.بيروت، 2014
.رسم الغلاف للشاعرة
رسالة عيد الميلاد
أغنّي لعلّني أولد
.أغنّي لأنّني أموت
،أغنّي كأنّني لم أولد
.أغنّي وكأنّنا لا نموت
في القارّة الأقصى
،صوتك أقلّ
:كلّ ما يعصف بأغصانك عقابي
الرجل الناقص
صغار العيون الغائرة
.وصديقتك التي مثلُ فأس على كأسنا
.عبثًا أحدّثك عن المطلق
العشبة بك تعلو
.تعيدني عَنوةً إلى ترابي
،لا مطر لأغسل سقوط العالم
.لا غربة أعمق من أن أحبّك
.للصفصاف أن يتعرّى من راياته
.للثوّار أن يصرّوا على صوابهم
،لنصف قمر أصفر أغنّي
مثل هذا الخريف
.لا يُسْقِطُ سواي
للحسرةِ ما في شجرةٍ
،من دواوين شعر
ومن العشيقات
.ما لا تحصيه شموع أو أصابع
...كم من الأبواب والبدايات بدّدنا
،كمن يمتلك الأبد
.وغدًا يوم أخير
سيأتي العشّاق القدامى
سيأتي العشّاق الجدد
وقلبي منديل على مدًى
.كأسٌ على حافّة مائلة
،لو أنّك سواك
.لو أنّني غيمةُ غيري
لو أنّ ما بيننا
.أعمق من الهوّة والهالة
كيف أُصلح ملمحًا من مرآتنا
وقد جفّ الصلصال على جرح
وصرنا صورتنا الموصدة؟
.لستُ مَدينةً لأَدين لأحجار
،أنا البحر المغادر في كلّ لحظة
الأزرق الغادر
.لولا دموعي
على عُكّاز
،بخطوتين دون الأربعين
،على درب معبّدة بضلوعي
لأشياءَ لا تعرفني أغنّي
لعلّني أعرف كيف ينهض طائر
.من رمادك
الزّاهرات العواتم
ها هي البلاد تتفتّت
.أرغفةً يابسة تحت المطر
.لا بأس
الأصابع واهنة
عصافيرنا عطشى
وأفواه بأعداد مهولة
.بأسنان بهشاشة أوطان
وإن غدا أديم الأرض الغاربة
بيت المعرّي بين أقدامنا
وصارت خرائطنا مراكبَ ورقيّةً
،لضحكات في أكفان
في عينيك زاهرات عواتم
،بهالات هدايا تحت شجرة ميلاد
وفي دمعتي وكأسي
.ما يفيض عن حاجة غريق
*
لفرط البحر في الحكاية
:كلّ ما بيننا ملح على جرح
القمر الواطئ
الجِلْد على الجِلْد
الجثث الطافية والرايات
،الأزرق المراوح مكانه
والماء في مثل قصّتنا
.لا يروي
*
لصقيع الفجر أبتسم
.كما لصديق قديم
،قلادتك طائر في عنقي
.نصف ملامحي في مرآة
مثل هذا الليل حصان
.حوافره تحفِر روحي
بهذه الأطراف الطافـئة
كيف أُحْصي كم أحببتك؟
*
لمقهى الأقدار المتقاطعة
،قلبُ صفصافةٍ على رصيف
وعيونُ عصافيرَ عاكسةٌ
لشارع كنّا
.تحت ورقه الأصفر عشّاقًا
.على أطلال أقف
حيث الطريق أطول من طفولتي وشالك
،وعُكّاز الكون شجرة لوز مزهرة
مُسرعةً تعبرني سيّارات الضواحي
.مواسم الكراسي الموسيقيّة
*
.باريس مطر يتساقط
.ليل موحل، شوارع ممحوّة
شجر فاحم لفَرط وحشته
.بلُعب الورق يتسلّى
لو أنّ يدًا تعلّق نجمة ما
.على شجرة الوجود
.في بهو الفندق المُعْتِم، أفاجأ بوجهك المفتّت
جالسًا أجدك
،على مَقعد عتيق
،متدثّرًا بعطر عاتب وفراء
بائسًا ومبتسمًا
.مثلَ ملك على دمعة
،لولا العصافير على أكتافها
من يحدّث التماثيل؟
*
.غرفة بغموض غيمة، ممرّ مضاء بك
أمام الأبواب الخاطئة، ماذا نفعل بمفتاح؟
،صوتك بَوْصَلتي
.ضحكتك تضيّعني
.باب أبيض، سرير ونافذة
.أقنعتنا على الأرض
،ملاك الحبّ يضحك
عاريات ماتيس
.ملء الهواء
*
.الجِلْد أعمق من العظام
من منّا جمجمته في المرآة؟
.حدّثني عنك وعنّي
.الخوف ظلّنا على هاوية
.الذكرى فاصلة في كتاب
.ما يؤلم، يؤلمنا الآن
*
الشجر وسن الشوارع
.ويداك مُدْهامَّتان
كأس ومكسّرات مالحة
ويداك عروتان تعرّيان الحبّ
.من شال أصفر حول عنقه
،لكنّ الكلام أكثر من نافذة
.لكنّ الكلام أقلّ من شفاء
،للمطر ألواح لازورديّة
لقمر الضواحي
،باقة ورد تحت البَرَد
وللملاك الكسول الذي تلكّأ كلّ هذا الليل
من غابة سان ــ كلو
،إلى ساحة المِقصلة والمِسلّة والحمام
عذر المسافة الماطرة
.وساقان من ورق
*
.لك البرج الذي يزهر، على عشب، دون جذور
لك الضِفّة الأجمل بأشجارها
وعازفو الكمان الموزّعون
.كقنّاصة بلادنا، على أسطح زرقاء
،زوارق الضوء لك
والسيمفونيّة الثانية والأربعون
.تلك التي لم يعش ليبصرَ عصافيرها موزار
لك القمر في بصلة محلّاة
.لك الشمس في باقة عاشق
،لك الأغاني الحبيسةُ حتّى تَفَتَّحَ وجهُك
.لك حُضنة العصفور
ولك بداهة نهر
أنت الذي بأهدابك تنقّي
...وجهينا من الغيم الحزين
*
في الساحة القريبة
.ملوك محفورون على حجر
.وجوه متماثلة، يلطّخها روث الطيور
كم هو وحيد في هذا الليل
.ذلك الملك الشمس
،على حصان ساكن
...وعلى رأسه حمامة
*
أيقظني مطر لأراك
.شجرةً تظلّل حطّابي
...قلتُ: بين بِلّور وضباب
.لكنّ ظلّي أخذ يبكي
خَشْيَةَ أن تتساقط دموعي
،كأطفال أمامك
.قلتُ: أنا نهر
*
لك لين صلصال ملوّن
.بين أصابعَ صغار
أيّة يد تأخذك
.تصنع منك ما تشاء
.بيت
.آنية زهر
.حزن من خزف، بزخارف مبهمة
،كدمعةٍ على العالم
مثلُ مرايا مهشّمة
.بين أجفان مِشْكال
*
باريس مطر يتساقط
:وها هم يسقطون معًا
.الطغاة، والأطفال المطمورون بثلج الطريق
،اللغة من حجر، اللغة معلّقة
وليستِ النجوم مدافئ
.لملاجئ ترتجف على الحدود
كلّ هذا الليل عيناك
:وهذه حصّتي من حصّالة القمر
قصيدة بصوتك المتّقد المتردّد
.أعلم أنّك كتبتها لسواي
كلّما أهديتك كوكبًا
،الرابعة والربع فجرًا
:بيروت بعد المطر
شوارع بعيونِ غرقى
ليل مورق بـإشارات مرور
كلب يتعكّز على كتف ظلّه
بائعة مناديل
.بسبات مصطبة على رصيف
،"رقّ الحبيب"
وأشواق بـإلحاح أطفال
.متشعلقين بأكمامي
.أتّصل لسماع صوتك
...رنّة، ومضتان
.الوسن ملاك يكلّمني
*
لطالما طاردتْني
في البلاد التي لم تبادلني وردةً أو كلامًا
.هذه الشوارع الممطرة
،بقطعة قمر من طبشور
بزهر بنفسجيّ
.يبتسم لكعوب عابرين
سنوات من الأوتاد والأوتار
مقاعد بين المنافي متفرّقة
مُتحف بمنمنماته ملء روحي
،ظِلّ ظَلّ على الأسفلت طفلًا
مدن وناس من أسمال الدمى
.غرفة سوداء تسعها حقيبة سفر
.ثمّ جاء وجهك من أرض غريبة
.حدّثني عن الحبّ والأشجار
.بكتاب بيننا، كشف أوراقه كلّها
ضحك لي
.كما لم تفعل نجمة
*
الذين أصغَوا، سمعوا دمعةً
.وأسرعوا نحو الينابيع بمناديلهم
،وجدوا صفصافة تضحك
وجدوا أنفسهم
وسط ورق أصفر
.نصفه في الماء نجوم
...لو صدّقوني
يا أصدقائيَ الطيّبين
،كأهداب أطفال على عصفور يتألّم
حيث المعانيَ نحنُ
كلُّ نَدْبَةٍ نافذةٌ لنور
والعاشق بحر
.بوسعه أن يكون ما يشاء
*
كلّما هممت بهجرانك
:إستوقفتني زهرة تسأل
أحقًّا تصل الأنهار؟
.لسنا أسماءنا
جِلْدي صلاتي
.وجهك الكتاب
،وردة النهايات التي تربكها تقطيبة يديك
هذه التي كانت في أرضها الأولى بئرًا
يعرّيها عطر
،كما يخلع إنسان كلامه
لأيّ لهب تَهَبُ ذهبها؟
:إثنان، كلّ آخر ثالثهما
،البحر الذي لا يكرّر نفسه
وزهر لوز برفّة معطف
.من كتفيك حتّى الركبتين
*
،لا اللغة ولا الطيور
.وحدها الغيوم حاورتني
في الغربة
،وشّحتني الأغاني
وكنتُ كلّما أعبر جسرًا
.أفكّر مليًّا في أنين الأشجار
كيف أكون جلدك
والجرح بيننا أرجوحة؟
،أعرني دمعتك لأراني
.خذ خطوتي
لنختبر لمرّة
.ما تكابده مرآة
*
من كُتْر شوقي"
"سبقت عمري
لكنّ الدرب على قدميك
،رحلة مركب يتلكّأ
أنت الذي تقتسمك المفارق
وكلّ كأس في يدك
.نداء غريق
،أيّها الغريب في متاهة من الورد
يا من تشيخ لأجل الحبّ
،بعيدًا عن أهلك
أنت النهر نفسه الذي يهدر
.كلّ مرّة في رمالي
*
.كلّما أهديتك كوكبًا، كسرتَه
،القمر الخامس ونُدْفة الأرض
وتلك الأسطوانة المغلولة
.بأحرف ذهبيّة ذائبة
.كما يعبث طفل بلعبة
مثلما يلعب طاغية
.بوطن وأطفال
،النجوم حصًى صغيرة في جيبي
رامي السهام نحوي
.ملاك بأكمام واسعة
بجِلْدي، بتقطيبة جرح
على دروب لا يقوى على قطعها
.حزن على ساقين من خيزُران
ألا تضجر من ضربة الفأس
والدمعة عينها؟
ألا يكفي ما فعلته بضحكتنا هذه البلاد؟
*
حيث لا ارتواء
.واليأس فأس لا تَكْسِرُنا
مثلما بأهدابنا نسافر
.بمجاز نهر أو سحابة
كما نتلمّس الماء بلا دمعة
.بسياج مائج من ملامحنا
لكنّ الضفاف لصفصاف وبيوت
.والعاشق جسر
*
بتأويلات لوحة
.يتّسع الليل
،توقيع غامض لا أتبيّن رموزه
تاريخ يتغيّر
.متتاليًا مثل صفحات روزنامة
.النجوم حمّالة أوجه
.للنوافذ حصّة الرذاذ من أرقي
.شجرة تحت المطر تتعرّى
لو أنّ يدي فرشاة
،والملامح فراشات
لو أنّ أطفاليَ الورقيّين
.ألوان تطير
لولا الجوهرة في الدمعة
.لما كان الانكسار مزدوجًا
*
،هذا وجهنا بعد العاصفة
.الورق أقوى من الجذوع
كنهار لا يكفّ عن النسيان نفسه
سها عن صورتنا النهر
.مهرولًا بركام مدينة
ترك بَوْصَلةً على ضفّة
بطاقتين لحفل مضى
وصلةً من أصداء أليفة
.وشاحًا من أصل منديل
.لسنا وحلنا
ثمّة نجم
،كملاك واجم فوق الغيوم
بين جناحيه يكتم ضحكة
لطفلة في حضنك ترسم نفسها
.معقودة الحاجبين
*
أيُّ حوار بين غيمة ونجمة؟
وما الذي بتَكرار الكلام
بأكثر من نغمةٍ
تحاول أن تؤكّده
لليل يجفّف جناحيه كخفّاش على حافّة شرفتي
جوهرة لا تنكسر في حَنْجَرَة أمّ كلثوم؟
منذ مطلع الأغنية
،وأنا في رجاء رسالة
والنجوم أكفّ على أحبار تلوّح
.تمامًا كما يرسُمها الصغار
من أدعو إلى طاولتي
والأرق قطار فارغ؟
.لشبح القصبجيّ مَقعد شاغر
عروش في روحي
.لرامي الذي عاش عاشقًا ذليلاً
.نصف الحكاية دمعة
كلّ الحكاية
وجهك الذي لا يرويه نهر
وضحكته مدينة
.لا تتذكّر أحدًا
ملائكة الألوان المائيّة
1
من رخام الخطوة
،إلى مِدفأة فارعة المرآة
جدران بلون صوف على صيف
.سقف يعلو بعصافير بيضاء
مصراعان موصدان على مدينة
صورة لأحضانك بوجوه صغار
والهواء ملاك فاغر جَناحيه
.مروحة حول ملامحنا
،صفحتان من كتابِ نافذة
.نصف سطورنا نور نافذ عبر المسام
ضحكات أشجار إلى عروقنا تتسلّل
.في نسمة جسر ترتق الشوارع
.باريس عربة هدايا تضيء أعيننا
حارس وردة وسط سرير
،سهرنا الذي لا يأخذه يباس
والحبّ طفل مجنون على عناقٍ عارٍ
.علّق عنُقَه بوتر
2
بأغلالٍ مضفورةٍ بظلالِ أغصان
،تؤلمنا الجذور
والشجر في غير أرضنا
.أخضر يضحك
بعضه أزرار في أكمام نهر
.كلّه زهر يضيء الشوارع
.أستيقظ كبلاد على رمادي
.أستيقظ كرماد على بلادي
،بلادنا الحزينة
بلاد العيون والأعمار العارية
بأبواب مسجّاة
.على سطر طويل من حطب
في زاويةٍ، ملحمةٌ على نصل مدينة
طاولة من صحنين متلامسين
شمعة زجاجة ومقعدان خشبيّان
.لغريبين بوجهينا
،سواطيرُ تلوح
.جزّارون بسَمْت ملائكة
.لون آخر للدم
3
:برميلانْ
واحد للسُّلوانِ
،آخر للضحك
وسلالم خشب مخمور تطول وتـئنّ
.كلّما هبط إلى قبو الحانة ملاك
كيف يضيء كمان
كنجمة على كتف؟
ما الذي يُعْتِم دموعنا في الجيوب؟
وبغير حضنك حول كوكب
هل يُشفى من نفسه غريب؟
هواء واشٍ بوهَن أجفان
سَجّادة معتّقة بعقيق عابرين
ريش على مدينة من مرايا
عصافير زُقاق
.تدرك ظلالها
بين السقف الشاهق
وألواح زجاج بملامح زحام
.وجه مضاء بك
أوسكار وايلد الذي يشبه كلّ غمامة ونبع
.عدا نفسه
ذلك الذي مثلك
.عاش عدوًّا لنفسه
.غمّازتك زهرة على خدّه
بين شفتيه قطرة من نبيذك
تروي ما في صورة مصفرّة
.تُخفيه تنهيدة من أبد
4
.نُدْفة ثلج على صيف
زهرة لوز
.هكذا لوحدها
.منديل يحدّث ملاكه عن حجر
نورس نهر
.جَنَحَ بعيدًا
،الفندق الصغير ذو السقف الزجاجيّ المطير
بشبابيك بصُلبان خشبيّة بلا أنبياء
تصفِق مصاريعها في فِناء غائم
على أمل عصافير من إطاراتها تتطاير
.بعيون متلصّصة على طاولتنا
ركن متوارٍ بأعواد خيزُران
أريكة لزرقة عاشقين
.أصيص من حصى
،صحن نُفرغه
.كؤوس تملؤنا
كلّ قطرة على أجفان القرميد
:حمامة متّشحة بكحل مدخنة
وسادة بفضّة عيوننا
معطفك المتطاير في عاصفة عناق وسط مطار
قميصي وقد نقلتُ إلى أكمامه
.قصيدة يديك الصامتة
5
ليل، والقمر قُمريّة على قشّ قرميد
.نهر وملامحك منديل يلوّح بروحي
،ألف طفل في عينيك يضحك
ووسط قلبي طفل في السابعة من نبضه
.بطرف ظلّه يجسّ الطريق
في محلّ الأزهار
.أنت الورد
في دكّان العطر
.وحدك الحواسّ
وسط مكتبة عتيقة على شفا نهر
.خطوتك شجرة من أشباح شكسبير
بحَفنة تمثال من رماد كنيسة
:رسّام رصيفٍ يسألني
أليست الرحمة
أعظم من الحبّ؟
،عصافير بحبرها
.أنت وأنا
أنت أنا
.وأنا أضحك
نجوم غزيرة
وباريس بسروة إيفل
لوحة تعبَثُ بأقدارها
.خيوط مطر
6
بقطرات أشواقنا على سلالمَ خلفيّة
بأصداء عصفور من رذاذ
أصواتنا مفاتيح نهر
.أكياس تكلّل أيدينا
عريشة شمس على باب وجدران
على قطع أثاث قديم
.وأقواس أعيننا
البيت مروحة من نسيم ستائر
بوسع أغصان
.خلف الزجاج غاربة
.قميص بنفسجيّ كرسالة وسط سريري
على رفّ الموقد
.زجاجة نابضة بعطرك
في الشارع الملامس لملامحنا على نافذة
شجر كستناء يغلق شبابيكه
يمام قرميد إلى قشّه يأوي
والليل طفل ناعس سهران
.في بيجامة منقّطة بنجوم من حرير
لمسائنا معًا مسامرة سجينين
ألفة ناجيين من سفينة في الأعماق
.دفء عنقود من حبّـتي كرز
لفرط ما السعادة ابتسامة بروست بين كفّيَّ
قطعة من الجبنة بعود خشبيّ من حنانك
استكانة سمكة سلمون لعصرة من الليمون
وجهك الساهر على وسني بعينين منهكتين
،مصباح أصابعنا المتشابكة في الممرّ المعتم الطويل
العالم في مرآته لا يعرف من يكون
هذا العاشق الذي ملء حضنه
.ضمّة ورد
7
هذا وجهك
،قلادة على مدينة غاربة
وهذا عمري
.كأس طلّ
،ألوان لأوّل مرّة تبصرنا
وها هو الليل الذي لا يعرف سقفًا سوانا
عن الساعة يسألني
.عن حانة يطول سهرها على الطريق
سرب سروات حارسات لخطوة
خاتم جرس بين أصابع أغصان
وسادتي استدارة القمر في كتفك
.حصّة هلال من زهرة آفلة
في مقهى المرايا المائجة
:خطر ببالي أن أسألك
لماذا العابرون كربيعنا القاني على جسر
همُ الأجمل؟
لكنّ ألواح الخشب الشاحبِ
،لوّحت بالتماعات فأس
.بعصافير أصيرها حول حزمة من حطب
العمر سائح يلتقط أنفاسه في ساحة ضحكتك
.والدمعة ذاتها لا تذرف مرّتين
8
عشّاق من ريش
.بريشة ذلك العاشق
،أكمام ساهية على أزقّة
.باقات شمع حول منازل
أسطح رماديّة تتلألأ
.بتبر يتقاطر على مدينتنا
على شمس شوارعنا الخلفيّة
،أُطِلُّ بنظّارةِ نافذة
من طابق أخير لمتجر
.منه أوّل قمصاني
لمعاطفه أَدين بخيط
،لا يخطر ببال قدر
حضننا وسط مشاجب
.كأغصان يجنّحها ثلج
،حقيبة بعجلات متباطئة
.طفلة تجرّها يدك
جوارب ملوّنة لدروب
.تثقل دونك خطاها
.نصف يوم معلّق
.صيف أقصر من ظلالنا
كم على تلك الضحكة مضى
من أسوار أعمارنا؟
كم من الوردة تبقّى؟
كم الساعة في نَبْضِنا؟
من شرفة شاغال على مدًى
إلى موقف السيّارات السحيق
حيث دمية قبو تبتسم
.لوقع أقدام على دموع
عشرة عصافير في اليد
1
ماذا لو أنّ هذه النجمة
عود ثقاب يتيم في يدي؟
لو أنّ ما قطعناه من الدرب
هو الدرب كلّها؟
لو أنّ وجه من أُحبّ
لا يعرف ويبتسم؟
ماذا لو كانت هذه اللحظة
حافّتَكَ أيّها العالم؟
2
دُميتان من قصاصات ورق
.دمعتان بين ندًى وجليد
،ورد أصفر يتبادل الأيدي
ظلّنا على ليل
.جسر مُرْتَجَل
إلى أين نذهب
والنهر نفسه نبض توقّف؟
لا مقهى ولا حانة
.ولا شريطة شارع حتّى
على كتفيك رأسي
.ورماد قمر يضيء
الكلام بِحَيْرَةِ أقفال
.كأراجيحِ أطفال على حقائبك
هل انتهى العالم؟
،صوتك صدى عصفور
.وجهي مصباحك
صامتان وصغيران
.كنصفيْ عود ثقاب
ينابيع بألوان عيوننا
وما من ريشة
.بغمزة غمامة
3
،الأقدار بأقنعة مدلّاة
.الأرض أيقونة تتلألأ
أيعقل أن تكون خشبة خلاصنا
هذا المسرحَ المثقوب؟
.مطر لننقّط معطفينا مثل ليل
قميصان متطابقان
.لعلّنا بين قلبينا نآخي
صوتي بحر ناقص
.وجهك نصف محارة
ألم أقل لك
إنّ الأرض
حبّة غبار؟
4
.الأرض زهرة مائلة بين قلبينا
مجرّات عينيك
،مكان نظرتي الخاسرة
،صمتي في فراغ ابتسامك
.خطوتنا ناقصة
دوريّ على شُبّاك ضلوعك
.قلبي الذي ليس لأحد
لو قشّة
،لو فيء شجرة
عشرة عصافيرَ في اليد
.أصابعنا المتشابكة
5
النوافذ والدموع
تبر المقابض بين أصابعنا
الكراسي بأكتاف أبيّة
أرق الأسرّة والفناجين
الورق من أغصانه إلى أخطاء حبر
القواميس في رفّ من سنونو
الأقداح التي تُبادِلُنا الكلام والقُبَل
المعاني مهشّمة حول الأرض
درزة حرفين في نبض مريول
عصفورُ وسادةٍ مخطوطٌ على خدّ
خيط مسبحة عبر مجرّة
سلالم تتسلّق قامات قلوبنا
الصفصاف بمصابيحه الورقيّة على تراب
النوافير الفائضة بفِضّة أمانينا
الشمس والقمر في ميزان طائر
طَرقات المطر على مفاتيح بيانو
أوشحة الشوارع
المعاطف المبطّنة برسائل واجفة
الدمى مهملة في سقائف من غبار
.الأراجيح بضفائر لا تشيخ
:أشياء العالم الطيّبة
،الأغاني والأحصنة الخشبيّة
الحبّ كخشبة خلاص فوق دمعة
.الألوان كي لا ننسى أنّنا باقة
6
صوتك. هو. هذا الذي
،كما لو وجهٌ أحبّه
وملامحه مدينة ماطرة
.محفورة في كفّي
الذي بعينين مغمضتين أدركه
.وكأنّني طفل أطبق أهدابه على نجمة
نقطة حبر وسط سُلوان
طيور مهاجرة فوق نبضي
صوتك الذي لا يعرف كم هو مصباح
.وكم الحكاية ضفيرة بدفء أصابعنا
في شارع خلفيّ أحدّثك
.وشجر بألف أخضر حول روحي يحوم
مروحة حمامة
مُسَوّدة سنونوات
.غرباء على شرفة واطئة
وردتان في البال
.إحداهما جوريّة جرح
،أنت وأنا
وكلانا يعرف
.أيّنا حادي الأشواك
7
الليل والجسر والنجمة
.وصوتك الملاك النسّاء
هذا الذي بألف عصفور حول غُصّة
.برغبة جسر في أكثرَ من الكلام
من قال إنّ الحكاية وراءنا؟
على مصطبة على ضِفّة
.على وعد أعلّق أهدابي
،المارّةُ أشجارٌ
.قلبي طفل في قطار
بيننا المواعيدُ التي لا تجرؤ
السورُ الذي ليس قسوة
العالمُ والعاذلُ وألعابُ العناد
.قطعيةٌ بألوان نوافذ
،أكثر من بلد وبحر بيننا
.بيننا رماد المتنبّي في كتاب
8
الوجه الذي يشبهك في لوحة
.ساعةُ اليدِ النابضةُ بسنة ميلادك
،قوس قزح بين الصفحات
مرآة كفّ
.كتلك التي أسقطها في سيّارتي مطر
،في الليل الذي ليس قطارًا نحوك
.في خلاء المحطّة الموحشة كأطفال
.دمعتان حتّى حذائي
قفل أصفر
.يؤرجح روحي
9
ما يشبه وجه المسافر
.وقُبلةً عالقةً بياقة مطر
ما يطابق يقظة المقاهي
بأفياء من أرق طفولتي
وأطياف غابة في طريقي
.ودوّارة ملاك على تلّ
،ما لا ينطوي تحت جُنْح ليل
وجناحاي من وابل نجماته
.وأحباره ظلالنا على دروب
.ما جمع الأصحاب ذات مقهى
.ما فرّق قلوبنا الأولى
ما يدافع عنك وعنّي
،وعن بائعة الورد الجائعة
،وجثث متناثرة كندف ثلج
وبلادنا التي
.مثل صحراء ملء الجيوب
الحبّ الذي كالرحى على أصابع
كنقش حنّة في كفّ
وله الشمس بين رموشك
.وله بصمة دمعتنا
10
ماذا عن الخطوة والفأس
بعد مشهد النهاية؟
أين يذهب العاشق بشجرة ظلاله؟
أيبقى عالقًا في موسيقى البرزخ؟
أم أنّه من اليأس يغفو
خالدًا كوردةٍ سوداء؟
على ليل أسقط
.على مقاعد خالية
لفرط ما في الحلم بكيتُ
.صرتُ حَصاة نهر
،في متاهة النوم هَرِمَ وجهي
الحروب التي في منتصف موت تركناها
.تحاسب ترابها
ما بيننا من أصدقاء
:أصداء حياة سابقة
المطر والشجر
.وتلك الطيور
شتاء واحد
.كفيل بأن ينبت لي يدين لا تعرفانك
،وحدها نفسي التي تجمعنا معضلتي
.وهذه الأرض
ما ليس بوسع بحر
1
بوسعي أن أحدّثك عن الكراهية
.كمن تملأ قلبه مدينة سوداء
إلى أسئلته الأولى
،يعود العالم
.وحيدًا خائفًا من يديه
.ليس ذلك الذي بادر بوردة
2
من يوثق خطوته بمزاج مطر؟
من يتوسّم الرحمة في مِقصلة غروب؟
من ينكر مصباحًا ملء أصابعه
ليصدّق قناعًا بعينين فاحمتين؟
من الذي كلّما اتّسعت مساحة حزنه
صار عصافير على مدينة؟
من صاحب كلّ هذه الحقائب الفارغة؟
من الذي مع كلّ كأس انكسر
،دون رشفة كلام
ومثل غراب مشى تحت الثلوج
وشاخ كجذع مقطوع على قارعة طريق؟
من ذا الذي وهب الشعر قبّعته وظلّه
ووحيدًا مضى
يوزّع على أطفال الليل
ما تبقّى في جيبه من زينة أعياد؟
من كلّف قلبه
ما ليس بوسع بحر؟
من كفكف الدروب الدامعة
حتّى جفّت ينابيعه؟
من انتحر آلاف المرّات
وبُعث من رماده شمعًا؟
من أَحبّ فوق طاقة الحبّ
وأُهمل كباقة على رصيف؟
من الذي في الأوهام أضاع عمره؟
من منّا يا دهر؟
3
من العبء والبراءة
،تخفّفت
.صرتُ الفراغ الذي يخيفني
لا الحبّ جناحي
.ولا ورقة الوطن
،الملائكة أطفال عصاة على أراجيح الماضي
وكلّ عاشق يتكرّر
.مثل طلقة على صدى
4
من يألفِ الخيبة والألم؟
من الذي لا يكسره
كلّ سقوط في بئر؟
،كاذبة كلّ الحبال الذائبة
.العروق والأوتار والمشانق
،وحده النهر يعرف كم بكيت
وكم نَقَصَ منّي
.وصار رملًا
5
ذلك الذي خذلني
،عميقًا كما تضاء بئر
.مرّة ومرّتين وكأنّه العالم
الآخر الذي ليس أنا
.وعيناه مستنقع من دموع
،الأشدّ قسوة من وطن
.الكاذب من جذره حتّى ورقة التوت
له نصف وجه في صورة معتمة
ووقاحة صباح
.من أكفان صغار
6
على أمل أغنية تطول قليلًا
بمنطق مطر بحبال متقطّعة
،إلى أقصاها شددتُ الأوتار
من شتاء الشاي الأسود
.حتّى هذه الشوارع
لم يكن السقف سوى عتبة
.لم تأونا غير مصاطب المساء
بطيئًا كان السقوط
.كاحتضار ورقة شجر
.كم يخطئ الرائي
7
كنهر على نصل
،كانت الرحلة
موحلة ماحية
.كلّ عصافيرها دموع
كأنّما الحكاية
،شجرة عابرة لنافذة قطار
وحين نسيت اسمك الماطر
وجدتُ مدينة حزينة
.كسفينة في زجاجة
:هذا هو العالم إذًا
تميمة قلب أسود
.شمس من مسد
وحده وجه ذلك الملاك
بطبشور أبيض على جدار
.يضحك لي
8
،هذه الدمعة طاولتنا
وهذه خطوتي
،ورقة تطوي الرصيف
،وهذه المعلّقة بخيط متقطّع من مطر
لدوريّ رماديّ
دخل وخرج
.كملاك ضجران من النافذة
،كأنّنا لم نتبادل الوجهين والأصابع
كأنّ يدك
.لم تحمل إلى حزنيَ الأزهار
من خلف الزجاج المائج
تبدو الحكاية
.خالية مثل كأس
9
مثل حماقة
،تكرّرت الحكاية
وفي كلّ مرّة بحرقة بكيت
.كمن على كتف المرآة نفسها ينكسر
هكذا الأطفال
.حتّى تنضَج قلوبهم
10
كما لم تتفتّح نجمة في كفّ صبّارة
كما لم يُسْدَل على خشبة خلاص ستار
كما لم يرتفع بصمته نَسْر
كما لم تصدأ ساعات عشّاق
كما لم يدمَ بمعاوله المائيّة نهر
كما لم تتساقط على مدن المُحال قطرة
كما لم تهرم سلالم بركض أطفال
كما لم يؤمن ملاك بأرض
كما لم تتدفّق بأسوار
ينابيع الضحك العالية
نَنسى ونُنسى
.كأنّنا فعلًا من تراب
وحدي في الحكاية
1
الشارع الذي يحمل اسمًا سماويًّا
.ولشبابيكه المتقابلة عيون عشّاق
ذلك الذي بين مفارقه التقينا
،بأُلفة صديقين قديمين
.أحدنا ملاك يضحك
،الموشوم في روحي بحانة من حنين
بركبة حول ظلّ خجول
.وكتاب لا يتكرّر
،الذي في زاوية من زواريبه باب وردة
.الطويل كنظرة تحوك ظلّين
ذو النهر الواحد
...مثل نهاية حبّ من طرف وحيد
يا له من عمر بلا آخر
.دونك يقاس بالدموع
2
،أحدنا أفلت الحكاية
.بيده قَطَعَ الخيط الأخير
صفق الأبواب خلفه
.تاركًا أصابعه فوق المقابض
كسر النوافذ كلّها
.وكأنّها كابوس من كؤوس
بغيمة غطّى المرآة
لئلّا يبصر وجهه
.وحيدًا مثل إله
في صناديق صغيرة من ورق
وارى الفرح والهدايا
ثمّ كحفّار قبور
.بظلاله دثّر أطفاله
العازف عن جمع نفسه
العاجز عن تمزيق رسالة
التقط صورة لصدى
.حلَم حتّى هرمت أهدابه
كلّما تذكّر تلك الأغنية
،كره الحواسّ والشوارع
في التباس السادسة صباحًا
.لم تعد توقظه عصافير الجوار
أحدنا الذي يبكيه بيانو
.وتسقطه قطرة من مطر
3
:مثل مطر تفرّقت ملامحنا في الشوارع
معطفك على أكتاف مشرّدين
دموعي بين عابرينَ
ونوافذ وجهك ورقة لا يسقطها خريف
ضحكتي تذكرة قطار ممزّقة
كلمات مثل " حبّنا " لتماثيل
.وعودنا شموع تَقِلّ وتضيء
كما تعلو أعمار على حُطام مدن
مثلما الشجرة تلويحة من تراب
يرمّم كلّ منّا نبضه
.برماد ما مضى
4
للغيمة أغفِر ما سرقتْه من النبع
لعصافير تشرين
ما فعلته بقشّ أيّامي
للشتاء نياشينه من جماجم أزهار
للفجر نجمة بلا إجابة
للدروب الماطرة مفارقها
للحقائب أقفالها على قلوب
لشجرة اللوز
كلّ هذه العيون الحزينة
لأصدقائيَ دلاءهم وسط دموعي
أسامح الأوطان والأوثان والمصابيح المكسورة
التراب والعاصفة
أحقاد الأغاني
،بياض السكاكين
...إلّا أنت
أدينك كما يشير ملاك بإصبعه
.إلى بقعة سوداء ملء المرآة
5
.أن تتقاطع بسلوة غرباء رسائلنا
أن يحمل لي ملاكٌ
صدى صوتك
.في باقة من صور
،ألّا أتعرّفَ على أيقونة واحدة من دموعي
.أن أتألّم لأنّنا أكثر من اثنين
كلّ هذه النجوم
،من غَزْلنا على سهر
والليل خيط طويل ومقطوع
.من طرفينا
6
لنجلس وجهًا لوجه
،مثل أيّ اثنين في مقهى
كما يضاعف الوحيد
قلبه ودموعه
.بجبين مرآة
ثمّةَ كلامٌ
.كشجر كبر فينا
الحبّ حفرة في روحي
.عيناك ليل لا يعرفني
صرنا الغرباء الذين كورق أصفر
.لشبابيك مبحوحةٍ من كثرة التلويح
لشارعنا العتيق
،عتب بعدد عابريه
:والمطر على رصيفين مجاز يصرّ
.لا قدر حقيقيّ يضيع
7
،لا عتبَ على غيم وأحجار
لا ذنب لملاكٍ
.غرير الغفران
بريئة هذه الدروب من دموعنا
.ليست الشوارع نوايا عابريها
:نحن اللذان على أمطارها علّقنا عمرنا وقلنا
هذه القلادة ذات الأحرف اللاتينيّة القليلة
.أيقونة العالم
أنت وأنا، أيّها الآيل للكسر كوردة
مثل كسرة بسكويت في اليد
.كما كانت تلك الضحكة تكرّر
لم يخدعْنا أحد
.لم يخذلنا سوانا
نحن اللذان أثقلنا الرحلة بأكثر من جناح
بثالث محايد
كلّ حجر على الكوكب
.حقيبته أكثر من قلبه
8
على مهلي
.كمن بلا ذاكرة يتنزّه
،كنسيانٍ
.على كاهلي هالة الهجران
على مفرق الجسر
.أن يبتكر أغنيةً أخرى لمنديله
ليس الحبّ الملاك
الذي بقامة نبيّ
.يبتسم لطفل في يده سكّين
غدت المدينة صمتنا
عادت حبّة من غبار
والأماكن أصداء
.لا تذكّرني بأحد
9
وحدي في الحكاية
.هنا حيث المرآة متاهة
في مكان آخر
،رجل مريض يرسم الملائكة
في حياة أخرى
.أنا الردهة الطويلة بأطفالها
ماذا أفعل باللوحتين؟
.سريري سفينة لا تغادر
باريس امرأة عارية
.هيكل عظميّ تحت المطر
إن كان هذا هو الجحيم يا إلهي
من أين تنبع كلّ هذه الدموع؟
10
،لستُ من مطر لأتساقط هكذا
.لكنّها أوراق أيلول
كأنّنا في أوّل النسيان
.نحن الذين قطعنا هذه النهاية من قبل
على أفق تركناه
،الغروب الذي ليس كتابًا لنغلقه
وكلامًا معلّقًا بين مَقعدين متقابلين
لعشّاق على العتبة
لا يعرفون
أنّ الذي يجلس وعلى يساره الأزرق
.يتألّم أكثر
يقظة السادسة صباحًا
سوف تمطر قليلًا
دون أن يتبيّن لساعة الحائط
.أيّ عاشق بكى
،باريس بحياد حجر
عصافير المحطّة
.عيون تتباكى خارج العناق
ثمّ تسطع شمس
،وبرمادها تحطّ على أسطح البيوت
وبألوان طيف
.يقطع طريقه قطار
ثمّ تمطر ثانيةً
والغريب الذي يَسْقُط
.استعارة من دمعتنا
*
المرأة التي لأجلها تساقط مطر
ذاتُ العينين العميقتين كموت وميلاد
التي كمعجزة
مرّتين في المصير
المتردّدة الواثقة
الأشدّ طُمأنينة من بحر
تنحني لترفع الليل
.عن كنز عاتب تحت قدميها
*
.رجل متكوّم في كابـينة هاتف
عبر الشرفة
من النافذة
.مع إيماءات المصابيح
،حقيبة سوداء
.سمّاعة مشنوقة
في الليل الذي كحصان على هاوية
.وسط شارع أطول من الهجران
الباب خلفي والمفتاح
أنا خطوتي خارج الخوف
أمام الملاك الذي
.مثلي أهانه المطر
*
على وقع مطر
،تورق وتغنّي
كما لو أنّ ذراعيها
.صليب من خشب
.الصوت من بلاد شجن تسكنني
الوجه لملاك
.محفور في نور أُيقونة
تشبه شيئًا يشوب روحي
،وبالبكاء يصفّيني منّي
العاشقة التي ترتاد المقهى لتتذكّر
وتكثر من دمع الإبريق
لتبقيَ الحنين حيًّا
.كنهر نيل بين الحنايا
*
،العاشق الذي يشبه العاشقَ
.بمليون ظلّ يذرع المحطّة
بأناقة ليل
،وقامة قناديل
.بابتسامة معلّقة بين قبّعة وباقة
ياقة قميصه طوق حمامة
.عيناه نجمة على نفق
،إثنتا عشرة وردة على أزرار حضنه
والضلوع قضبان
.تُدْهَسُ وتُزْهِر
*
،الأرض بأغنيتها السوداء
عقارب الساعة
.عاطلة عن الرمل
تلك الأحصنة الخشبيّة
.والكأس التي هي عكس المظلّة
ظلال السواقي والطواحين
.الدمعة حول نفسها مثل درويش
،الكون ساكن
باكتمال مشنقة تحت الشمس
وكلّ ما يدور
.يدور في رأسي
*
بسكّين
،أفْصُلُ صورتك عن خلفيّات المدن
يتبعني عتب
.بملامحك وصوتك
كأنّني ساعي بريد
.أطلق الرسائل طيورًا
،أمرّ لأنسى
لكنّك الذكريات
.على أرصفة ونوافذ
*
العتبة والباب العالي
.في البيت الذي بلا نوافذ
،الجدران ما يسترسل من نسياننا
.كلّ خطوة وقفة عتاب
هكذا هي الذكريات
متاحف من ظلال منازل
والعاشق القديم حارس
تفلت من بين كفّيه
.كافّة المفاتيح
ليس النهر أسطورةَ سوانا
،نحن اللذان نقسو لتتعادل دمعتان
وليس العالم قطارًا تحت المطر يغنّي
.كي نطمئنّ إلى وصول
*
الملاك الذي من ابتسامته القوس
،وقلبه وردة من ورق
الذي يلملم زهر التائهين
،بأهدابه من فوضى الشوارع
حامل مسلّة النهر
،كطفلة بين ذراعيه
،نادل أقداح المطر
.ساعي بريد الدموع
الذي كانت شجاراتنا تضحكه
،كمن يقف مطمئنًّا على كنز
كيف لا ينكسر مثل تمثال
الآن وقد صرنا رمادنا؟
*
،نيشان نجمة
.معطف لطفل يفتّته البرد
،طُعم لبحر لا يعلق بخيط
دمع من قشّ
.هشّ كضلع تحت المطر
على طاولة في دخان مقهى
فوق مَقعد من رحلة قطار
تحت سَجّادة على عتبة
.وسط أشواق قديمة
كما تُنسى علبة كبريت
،مثلما يُهمل حنين في حقيبة
قلبي الذي أضيّعه وأضحك
.كمن بوسعه أن يحبّ وحيدًا
ورد بلديّ لشارع حزين
1
بدستة من السنوات الزاهية الذاوية
.إستبقنا التعاسة يا نانيس
،على جلد تمساح أليف
.بخطًى مع الطيور خادعة
.قبل صغارها حاملي الحصى، وصلنا
،دموعنا دروع
في عيوننا الوادعة
.شبابيك ترشُق الشوارع بالورد
."على كَتّان لافتة، كلمة "صحراء
،محاكة بخيوط يابسة
بخطّ يدويّ يضحك
.لأطفال البدو الطيّبين
المقهى مصابيح متأرجحة
مشانق لدمًى ومباخر
حصان من الخزف يلمع
.لوحات من حولنا تحوم
،شاي أسود على شرفة واطئة
.شهيرة تشرح الحبّ
،الباقة بيننا
شيء في أشواكنا يصغي
.بيقين ينابيع
2
ميدان لاستعادة مقهى
،من عصافير عيوننا
لاسترجاع بضعة أشجار من نبضنا
،وعاشقين يحدّقان بنا
وبين الحبّ وبيننا
بلد من البلابل البالية
وبلاد دمع ورمل
.ورايات ملطّخة ومناديل
،لرتق ظلالنا الظامئة بخيط نهر
بمشوار برفرفة لفافة
،أفلتت مومياءها في العراء
كان لا بدّ من عُكّاز ربيع
وإبر لا تبرأ بوخزها
جراح باقات محلّ الورد
.في شارع الثورة الحزين
،لكنّ الأمكنة كمثل ماء في الكفّين
كالعمر المذنّب المذنِب
وأعواد كبريت
.لم تدم بين أصابعنا نجومها
كذلك الحبّ الأوّل
وشبابيك الخشب التي
كلّما هممتُ بتذكّرها مزهرةً
ملاك بمطرقة على روحي
.قَطَعَ الشجرة والطريق
3
على قلق واسع
.مقاعد من الخيزُران مورقة
،ممرّ بقناطر أشواقنا
.حقائب بحمولها على أوتار
.أكواب قهوة بعطش حساء
ضحكاتنا خافتة
.كبضعة عصافير على بلكونات
وسط الفَناء
.نافورة تغنّي
اللحن أصداء مطر عتيق
.بئر تضيء ملامحنا
لكنّ ابتسامتنا
.كمثل فُتات على مجاعة
على كنبة متوسّلة لخريف
.وجه العجوز يدمع ويدعو ويُدين
.أعمار في صُرر مصفّرة
عيون كواكب
.على بريق أحذيتنا
،حفاة بلا أسماء
بأسمال عابقة
.تتساقط بتَلقائيّة مطر
بين المدينة وبيننا
.بوّابة من عتب
4
البوّابة الخضراء التي
.في مرآتها شجرة تضحك
بضعة سلالم حجريّة
.قرطاسيّة برطوبة بئر
دفاتر مورقة
.باقة أقلام لأيدٍ ملوّنة
هاتف رماديّ على رفّ مائل
يحفظ أرقام منازلنا
ومثلنا تخيفه أصوات الأمّهات
موبّخة تأخّرنا
.عن المناسبات العائليّة السعيدة
الكشك الأزرق في زاوية
كزنزانة فالتة
.من سيّارة لنقل السجناء
شبّاك معدِنيّ معتم
منه قطع الشوكولاتة الذائبة
.وعلب السجائر والكبريت
عند المفرق
،بائع الكتاكيت الكريه
من طفل حاسر الخطى
.إلى وحش خاسر على طريق
تلك الأفراخ المطليّة بأصباغ رخيصة
كيف على شوّاية مشتعلة تركناها
تتقافز بحُرقة دموعنا؟
.الكنّاسون بأهدابهم الطويلة
.الضفائر المطاردة لمراييل
،بسطة الجرائد المجنّحة على ناصية
المقهى المصافح لصباحاتنا
.بسهد بين الأصابع
ضِفّتان من فضّة
والشمس تكاد
.تلامس الأكتاف
5
ناس على جسر
.هفيف من الأهداب الزاهرة
،آذانُ مغرب
.وآذانٌ مُطرقة لتسبيح يمام
تنهيدات عالقة في بالونات
كواكب بأنفاس أطفال
عريشة مرفرفة بغزل بنات
.تلويحة من سكّر ملوّن
ماسح أحذية
.محنيّ لالتقاط عثرة
عربات سارحة
.بمشاوير مومياواتها
.رجل يعبر الشارع بقفص فارغ
كناريّ يصدح
.كملك منتصر عن الشرفة
.عجوز تتعكّز على صورة من صباها
.عشّاق يورقون على مصطبات
،باعة مناديل بين رصيفين
نخيل ناعس
.لا يلامس يقظة المراكب
من يشتري الورد؟
من يبيع الصبر؟
ومن أين لأسفلت
تدوسه الأحذية عجلى
بكلّ هذه التيجان من النجوم؟
6
،ساق على ساق
.يدان من تراويح الورد
الحبّ جالس في مقهى الماضي
،يرشف الظلال من كوب شفيف
بمزاجِ عاشق
.يدخّن الشيشة
.وحيد كما عهدناه
.وجه جامع لعصافير
في جيب سُترته
.رسالة على نبض منديل
ذلك السياج الخشبيّ
،صار أشجارًا
أغصانٌ أزهرت
،من طاولتنا ذات الجذور الطيّبة
.والرجل الأنيق في ركنه
بطمأنينة نيل
.وطيور لا تهاجر
ملاك من فتات ابتساماتنا
.أرخى القوس والأجفان
7
بجسارة دمعة
.عَبَرَتِ الجسر المسيّلَ للدموع
بوسع ابتسامة
.تفتّحت ناسًا ملء ميدان
نادت على الأحلام المنسيّة
.والسائرين نيامًا
أيقظتنا على عصافير
.تنقر العثّ عن ظلالنا
.علت رؤوس وضحكات وأعلام
علّق العالم عينيه
.شمسًا وقمرًا
ثمّ سال في شوارعنا دم
ورسمتُ حمامة تحطّ
.على رأس بنت سمراء
ثمّ سال في شوارعنا دم
وشجرة أكثر من أمّهاتنا أحببناها
.اشتعلت شمعةً على شاشة
،ثمّ سال دم كثير
ونأيت بنفسي
.بحضن فارغ من ظلّي
8
،بمنديل الستّ لوّحنا
للحبّ
.لمراكبه المتلكّئة المرحة
بمنديل الستّ
.أصبح لدينا شراع
.من الملح جفّفنا وجوهنا
.ضمّدنا جراحًا تضحك
رفعنا العلم عاليًا
.ثمّ الراية البيضاء
،ثمّ مسحنا الوحل عن أحذيتنا بمنديل الستّ
وبأرواح مبحوحة
.أكملنا السير صامتين
9
لفرط الدمع في الشوارع
.بين أرواحنا نيل
،قارب قمر
.نجوم نيلوفر
.سمك بلطيّ وسط الخطى
.رفرفة نَسْرٍ محنّط
،وجوه بينابيعها
وما من تلويحة
.ببشاشة حمامة
على الجسر الذي
،كنّا وسط قوس نصره نغنّي
مسلّحون بلباس أسود
.ملتصق بالجلد كجُذام
على أسطح الأقمار البلاستيكيّة
،قنّاصون على أكوام من القشّ
صبية يرجمون الأفق
.بجلابيب قصيرة
.جثث تُسحل دون ظلالها
يأس يتراكم
،كعمر أمام أعيننا
ولسوء طالعنا
في أطراف معاطفنا أطفال بكّاؤون
لا يكفّون عن مطالبتنا
بـإعادتهم إلى ضِفّة الماضي
.على متن مراكب من ورق
،لكنّ الطَمي يثقل أحذيتنا بأقدار جذور
والكأس التي في أيدينا انكسرت
.أكثر من وطن
آخر الغرقى
،عصافير عواميد الإنارة
والمؤذّن الذي
كملاك مبتسم على مسلّة
.يفتّت كفّيه ليمام
لسنا طيورًا
.لنرفرف فوق الطوفان
،لا عصاة في يدي
وما من شجرة صامدة
.ليتعكّز على زهرةٍ طريق
10
شجر بكثافة معنى
.زهر يهفو على أهداب عميان
:هكذا الربيع في مثل أرضنا المريضة
جذور عاجزة
.عن قراءة أوراقها
كم أبكانا
،رماده المتطاير دونما طيور
ذلك المقهى الملوّن
.مثل عصفور بريشة طفل كفيف
في عينيكِ الناعستين
أرى الجميلة أمّك
.مسجّاة على زهرة
.أرى أباك مبتسمًا كزورق
كما لو أنّ في الضفّة الأخرى
.شفاء من الأمل
كأنّما المحاجر
مقابر جماعيّة لأقواس قزح
أفلتت من بين رموشنا
.ألفة فراشاتها
في غبش المرايا
لا أبصر إلّا أشباحًا
تشبه شيئًا حزينًا
من حطام بلياتشو على أرجوحة
وأعقاب سنوات
.في منفضة تفيض
في النفق المديد
.ندرك قِصَرَ قاماتنا وأعمارنا
لسنا من ورق
،لنتساقط بمثل هذه البساطة
لكنّه الصفصاف يتعرّى
ووجوهنا شاحبة
.كشارع لا ينتهي من خريف
11
نهر كهذا
،لا يكذب
وإن كانت الزرقة
إنعكاس سماوات على دموع
والشموس نفسها
.لتماسيح بفكوك ضاحكة
كأنّما المراكب
،ظلال غيم يتلاشى
والأغاني القديمة بين ابتساماتنا
أصداء غرقى
.لم تسعفهم حبال الصبر في المواويل
هكذا وقعنا في الفخّ الأوّل
والحبّ الأوّل
وشِباك المنازل المأهولة بدمى
.والمقاهي المضفورة بنبض مدينة
توهّمنا العالم
يقايض ضحكاتنا القليلة
.بفرح لا يستثني صحراءَ أو حصاة
وهبناهُ حصّتنا من الزهر
أبهى ثيابنا
هالات هيّأناها لملاقاة الحبّ
.على شرفات ومفارق
قلنا: هذه هدايانا
.لإخوتنا والأشباه
لكنّ القطار مرّ من أمامنا
طويلاً متقطّعًا مثل كابوس ظهيرة
فارغًا إلّا من أكياس شفيفة تبتسم
بكدمات في الملامح
.وثقوب عميقة في الأرواح
نهر كهذا
.لا يكذب
12
ورق أصفر
.على أرصفة مصر الجديدة
،قرطاس قصر
.برديّة قمر
خريف كثيف
.كفصل أخير من رواية
،جثث مغطّاة بجرائد
.توابيت بخفّة يافطات
ملاك من الكرتون الأسمر
يصدّ العاصفة بقصيدة صدره
عن ملكة ليل
.تتساقط في حماه
خرائط تتطاير
طوابع بأسنان مكسورة
.ضحكات تذاكر سفر
شهادات وفيّات
تكفي لكسو شجرة كافور
بأسماء شهداء
.دون الأربعين
كأكفاننا بين أكفّنا
.باقات باهتة متيبّسة
،جفّ الورد في دواوين أيدينا
.الرماد أنبت بيوتًا لا تعرفنا
نخيل وبنايات
.على صفحة نيل لا تُطوى
علبة كبريت مبتلّة
.دفتر ممزّق في جيبي
...ليس الوطن بألوان بطاقة بريديّة
،رسالة طافية في زجاجة
.قاهرة من ورق
مدينة المطر المتواصل
هذا اسمك الذي
.لا يكفّ عن تَكراره المطر
،وهذا وجهك الذي يحبّني
كبحرٍ نحوي
.وأنا دمعة
وتلك يدي
،يدي التي لن تعود أبدًا إليّ
.وكأنّها لم تكن يومًا إلّا رسالة
*
.لطالما حدّثني عنك المطر
،بنبرة عالية من نوافذ
بهجس جذور
.بخطوة من ورق
.في المصعد عيناك عليّ
.في الحلم أنت مدينة بألوان ماء
فوق ضحكتي والشوارع
.تحت مدية على مدى
وجهان دالهان وسط ليوان
نجمة تعلّق أقدارها على رقم
والمجد ليد تجرؤ
لملاك يكتب رسالة
.مليئة بالأخطاء
*
،الشمس نجمة تحت جسر
.القمر حجر يرشد الشوارع
أقواس أيّاميَ ترسمها
.ضحكة بين أهدابك
مدينة مرصوفة بعمرنا
.مشاوير تطيلها ظلال
نهر بين الشفتين
.يتلألأ ويروي الحكاية
المطر مرآة صوتك
.وأنت تتأمّل المطر
*
وجهنا في النهر
،ضحكتنا مركب مدينة
نحن الواقفان على جسر
.بكتفين سافرتين
،بلا وردة في اليد
بشبابيك زرقاء تتلألأ
.بدمع يكحّل عيوننا
قطرات ترسم الدوائر
.كالحصى فوق ملامحنا
عبثًا يحاول محونا
.المطر الغزير النسيان
وجهك في النهر يضحك
،وجهي لوهلةٍ نحو النجوم
ولفرط ما أحبّك
.أنحني لسماء في الوحل
*
.كمن ينهر نهرًا
كمن بعصفور يصيب
.وجهين من حجر
هكذا تركنا المسوّدة في الحقيبة
والحقيية في القطار
والطفل ذي المعطف الخفيف
.وحيدًا تحت ساعة المحطّة
،مثلما تكتمل عارية في لوحة
كما يمّحي رجل ثلج
.بتلويحة بأصابع صغار
*
تمطر في قلبي
.كما على شوارع المدينة
الليل أصداء حوافر
.عمري عربة عابرة
خلفك نافذة مفتوحة
.مدينة يرقّطها مطر
ملاك دون مظلّة
.بمخطوطه أمامك
،ضماد دُمية في يده
.ساعة جيب معطّلة
باريس، 1991
كدمعةٍ في عيني
.عريك يكسو العالم
*
البارحة وعيناك تضحكان
.روحي أرجوحة نحو النجوم
،هيكل شمس
.هالة من مقاعد عشّاق
،على عتبة الفندق الساكن
.تحت قبب المتحف المهيب
أقراط بماساتها تتساقط
مسلّة تتسلّى بعدّ العابرين
أصداء مقصلة تعلو في الليل
.لا أحد يبكي في الحكاية
وحده البرج في الكوكب الثلجيّ
كما في الصور
.قفص عصافير
*
،على دمعتنا علّقوا مصابيحهم
.أولئك الذين ليلهم عربة فارغة
لكنّنا على الجانب الناجي من الجسر
.كملاك بوجه رزين
عدا المطر
.لا أصدقاء باسمين بيننا
*
.الفأس أوّلًا، ثمّ يأتي الملاك
عصفور من الغابة
من النهر
،من المدى
من نافذة المقهى المفتوحة
.في مدينة المطر المتواصل
هذه التي لنوافذها
.لون نهر مضى
*
،الجنود دُمًى من رصاص
والرصاصُ رصاصٌ
والدمُ دمٌ
،أحبّك وأنت لا تعرف شيئًا عن عذابي
.أنا الملاك الفضّيّ الرصين
أغنّي لعلّني أولد
.أغنّي لأنّني أموت
،أغنّي كأنّني لم أولد
.أغنّي وكأنّنا لا نموت
في القارّة الأقصى
،صوتك أقلّ
:كلّ ما يعصف بأغصانك عقابي
الرجل الناقص
صغار العيون الغائرة
.وصديقتك التي مثلُ فأس على كأسنا
.عبثًا أحدّثك عن المطلق
العشبة بك تعلو
.تعيدني عَنوةً إلى ترابي
،لا مطر لأغسل سقوط العالم
.لا غربة أعمق من أن أحبّك
.للصفصاف أن يتعرّى من راياته
.للثوّار أن يصرّوا على صوابهم
،لنصف قمر أصفر أغنّي
مثل هذا الخريف
.لا يُسْقِطُ سواي
للحسرةِ ما في شجرةٍ
،من دواوين شعر
ومن العشيقات
.ما لا تحصيه شموع أو أصابع
...كم من الأبواب والبدايات بدّدنا
،كمن يمتلك الأبد
.وغدًا يوم أخير
سيأتي العشّاق القدامى
سيأتي العشّاق الجدد
وقلبي منديل على مدًى
.كأسٌ على حافّة مائلة
،لو أنّك سواك
.لو أنّني غيمةُ غيري
لو أنّ ما بيننا
.أعمق من الهوّة والهالة
كيف أُصلح ملمحًا من مرآتنا
وقد جفّ الصلصال على جرح
وصرنا صورتنا الموصدة؟
.لستُ مَدينةً لأَدين لأحجار
،أنا البحر المغادر في كلّ لحظة
الأزرق الغادر
.لولا دموعي
على عُكّاز
،بخطوتين دون الأربعين
،على درب معبّدة بضلوعي
لأشياءَ لا تعرفني أغنّي
لعلّني أعرف كيف ينهض طائر
.من رمادك
الزّاهرات العواتم
ها هي البلاد تتفتّت
.أرغفةً يابسة تحت المطر
.لا بأس
الأصابع واهنة
عصافيرنا عطشى
وأفواه بأعداد مهولة
.بأسنان بهشاشة أوطان
وإن غدا أديم الأرض الغاربة
بيت المعرّي بين أقدامنا
وصارت خرائطنا مراكبَ ورقيّةً
،لضحكات في أكفان
في عينيك زاهرات عواتم
،بهالات هدايا تحت شجرة ميلاد
وفي دمعتي وكأسي
.ما يفيض عن حاجة غريق
*
لفرط البحر في الحكاية
:كلّ ما بيننا ملح على جرح
القمر الواطئ
الجِلْد على الجِلْد
الجثث الطافية والرايات
،الأزرق المراوح مكانه
والماء في مثل قصّتنا
.لا يروي
*
لصقيع الفجر أبتسم
.كما لصديق قديم
،قلادتك طائر في عنقي
.نصف ملامحي في مرآة
مثل هذا الليل حصان
.حوافره تحفِر روحي
بهذه الأطراف الطافـئة
كيف أُحْصي كم أحببتك؟
*
لمقهى الأقدار المتقاطعة
،قلبُ صفصافةٍ على رصيف
وعيونُ عصافيرَ عاكسةٌ
لشارع كنّا
.تحت ورقه الأصفر عشّاقًا
.على أطلال أقف
حيث الطريق أطول من طفولتي وشالك
،وعُكّاز الكون شجرة لوز مزهرة
مُسرعةً تعبرني سيّارات الضواحي
.مواسم الكراسي الموسيقيّة
*
.باريس مطر يتساقط
.ليل موحل، شوارع ممحوّة
شجر فاحم لفَرط وحشته
.بلُعب الورق يتسلّى
لو أنّ يدًا تعلّق نجمة ما
.على شجرة الوجود
.في بهو الفندق المُعْتِم، أفاجأ بوجهك المفتّت
جالسًا أجدك
،على مَقعد عتيق
،متدثّرًا بعطر عاتب وفراء
بائسًا ومبتسمًا
.مثلَ ملك على دمعة
،لولا العصافير على أكتافها
من يحدّث التماثيل؟
*
.غرفة بغموض غيمة، ممرّ مضاء بك
أمام الأبواب الخاطئة، ماذا نفعل بمفتاح؟
،صوتك بَوْصَلتي
.ضحكتك تضيّعني
.باب أبيض، سرير ونافذة
.أقنعتنا على الأرض
،ملاك الحبّ يضحك
عاريات ماتيس
.ملء الهواء
*
.الجِلْد أعمق من العظام
من منّا جمجمته في المرآة؟
.حدّثني عنك وعنّي
.الخوف ظلّنا على هاوية
.الذكرى فاصلة في كتاب
.ما يؤلم، يؤلمنا الآن
*
الشجر وسن الشوارع
.ويداك مُدْهامَّتان
كأس ومكسّرات مالحة
ويداك عروتان تعرّيان الحبّ
.من شال أصفر حول عنقه
،لكنّ الكلام أكثر من نافذة
.لكنّ الكلام أقلّ من شفاء
،للمطر ألواح لازورديّة
لقمر الضواحي
،باقة ورد تحت البَرَد
وللملاك الكسول الذي تلكّأ كلّ هذا الليل
من غابة سان ــ كلو
،إلى ساحة المِقصلة والمِسلّة والحمام
عذر المسافة الماطرة
.وساقان من ورق
*
.لك البرج الذي يزهر، على عشب، دون جذور
لك الضِفّة الأجمل بأشجارها
وعازفو الكمان الموزّعون
.كقنّاصة بلادنا، على أسطح زرقاء
،زوارق الضوء لك
والسيمفونيّة الثانية والأربعون
.تلك التي لم يعش ليبصرَ عصافيرها موزار
لك القمر في بصلة محلّاة
.لك الشمس في باقة عاشق
،لك الأغاني الحبيسةُ حتّى تَفَتَّحَ وجهُك
.لك حُضنة العصفور
ولك بداهة نهر
أنت الذي بأهدابك تنقّي
...وجهينا من الغيم الحزين
*
في الساحة القريبة
.ملوك محفورون على حجر
.وجوه متماثلة، يلطّخها روث الطيور
كم هو وحيد في هذا الليل
.ذلك الملك الشمس
،على حصان ساكن
...وعلى رأسه حمامة
*
أيقظني مطر لأراك
.شجرةً تظلّل حطّابي
...قلتُ: بين بِلّور وضباب
.لكنّ ظلّي أخذ يبكي
خَشْيَةَ أن تتساقط دموعي
،كأطفال أمامك
.قلتُ: أنا نهر
*
لك لين صلصال ملوّن
.بين أصابعَ صغار
أيّة يد تأخذك
.تصنع منك ما تشاء
.بيت
.آنية زهر
.حزن من خزف، بزخارف مبهمة
،كدمعةٍ على العالم
مثلُ مرايا مهشّمة
.بين أجفان مِشْكال
*
باريس مطر يتساقط
:وها هم يسقطون معًا
.الطغاة، والأطفال المطمورون بثلج الطريق
،اللغة من حجر، اللغة معلّقة
وليستِ النجوم مدافئ
.لملاجئ ترتجف على الحدود
كلّ هذا الليل عيناك
:وهذه حصّتي من حصّالة القمر
قصيدة بصوتك المتّقد المتردّد
.أعلم أنّك كتبتها لسواي
كلّما أهديتك كوكبًا
،الرابعة والربع فجرًا
:بيروت بعد المطر
شوارع بعيونِ غرقى
ليل مورق بـإشارات مرور
كلب يتعكّز على كتف ظلّه
بائعة مناديل
.بسبات مصطبة على رصيف
،"رقّ الحبيب"
وأشواق بـإلحاح أطفال
.متشعلقين بأكمامي
.أتّصل لسماع صوتك
...رنّة، ومضتان
.الوسن ملاك يكلّمني
*
لطالما طاردتْني
في البلاد التي لم تبادلني وردةً أو كلامًا
.هذه الشوارع الممطرة
،بقطعة قمر من طبشور
بزهر بنفسجيّ
.يبتسم لكعوب عابرين
سنوات من الأوتاد والأوتار
مقاعد بين المنافي متفرّقة
مُتحف بمنمنماته ملء روحي
،ظِلّ ظَلّ على الأسفلت طفلًا
مدن وناس من أسمال الدمى
.غرفة سوداء تسعها حقيبة سفر
.ثمّ جاء وجهك من أرض غريبة
.حدّثني عن الحبّ والأشجار
.بكتاب بيننا، كشف أوراقه كلّها
ضحك لي
.كما لم تفعل نجمة
*
الذين أصغَوا، سمعوا دمعةً
.وأسرعوا نحو الينابيع بمناديلهم
،وجدوا صفصافة تضحك
وجدوا أنفسهم
وسط ورق أصفر
.نصفه في الماء نجوم
...لو صدّقوني
يا أصدقائيَ الطيّبين
،كأهداب أطفال على عصفور يتألّم
حيث المعانيَ نحنُ
كلُّ نَدْبَةٍ نافذةٌ لنور
والعاشق بحر
.بوسعه أن يكون ما يشاء
*
كلّما هممت بهجرانك
:إستوقفتني زهرة تسأل
أحقًّا تصل الأنهار؟
.لسنا أسماءنا
جِلْدي صلاتي
.وجهك الكتاب
،وردة النهايات التي تربكها تقطيبة يديك
هذه التي كانت في أرضها الأولى بئرًا
يعرّيها عطر
،كما يخلع إنسان كلامه
لأيّ لهب تَهَبُ ذهبها؟
:إثنان، كلّ آخر ثالثهما
،البحر الذي لا يكرّر نفسه
وزهر لوز برفّة معطف
.من كتفيك حتّى الركبتين
*
،لا اللغة ولا الطيور
.وحدها الغيوم حاورتني
في الغربة
،وشّحتني الأغاني
وكنتُ كلّما أعبر جسرًا
.أفكّر مليًّا في أنين الأشجار
كيف أكون جلدك
والجرح بيننا أرجوحة؟
،أعرني دمعتك لأراني
.خذ خطوتي
لنختبر لمرّة
.ما تكابده مرآة
*
من كُتْر شوقي"
"سبقت عمري
لكنّ الدرب على قدميك
،رحلة مركب يتلكّأ
أنت الذي تقتسمك المفارق
وكلّ كأس في يدك
.نداء غريق
،أيّها الغريب في متاهة من الورد
يا من تشيخ لأجل الحبّ
،بعيدًا عن أهلك
أنت النهر نفسه الذي يهدر
.كلّ مرّة في رمالي
*
.كلّما أهديتك كوكبًا، كسرتَه
،القمر الخامس ونُدْفة الأرض
وتلك الأسطوانة المغلولة
.بأحرف ذهبيّة ذائبة
.كما يعبث طفل بلعبة
مثلما يلعب طاغية
.بوطن وأطفال
،النجوم حصًى صغيرة في جيبي
رامي السهام نحوي
.ملاك بأكمام واسعة
بجِلْدي، بتقطيبة جرح
على دروب لا يقوى على قطعها
.حزن على ساقين من خيزُران
ألا تضجر من ضربة الفأس
والدمعة عينها؟
ألا يكفي ما فعلته بضحكتنا هذه البلاد؟
*
حيث لا ارتواء
.واليأس فأس لا تَكْسِرُنا
مثلما بأهدابنا نسافر
.بمجاز نهر أو سحابة
كما نتلمّس الماء بلا دمعة
.بسياج مائج من ملامحنا
لكنّ الضفاف لصفصاف وبيوت
.والعاشق جسر
*
بتأويلات لوحة
.يتّسع الليل
،توقيع غامض لا أتبيّن رموزه
تاريخ يتغيّر
.متتاليًا مثل صفحات روزنامة
.النجوم حمّالة أوجه
.للنوافذ حصّة الرذاذ من أرقي
.شجرة تحت المطر تتعرّى
لو أنّ يدي فرشاة
،والملامح فراشات
لو أنّ أطفاليَ الورقيّين
.ألوان تطير
لولا الجوهرة في الدمعة
.لما كان الانكسار مزدوجًا
*
،هذا وجهنا بعد العاصفة
.الورق أقوى من الجذوع
كنهار لا يكفّ عن النسيان نفسه
سها عن صورتنا النهر
.مهرولًا بركام مدينة
ترك بَوْصَلةً على ضفّة
بطاقتين لحفل مضى
وصلةً من أصداء أليفة
.وشاحًا من أصل منديل
.لسنا وحلنا
ثمّة نجم
،كملاك واجم فوق الغيوم
بين جناحيه يكتم ضحكة
لطفلة في حضنك ترسم نفسها
.معقودة الحاجبين
*
أيُّ حوار بين غيمة ونجمة؟
وما الذي بتَكرار الكلام
بأكثر من نغمةٍ
تحاول أن تؤكّده
لليل يجفّف جناحيه كخفّاش على حافّة شرفتي
جوهرة لا تنكسر في حَنْجَرَة أمّ كلثوم؟
منذ مطلع الأغنية
،وأنا في رجاء رسالة
والنجوم أكفّ على أحبار تلوّح
.تمامًا كما يرسُمها الصغار
من أدعو إلى طاولتي
والأرق قطار فارغ؟
.لشبح القصبجيّ مَقعد شاغر
عروش في روحي
.لرامي الذي عاش عاشقًا ذليلاً
.نصف الحكاية دمعة
كلّ الحكاية
وجهك الذي لا يرويه نهر
وضحكته مدينة
.لا تتذكّر أحدًا
ملائكة الألوان المائيّة
1
من رخام الخطوة
،إلى مِدفأة فارعة المرآة
جدران بلون صوف على صيف
.سقف يعلو بعصافير بيضاء
مصراعان موصدان على مدينة
صورة لأحضانك بوجوه صغار
والهواء ملاك فاغر جَناحيه
.مروحة حول ملامحنا
،صفحتان من كتابِ نافذة
.نصف سطورنا نور نافذ عبر المسام
ضحكات أشجار إلى عروقنا تتسلّل
.في نسمة جسر ترتق الشوارع
.باريس عربة هدايا تضيء أعيننا
حارس وردة وسط سرير
،سهرنا الذي لا يأخذه يباس
والحبّ طفل مجنون على عناقٍ عارٍ
.علّق عنُقَه بوتر
2
بأغلالٍ مضفورةٍ بظلالِ أغصان
،تؤلمنا الجذور
والشجر في غير أرضنا
.أخضر يضحك
بعضه أزرار في أكمام نهر
.كلّه زهر يضيء الشوارع
.أستيقظ كبلاد على رمادي
.أستيقظ كرماد على بلادي
،بلادنا الحزينة
بلاد العيون والأعمار العارية
بأبواب مسجّاة
.على سطر طويل من حطب
في زاويةٍ، ملحمةٌ على نصل مدينة
طاولة من صحنين متلامسين
شمعة زجاجة ومقعدان خشبيّان
.لغريبين بوجهينا
،سواطيرُ تلوح
.جزّارون بسَمْت ملائكة
.لون آخر للدم
3
:برميلانْ
واحد للسُّلوانِ
،آخر للضحك
وسلالم خشب مخمور تطول وتـئنّ
.كلّما هبط إلى قبو الحانة ملاك
كيف يضيء كمان
كنجمة على كتف؟
ما الذي يُعْتِم دموعنا في الجيوب؟
وبغير حضنك حول كوكب
هل يُشفى من نفسه غريب؟
هواء واشٍ بوهَن أجفان
سَجّادة معتّقة بعقيق عابرين
ريش على مدينة من مرايا
عصافير زُقاق
.تدرك ظلالها
بين السقف الشاهق
وألواح زجاج بملامح زحام
.وجه مضاء بك
أوسكار وايلد الذي يشبه كلّ غمامة ونبع
.عدا نفسه
ذلك الذي مثلك
.عاش عدوًّا لنفسه
.غمّازتك زهرة على خدّه
بين شفتيه قطرة من نبيذك
تروي ما في صورة مصفرّة
.تُخفيه تنهيدة من أبد
4
.نُدْفة ثلج على صيف
زهرة لوز
.هكذا لوحدها
.منديل يحدّث ملاكه عن حجر
نورس نهر
.جَنَحَ بعيدًا
،الفندق الصغير ذو السقف الزجاجيّ المطير
بشبابيك بصُلبان خشبيّة بلا أنبياء
تصفِق مصاريعها في فِناء غائم
على أمل عصافير من إطاراتها تتطاير
.بعيون متلصّصة على طاولتنا
ركن متوارٍ بأعواد خيزُران
أريكة لزرقة عاشقين
.أصيص من حصى
،صحن نُفرغه
.كؤوس تملؤنا
كلّ قطرة على أجفان القرميد
:حمامة متّشحة بكحل مدخنة
وسادة بفضّة عيوننا
معطفك المتطاير في عاصفة عناق وسط مطار
قميصي وقد نقلتُ إلى أكمامه
.قصيدة يديك الصامتة
5
ليل، والقمر قُمريّة على قشّ قرميد
.نهر وملامحك منديل يلوّح بروحي
،ألف طفل في عينيك يضحك
ووسط قلبي طفل في السابعة من نبضه
.بطرف ظلّه يجسّ الطريق
في محلّ الأزهار
.أنت الورد
في دكّان العطر
.وحدك الحواسّ
وسط مكتبة عتيقة على شفا نهر
.خطوتك شجرة من أشباح شكسبير
بحَفنة تمثال من رماد كنيسة
:رسّام رصيفٍ يسألني
أليست الرحمة
أعظم من الحبّ؟
،عصافير بحبرها
.أنت وأنا
أنت أنا
.وأنا أضحك
نجوم غزيرة
وباريس بسروة إيفل
لوحة تعبَثُ بأقدارها
.خيوط مطر
6
بقطرات أشواقنا على سلالمَ خلفيّة
بأصداء عصفور من رذاذ
أصواتنا مفاتيح نهر
.أكياس تكلّل أيدينا
عريشة شمس على باب وجدران
على قطع أثاث قديم
.وأقواس أعيننا
البيت مروحة من نسيم ستائر
بوسع أغصان
.خلف الزجاج غاربة
.قميص بنفسجيّ كرسالة وسط سريري
على رفّ الموقد
.زجاجة نابضة بعطرك
في الشارع الملامس لملامحنا على نافذة
شجر كستناء يغلق شبابيكه
يمام قرميد إلى قشّه يأوي
والليل طفل ناعس سهران
.في بيجامة منقّطة بنجوم من حرير
لمسائنا معًا مسامرة سجينين
ألفة ناجيين من سفينة في الأعماق
.دفء عنقود من حبّـتي كرز
لفرط ما السعادة ابتسامة بروست بين كفّيَّ
قطعة من الجبنة بعود خشبيّ من حنانك
استكانة سمكة سلمون لعصرة من الليمون
وجهك الساهر على وسني بعينين منهكتين
،مصباح أصابعنا المتشابكة في الممرّ المعتم الطويل
العالم في مرآته لا يعرف من يكون
هذا العاشق الذي ملء حضنه
.ضمّة ورد
7
هذا وجهك
،قلادة على مدينة غاربة
وهذا عمري
.كأس طلّ
،ألوان لأوّل مرّة تبصرنا
وها هو الليل الذي لا يعرف سقفًا سوانا
عن الساعة يسألني
.عن حانة يطول سهرها على الطريق
سرب سروات حارسات لخطوة
خاتم جرس بين أصابع أغصان
وسادتي استدارة القمر في كتفك
.حصّة هلال من زهرة آفلة
في مقهى المرايا المائجة
:خطر ببالي أن أسألك
لماذا العابرون كربيعنا القاني على جسر
همُ الأجمل؟
لكنّ ألواح الخشب الشاحبِ
،لوّحت بالتماعات فأس
.بعصافير أصيرها حول حزمة من حطب
العمر سائح يلتقط أنفاسه في ساحة ضحكتك
.والدمعة ذاتها لا تذرف مرّتين
8
عشّاق من ريش
.بريشة ذلك العاشق
،أكمام ساهية على أزقّة
.باقات شمع حول منازل
أسطح رماديّة تتلألأ
.بتبر يتقاطر على مدينتنا
على شمس شوارعنا الخلفيّة
،أُطِلُّ بنظّارةِ نافذة
من طابق أخير لمتجر
.منه أوّل قمصاني
لمعاطفه أَدين بخيط
،لا يخطر ببال قدر
حضننا وسط مشاجب
.كأغصان يجنّحها ثلج
،حقيبة بعجلات متباطئة
.طفلة تجرّها يدك
جوارب ملوّنة لدروب
.تثقل دونك خطاها
.نصف يوم معلّق
.صيف أقصر من ظلالنا
كم على تلك الضحكة مضى
من أسوار أعمارنا؟
كم من الوردة تبقّى؟
كم الساعة في نَبْضِنا؟
من شرفة شاغال على مدًى
إلى موقف السيّارات السحيق
حيث دمية قبو تبتسم
.لوقع أقدام على دموع
عشرة عصافير في اليد
1
ماذا لو أنّ هذه النجمة
عود ثقاب يتيم في يدي؟
لو أنّ ما قطعناه من الدرب
هو الدرب كلّها؟
لو أنّ وجه من أُحبّ
لا يعرف ويبتسم؟
ماذا لو كانت هذه اللحظة
حافّتَكَ أيّها العالم؟
2
دُميتان من قصاصات ورق
.دمعتان بين ندًى وجليد
،ورد أصفر يتبادل الأيدي
ظلّنا على ليل
.جسر مُرْتَجَل
إلى أين نذهب
والنهر نفسه نبض توقّف؟
لا مقهى ولا حانة
.ولا شريطة شارع حتّى
على كتفيك رأسي
.ورماد قمر يضيء
الكلام بِحَيْرَةِ أقفال
.كأراجيحِ أطفال على حقائبك
هل انتهى العالم؟
،صوتك صدى عصفور
.وجهي مصباحك
صامتان وصغيران
.كنصفيْ عود ثقاب
ينابيع بألوان عيوننا
وما من ريشة
.بغمزة غمامة
3
،الأقدار بأقنعة مدلّاة
.الأرض أيقونة تتلألأ
أيعقل أن تكون خشبة خلاصنا
هذا المسرحَ المثقوب؟
.مطر لننقّط معطفينا مثل ليل
قميصان متطابقان
.لعلّنا بين قلبينا نآخي
صوتي بحر ناقص
.وجهك نصف محارة
ألم أقل لك
إنّ الأرض
حبّة غبار؟
4
.الأرض زهرة مائلة بين قلبينا
مجرّات عينيك
،مكان نظرتي الخاسرة
،صمتي في فراغ ابتسامك
.خطوتنا ناقصة
دوريّ على شُبّاك ضلوعك
.قلبي الذي ليس لأحد
لو قشّة
،لو فيء شجرة
عشرة عصافيرَ في اليد
.أصابعنا المتشابكة
5
النوافذ والدموع
تبر المقابض بين أصابعنا
الكراسي بأكتاف أبيّة
أرق الأسرّة والفناجين
الورق من أغصانه إلى أخطاء حبر
القواميس في رفّ من سنونو
الأقداح التي تُبادِلُنا الكلام والقُبَل
المعاني مهشّمة حول الأرض
درزة حرفين في نبض مريول
عصفورُ وسادةٍ مخطوطٌ على خدّ
خيط مسبحة عبر مجرّة
سلالم تتسلّق قامات قلوبنا
الصفصاف بمصابيحه الورقيّة على تراب
النوافير الفائضة بفِضّة أمانينا
الشمس والقمر في ميزان طائر
طَرقات المطر على مفاتيح بيانو
أوشحة الشوارع
المعاطف المبطّنة برسائل واجفة
الدمى مهملة في سقائف من غبار
.الأراجيح بضفائر لا تشيخ
:أشياء العالم الطيّبة
،الأغاني والأحصنة الخشبيّة
الحبّ كخشبة خلاص فوق دمعة
.الألوان كي لا ننسى أنّنا باقة
6
صوتك. هو. هذا الذي
،كما لو وجهٌ أحبّه
وملامحه مدينة ماطرة
.محفورة في كفّي
الذي بعينين مغمضتين أدركه
.وكأنّني طفل أطبق أهدابه على نجمة
نقطة حبر وسط سُلوان
طيور مهاجرة فوق نبضي
صوتك الذي لا يعرف كم هو مصباح
.وكم الحكاية ضفيرة بدفء أصابعنا
في شارع خلفيّ أحدّثك
.وشجر بألف أخضر حول روحي يحوم
مروحة حمامة
مُسَوّدة سنونوات
.غرباء على شرفة واطئة
وردتان في البال
.إحداهما جوريّة جرح
،أنت وأنا
وكلانا يعرف
.أيّنا حادي الأشواك
7
الليل والجسر والنجمة
.وصوتك الملاك النسّاء
هذا الذي بألف عصفور حول غُصّة
.برغبة جسر في أكثرَ من الكلام
من قال إنّ الحكاية وراءنا؟
على مصطبة على ضِفّة
.على وعد أعلّق أهدابي
،المارّةُ أشجارٌ
.قلبي طفل في قطار
بيننا المواعيدُ التي لا تجرؤ
السورُ الذي ليس قسوة
العالمُ والعاذلُ وألعابُ العناد
.قطعيةٌ بألوان نوافذ
،أكثر من بلد وبحر بيننا
.بيننا رماد المتنبّي في كتاب
8
الوجه الذي يشبهك في لوحة
.ساعةُ اليدِ النابضةُ بسنة ميلادك
،قوس قزح بين الصفحات
مرآة كفّ
.كتلك التي أسقطها في سيّارتي مطر
،في الليل الذي ليس قطارًا نحوك
.في خلاء المحطّة الموحشة كأطفال
.دمعتان حتّى حذائي
قفل أصفر
.يؤرجح روحي
9
ما يشبه وجه المسافر
.وقُبلةً عالقةً بياقة مطر
ما يطابق يقظة المقاهي
بأفياء من أرق طفولتي
وأطياف غابة في طريقي
.ودوّارة ملاك على تلّ
،ما لا ينطوي تحت جُنْح ليل
وجناحاي من وابل نجماته
.وأحباره ظلالنا على دروب
.ما جمع الأصحاب ذات مقهى
.ما فرّق قلوبنا الأولى
ما يدافع عنك وعنّي
،وعن بائعة الورد الجائعة
،وجثث متناثرة كندف ثلج
وبلادنا التي
.مثل صحراء ملء الجيوب
الحبّ الذي كالرحى على أصابع
كنقش حنّة في كفّ
وله الشمس بين رموشك
.وله بصمة دمعتنا
10
ماذا عن الخطوة والفأس
بعد مشهد النهاية؟
أين يذهب العاشق بشجرة ظلاله؟
أيبقى عالقًا في موسيقى البرزخ؟
أم أنّه من اليأس يغفو
خالدًا كوردةٍ سوداء؟
على ليل أسقط
.على مقاعد خالية
لفرط ما في الحلم بكيتُ
.صرتُ حَصاة نهر
،في متاهة النوم هَرِمَ وجهي
الحروب التي في منتصف موت تركناها
.تحاسب ترابها
ما بيننا من أصدقاء
:أصداء حياة سابقة
المطر والشجر
.وتلك الطيور
شتاء واحد
.كفيل بأن ينبت لي يدين لا تعرفانك
،وحدها نفسي التي تجمعنا معضلتي
.وهذه الأرض
ما ليس بوسع بحر
1
بوسعي أن أحدّثك عن الكراهية
.كمن تملأ قلبه مدينة سوداء
إلى أسئلته الأولى
،يعود العالم
.وحيدًا خائفًا من يديه
.ليس ذلك الذي بادر بوردة
2
من يوثق خطوته بمزاج مطر؟
من يتوسّم الرحمة في مِقصلة غروب؟
من ينكر مصباحًا ملء أصابعه
ليصدّق قناعًا بعينين فاحمتين؟
من الذي كلّما اتّسعت مساحة حزنه
صار عصافير على مدينة؟
من صاحب كلّ هذه الحقائب الفارغة؟
من الذي مع كلّ كأس انكسر
،دون رشفة كلام
ومثل غراب مشى تحت الثلوج
وشاخ كجذع مقطوع على قارعة طريق؟
من ذا الذي وهب الشعر قبّعته وظلّه
ووحيدًا مضى
يوزّع على أطفال الليل
ما تبقّى في جيبه من زينة أعياد؟
من كلّف قلبه
ما ليس بوسع بحر؟
من كفكف الدروب الدامعة
حتّى جفّت ينابيعه؟
من انتحر آلاف المرّات
وبُعث من رماده شمعًا؟
من أَحبّ فوق طاقة الحبّ
وأُهمل كباقة على رصيف؟
من الذي في الأوهام أضاع عمره؟
من منّا يا دهر؟
3
من العبء والبراءة
،تخفّفت
.صرتُ الفراغ الذي يخيفني
لا الحبّ جناحي
.ولا ورقة الوطن
،الملائكة أطفال عصاة على أراجيح الماضي
وكلّ عاشق يتكرّر
.مثل طلقة على صدى
4
من يألفِ الخيبة والألم؟
من الذي لا يكسره
كلّ سقوط في بئر؟
،كاذبة كلّ الحبال الذائبة
.العروق والأوتار والمشانق
،وحده النهر يعرف كم بكيت
وكم نَقَصَ منّي
.وصار رملًا
5
ذلك الذي خذلني
،عميقًا كما تضاء بئر
.مرّة ومرّتين وكأنّه العالم
الآخر الذي ليس أنا
.وعيناه مستنقع من دموع
،الأشدّ قسوة من وطن
.الكاذب من جذره حتّى ورقة التوت
له نصف وجه في صورة معتمة
ووقاحة صباح
.من أكفان صغار
6
على أمل أغنية تطول قليلًا
بمنطق مطر بحبال متقطّعة
،إلى أقصاها شددتُ الأوتار
من شتاء الشاي الأسود
.حتّى هذه الشوارع
لم يكن السقف سوى عتبة
.لم تأونا غير مصاطب المساء
بطيئًا كان السقوط
.كاحتضار ورقة شجر
.كم يخطئ الرائي
7
كنهر على نصل
،كانت الرحلة
موحلة ماحية
.كلّ عصافيرها دموع
كأنّما الحكاية
،شجرة عابرة لنافذة قطار
وحين نسيت اسمك الماطر
وجدتُ مدينة حزينة
.كسفينة في زجاجة
:هذا هو العالم إذًا
تميمة قلب أسود
.شمس من مسد
وحده وجه ذلك الملاك
بطبشور أبيض على جدار
.يضحك لي
8
،هذه الدمعة طاولتنا
وهذه خطوتي
،ورقة تطوي الرصيف
،وهذه المعلّقة بخيط متقطّع من مطر
لدوريّ رماديّ
دخل وخرج
.كملاك ضجران من النافذة
،كأنّنا لم نتبادل الوجهين والأصابع
كأنّ يدك
.لم تحمل إلى حزنيَ الأزهار
من خلف الزجاج المائج
تبدو الحكاية
.خالية مثل كأس
9
مثل حماقة
،تكرّرت الحكاية
وفي كلّ مرّة بحرقة بكيت
.كمن على كتف المرآة نفسها ينكسر
هكذا الأطفال
.حتّى تنضَج قلوبهم
10
كما لم تتفتّح نجمة في كفّ صبّارة
كما لم يُسْدَل على خشبة خلاص ستار
كما لم يرتفع بصمته نَسْر
كما لم تصدأ ساعات عشّاق
كما لم يدمَ بمعاوله المائيّة نهر
كما لم تتساقط على مدن المُحال قطرة
كما لم تهرم سلالم بركض أطفال
كما لم يؤمن ملاك بأرض
كما لم تتدفّق بأسوار
ينابيع الضحك العالية
نَنسى ونُنسى
.كأنّنا فعلًا من تراب
وحدي في الحكاية
1
الشارع الذي يحمل اسمًا سماويًّا
.ولشبابيكه المتقابلة عيون عشّاق
ذلك الذي بين مفارقه التقينا
،بأُلفة صديقين قديمين
.أحدنا ملاك يضحك
،الموشوم في روحي بحانة من حنين
بركبة حول ظلّ خجول
.وكتاب لا يتكرّر
،الذي في زاوية من زواريبه باب وردة
.الطويل كنظرة تحوك ظلّين
ذو النهر الواحد
...مثل نهاية حبّ من طرف وحيد
يا له من عمر بلا آخر
.دونك يقاس بالدموع
2
،أحدنا أفلت الحكاية
.بيده قَطَعَ الخيط الأخير
صفق الأبواب خلفه
.تاركًا أصابعه فوق المقابض
كسر النوافذ كلّها
.وكأنّها كابوس من كؤوس
بغيمة غطّى المرآة
لئلّا يبصر وجهه
.وحيدًا مثل إله
في صناديق صغيرة من ورق
وارى الفرح والهدايا
ثمّ كحفّار قبور
.بظلاله دثّر أطفاله
العازف عن جمع نفسه
العاجز عن تمزيق رسالة
التقط صورة لصدى
.حلَم حتّى هرمت أهدابه
كلّما تذكّر تلك الأغنية
،كره الحواسّ والشوارع
في التباس السادسة صباحًا
.لم تعد توقظه عصافير الجوار
أحدنا الذي يبكيه بيانو
.وتسقطه قطرة من مطر
3
:مثل مطر تفرّقت ملامحنا في الشوارع
معطفك على أكتاف مشرّدين
دموعي بين عابرينَ
ونوافذ وجهك ورقة لا يسقطها خريف
ضحكتي تذكرة قطار ممزّقة
كلمات مثل " حبّنا " لتماثيل
.وعودنا شموع تَقِلّ وتضيء
كما تعلو أعمار على حُطام مدن
مثلما الشجرة تلويحة من تراب
يرمّم كلّ منّا نبضه
.برماد ما مضى
4
للغيمة أغفِر ما سرقتْه من النبع
لعصافير تشرين
ما فعلته بقشّ أيّامي
للشتاء نياشينه من جماجم أزهار
للفجر نجمة بلا إجابة
للدروب الماطرة مفارقها
للحقائب أقفالها على قلوب
لشجرة اللوز
كلّ هذه العيون الحزينة
لأصدقائيَ دلاءهم وسط دموعي
أسامح الأوطان والأوثان والمصابيح المكسورة
التراب والعاصفة
أحقاد الأغاني
،بياض السكاكين
...إلّا أنت
أدينك كما يشير ملاك بإصبعه
.إلى بقعة سوداء ملء المرآة
5
.أن تتقاطع بسلوة غرباء رسائلنا
أن يحمل لي ملاكٌ
صدى صوتك
.في باقة من صور
،ألّا أتعرّفَ على أيقونة واحدة من دموعي
.أن أتألّم لأنّنا أكثر من اثنين
كلّ هذه النجوم
،من غَزْلنا على سهر
والليل خيط طويل ومقطوع
.من طرفينا
6
لنجلس وجهًا لوجه
،مثل أيّ اثنين في مقهى
كما يضاعف الوحيد
قلبه ودموعه
.بجبين مرآة
ثمّةَ كلامٌ
.كشجر كبر فينا
الحبّ حفرة في روحي
.عيناك ليل لا يعرفني
صرنا الغرباء الذين كورق أصفر
.لشبابيك مبحوحةٍ من كثرة التلويح
لشارعنا العتيق
،عتب بعدد عابريه
:والمطر على رصيفين مجاز يصرّ
.لا قدر حقيقيّ يضيع
7
،لا عتبَ على غيم وأحجار
لا ذنب لملاكٍ
.غرير الغفران
بريئة هذه الدروب من دموعنا
.ليست الشوارع نوايا عابريها
:نحن اللذان على أمطارها علّقنا عمرنا وقلنا
هذه القلادة ذات الأحرف اللاتينيّة القليلة
.أيقونة العالم
أنت وأنا، أيّها الآيل للكسر كوردة
مثل كسرة بسكويت في اليد
.كما كانت تلك الضحكة تكرّر
لم يخدعْنا أحد
.لم يخذلنا سوانا
نحن اللذان أثقلنا الرحلة بأكثر من جناح
بثالث محايد
كلّ حجر على الكوكب
.حقيبته أكثر من قلبه
8
على مهلي
.كمن بلا ذاكرة يتنزّه
،كنسيانٍ
.على كاهلي هالة الهجران
على مفرق الجسر
.أن يبتكر أغنيةً أخرى لمنديله
ليس الحبّ الملاك
الذي بقامة نبيّ
.يبتسم لطفل في يده سكّين
غدت المدينة صمتنا
عادت حبّة من غبار
والأماكن أصداء
.لا تذكّرني بأحد
9
وحدي في الحكاية
.هنا حيث المرآة متاهة
في مكان آخر
،رجل مريض يرسم الملائكة
في حياة أخرى
.أنا الردهة الطويلة بأطفالها
ماذا أفعل باللوحتين؟
.سريري سفينة لا تغادر
باريس امرأة عارية
.هيكل عظميّ تحت المطر
إن كان هذا هو الجحيم يا إلهي
من أين تنبع كلّ هذه الدموع؟
10
،لستُ من مطر لأتساقط هكذا
.لكنّها أوراق أيلول
كأنّنا في أوّل النسيان
.نحن الذين قطعنا هذه النهاية من قبل
على أفق تركناه
،الغروب الذي ليس كتابًا لنغلقه
وكلامًا معلّقًا بين مَقعدين متقابلين
لعشّاق على العتبة
لا يعرفون
أنّ الذي يجلس وعلى يساره الأزرق
.يتألّم أكثر
يقظة السادسة صباحًا
سوف تمطر قليلًا
دون أن يتبيّن لساعة الحائط
.أيّ عاشق بكى
،باريس بحياد حجر
عصافير المحطّة
.عيون تتباكى خارج العناق
ثمّ تسطع شمس
،وبرمادها تحطّ على أسطح البيوت
وبألوان طيف
.يقطع طريقه قطار
ثمّ تمطر ثانيةً
والغريب الذي يَسْقُط
.استعارة من دمعتنا
*
المرأة التي لأجلها تساقط مطر
ذاتُ العينين العميقتين كموت وميلاد
التي كمعجزة
مرّتين في المصير
المتردّدة الواثقة
الأشدّ طُمأنينة من بحر
تنحني لترفع الليل
.عن كنز عاتب تحت قدميها
*
.رجل متكوّم في كابـينة هاتف
عبر الشرفة
من النافذة
.مع إيماءات المصابيح
،حقيبة سوداء
.سمّاعة مشنوقة
في الليل الذي كحصان على هاوية
.وسط شارع أطول من الهجران
الباب خلفي والمفتاح
أنا خطوتي خارج الخوف
أمام الملاك الذي
.مثلي أهانه المطر
*
على وقع مطر
،تورق وتغنّي
كما لو أنّ ذراعيها
.صليب من خشب
.الصوت من بلاد شجن تسكنني
الوجه لملاك
.محفور في نور أُيقونة
تشبه شيئًا يشوب روحي
،وبالبكاء يصفّيني منّي
العاشقة التي ترتاد المقهى لتتذكّر
وتكثر من دمع الإبريق
لتبقيَ الحنين حيًّا
.كنهر نيل بين الحنايا
*
،العاشق الذي يشبه العاشقَ
.بمليون ظلّ يذرع المحطّة
بأناقة ليل
،وقامة قناديل
.بابتسامة معلّقة بين قبّعة وباقة
ياقة قميصه طوق حمامة
.عيناه نجمة على نفق
،إثنتا عشرة وردة على أزرار حضنه
والضلوع قضبان
.تُدْهَسُ وتُزْهِر
*
،الأرض بأغنيتها السوداء
عقارب الساعة
.عاطلة عن الرمل
تلك الأحصنة الخشبيّة
.والكأس التي هي عكس المظلّة
ظلال السواقي والطواحين
.الدمعة حول نفسها مثل درويش
،الكون ساكن
باكتمال مشنقة تحت الشمس
وكلّ ما يدور
.يدور في رأسي
*
بسكّين
،أفْصُلُ صورتك عن خلفيّات المدن
يتبعني عتب
.بملامحك وصوتك
كأنّني ساعي بريد
.أطلق الرسائل طيورًا
،أمرّ لأنسى
لكنّك الذكريات
.على أرصفة ونوافذ
*
العتبة والباب العالي
.في البيت الذي بلا نوافذ
،الجدران ما يسترسل من نسياننا
.كلّ خطوة وقفة عتاب
هكذا هي الذكريات
متاحف من ظلال منازل
والعاشق القديم حارس
تفلت من بين كفّيه
.كافّة المفاتيح
ليس النهر أسطورةَ سوانا
،نحن اللذان نقسو لتتعادل دمعتان
وليس العالم قطارًا تحت المطر يغنّي
.كي نطمئنّ إلى وصول
*
الملاك الذي من ابتسامته القوس
،وقلبه وردة من ورق
الذي يلملم زهر التائهين
،بأهدابه من فوضى الشوارع
حامل مسلّة النهر
،كطفلة بين ذراعيه
،نادل أقداح المطر
.ساعي بريد الدموع
الذي كانت شجاراتنا تضحكه
،كمن يقف مطمئنًّا على كنز
كيف لا ينكسر مثل تمثال
الآن وقد صرنا رمادنا؟
*
،نيشان نجمة
.معطف لطفل يفتّته البرد
،طُعم لبحر لا يعلق بخيط
دمع من قشّ
.هشّ كضلع تحت المطر
على طاولة في دخان مقهى
فوق مَقعد من رحلة قطار
تحت سَجّادة على عتبة
.وسط أشواق قديمة
كما تُنسى علبة كبريت
،مثلما يُهمل حنين في حقيبة
قلبي الذي أضيّعه وأضحك
.كمن بوسعه أن يحبّ وحيدًا
ورد بلديّ لشارع حزين
1
بدستة من السنوات الزاهية الذاوية
.إستبقنا التعاسة يا نانيس
،على جلد تمساح أليف
.بخطًى مع الطيور خادعة
.قبل صغارها حاملي الحصى، وصلنا
،دموعنا دروع
في عيوننا الوادعة
.شبابيك ترشُق الشوارع بالورد
."على كَتّان لافتة، كلمة "صحراء
،محاكة بخيوط يابسة
بخطّ يدويّ يضحك
.لأطفال البدو الطيّبين
المقهى مصابيح متأرجحة
مشانق لدمًى ومباخر
حصان من الخزف يلمع
.لوحات من حولنا تحوم
،شاي أسود على شرفة واطئة
.شهيرة تشرح الحبّ
،الباقة بيننا
شيء في أشواكنا يصغي
.بيقين ينابيع
2
ميدان لاستعادة مقهى
،من عصافير عيوننا
لاسترجاع بضعة أشجار من نبضنا
،وعاشقين يحدّقان بنا
وبين الحبّ وبيننا
بلد من البلابل البالية
وبلاد دمع ورمل
.ورايات ملطّخة ومناديل
،لرتق ظلالنا الظامئة بخيط نهر
بمشوار برفرفة لفافة
،أفلتت مومياءها في العراء
كان لا بدّ من عُكّاز ربيع
وإبر لا تبرأ بوخزها
جراح باقات محلّ الورد
.في شارع الثورة الحزين
،لكنّ الأمكنة كمثل ماء في الكفّين
كالعمر المذنّب المذنِب
وأعواد كبريت
.لم تدم بين أصابعنا نجومها
كذلك الحبّ الأوّل
وشبابيك الخشب التي
كلّما هممتُ بتذكّرها مزهرةً
ملاك بمطرقة على روحي
.قَطَعَ الشجرة والطريق
3
على قلق واسع
.مقاعد من الخيزُران مورقة
،ممرّ بقناطر أشواقنا
.حقائب بحمولها على أوتار
.أكواب قهوة بعطش حساء
ضحكاتنا خافتة
.كبضعة عصافير على بلكونات
وسط الفَناء
.نافورة تغنّي
اللحن أصداء مطر عتيق
.بئر تضيء ملامحنا
لكنّ ابتسامتنا
.كمثل فُتات على مجاعة
على كنبة متوسّلة لخريف
.وجه العجوز يدمع ويدعو ويُدين
.أعمار في صُرر مصفّرة
عيون كواكب
.على بريق أحذيتنا
،حفاة بلا أسماء
بأسمال عابقة
.تتساقط بتَلقائيّة مطر
بين المدينة وبيننا
.بوّابة من عتب
4
البوّابة الخضراء التي
.في مرآتها شجرة تضحك
بضعة سلالم حجريّة
.قرطاسيّة برطوبة بئر
دفاتر مورقة
.باقة أقلام لأيدٍ ملوّنة
هاتف رماديّ على رفّ مائل
يحفظ أرقام منازلنا
ومثلنا تخيفه أصوات الأمّهات
موبّخة تأخّرنا
.عن المناسبات العائليّة السعيدة
الكشك الأزرق في زاوية
كزنزانة فالتة
.من سيّارة لنقل السجناء
شبّاك معدِنيّ معتم
منه قطع الشوكولاتة الذائبة
.وعلب السجائر والكبريت
عند المفرق
،بائع الكتاكيت الكريه
من طفل حاسر الخطى
.إلى وحش خاسر على طريق
تلك الأفراخ المطليّة بأصباغ رخيصة
كيف على شوّاية مشتعلة تركناها
تتقافز بحُرقة دموعنا؟
.الكنّاسون بأهدابهم الطويلة
.الضفائر المطاردة لمراييل
،بسطة الجرائد المجنّحة على ناصية
المقهى المصافح لصباحاتنا
.بسهد بين الأصابع
ضِفّتان من فضّة
والشمس تكاد
.تلامس الأكتاف
5
ناس على جسر
.هفيف من الأهداب الزاهرة
،آذانُ مغرب
.وآذانٌ مُطرقة لتسبيح يمام
تنهيدات عالقة في بالونات
كواكب بأنفاس أطفال
عريشة مرفرفة بغزل بنات
.تلويحة من سكّر ملوّن
ماسح أحذية
.محنيّ لالتقاط عثرة
عربات سارحة
.بمشاوير مومياواتها
.رجل يعبر الشارع بقفص فارغ
كناريّ يصدح
.كملك منتصر عن الشرفة
.عجوز تتعكّز على صورة من صباها
.عشّاق يورقون على مصطبات
،باعة مناديل بين رصيفين
نخيل ناعس
.لا يلامس يقظة المراكب
من يشتري الورد؟
من يبيع الصبر؟
ومن أين لأسفلت
تدوسه الأحذية عجلى
بكلّ هذه التيجان من النجوم؟
6
،ساق على ساق
.يدان من تراويح الورد
الحبّ جالس في مقهى الماضي
،يرشف الظلال من كوب شفيف
بمزاجِ عاشق
.يدخّن الشيشة
.وحيد كما عهدناه
.وجه جامع لعصافير
في جيب سُترته
.رسالة على نبض منديل
ذلك السياج الخشبيّ
،صار أشجارًا
أغصانٌ أزهرت
،من طاولتنا ذات الجذور الطيّبة
.والرجل الأنيق في ركنه
بطمأنينة نيل
.وطيور لا تهاجر
ملاك من فتات ابتساماتنا
.أرخى القوس والأجفان
7
بجسارة دمعة
.عَبَرَتِ الجسر المسيّلَ للدموع
بوسع ابتسامة
.تفتّحت ناسًا ملء ميدان
نادت على الأحلام المنسيّة
.والسائرين نيامًا
أيقظتنا على عصافير
.تنقر العثّ عن ظلالنا
.علت رؤوس وضحكات وأعلام
علّق العالم عينيه
.شمسًا وقمرًا
ثمّ سال في شوارعنا دم
ورسمتُ حمامة تحطّ
.على رأس بنت سمراء
ثمّ سال في شوارعنا دم
وشجرة أكثر من أمّهاتنا أحببناها
.اشتعلت شمعةً على شاشة
،ثمّ سال دم كثير
ونأيت بنفسي
.بحضن فارغ من ظلّي
8
،بمنديل الستّ لوّحنا
للحبّ
.لمراكبه المتلكّئة المرحة
بمنديل الستّ
.أصبح لدينا شراع
.من الملح جفّفنا وجوهنا
.ضمّدنا جراحًا تضحك
رفعنا العلم عاليًا
.ثمّ الراية البيضاء
،ثمّ مسحنا الوحل عن أحذيتنا بمنديل الستّ
وبأرواح مبحوحة
.أكملنا السير صامتين
9
لفرط الدمع في الشوارع
.بين أرواحنا نيل
،قارب قمر
.نجوم نيلوفر
.سمك بلطيّ وسط الخطى
.رفرفة نَسْرٍ محنّط
،وجوه بينابيعها
وما من تلويحة
.ببشاشة حمامة
على الجسر الذي
،كنّا وسط قوس نصره نغنّي
مسلّحون بلباس أسود
.ملتصق بالجلد كجُذام
على أسطح الأقمار البلاستيكيّة
،قنّاصون على أكوام من القشّ
صبية يرجمون الأفق
.بجلابيب قصيرة
.جثث تُسحل دون ظلالها
يأس يتراكم
،كعمر أمام أعيننا
ولسوء طالعنا
في أطراف معاطفنا أطفال بكّاؤون
لا يكفّون عن مطالبتنا
بـإعادتهم إلى ضِفّة الماضي
.على متن مراكب من ورق
،لكنّ الطَمي يثقل أحذيتنا بأقدار جذور
والكأس التي في أيدينا انكسرت
.أكثر من وطن
آخر الغرقى
،عصافير عواميد الإنارة
والمؤذّن الذي
كملاك مبتسم على مسلّة
.يفتّت كفّيه ليمام
لسنا طيورًا
.لنرفرف فوق الطوفان
،لا عصاة في يدي
وما من شجرة صامدة
.ليتعكّز على زهرةٍ طريق
10
شجر بكثافة معنى
.زهر يهفو على أهداب عميان
:هكذا الربيع في مثل أرضنا المريضة
جذور عاجزة
.عن قراءة أوراقها
كم أبكانا
،رماده المتطاير دونما طيور
ذلك المقهى الملوّن
.مثل عصفور بريشة طفل كفيف
في عينيكِ الناعستين
أرى الجميلة أمّك
.مسجّاة على زهرة
.أرى أباك مبتسمًا كزورق
كما لو أنّ في الضفّة الأخرى
.شفاء من الأمل
كأنّما المحاجر
مقابر جماعيّة لأقواس قزح
أفلتت من بين رموشنا
.ألفة فراشاتها
في غبش المرايا
لا أبصر إلّا أشباحًا
تشبه شيئًا حزينًا
من حطام بلياتشو على أرجوحة
وأعقاب سنوات
.في منفضة تفيض
في النفق المديد
.ندرك قِصَرَ قاماتنا وأعمارنا
لسنا من ورق
،لنتساقط بمثل هذه البساطة
لكنّه الصفصاف يتعرّى
ووجوهنا شاحبة
.كشارع لا ينتهي من خريف
11
نهر كهذا
،لا يكذب
وإن كانت الزرقة
إنعكاس سماوات على دموع
والشموس نفسها
.لتماسيح بفكوك ضاحكة
كأنّما المراكب
،ظلال غيم يتلاشى
والأغاني القديمة بين ابتساماتنا
أصداء غرقى
.لم تسعفهم حبال الصبر في المواويل
هكذا وقعنا في الفخّ الأوّل
والحبّ الأوّل
وشِباك المنازل المأهولة بدمى
.والمقاهي المضفورة بنبض مدينة
توهّمنا العالم
يقايض ضحكاتنا القليلة
.بفرح لا يستثني صحراءَ أو حصاة
وهبناهُ حصّتنا من الزهر
أبهى ثيابنا
هالات هيّأناها لملاقاة الحبّ
.على شرفات ومفارق
قلنا: هذه هدايانا
.لإخوتنا والأشباه
لكنّ القطار مرّ من أمامنا
طويلاً متقطّعًا مثل كابوس ظهيرة
فارغًا إلّا من أكياس شفيفة تبتسم
بكدمات في الملامح
.وثقوب عميقة في الأرواح
نهر كهذا
.لا يكذب
12
ورق أصفر
.على أرصفة مصر الجديدة
،قرطاس قصر
.برديّة قمر
خريف كثيف
.كفصل أخير من رواية
،جثث مغطّاة بجرائد
.توابيت بخفّة يافطات
ملاك من الكرتون الأسمر
يصدّ العاصفة بقصيدة صدره
عن ملكة ليل
.تتساقط في حماه
خرائط تتطاير
طوابع بأسنان مكسورة
.ضحكات تذاكر سفر
شهادات وفيّات
تكفي لكسو شجرة كافور
بأسماء شهداء
.دون الأربعين
كأكفاننا بين أكفّنا
.باقات باهتة متيبّسة
،جفّ الورد في دواوين أيدينا
.الرماد أنبت بيوتًا لا تعرفنا
نخيل وبنايات
.على صفحة نيل لا تُطوى
علبة كبريت مبتلّة
.دفتر ممزّق في جيبي
...ليس الوطن بألوان بطاقة بريديّة
،رسالة طافية في زجاجة
.قاهرة من ورق
مدينة المطر المتواصل
هذا اسمك الذي
.لا يكفّ عن تَكراره المطر
،وهذا وجهك الذي يحبّني
كبحرٍ نحوي
.وأنا دمعة
وتلك يدي
،يدي التي لن تعود أبدًا إليّ
.وكأنّها لم تكن يومًا إلّا رسالة
*
.لطالما حدّثني عنك المطر
،بنبرة عالية من نوافذ
بهجس جذور
.بخطوة من ورق
.في المصعد عيناك عليّ
.في الحلم أنت مدينة بألوان ماء
فوق ضحكتي والشوارع
.تحت مدية على مدى
وجهان دالهان وسط ليوان
نجمة تعلّق أقدارها على رقم
والمجد ليد تجرؤ
لملاك يكتب رسالة
.مليئة بالأخطاء
*
،الشمس نجمة تحت جسر
.القمر حجر يرشد الشوارع
أقواس أيّاميَ ترسمها
.ضحكة بين أهدابك
مدينة مرصوفة بعمرنا
.مشاوير تطيلها ظلال
نهر بين الشفتين
.يتلألأ ويروي الحكاية
المطر مرآة صوتك
.وأنت تتأمّل المطر
*
وجهنا في النهر
،ضحكتنا مركب مدينة
نحن الواقفان على جسر
.بكتفين سافرتين
،بلا وردة في اليد
بشبابيك زرقاء تتلألأ
.بدمع يكحّل عيوننا
قطرات ترسم الدوائر
.كالحصى فوق ملامحنا
عبثًا يحاول محونا
.المطر الغزير النسيان
وجهك في النهر يضحك
،وجهي لوهلةٍ نحو النجوم
ولفرط ما أحبّك
.أنحني لسماء في الوحل
*
.كمن ينهر نهرًا
كمن بعصفور يصيب
.وجهين من حجر
هكذا تركنا المسوّدة في الحقيبة
والحقيية في القطار
والطفل ذي المعطف الخفيف
.وحيدًا تحت ساعة المحطّة
،مثلما تكتمل عارية في لوحة
كما يمّحي رجل ثلج
.بتلويحة بأصابع صغار
*
تمطر في قلبي
.كما على شوارع المدينة
الليل أصداء حوافر
.عمري عربة عابرة
خلفك نافذة مفتوحة
.مدينة يرقّطها مطر
ملاك دون مظلّة
.بمخطوطه أمامك
،ضماد دُمية في يده
.ساعة جيب معطّلة
باريس، 1991
كدمعةٍ في عيني
.عريك يكسو العالم
*
البارحة وعيناك تضحكان
.روحي أرجوحة نحو النجوم
،هيكل شمس
.هالة من مقاعد عشّاق
،على عتبة الفندق الساكن
.تحت قبب المتحف المهيب
أقراط بماساتها تتساقط
مسلّة تتسلّى بعدّ العابرين
أصداء مقصلة تعلو في الليل
.لا أحد يبكي في الحكاية
وحده البرج في الكوكب الثلجيّ
كما في الصور
.قفص عصافير
*
،على دمعتنا علّقوا مصابيحهم
.أولئك الذين ليلهم عربة فارغة
لكنّنا على الجانب الناجي من الجسر
.كملاك بوجه رزين
عدا المطر
.لا أصدقاء باسمين بيننا
*
.الفأس أوّلًا، ثمّ يأتي الملاك
عصفور من الغابة
من النهر
،من المدى
من نافذة المقهى المفتوحة
.في مدينة المطر المتواصل
هذه التي لنوافذها
.لون نهر مضى
*
،الجنود دُمًى من رصاص
والرصاصُ رصاصٌ
والدمُ دمٌ
،أحبّك وأنت لا تعرف شيئًا عن عذابي
.أنا الملاك الفضّيّ الرصين