرَفِ بريشةِ الخريف
وليمةٌ بمدارِ وَحْدَتي
بمحاذاةِ نافذةٍ
،تطلُّ بنصفِ وجهي على الوادي
ونجمةٌ بعيْنِها
تُعَلِّقُ نفسَها بخِفّةِ جرسٍ قديم
.فوقَ فلسفةِ الانتحار
رَفّةٌ واحدةٌ في الأغصانِ الغافية
ويَسْقُطُ القمرُ بِدَوِيِّ دمعة
.في قلبِ قَدَحِ الساكي
على طاولتي إبريقٌ أزرق
نصفُ فارغ
،نصفُ ملآنَ بالغيوم
وبحرٌ يتوالى بكنوزِهِ الحزينة
كروايةٍ تُطْوى بينَ صفحاتِها
:أكثرُ من حياة
.التونة التي بأحمرِ فنادقِ الحُبّ
السلمون الذي يسبحُ وحيدًا
.كما يسلو عاشق
.ذاتُ الذيلِ الأصفر
مُحارُ الأمواج
.ذو التلويحةِ الشاهقةِ الهامدة
لمن تُراها كلُّ هذه الرسائل
بقلمِ حَبّارِ الحنين؟
كأنَّما السوشي مأدبةُ الذينَ ذاقوا الألم
في كافّةِ أطباقِهِ
وظَلَّتْ قلوبُهُمْ تحِنُّ
.إلى طفولةِ قطعةِ حلوى
،لطالما رأيتُ العالمَ كأكواريوم كبير
.كلُّنا أسماكٌ تأكلُ سواها
لكنَّ العجوزَ الباسمةَ التي ظَلَّلَتْني
من جنونِ المطرِ في دُكّانِها
،وأهدَتْني تعويذةً بحجمِ حَبَّةِ فولِ الصويا
غَرَسَتْ في قلبي
.غابةً ما
كأنّهُ الحبّ
،ألبومٌ كاملٌ للأشباح
وأغنيةٌ إضافيّةٌ
مَخْفِيَّة
.عن زيزِ الحصادِ والحنين
.كِدْتُ أنسى
،كِدْتُ أسامحُ وأمضي مع اللحنِ والريح
لولا النجمةُ الناقصة
من نظرةِ الليل
.إلى نفسِه
تلكَ المرأةُ التي أَكَّدْتُ لها مِرارًا
،أنَّني لا ألتفتُ إلى الوراء
تُراها ما زالت تضحك؟
.تجمعُنا الخَسارةُ وكأنَّها هذه الأرض
على الدربِ الغائمِ بظلالِ البامبو
:يزهو الترابُ الأحمرُ بجراحِ الماشِينَ على قلوبِهِم
سائحونَ بحقائبَ مُتأرجحة
،وكاميراتٍ مُدَلَّاةٍ من الأعناق
،نُسَّاكٌ بأسمالِ أحلام
أقدامٌ غزيرة
وعَرَبَةٌ بيضاءُ بلا أجنحة
وغروبٌ وحيد
بوجهِ حصانٍ
.وحيدِ القَرْن
.كأنَّهُ من رسمةٍ بَرَّاقَةٍ على بطاقةِ بريد
،على درّاجتي
.بشالٍ يَشِفُّ بحزنِ الشوارع
«إلى «شارع كواباتا
تُشيرُ اللّفتةُ الزرقاء
.المُعَلَّقَةُ كسماءٍ بينَ المعابدِ والمطر
دمعتي مدينةٌ لامرئيّة
.كالعُمْرِ العابرِ تحتَ الجسور
.إلى أيِّ عدمٍ يُعيدُنا الطريق
.دُكّانٌ يبيعُ النهاياتِ المفتوحة
،آخرُ مليءٌ بالتعاويذ
بالذكرياتِ المُغَلَّفَةِ سَلَفًا
.في مصنعِ السعادة
النادمون
يعودونَ تباعًا على دموعِهِم
.كالأنهارِ التي تحفِرُ قبورَها بنفسِها
كم من الألمِ والأمل
.في مصباحٍ مائلٍ على المارّة
.كأنَّهُ الحُبّ
،العاصفةُ لوحةٌ مُتحرّكةٌ في نافذة
وأنا بألوانٍ نافذة
.شبحٌ ببَشاشةِ شخوصِ الكرتون
،بكلِّ هذه البداياتِ بينَ اليَدَيْن
،بهذا النبضِ المُتسارعِ كقطارٍ نحوَ قطرةِ مطرٍ في المَرِّيخ
.كم أخجلُ من ضوءِ القمر
صورة بالرنين المغناطيسيّ لروحي
.في الحُلُم، وجهُكَ أقربُ من أنفاسي إلى نفسي
.على هلالِهِ أُسْدِلُ أهدابي
.أُطْفِئُهُ كما الشموع
.أفتحُ دمعتي كنافذةٍ على فراغِ الغرفة
بيدِ النُّعاس
.أمسحُ انعكاسَ غيمةٍ عن جبيني
،لولا فضاءُ طوكيو الوامضُ بفزَّاعاتِ طائراتٍ ونوافذ
بنِقاطٍ مُتفرِّقةٍ حمراء
،ببَشاشةِ يَراعٍ يَرِفُّ بينَ السنابل
لَذَوَتْ نظرتي كحذاءِ فان غوغ البنيِّ العنيد
مليئةً بالتراب
.وخيباتِ الطُّرُق
،يدايَ حمامةٌ في الظلام
،أرنبٌ أَسْوَدُ على أرقِ الجدار
مُسَدَّسٌ بدخانِ سيجارة
خلفَ بابٍ جَرَّارٍ من الورقِ الشفيف
خَشْيَةَ أن تَلْمِسَ وَحْدَتي
.وردةُ الندمِ الدَّامية
،في الحُلُمِ حَدَّثْتُكَ عنها
المرأةُ التي مَرَّتْ بانكسارِ سلالةٍ عريقةٍ من السَّاموراي
.عبرَ المُتْحَفِ الدامسِ في قلبي
تركَتْ معطفَها مُعَلَّقًا في دمعة
.على مسمارِ لوحةٍ مفقودة
حَدَّثْتُكََ عنها وعنِّي
بطلاقةِ من أَسْقَطَ آخرَ أوراقِ الخوفِ عن أطرافِهِ
وأطعمَ أطفالَ الغابة
ما تبقّى من أطباقِ الأمل
.على امتدادِ مائدةِ المُنتحرِين
حَدَّثْتُكَ عن العَلاقةِ الماضيةِ
نحوَ المجهول
على درّاجةٍ مُسْرِعَةٍ في الليل
،في زُقاقٍ زاهٍ بمصابيحِهِ الملوّنةِ والمنازل
عن الإعاقةِ في محاولاتِ الحُبِّ المُتتالية
،كأصداءِ مطرٍ على إكسيلوفون
،عن الخيباتِ المُتراكمةِ في قمصانٍ جديدةٍ في خزانةِ الخريف
وعن هياكلِ أصدقائيَ العظميّة
.المُتجذّرةِ بلَهَفٍ في حفيفِ الخُزامى
في الحُلُم
تمدّدتُ وَسْطَ أشدِّ تقاطعاتِ الشوارعِ ازدحامًا
.فقط كي أبكي
فتحتُ روحي للعابرِين
،مظلّةً تجمعُ في جوفِها المطر
كمَنْ قَضى أحلامَهُ يركضُ
.بنبضٍ أسرعَ من العُمْر
،قلتُ أشياءَ كنتَ تُرَدِّدُها بخِفّة
قلتَ أشياءَ كنتُ أعتنقُها
بيقينِ من عانقَ المجرّاتِ والملائكة
.ذاتَ حُلُم
.اليأسُ أصدقُ الدروب
،اليأسُ أقصرُ الدروبِ إلى مَعْبَدِ السعادة
والقمرُ دبٌّ قطبيٌّ
نصفُ نائم
في عزلةِ قفصٍ زجاجيٍّ
.فالتٍ بينَ الأفلاك
من أيِّ بركانٍ في روحي
تتصاعدُ هذه الصُّوَر؟
وهل تَصْمُدُ في عراءِ العاصفة
ذاكرةٌ بوَهْنِ ورقةِ توت؟
في الحُلُمِ وجدتُ وَشَمًا فقَبَّلْتُه
كما يَلْثِمُ العالقُ بسفينةٍ في زجاجة
.قَدَمَ نسمة
You are the best part of my life.
بخطٍّ مائلٍ
يُؤاخي بكاءَ شجرة
.على كَتِفِ كمنجة
،«همستُ لكَ: «أعلمُ أنَّها رسالةٌ لسواي
لكنَّ الأسى الذي فاضَ فجأةً عن كذبةِ عينيك
.كادَ يُبكيني
،لو كانَ في يدي قلمٌ في الحُلُم
لرسمتُ أُفُقًا فاصلًا
بينَ كلِّ ما مضى
.وضحكتي حينَ اقتربتَ قليلًا
في الحُلُمِ اتَّسَعَ وجهُ الصديقة
.بمدارِ زهرةِ أُقحوان
.لبُرْهَةٍ ظننتُنا لن نعرفَ اليتمَ قَطّ
سؤالٌ وحيدٌ ظَلَّ يُلِحُّ
:كلحنٍ مُبْهَمٍ على بالي
ما قصَّةُ الصحونِ البيضاءِ بينَنا؟
.في الحُلُمِ لم نَكْبُرْ بعُمْرِ الهجرِ الطويلِ بينَنا
.كُنَّا كما كُنَّا، وجهي يضحكُ وعيناكَ كوكبان
كأنَّني لم أقْطَعْ الطريقَ الطليقَ بمُفْرَدي
بالقطارِ الفِضِّيِّ السريع
على جسورٍ مُعَلَّقَةٍ بطُمأنينةِ مدينةٍ فوقَ الماء
وَسْطَ أطفالٍ ثرثارِينَ كعصافيرِ الفجر
،من أقصى القُنوطِ حتّى أُدَيْبَة
،الجزيرةُ الشافيةُ من الأشباح
ذاتُ الأسوارِ الناصعةِ الناصعة
.المرصوفةِ برهافةِ أزهارِ عبّادِ شمس
في الحُلُمِ القصيرِ كأصداءِ غيوم
،لاحَ الحُبُّ بلهفةِ سيّارةِ الآيس كريم
في قميصِهِ الأصفرِ الفَضْفاض
بقبّعةِ بوكيمون الخفيفة
باسِمًا
،وفي يدِهِ كوبٌ كبيرٌ من البيرة
وكأنَّ كلَّ ما حَدَث
.حَدَثَ في حُلُم
.لم توقِظْني شمسُ المعابدِ القديمة
.لم يوقِظْني مطرُ طوكيو المتسلسلُ في مِسْبَحَةٍ طويلةٍ من المراثي
أيقظَتْني وَحْدَةُ الجالسِينَ إلى طاولاتٍ مُتَفَرِّقَة
في خلاءِ مطعمِ ماكدونالدز
.بعدَ منتصفِ الليلِ في المحطّة
.أيقظَتْني وَحْدَتي