.القاهرة، 1999
.لوحة الغلاف: خوان ميرو
سمكة ميِّتة
ما من يدٍ تلامسُ بفضَّةٍ وحدتَها
.ما من شجرةٍ تشبكُ بجذورِها الأصابع
.ابتعدَت
الظلُّ عباءةٌ
عطرٌ
.نزهةٌ في ألوانِها
.ما كانَ المعطفُ لأجلِ الغموض
أسنانٌ بشحوبِ المعنى
.رئةٌ مخذولةُ الأنفاس
بعظامٍ
.أبدلَها الجناح
.صوتُها أسف
في المرآةِ
.سمكةٌ ميِّتة
بقعة دم
.تحتَ الطاولةِ مخبؤُه
ينامُ واقفًا
مقيَّدًا إلى الحائط
كحصانِ جَدِّها
.في ظلِّ نخلةٍ بعيدة
عينان بنفسجيَّتان
تضيئان كُلَّما حرَّكتْهُ
مخلبٌ بإصبعين
.يعيدُ ورداتِها
.صغيرُ العائلةِ يخافُ صوتَه
الكبارُ يرتابونَ من زحفِهِ نحوَ أقدامِهِمْ
.عرائسُ طفولتِهِم ْكانت بلا أرواح لتلائمَهُمْ
.أسقطَهُ سُلّم
.مسحت أمُّها عن طرفِ السجَّادةِ بقعةَ دَم
لم يمسح أحدٌ
وهي تدفنُهُ في ترابِ الحديقةِ
.دموعَها
نعامة صغيرة على الحبّ
.كأنَّما قلبُها علبةُ ألوان
"...أنا طائرٌ"
.كانت تردِّدُ طفلةً
هل كانَ ضروريًّا
أن تكسرَ ساقيْها مرَّتين
.كي ينتبهوا؟
شبيهةٌ بمساحيقِها
بملابسِها
بالبطاقاتِ التي تزحمُ بها حيطانَ الغرفةِ
.لئلاَّ تنامَ في البياضِ وحيدة
في الشارعِ
يتهافتُ عليها الأطفالُ
.لعلَّهُمْ ينتزعونَ من جسمِها قطعةَ حلوى
.بالخفاشتيْنِ لقَّبونا
هُمْ ذاتُهُمْ
الذينَ تغذُّوا
.عن الدمِ السائلِ من براءتِنا
جدَّتُها
في البلدِ البعيدِ
.حدَّثَتْها عن نجمةٍ تملكُها
.إرثُ الجدَّةِ تأخَّرَ كثيرًا
ما زالت تنتظرُهُ
.ما زالَ ريشُها يحلمُ بالهواء
على رمالٍ متحرِّكة
لو أنَّ هنالك إلهًا"
لو أنَّهُ يحبُّنا حقًّا
.إلى الجحيمِ سنذهب
نحنُ لا نعرفُ أحدًا في الجنَّةِ
."ونراجيلُنا يلزمُها جمرٌ كثير
في لوحةٍ
:تساءَلَتْ
لماذا تتصارعُ كلُّ هذه الرؤوس"
بخوذيَّاتِها المختلفةِ
."للوصولِ لشمسٍ واحدة؟
ذاتَ مرَّةٍ استعانت بسجَّادةٍ
.لتشرحَ نظريَّةَ الكون
:تجمعُنا حولَها
صحراءُ بعيدةٌ
.أباريقُ طينٍ وناس
هل ندركُ الآنَ
أنَّ العالمَ أوسعَ من المقهى الذي نرتادُهُ كُلَّ ليلةٍ
.أنَّ هنالكَ بشرًا غيرنا؟
.الجبلُ أمُّها
.وحده استطاعَ أن يحتويها
فرحَتْ
.لانَّ أباها ماتَ سكرانًا في رمادِه
لا بدَّ أنَّ العصافيرَ ستسعلُ حدَّ الاختناقِ
.فيما تبني أعشاشَها بينَ تجاويفِ العظام
التمساحُ الذي في بانيو شقَّتِها
لعنةُ البَلَحَةِ في العائلة
...خلافاتُها الدائمةُ مع الجيران
.!كم كانت بساطتُها ترعبُنا
أظفار مطليَّة بالشهوة
كانَ صباحًا داكنًا كقهوتِنا
كعينيْها الحادَّتيْنِ
.كذلكَ الغموض في القصَّة
شمسٌ سوداء في غيمِ النراجيلِ
القطَّةُ نائمةٌ
النادلُ ببابيونتِهِ المعوجَّةِ يتثاءبُ
.عندَ السياجِ الخشبيِّ غريبان
ساقان عاريتان
أظفارٌ مطليَّةٌ بالشهوةِ
.ندبٌ يجرحُ ضحكتَها
من أينَ جاءت بأسمائنا؟
كيفَ انضمَّتِ الطاولتان؟
نخونُ وعدَنا لأمَّهاتِنا
.ونأخذُ قطعَ حلوى من أشخاصٍ لا نعرفُهُمْ
تفتحُ دونَ مواربةٍ قلبَها
:بيتًا مؤثَّثًا بالبشر
الخائنٌ لأنوثتِها
أطفالٌ معوَّقونَ بأمومةٍ ناقصة
الرجلُ الذي يأكلُ نصفَ الكلام
ويقضمُ بكثيرٍ من القسوةِ تفاحتَها
المشعوذُ ذو الأرنبِ والعينينِ الزجاجيتينِ
.عجائزُ بعددِ التجاعيد
في البيتِ
تُحَفٌ من أصابعِها
نباتاتٌ
.إمرأةٌ وحيدة
قبلَ أن يرسمَها الله
.صرصارُ ليلٍ على الحائطِ يغنِّي
كُلُّ حجرةٍ زنزانةٌ
.كُلُّ آخرٍ جسرٌ إلى الذات
.زجاجاتٌ فارغة
.كنيسةٌ صغيرةٌ من شمعٍ وألوان
لعظامِهِ صوتٌ يربكُ الفراغَ
.كأنَّما في جسدِهِ محرِّكُ سيَّارةٍ قديمة
لن يغادرَ عتمةَ مقعدِهِ
لئلاَّ يوقظَ النباتاتِ من حُلُمٍ
.عينيها المغمضتينِ تحتَ أصابعِه
رسمَها
قبلَ أن يرسمَها اللّهُ
لماذا يغضبُ إذًا)
(حينما تلقِّبُهُ بالأبِ الروحيّ؟
رسمَ الوطنَ والبشرَ الطيِّبينَ لأجلِها
رسمَ قلبَهُ
زهرةُ صفراءَ
.في كأسِ نبيذ
وحيدًا يجلسُ
في غيمةٍ من دخانِهِ
يتخيَّلُها في فستانٍ أبيضَ
.تقبِّلُ أميرًا
كرسيٌّ من قش لا يشعلُهُ الحنين
وحيدٌ
.بقدرِ ما في البحرِ من زرقةٍ وجثث
في الرملِ يغرسُ أرجلَهُ
حالمًا بالجذورِ
ململمًا من حولِهِ الأصداف
.أصواتًا لا تخفت
."يسمُّونَهُ "الغريب
"لماذا لا يبني مثلنا القصورَ ويهدمُها؟"
لو اقتربوا من صحراءِ قلبِهِ قليلاً
لأدركوا أنَّهُ طفلٌ يشبهُهُمْ
.وسألوهُ عن اسمِه
.ألفتْهُ النوارس
.بذراعيهِ استبدلتِ المراكبَ وألسنةَ الصخر
هنا على الأقلّ
لن يرشَّها الصغارُ بالماءِ
ستشاهدُ الغروبَ
.بعينيهِ الفاضحتينِ ملحًا و أسماكًا
:كانَ من الممكن أن يكونَ آخرَ
...فزَّاعُ طيورٍ في حقلٍ ما
لكنَّ اليدَ التي صنعتْهُ
فرضت هذه الهيئة
.هذه الحياة
جلباب الدمع
تكنسُ الكوابيسَ كُلَّ فجرٍ عن عتبةِ البيتِ
تقشِّرُ قبالةَ النافذةِ بصلتيْن
.كي لا يسألَها اليمامُ عن دموعِها
بطرفِ جلبابِها
تلمِّعُ المرايا
عاجزةً عن إزالةِ حنانٍ مُترهِّلٍ
.يقرِّبُ قلبَها من التراب
ليلاً هدهدتِ الأطفالَ بحكاياتِ البحر
في جلبابِها رائحةُ الحارةِ
.ألوانُ عرائسِ الحلوى والأحصنةِ الصغيرة
.وعدتْهُمْ بفطيرةِ جُبْنٍ ساخنةٍ في الصباح
الشمسُ"
في هذه المدينةِ الكئيبةِ
باردةٌ
قاسية
"...ستكسِّرُ أسنانَنا
لا بُدَّ من حيلةٍ أخرى
.!تُخْرِجُهُمْ من دفءِ القُطنِ والأحلام
لو كانت روحُها سجَّادةً
لنفضَتْ عنها هذا الغبار
لتركتْها في الهواءِ قليلاً
...تتنفّس
الساحرة
لا
.لم تكن ملاكًا
كُلُّ ما في الأمرِ
أنَّها كانت تلتهمُ اللؤلؤَ
.وتختارُ لمقعدِها إضاءةٌ خادعة
الفستان الأحمر
فيما كان ينهالُ على عُريها
كانَ ظلُّها قد تجاوزَ البابَ
بفستانِهِ الأحمر
.إلى حانةٍ ما
رغبة زائفة
مُغمضةُ العينيْن
.مُستسلمةٌ تمامًا
بعدَ ساعاتٍ قليلةٍ
تستعيدُ جمالَها
.تدهشُ المرآةَ والزمن
بالمشارطِ
سيُزيلُ التجاعيدَ عن ضحكتِها
سيحشو شفتيها المتعطِّشتينِ للقُبَلِ
.برغبةٍ زائفة
لو أنَّ يدَهُ تنزلقُ قليلاً
ليسَ لتكبيرِ نهدِها الذابل
بالونةً مجرَّدةً من اللونِ والهواءِ
وإنَّما لترميمِ قلبِها
هذه الطائرة الورقية التي يئنُّ جناحاها
.كُلَّما لامسَها حبٌّ جديد
الفراشة
العصافيرُ الرماديَّةُ
لا تصدِّقُ
.!أنَّها لا تستخدمُ المساحيقَ لتزيينِ جناحيْها
عصفورٌ صغيرٌ
فكَّرَ في الأمرِ طويلاً
اتَّهمَها بلبسِ المرايا
.وخداعِ العيونِ بانعكاساتِ الزهور
"!تعالَ وفتِّش خزانتي أيُّها السفيه"
صرخَتْ في وجهِ دبُّورٍ أسود
حاولَ أن يلامسَ جسدَها في مرورِهِ
.لعلَّ ألوانَها تبهتُ على معطفِهِ الداكن
بَكَتْ طويلاً
على كتفِ شجرةٍ
"!لستُ ساحرةً كما يُشيعونَ في هذه الغابة"
يومَ أحرقوها
تصاعدَ إلى السماءِ دخانٌ غامضٌ
ليستقرَّ في قلبِ الزرقةِ
قوسُ قزحٍ
.شعاعًا بسيطًا من روحِها
فزَّاع الطيور
كثيرةٌ هي أمنياتُهُ
أكثرَ من السنواتِ التي أمضاها واقفًا في هذا الخلاءِ
أكثرَ من البذورِ التي يحرسُها الهواءُ
.عبرَ جسدِهِ القليل
يحلمُ بمقعدٍ يريحُ ساقَهُ النحيلةَ
بوضعِ يدِهِ في جيبٍ
في كفِّ امرأةٍ
بغيمةٍ تستقرُّ فوقَ رأسِهِ تمامًا
بأطفالٍ طيِّبينَ يقذفونَ نحوَهُ كُرَةَ القدمِ
بينَ حينٍ وآخر
بدلاً عن الأحجارِ
بأزهارٍ قليلةٍ تنبتُ حولَهُ
ليطمئنَّ أنَّ أحدًا في العالم سيفتقدُهُ
إن سقَطَ
.بضربةِ مِنْجَل
يحلمُ بالعصافير
تلامسُهُ
دونَ خوفٍ
حتَّى إن أخذَتْ مقابلَ حنانِها العابرِ
قشَّ القبَّعةِ التي تحميهِ
في هذا الخلاءِ
.من قسوةِ الشمسِ والمطر
رجل الثلج
بأيديهم الصغيرةِ
صنعوا جسدًا ورأسًا
بقطعٍ يابسةٍ من الخشبِ
منحوهُ وجوهَهُمْ
ورائحةَ الجلدِ
في المعاطفِ والأحذيةِ
منحوهُ ابتسامةً
وغليونًا
دخانُهُ
.أنفاسٌ دافئةٌ مرتعشة
لا بُدَّ أنَّهُمْ غافلوا الكبارَ
واختلسوا هذه القبَّعةَ الرزينةَ لأجلِهِ
.وهذا الوشاح
في الليلِ
.سيغيبونَ عنه
ليسَ بإمكانِ أطفالٍ في مثلِ ألوانِهِمْ
.!أن يناموا في هذا البياضِ القارس
مثلُهُمْ
يرغبُ في مسافةٍ
يسقطُ فيها ألمُ الفقدِ
حينَ تظهرُ الشمسُ
ويغيبُ عنهم
.للأبد
ذلك البريق
.كَبُرَتْ
.ما عادَ صوتُها يصلُهُمْ
من قالَ أنَّها تغنِّي لأجلِهِمْ؟
يكفيها مستمعٌ واحدٌ
:في صالةِ الليلِ الخاوية
قمرٌ بأسنانٍ قليلةٍ
يتَّكئُ على كمنجتِهِ
يسعلُ بشدَّةٍ
بينَ وصلةٍ وأخرى
مطيِّرًا نجماتِهِ على ثوبِها وشَعْرِها
.مُعيدًا إليها ذلكَ البريق
"طابع البريد: عصفور "ميرو
ستُصيبُها أمراضُ الأطفالِ
ويصفرُّ جلدُها
آخذًا لونَ الوردِ الذي تحبُّهُ
لونَ الصوصِ القطنيِّ النائمِ على طرفِ السرير
لونَ شَعْرِهِ
الأميرُ الذي أحبَّتْ ضحكتَهُ واختفى
في صفحةٍ أخيرةٍ
.من رواية
سيملؤها الفراغُ بفراشاتِهِ البيضاء
وتكتشفُ
كمن يرى نفسَهُ لأوَّلِ مرَّةٍ في مرآةٍ
أنَّ حياتَها لا تشبهُها
وأنَّها أساءَتْ فهمَ الغربةِ
.زمنًا طويلاً
.لا تحاولي"
لا النعناعُ ولا نصفُ الليمونةِ في ماءِ النارجيلةِ
.سيعيدانِ إليكِ طعمَ الشتاءِ الماضي
.الأغاني -أيضًا- عاجزة
فمُكِ الذي لم يبحْ سوى بنصفِ الأسرار
.عضوٌ ناقص
.لا كلامَ ولا قُبَل
."فقط ابتسامةٌ صغيرة
ستبكي
حتَّى تحوِّلُها الدموعُ
.إلى غيمة
من عرشِها الأزرقِ البعيدِ
ستراهُمْ
بأحجامِهِمْ الحقيقيَّةِ
.بلا أسفٍ أو حنين
"ستصادقُ عصفورَ "ميرو
والسمكةَ التي تغنِّي
.في مربَّعٍ من ورق
في زاويةٍ صغيرةٍ من روحِها
ستعيدُ بناءَ المقهى القديم
ستحفرُ على بابِهِ
.ضحكةً من خشبِ الورد
إلى أحلامِها
ستخرجُ
:وتعملُ بالنصيحةِ
"العسلُ وقِطَعُ السكَّر"
الشمسُ الذائبةُ في قلبٍ كبيرٍ
أيامٌ حلوةٌ
.رُبَّما
ما من يدٍ تلامسُ بفضَّةٍ وحدتَها
.ما من شجرةٍ تشبكُ بجذورِها الأصابع
.ابتعدَت
الظلُّ عباءةٌ
عطرٌ
.نزهةٌ في ألوانِها
.ما كانَ المعطفُ لأجلِ الغموض
أسنانٌ بشحوبِ المعنى
.رئةٌ مخذولةُ الأنفاس
بعظامٍ
.أبدلَها الجناح
.صوتُها أسف
في المرآةِ
.سمكةٌ ميِّتة
بقعة دم
.تحتَ الطاولةِ مخبؤُه
ينامُ واقفًا
مقيَّدًا إلى الحائط
كحصانِ جَدِّها
.في ظلِّ نخلةٍ بعيدة
عينان بنفسجيَّتان
تضيئان كُلَّما حرَّكتْهُ
مخلبٌ بإصبعين
.يعيدُ ورداتِها
.صغيرُ العائلةِ يخافُ صوتَه
الكبارُ يرتابونَ من زحفِهِ نحوَ أقدامِهِمْ
.عرائسُ طفولتِهِم ْكانت بلا أرواح لتلائمَهُمْ
.أسقطَهُ سُلّم
.مسحت أمُّها عن طرفِ السجَّادةِ بقعةَ دَم
لم يمسح أحدٌ
وهي تدفنُهُ في ترابِ الحديقةِ
.دموعَها
نعامة صغيرة على الحبّ
.كأنَّما قلبُها علبةُ ألوان
"...أنا طائرٌ"
.كانت تردِّدُ طفلةً
هل كانَ ضروريًّا
أن تكسرَ ساقيْها مرَّتين
.كي ينتبهوا؟
شبيهةٌ بمساحيقِها
بملابسِها
بالبطاقاتِ التي تزحمُ بها حيطانَ الغرفةِ
.لئلاَّ تنامَ في البياضِ وحيدة
في الشارعِ
يتهافتُ عليها الأطفالُ
.لعلَّهُمْ ينتزعونَ من جسمِها قطعةَ حلوى
.بالخفاشتيْنِ لقَّبونا
هُمْ ذاتُهُمْ
الذينَ تغذُّوا
.عن الدمِ السائلِ من براءتِنا
جدَّتُها
في البلدِ البعيدِ
.حدَّثَتْها عن نجمةٍ تملكُها
.إرثُ الجدَّةِ تأخَّرَ كثيرًا
ما زالت تنتظرُهُ
.ما زالَ ريشُها يحلمُ بالهواء
على رمالٍ متحرِّكة
لو أنَّ هنالك إلهًا"
لو أنَّهُ يحبُّنا حقًّا
.إلى الجحيمِ سنذهب
نحنُ لا نعرفُ أحدًا في الجنَّةِ
."ونراجيلُنا يلزمُها جمرٌ كثير
في لوحةٍ
:تساءَلَتْ
لماذا تتصارعُ كلُّ هذه الرؤوس"
بخوذيَّاتِها المختلفةِ
."للوصولِ لشمسٍ واحدة؟
ذاتَ مرَّةٍ استعانت بسجَّادةٍ
.لتشرحَ نظريَّةَ الكون
:تجمعُنا حولَها
صحراءُ بعيدةٌ
.أباريقُ طينٍ وناس
هل ندركُ الآنَ
أنَّ العالمَ أوسعَ من المقهى الذي نرتادُهُ كُلَّ ليلةٍ
.أنَّ هنالكَ بشرًا غيرنا؟
.الجبلُ أمُّها
.وحده استطاعَ أن يحتويها
فرحَتْ
.لانَّ أباها ماتَ سكرانًا في رمادِه
لا بدَّ أنَّ العصافيرَ ستسعلُ حدَّ الاختناقِ
.فيما تبني أعشاشَها بينَ تجاويفِ العظام
التمساحُ الذي في بانيو شقَّتِها
لعنةُ البَلَحَةِ في العائلة
...خلافاتُها الدائمةُ مع الجيران
.!كم كانت بساطتُها ترعبُنا
أظفار مطليَّة بالشهوة
كانَ صباحًا داكنًا كقهوتِنا
كعينيْها الحادَّتيْنِ
.كذلكَ الغموض في القصَّة
شمسٌ سوداء في غيمِ النراجيلِ
القطَّةُ نائمةٌ
النادلُ ببابيونتِهِ المعوجَّةِ يتثاءبُ
.عندَ السياجِ الخشبيِّ غريبان
ساقان عاريتان
أظفارٌ مطليَّةٌ بالشهوةِ
.ندبٌ يجرحُ ضحكتَها
من أينَ جاءت بأسمائنا؟
كيفَ انضمَّتِ الطاولتان؟
نخونُ وعدَنا لأمَّهاتِنا
.ونأخذُ قطعَ حلوى من أشخاصٍ لا نعرفُهُمْ
تفتحُ دونَ مواربةٍ قلبَها
:بيتًا مؤثَّثًا بالبشر
الخائنٌ لأنوثتِها
أطفالٌ معوَّقونَ بأمومةٍ ناقصة
الرجلُ الذي يأكلُ نصفَ الكلام
ويقضمُ بكثيرٍ من القسوةِ تفاحتَها
المشعوذُ ذو الأرنبِ والعينينِ الزجاجيتينِ
.عجائزُ بعددِ التجاعيد
في البيتِ
تُحَفٌ من أصابعِها
نباتاتٌ
.إمرأةٌ وحيدة
قبلَ أن يرسمَها الله
.صرصارُ ليلٍ على الحائطِ يغنِّي
كُلُّ حجرةٍ زنزانةٌ
.كُلُّ آخرٍ جسرٌ إلى الذات
.زجاجاتٌ فارغة
.كنيسةٌ صغيرةٌ من شمعٍ وألوان
لعظامِهِ صوتٌ يربكُ الفراغَ
.كأنَّما في جسدِهِ محرِّكُ سيَّارةٍ قديمة
لن يغادرَ عتمةَ مقعدِهِ
لئلاَّ يوقظَ النباتاتِ من حُلُمٍ
.عينيها المغمضتينِ تحتَ أصابعِه
رسمَها
قبلَ أن يرسمَها اللّهُ
لماذا يغضبُ إذًا)
(حينما تلقِّبُهُ بالأبِ الروحيّ؟
رسمَ الوطنَ والبشرَ الطيِّبينَ لأجلِها
رسمَ قلبَهُ
زهرةُ صفراءَ
.في كأسِ نبيذ
وحيدًا يجلسُ
في غيمةٍ من دخانِهِ
يتخيَّلُها في فستانٍ أبيضَ
.تقبِّلُ أميرًا
كرسيٌّ من قش لا يشعلُهُ الحنين
وحيدٌ
.بقدرِ ما في البحرِ من زرقةٍ وجثث
في الرملِ يغرسُ أرجلَهُ
حالمًا بالجذورِ
ململمًا من حولِهِ الأصداف
.أصواتًا لا تخفت
."يسمُّونَهُ "الغريب
"لماذا لا يبني مثلنا القصورَ ويهدمُها؟"
لو اقتربوا من صحراءِ قلبِهِ قليلاً
لأدركوا أنَّهُ طفلٌ يشبهُهُمْ
.وسألوهُ عن اسمِه
.ألفتْهُ النوارس
.بذراعيهِ استبدلتِ المراكبَ وألسنةَ الصخر
هنا على الأقلّ
لن يرشَّها الصغارُ بالماءِ
ستشاهدُ الغروبَ
.بعينيهِ الفاضحتينِ ملحًا و أسماكًا
:كانَ من الممكن أن يكونَ آخرَ
...فزَّاعُ طيورٍ في حقلٍ ما
لكنَّ اليدَ التي صنعتْهُ
فرضت هذه الهيئة
.هذه الحياة
جلباب الدمع
تكنسُ الكوابيسَ كُلَّ فجرٍ عن عتبةِ البيتِ
تقشِّرُ قبالةَ النافذةِ بصلتيْن
.كي لا يسألَها اليمامُ عن دموعِها
بطرفِ جلبابِها
تلمِّعُ المرايا
عاجزةً عن إزالةِ حنانٍ مُترهِّلٍ
.يقرِّبُ قلبَها من التراب
ليلاً هدهدتِ الأطفالَ بحكاياتِ البحر
في جلبابِها رائحةُ الحارةِ
.ألوانُ عرائسِ الحلوى والأحصنةِ الصغيرة
.وعدتْهُمْ بفطيرةِ جُبْنٍ ساخنةٍ في الصباح
الشمسُ"
في هذه المدينةِ الكئيبةِ
باردةٌ
قاسية
"...ستكسِّرُ أسنانَنا
لا بُدَّ من حيلةٍ أخرى
.!تُخْرِجُهُمْ من دفءِ القُطنِ والأحلام
لو كانت روحُها سجَّادةً
لنفضَتْ عنها هذا الغبار
لتركتْها في الهواءِ قليلاً
...تتنفّس
الساحرة
لا
.لم تكن ملاكًا
كُلُّ ما في الأمرِ
أنَّها كانت تلتهمُ اللؤلؤَ
.وتختارُ لمقعدِها إضاءةٌ خادعة
الفستان الأحمر
فيما كان ينهالُ على عُريها
كانَ ظلُّها قد تجاوزَ البابَ
بفستانِهِ الأحمر
.إلى حانةٍ ما
رغبة زائفة
مُغمضةُ العينيْن
.مُستسلمةٌ تمامًا
بعدَ ساعاتٍ قليلةٍ
تستعيدُ جمالَها
.تدهشُ المرآةَ والزمن
بالمشارطِ
سيُزيلُ التجاعيدَ عن ضحكتِها
سيحشو شفتيها المتعطِّشتينِ للقُبَلِ
.برغبةٍ زائفة
لو أنَّ يدَهُ تنزلقُ قليلاً
ليسَ لتكبيرِ نهدِها الذابل
بالونةً مجرَّدةً من اللونِ والهواءِ
وإنَّما لترميمِ قلبِها
هذه الطائرة الورقية التي يئنُّ جناحاها
.كُلَّما لامسَها حبٌّ جديد
الفراشة
العصافيرُ الرماديَّةُ
لا تصدِّقُ
.!أنَّها لا تستخدمُ المساحيقَ لتزيينِ جناحيْها
عصفورٌ صغيرٌ
فكَّرَ في الأمرِ طويلاً
اتَّهمَها بلبسِ المرايا
.وخداعِ العيونِ بانعكاساتِ الزهور
"!تعالَ وفتِّش خزانتي أيُّها السفيه"
صرخَتْ في وجهِ دبُّورٍ أسود
حاولَ أن يلامسَ جسدَها في مرورِهِ
.لعلَّ ألوانَها تبهتُ على معطفِهِ الداكن
بَكَتْ طويلاً
على كتفِ شجرةٍ
"!لستُ ساحرةً كما يُشيعونَ في هذه الغابة"
يومَ أحرقوها
تصاعدَ إلى السماءِ دخانٌ غامضٌ
ليستقرَّ في قلبِ الزرقةِ
قوسُ قزحٍ
.شعاعًا بسيطًا من روحِها
فزَّاع الطيور
كثيرةٌ هي أمنياتُهُ
أكثرَ من السنواتِ التي أمضاها واقفًا في هذا الخلاءِ
أكثرَ من البذورِ التي يحرسُها الهواءُ
.عبرَ جسدِهِ القليل
يحلمُ بمقعدٍ يريحُ ساقَهُ النحيلةَ
بوضعِ يدِهِ في جيبٍ
في كفِّ امرأةٍ
بغيمةٍ تستقرُّ فوقَ رأسِهِ تمامًا
بأطفالٍ طيِّبينَ يقذفونَ نحوَهُ كُرَةَ القدمِ
بينَ حينٍ وآخر
بدلاً عن الأحجارِ
بأزهارٍ قليلةٍ تنبتُ حولَهُ
ليطمئنَّ أنَّ أحدًا في العالم سيفتقدُهُ
إن سقَطَ
.بضربةِ مِنْجَل
يحلمُ بالعصافير
تلامسُهُ
دونَ خوفٍ
حتَّى إن أخذَتْ مقابلَ حنانِها العابرِ
قشَّ القبَّعةِ التي تحميهِ
في هذا الخلاءِ
.من قسوةِ الشمسِ والمطر
رجل الثلج
بأيديهم الصغيرةِ
صنعوا جسدًا ورأسًا
بقطعٍ يابسةٍ من الخشبِ
منحوهُ وجوهَهُمْ
ورائحةَ الجلدِ
في المعاطفِ والأحذيةِ
منحوهُ ابتسامةً
وغليونًا
دخانُهُ
.أنفاسٌ دافئةٌ مرتعشة
لا بُدَّ أنَّهُمْ غافلوا الكبارَ
واختلسوا هذه القبَّعةَ الرزينةَ لأجلِهِ
.وهذا الوشاح
في الليلِ
.سيغيبونَ عنه
ليسَ بإمكانِ أطفالٍ في مثلِ ألوانِهِمْ
.!أن يناموا في هذا البياضِ القارس
مثلُهُمْ
يرغبُ في مسافةٍ
يسقطُ فيها ألمُ الفقدِ
حينَ تظهرُ الشمسُ
ويغيبُ عنهم
.للأبد
ذلك البريق
.كَبُرَتْ
.ما عادَ صوتُها يصلُهُمْ
من قالَ أنَّها تغنِّي لأجلِهِمْ؟
يكفيها مستمعٌ واحدٌ
:في صالةِ الليلِ الخاوية
قمرٌ بأسنانٍ قليلةٍ
يتَّكئُ على كمنجتِهِ
يسعلُ بشدَّةٍ
بينَ وصلةٍ وأخرى
مطيِّرًا نجماتِهِ على ثوبِها وشَعْرِها
.مُعيدًا إليها ذلكَ البريق
"طابع البريد: عصفور "ميرو
ستُصيبُها أمراضُ الأطفالِ
ويصفرُّ جلدُها
آخذًا لونَ الوردِ الذي تحبُّهُ
لونَ الصوصِ القطنيِّ النائمِ على طرفِ السرير
لونَ شَعْرِهِ
الأميرُ الذي أحبَّتْ ضحكتَهُ واختفى
في صفحةٍ أخيرةٍ
.من رواية
سيملؤها الفراغُ بفراشاتِهِ البيضاء
وتكتشفُ
كمن يرى نفسَهُ لأوَّلِ مرَّةٍ في مرآةٍ
أنَّ حياتَها لا تشبهُها
وأنَّها أساءَتْ فهمَ الغربةِ
.زمنًا طويلاً
.لا تحاولي"
لا النعناعُ ولا نصفُ الليمونةِ في ماءِ النارجيلةِ
.سيعيدانِ إليكِ طعمَ الشتاءِ الماضي
.الأغاني -أيضًا- عاجزة
فمُكِ الذي لم يبحْ سوى بنصفِ الأسرار
.عضوٌ ناقص
.لا كلامَ ولا قُبَل
."فقط ابتسامةٌ صغيرة
ستبكي
حتَّى تحوِّلُها الدموعُ
.إلى غيمة
من عرشِها الأزرقِ البعيدِ
ستراهُمْ
بأحجامِهِمْ الحقيقيَّةِ
.بلا أسفٍ أو حنين
"ستصادقُ عصفورَ "ميرو
والسمكةَ التي تغنِّي
.في مربَّعٍ من ورق
في زاويةٍ صغيرةٍ من روحِها
ستعيدُ بناءَ المقهى القديم
ستحفرُ على بابِهِ
.ضحكةً من خشبِ الورد
إلى أحلامِها
ستخرجُ
:وتعملُ بالنصيحةِ
"العسلُ وقِطَعُ السكَّر"
الشمسُ الذائبةُ في قلبٍ كبيرٍ
أيامٌ حلوةٌ
.رُبَّما