.بيروت، 2024
.كُتِبَتْ قصائدُ الديوان عام 2017
،القصائدُ الأصليَّة مُدَوَّنة على دفاتر خاصَّة وقصاصات متفرِّقة
.اختلطت طويلًا بورق الخريف
،القصائدُ الأصليَّة مُدَوَّنة على دفاتر خاصَّة وقصاصات متفرِّقة
.اختلطت طويلًا بورق الخريف
.إلى أمل، في قبرِها العميقِ في قلبي
.على ترابِ صورتِنا، تبدو الصحراءُ كوكبًا بأكملِه
.لا أثرَ لوردةٍ حَدَّثَتْني بلا خوفٍ عَنِ الخوف
.وحدَهُ الحصى والصخورُ المُتكسِّرة، أصداءُ نجومٍ بينَ أقدامِنا
.وجهُكِ وَجَلُ كلِّ خريفٍ فوقَ الأكتاف
.حِضْنُكِ حِصْنٌ تَكْسِرُهُ نسمة
،بوَهْنِ ورقةٍ على أرقي، وشاحُ يديكِ
.معطفي أوسعُ من الأمل
.نحولي يضاعفُ قامتي الضئيلة. لكنَّ خدعةَ الضوءِ التي ضَلَّلَتْ حكاياتٍ كثيرة، يَفْضَحُها بنطاليَ الأطولُ قليلاً من خطوتي
.على حافَّةِ الحياةِ نَقِف، في عدسةِ عازفِ الجيتارِ المُعَلَّقِ بخيطِ قَدَر
.تحتَ كشّافِ القمر، وَحْدَتُنا لامعةٌ ككتابِ وجودِنا
.اللحظةُ في الصدى، أغنيةٌ بلا جناحيْن
«لطالما أَطْلَقْنا على وسعِها «لقطةَ الأبد
.تلكَ البُرْهَةُ التي أَسْقَطَتْ عن عاتقِنا وَجَعَ الظلال
هكذا خَطَوْنا فوقَ الرمادِ برَفَّةِ ريشة
دونَ أن يَخْطُرَ لأثقالِنا
.أن تَنْجُوَ كنُدْفَةِ ثلج
❄
.الفقدُ درّاجةٌ بلا راكبٍ في منتصفِ طريق
❄
جناحُ نجمةٍ لذلكَ العابرِ على رمادِ أعمارِنا الأُولى. الذي من قلبِ علبةِ السجائر، غزلَ لنا وجهَ زهرة. كيفَ أضاءت يدَهُ أصداءُ أصابعِنا، في سطرٍ طويلٍ من الدخان. سبيلٌ واحدٌ من الحُبِّ والرمال، من دموعي حتّى حافَّةِ قبرِك.
❄
لا أذكرُ مرآةً في المصعد، لكنَّني أُبْصِرُنا بكاملِ أناقتِنا: بالكُحْلِ الأعمقِ من كلامِ الليل. بأحمرِ شفاهٍ صارخٍ، لم يَكُنْ حينَها جُرْحًا. بباقةٍ بوسعِ مروحةٍ من الأقنعة، بوجوهِنا قبل أن يشرُخَها خريف. فساتينُكِ السوداءُ كلُّها، مُسَوَّداتُ حِداد. قمصانيَ واسعةٌ كيفما أتذكّرُ قلبي. عيونُنا في العشرينات، بعذوبةِ الدموعِ في ينابيعِها.
❄
بأعقابِنا تسلو الأغاني: هذه لمستُكِ الناحلةُ حولَ الكأس، تلكَ ضحكتُنا الأعلى من سقفِ الحانة، وهذه دمعتي العزيزة، غيمةٌ هزيلةٌ على كَتِفِ كنزتِك.
.لطالما تقاطعَتْ أقدارُنا والطُّرُق، كي تتعادلَ ضِفّتانِ بالأزهار، لئلّا يَصْمُتَ لبُرْهَةٍ صندوقُ الموسيقى
.كم تنقُصُ بغيابِكِ الأشياء. كيفَ تصبحُ فجأةً نصفَها
كيفَ أعزِفُ عن الوقتِ بجناحٍ أقلَّ من الأوتار؟ ولماذا أجرِّبُ حظّي مع الكوكبِ الذي بخفّةِ غِطاءِ زجاجةِ كوكا كولا، وكلُّ ما تبقَّى من أنفاسِنا، أصداءُ فونوغراف قديم؟
❄
.كانَ بيتُنا واسعًا كذاكرةِ فندق. لدمعتِهِ الواحدة، كلُّ شُبَّاكٍ وحيدٍ في الليل
.في الحَمَّامِ الأخضر، رسمتُ الأطفالَ بشرودِ شوارع. بكيتُ مَِرارًا، ثُمَّ غسلتُ وجهي من غيمِ الطريق
.كم تَوَكَّأْتُ على قمرِ الخماسين، كي أدرِكَ كيفَ يقتَسِمُ الإخوةُ ربيعًا يتيمًا، دونَ أن تنقُصَ ورقةٌ من دفترٍ أو من قلب
.من جراحِنا تلك، لم أحْتَفِظ بوِزْرِ وردة
.وحدَها أحجارُ العزلةِ لا تشيخُ ولا تموت
لكنَّكِ أَفْلَتِّ من بينِ أصابعي، كخيطِ البالون الملوّنِ في عيدِ ميلادي الخامسِ والعشرين، حينَ فَتَحَت الآنسةُ كاف، دونَما قَصْدٍ، نافذةَ ضحكتِنا.
.بوسعيَ الآنَ فيما أتذكَّرُنا، وقد سَقَطَ أجملُنا من الحُلُمِ والحياة، أن أملأَ البانيو القديمَ بأكملِهِ بدموعي
❄
.في سكونِ سيّارة، كُنَّا أربعةً كدموعِ عاشقَيْن
.كأرجوحةِ مصيرٍ كنتِ، بينَ نُعاسِ صديقِنا الطيّب، ويقظةِ ذلكَ الذي لم تَلْحَظْهُ حينَها ظلالُنا
.الآنَ فقط أعي مَن الذي كانَ يجلِسُ بدمعتي أمامَ المِقْوَد، في تلكَ الليلةِ الهائمةِ على غيومِنا
.ذلكَ الذي أطالَ خيطَ الطريقِ قليلًا، فيما كانَ يقرِّبُ خَطَّ المأساةِ بدِقَّةِ قلم، ليلامِسَ مَسْطَرَةَ نبضِك
❄
،غرفةٌ من أنفاسِ السجائر
.غيومٌ من دمعِ النبيذِ الأحمرِ الرخيص
،على السريرِ المُسَطَّرِ بِنوتَةٍ ناقصةٍ من فجرِ العصافير
.نتبادلُ الأجنحةَ والكلام
.لطالما كانَ حناني فَضْفاضًا عندَ انكفاءِ كتفيكِ
،بيأسِ ملابسِك
،بقتامةِ نظرتي حينَ أقسو على نفسي بلا أسباب
.الأثاثُ أَسْوَد، كما أرادَهُ عناديَ العميق
،الهاتفُ نافذةٌ من المواعيدِ الملوّنة
.علبةٌ بلا واشٍ، عدا نورَ الرنين
،باريسُ صورةٌ على الجدار، بالأبيضِ والأسود
.كما يحتِّمُ على دموعِنا المطر
الشُّبَّاكُ مواربٌ عندَ قدميكِ
.لتنتعلي نسمةَ النومِ الأخير
❄
.الروحُ فَرْدَةٌ ناقصة
❄
:كلُّ مكانٍ بيقينِ ما كان
.شارعُ مشاويرِنا نحوَ بيتِكُمُ العتيق. هذا الذي يتوسَّطُهُ محلُّ أزهارٍ، كجُرْحٍ يصدحُ بينَ ضفَّتيْن
،الحانةُ التي لفرطِ الخشبِ في أشيائها
.أَبْحَرَتْ بعيدًا بقَدَرِ سفينة
.الليالي التي لا أوتادَ لها، عدا أوتارَنا
.قبرُكِ الذي كدمعةٍ بينَ الحصى الأبيض
.كلُّ ما كانَ يُنْكِرُ المكان
❄
ذلكَ القلمُ النُّحاسيُّ الذي أهديتِني، خريفُ بصماتِنا المُتداخلة. الذي أفلتَ من يدي كما ظلُّ فراشة، كما خَذَلَكِ قلبُكِ في كلِّ رشقةِ حُبٍّ، حتّى تلكَ النبضةِ الناقصة. الذي ضاعَ لسببٍ غامضٍ، كما تسيلُ حياةٌ مع سطرِ غيمة. صارَ أصداءَ شمعة. صارَ
أوراقَ الأوراق.
❄
كانَ بوسعِنا أن نتجاورَ كجنديّيْنِ عائديْنِ من العدم، أن نتركَ أكتافَنا تتلامَسُ بخِفَّةِ ملاكيْنِ بلا أمتعة، لكنَّنا كُنَّا دائمًا تلكَ المرآةَ أمامَ نفسِها.
هل كانت المقاعدُ زرقاء؟ أم أنَّها أشواقُنا نحوَ البحر؟
.أذكرُنا بالأبيضِ والأسود، بلونِ النهايات، مثلما يحلو للحنينِ أن يرسِمَ نفسَهُ برمادِ البشر
.أُبْصِرُ شرفتَنا كسفينةٍ في زجاجة، تطلُّ على أطلالِ الإسكندريّة
.كُرْسِيَّانِ وكاسيت. منفضةٌ تفيضُ بنبضِنا. قَدَحانِ كنظّارةٍ على كتابِ الليل
.تلوحُ مراكب، وبملامحِكِ تُلِحُّ أغنية، لكنَّني لا أجدُ دفترًا لدمعتِنا، ولا أنجو بوجهِكِ من الغيمِ الغريق
❄
.أكادُ أُصَدِّقُ أشباحَ البكاء
.تنهضينَ من غفوةِ المدى، تنفُضينَ قميصَ نومِكِ من التراب، ووجهي من دمعِ المستنقع. تُعيدينَ الأغنيةَ إلى مطلعِ دربِنا
.تبتسمينَ لي برهافةِ ليلٍ من أعلى السلالم، بالكابِ الأسودِ ووجهِ الأمل
:تسألينَني دونَ أن تنتظري إجابةَ النجوم
أينَ يسهرُ معنا، هذا العدم؟
❄
في حياةٍ أُخرى، غيرَ التي أَثْقَلَتْنا بالدروع، بوسعِ الأشجارِ أن تنموَ نحوَ جُذورِها، أن ترمِّمَ الدروبُ رمادَ نبضِنا، أن تأخُذَنا الثورةُ إلى العُمْرِ العادل، وشوارعُ القاهرةِ نحوَ مَفْرِقٍ واسعٍ من الأغنيات.
في حياةٍ أعمقَ من هذا الحصى الطافي على صحراء، العصافيرُ أجملُ جيرانِنا، وملاكُ الموتِ كنَّاسٌ يلهو ببطّاريّةِ ساعةٍ
مُعَطَّلَة.
❄
.لكم أَرْبَكَتْني عودتُكِ، يا وردةً في كلِّ أوان، يا فراغَ كافّةِ الأواني
مِرارًا طَرَقْتِ ما ظَنَنْتِهِ أبوابًا أو ندوبَ شبابيك، بحثًا عن شبحيَ النحيلِ في رميمِ الرسائل. مَرَّةً بأغنيةٍ من كأسِ غمام، ومَرَّاتٍ برجفةِ فجرٍ على وسادة.
كانَ بوسعي أن أصْعَدَ إليكِ من وَحْشَةِ البئر، لنتبادلَ الصمتَ الباسم. لكنَّني كنتُ قد أَحْكَمْتُ الأقفالَ حولَ قلبيَ القديم، وصارَ ظلّي حجرًا في الأعماق.
.سامحيني لم أقوَ على مسافةِ تنهيدةٍ حتّى، تلكَ التي كانت آخرَ فرصةٍ لفمي في النداء
❄
،الفقد، هذا الأسفُ العاصفُ بأكياسٍ فارغةٍ في روحي
الغرابُ الذي يَفْرُدُ جناحيْه
أعلى من الليل
.كشراعٍ يتلاشى بفراشةِ فستانِك
❄
مُرْبِكٌ هذا الوداعُ الذي بيدٍ وحيدة
كالبرجِ الذي بينَ رُعْبٍ وجَمال
كاليومِ الأوّلِ من اليُتْم
كزيارتي لقبرِكِ دونَما أزهار
،كهذه الصحراءِ المفتوحةِ على كلِّ احتمال
.عدا ضحكتِنا
.باكرةٌ هي المراثي يا أمل، لكنَّ القلبَ نجمةٌ على سقفِ مقبرة
.الرملُ كتابُنا الواسع، ووحدَكِ ختامٌ محفورٌ في دمعتي
❄
.قُبالتي القمرُ الذي ليسَ استعارةً أو وجهَ أحد
،الحارسُ الناعسُ على دَكَّةِ دمعة
.ملاكُ المنازلِ النابضةِ مع قطارِ النيل
.القمرُ الحقيقيُّ كحياةِ غيمة
.الحجرُ المُعَلَّقُ كقلبٍ كريمٍ في قلادة
الحجرُ الذي لوسعِ وَحْدَتِهِ
.صارَ كوكبًا
.نصفُ القمرِ قُبالتي، كي أكونَ أكثَر دِقَّةً في وصفِ نفسي
.النصفُ الأسفلُ مثلُ قَدَمٍ تركُلُ ظلالَها
:تؤلمُني الأشياءُ كلُّها وكأنَّها أنا
.موتُكِ والنهرُ الذي ينهَرُ ظلالَ أطفال
.البشرُ الذينَ بهَباءِ دموعٍ على جسر
.تؤلمُني القاهرةُ كرُكْبَةٍ مكسورةٍ وَسْطَ سلالم
❄
مِنَ الأعالي التي لا تشترِطُ أجنحةً على نهر
.تبدو المدينةُ كمقبرةٍ من الدموع
،كأنَّها نافذةٌ على نفادِ الأمل
.لُعْبَةُ ليغو بمنازلَ مكسورة
ثمّةَ ليلٌ يلطّخُ وجهَ كلِّ نجمة
،وكأنَّ الماضي بقعةٌ لا تجِفّ
جسرٌ يَرْتَسِمُ ويَمَّحي تحتَ قَدَمَيَّ
.بهَشاشةِ صفحةٍ في ظلِّ أرجوحة
،العُمْرُ حقيبةٌ تفيضُ بضفافِ آخرِين
والموتُ قطارٌ
.ما دُمْتُ أقِفُ وحدي هُنا
❄
بموتِكِ الهادئ كنزهةٍ أعمقَ من النهر، وَهَبْتِني ما لا تتبادلُهُ يَدان: الندمُ الذي لا تنقُصُ من صمتِهِ صفحة، وإن تلاشى صِدْقُ
الكتاب.
❄
كما يتعطَّلُ قطارٌ بينَ قلبَيْن
مثلما يكتبُ نهرٌ سطرَ قسوتِه
:ثمّةَ ما يَسْقُطُ عن حافَّةِ الحُبِّ ليَكْسِرَنا
راكبٌ ما
كرسيُّ كلامٍ
قَدَحُ دمعةٍ أو قُفْلُ ذاكرة
.أو مجرّدُ نُدْفَةِ ثلجٍ في فراغِ الكفَّيْن
☃
كيفَ تموتُ مَنْ اسمُها أمل؟
.لا أثرَ لوردةٍ حَدَّثَتْني بلا خوفٍ عَنِ الخوف
.وحدَهُ الحصى والصخورُ المُتكسِّرة، أصداءُ نجومٍ بينَ أقدامِنا
.وجهُكِ وَجَلُ كلِّ خريفٍ فوقَ الأكتاف
.حِضْنُكِ حِصْنٌ تَكْسِرُهُ نسمة
،بوَهْنِ ورقةٍ على أرقي، وشاحُ يديكِ
.معطفي أوسعُ من الأمل
.نحولي يضاعفُ قامتي الضئيلة. لكنَّ خدعةَ الضوءِ التي ضَلَّلَتْ حكاياتٍ كثيرة، يَفْضَحُها بنطاليَ الأطولُ قليلاً من خطوتي
.على حافَّةِ الحياةِ نَقِف، في عدسةِ عازفِ الجيتارِ المُعَلَّقِ بخيطِ قَدَر
.تحتَ كشّافِ القمر، وَحْدَتُنا لامعةٌ ككتابِ وجودِنا
.اللحظةُ في الصدى، أغنيةٌ بلا جناحيْن
«لطالما أَطْلَقْنا على وسعِها «لقطةَ الأبد
.تلكَ البُرْهَةُ التي أَسْقَطَتْ عن عاتقِنا وَجَعَ الظلال
هكذا خَطَوْنا فوقَ الرمادِ برَفَّةِ ريشة
دونَ أن يَخْطُرَ لأثقالِنا
.أن تَنْجُوَ كنُدْفَةِ ثلج
❄
.الفقدُ درّاجةٌ بلا راكبٍ في منتصفِ طريق
❄
جناحُ نجمةٍ لذلكَ العابرِ على رمادِ أعمارِنا الأُولى. الذي من قلبِ علبةِ السجائر، غزلَ لنا وجهَ زهرة. كيفَ أضاءت يدَهُ أصداءُ أصابعِنا، في سطرٍ طويلٍ من الدخان. سبيلٌ واحدٌ من الحُبِّ والرمال، من دموعي حتّى حافَّةِ قبرِك.
❄
لا أذكرُ مرآةً في المصعد، لكنَّني أُبْصِرُنا بكاملِ أناقتِنا: بالكُحْلِ الأعمقِ من كلامِ الليل. بأحمرِ شفاهٍ صارخٍ، لم يَكُنْ حينَها جُرْحًا. بباقةٍ بوسعِ مروحةٍ من الأقنعة، بوجوهِنا قبل أن يشرُخَها خريف. فساتينُكِ السوداءُ كلُّها، مُسَوَّداتُ حِداد. قمصانيَ واسعةٌ كيفما أتذكّرُ قلبي. عيونُنا في العشرينات، بعذوبةِ الدموعِ في ينابيعِها.
❄
بأعقابِنا تسلو الأغاني: هذه لمستُكِ الناحلةُ حولَ الكأس، تلكَ ضحكتُنا الأعلى من سقفِ الحانة، وهذه دمعتي العزيزة، غيمةٌ هزيلةٌ على كَتِفِ كنزتِك.
.لطالما تقاطعَتْ أقدارُنا والطُّرُق، كي تتعادلَ ضِفّتانِ بالأزهار، لئلّا يَصْمُتَ لبُرْهَةٍ صندوقُ الموسيقى
.كم تنقُصُ بغيابِكِ الأشياء. كيفَ تصبحُ فجأةً نصفَها
كيفَ أعزِفُ عن الوقتِ بجناحٍ أقلَّ من الأوتار؟ ولماذا أجرِّبُ حظّي مع الكوكبِ الذي بخفّةِ غِطاءِ زجاجةِ كوكا كولا، وكلُّ ما تبقَّى من أنفاسِنا، أصداءُ فونوغراف قديم؟
❄
.كانَ بيتُنا واسعًا كذاكرةِ فندق. لدمعتِهِ الواحدة، كلُّ شُبَّاكٍ وحيدٍ في الليل
.في الحَمَّامِ الأخضر، رسمتُ الأطفالَ بشرودِ شوارع. بكيتُ مَِرارًا، ثُمَّ غسلتُ وجهي من غيمِ الطريق
.كم تَوَكَّأْتُ على قمرِ الخماسين، كي أدرِكَ كيفَ يقتَسِمُ الإخوةُ ربيعًا يتيمًا، دونَ أن تنقُصَ ورقةٌ من دفترٍ أو من قلب
.من جراحِنا تلك، لم أحْتَفِظ بوِزْرِ وردة
.وحدَها أحجارُ العزلةِ لا تشيخُ ولا تموت
لكنَّكِ أَفْلَتِّ من بينِ أصابعي، كخيطِ البالون الملوّنِ في عيدِ ميلادي الخامسِ والعشرين، حينَ فَتَحَت الآنسةُ كاف، دونَما قَصْدٍ، نافذةَ ضحكتِنا.
.بوسعيَ الآنَ فيما أتذكَّرُنا، وقد سَقَطَ أجملُنا من الحُلُمِ والحياة، أن أملأَ البانيو القديمَ بأكملِهِ بدموعي
❄
.في سكونِ سيّارة، كُنَّا أربعةً كدموعِ عاشقَيْن
.كأرجوحةِ مصيرٍ كنتِ، بينَ نُعاسِ صديقِنا الطيّب، ويقظةِ ذلكَ الذي لم تَلْحَظْهُ حينَها ظلالُنا
.الآنَ فقط أعي مَن الذي كانَ يجلِسُ بدمعتي أمامَ المِقْوَد، في تلكَ الليلةِ الهائمةِ على غيومِنا
.ذلكَ الذي أطالَ خيطَ الطريقِ قليلًا، فيما كانَ يقرِّبُ خَطَّ المأساةِ بدِقَّةِ قلم، ليلامِسَ مَسْطَرَةَ نبضِك
❄
،غرفةٌ من أنفاسِ السجائر
.غيومٌ من دمعِ النبيذِ الأحمرِ الرخيص
،على السريرِ المُسَطَّرِ بِنوتَةٍ ناقصةٍ من فجرِ العصافير
.نتبادلُ الأجنحةَ والكلام
.لطالما كانَ حناني فَضْفاضًا عندَ انكفاءِ كتفيكِ
،بيأسِ ملابسِك
،بقتامةِ نظرتي حينَ أقسو على نفسي بلا أسباب
.الأثاثُ أَسْوَد، كما أرادَهُ عناديَ العميق
،الهاتفُ نافذةٌ من المواعيدِ الملوّنة
.علبةٌ بلا واشٍ، عدا نورَ الرنين
،باريسُ صورةٌ على الجدار، بالأبيضِ والأسود
.كما يحتِّمُ على دموعِنا المطر
الشُّبَّاكُ مواربٌ عندَ قدميكِ
.لتنتعلي نسمةَ النومِ الأخير
❄
.الروحُ فَرْدَةٌ ناقصة
❄
:كلُّ مكانٍ بيقينِ ما كان
.شارعُ مشاويرِنا نحوَ بيتِكُمُ العتيق. هذا الذي يتوسَّطُهُ محلُّ أزهارٍ، كجُرْحٍ يصدحُ بينَ ضفَّتيْن
،الحانةُ التي لفرطِ الخشبِ في أشيائها
.أَبْحَرَتْ بعيدًا بقَدَرِ سفينة
.الليالي التي لا أوتادَ لها، عدا أوتارَنا
.قبرُكِ الذي كدمعةٍ بينَ الحصى الأبيض
.كلُّ ما كانَ يُنْكِرُ المكان
❄
ذلكَ القلمُ النُّحاسيُّ الذي أهديتِني، خريفُ بصماتِنا المُتداخلة. الذي أفلتَ من يدي كما ظلُّ فراشة، كما خَذَلَكِ قلبُكِ في كلِّ رشقةِ حُبٍّ، حتّى تلكَ النبضةِ الناقصة. الذي ضاعَ لسببٍ غامضٍ، كما تسيلُ حياةٌ مع سطرِ غيمة. صارَ أصداءَ شمعة. صارَ
أوراقَ الأوراق.
❄
كانَ بوسعِنا أن نتجاورَ كجنديّيْنِ عائديْنِ من العدم، أن نتركَ أكتافَنا تتلامَسُ بخِفَّةِ ملاكيْنِ بلا أمتعة، لكنَّنا كُنَّا دائمًا تلكَ المرآةَ أمامَ نفسِها.
هل كانت المقاعدُ زرقاء؟ أم أنَّها أشواقُنا نحوَ البحر؟
.أذكرُنا بالأبيضِ والأسود، بلونِ النهايات، مثلما يحلو للحنينِ أن يرسِمَ نفسَهُ برمادِ البشر
.أُبْصِرُ شرفتَنا كسفينةٍ في زجاجة، تطلُّ على أطلالِ الإسكندريّة
.كُرْسِيَّانِ وكاسيت. منفضةٌ تفيضُ بنبضِنا. قَدَحانِ كنظّارةٍ على كتابِ الليل
.تلوحُ مراكب، وبملامحِكِ تُلِحُّ أغنية، لكنَّني لا أجدُ دفترًا لدمعتِنا، ولا أنجو بوجهِكِ من الغيمِ الغريق
❄
.أكادُ أُصَدِّقُ أشباحَ البكاء
.تنهضينَ من غفوةِ المدى، تنفُضينَ قميصَ نومِكِ من التراب، ووجهي من دمعِ المستنقع. تُعيدينَ الأغنيةَ إلى مطلعِ دربِنا
.تبتسمينَ لي برهافةِ ليلٍ من أعلى السلالم، بالكابِ الأسودِ ووجهِ الأمل
:تسألينَني دونَ أن تنتظري إجابةَ النجوم
أينَ يسهرُ معنا، هذا العدم؟
❄
في حياةٍ أُخرى، غيرَ التي أَثْقَلَتْنا بالدروع، بوسعِ الأشجارِ أن تنموَ نحوَ جُذورِها، أن ترمِّمَ الدروبُ رمادَ نبضِنا، أن تأخُذَنا الثورةُ إلى العُمْرِ العادل، وشوارعُ القاهرةِ نحوَ مَفْرِقٍ واسعٍ من الأغنيات.
في حياةٍ أعمقَ من هذا الحصى الطافي على صحراء، العصافيرُ أجملُ جيرانِنا، وملاكُ الموتِ كنَّاسٌ يلهو ببطّاريّةِ ساعةٍ
مُعَطَّلَة.
❄
.لكم أَرْبَكَتْني عودتُكِ، يا وردةً في كلِّ أوان، يا فراغَ كافّةِ الأواني
مِرارًا طَرَقْتِ ما ظَنَنْتِهِ أبوابًا أو ندوبَ شبابيك، بحثًا عن شبحيَ النحيلِ في رميمِ الرسائل. مَرَّةً بأغنيةٍ من كأسِ غمام، ومَرَّاتٍ برجفةِ فجرٍ على وسادة.
كانَ بوسعي أن أصْعَدَ إليكِ من وَحْشَةِ البئر، لنتبادلَ الصمتَ الباسم. لكنَّني كنتُ قد أَحْكَمْتُ الأقفالَ حولَ قلبيَ القديم، وصارَ ظلّي حجرًا في الأعماق.
.سامحيني لم أقوَ على مسافةِ تنهيدةٍ حتّى، تلكَ التي كانت آخرَ فرصةٍ لفمي في النداء
❄
،الفقد، هذا الأسفُ العاصفُ بأكياسٍ فارغةٍ في روحي
الغرابُ الذي يَفْرُدُ جناحيْه
أعلى من الليل
.كشراعٍ يتلاشى بفراشةِ فستانِك
❄
مُرْبِكٌ هذا الوداعُ الذي بيدٍ وحيدة
كالبرجِ الذي بينَ رُعْبٍ وجَمال
كاليومِ الأوّلِ من اليُتْم
كزيارتي لقبرِكِ دونَما أزهار
،كهذه الصحراءِ المفتوحةِ على كلِّ احتمال
.عدا ضحكتِنا
.باكرةٌ هي المراثي يا أمل، لكنَّ القلبَ نجمةٌ على سقفِ مقبرة
.الرملُ كتابُنا الواسع، ووحدَكِ ختامٌ محفورٌ في دمعتي
❄
.قُبالتي القمرُ الذي ليسَ استعارةً أو وجهَ أحد
،الحارسُ الناعسُ على دَكَّةِ دمعة
.ملاكُ المنازلِ النابضةِ مع قطارِ النيل
.القمرُ الحقيقيُّ كحياةِ غيمة
.الحجرُ المُعَلَّقُ كقلبٍ كريمٍ في قلادة
الحجرُ الذي لوسعِ وَحْدَتِهِ
.صارَ كوكبًا
.نصفُ القمرِ قُبالتي، كي أكونَ أكثَر دِقَّةً في وصفِ نفسي
.النصفُ الأسفلُ مثلُ قَدَمٍ تركُلُ ظلالَها
:تؤلمُني الأشياءُ كلُّها وكأنَّها أنا
.موتُكِ والنهرُ الذي ينهَرُ ظلالَ أطفال
.البشرُ الذينَ بهَباءِ دموعٍ على جسر
.تؤلمُني القاهرةُ كرُكْبَةٍ مكسورةٍ وَسْطَ سلالم
❄
مِنَ الأعالي التي لا تشترِطُ أجنحةً على نهر
.تبدو المدينةُ كمقبرةٍ من الدموع
،كأنَّها نافذةٌ على نفادِ الأمل
.لُعْبَةُ ليغو بمنازلَ مكسورة
ثمّةَ ليلٌ يلطّخُ وجهَ كلِّ نجمة
،وكأنَّ الماضي بقعةٌ لا تجِفّ
جسرٌ يَرْتَسِمُ ويَمَّحي تحتَ قَدَمَيَّ
.بهَشاشةِ صفحةٍ في ظلِّ أرجوحة
،العُمْرُ حقيبةٌ تفيضُ بضفافِ آخرِين
والموتُ قطارٌ
.ما دُمْتُ أقِفُ وحدي هُنا
❄
بموتِكِ الهادئ كنزهةٍ أعمقَ من النهر، وَهَبْتِني ما لا تتبادلُهُ يَدان: الندمُ الذي لا تنقُصُ من صمتِهِ صفحة، وإن تلاشى صِدْقُ
الكتاب.
❄
كما يتعطَّلُ قطارٌ بينَ قلبَيْن
مثلما يكتبُ نهرٌ سطرَ قسوتِه
:ثمّةَ ما يَسْقُطُ عن حافَّةِ الحُبِّ ليَكْسِرَنا
راكبٌ ما
كرسيُّ كلامٍ
قَدَحُ دمعةٍ أو قُفْلُ ذاكرة
.أو مجرّدُ نُدْفَةِ ثلجٍ في فراغِ الكفَّيْن
☃
كيفَ تموتُ مَنْ اسمُها أمل؟