شارع نصف القمر
2015
.مخطوط منقول عن دفاترَ خاصّة وقصاصات متفرّقة)
(.لم يُطبع بعد في كتاب، لغبطته بورق الخريف
للّذِينَ حقائبهم حكايات مجروحة
على قلوبٍ أقفالُها
الذينَ أكتافهم أنصاف أقمار
وفي الحانات تحدّثهم ملائكة حزينة
قاطعو اليقين بوداعات شائكة
والطرق والحدائق على أوراق أقدامهم
الذين يشعلون دموعهم ليبصروا دربًا
سعاة الخريف على أرصفة بلا رسائل
العازفون على أوتار المطر برموشهم
العازفون عن الكلام كي لا يطير الحمام
رعاة النهر بالرمل منهم
رماة الرصاص نحو المرايا
الذين أقدارهم ما تكسّر من أقداح
وأحضانهم أقفاص مهجورة
لندن للوحيدِين
لهؤلاء الذين يعانقون الجذوع بأذرع وأجفان
وحول الأغصان يعقدون شرائط صفراء
⁂
وشاح أصفر لأواكب الخريف
معطف برماد عيوننا حين نحزن
في فتحة الزرّ زهرة خشخاش
لأنّ يدك حصّتي من الندم
لأنّ البداية ببهتان وردة
لأنّ الغرام أغنية في سيّارة
لأنّ حضنك صعد الحافّة وحيدًا
لأنّني انحنيت كي أدخل مرآتك
لأنّك كذبة عادلة الأوصاف
لأنّ الحقيقة طاحونة أرواحنا
لأنّ الصدق أوّل الغرقى
لأنّ السعادة جوف قيثارة
لأنّ اللوحة مسوّدة نافذة
لأنّني الوجه بين جدرانك
لأنّك لم تزن حزننا بيديك
لأنّ الحكاية نصف حكاية
لأنّ الجرح الأعمق لا يسيل
لأنّ النبيذ دم ذكرياتنا
حول نبضي يتساقط شهداء
ربيع من الدموع اليابسة
بظمأ يأس
أقطع حديقة ظلّي
أنكسر مثلما يندثر أمل
أنسى كما يخرج جناح من هلاكه
"في عِداد الموتى"
والحبّ ملاك عاقد حاجبيْه
أهكذا ينتهي نهر يا إلهي؟
⁂
لأنّ الحبّ لا يبدأ بلعبة
لأنّ العشّاق لا يصدقون إلّا فُرادى
لأنّني لم أصغِ إلى البحر في نصيحة
لأنّني رفعت السقف عاليًا بزيف سحابة
تعاتب كتفي الأعتابُ
ينادمني كلّ الندم
في الحانة الزجاجيّة
وحدي ووجهي لشارع
المارّة يقطعون ملامحي
بقبلاتك على رصيفيْن
قلبك شطر ظالم من قمر
وأنا ما ينحني من قامة قوس
ليسع بهلاله حسرة المفارق
⁂
ليل ماطر كأنّه عيناك
شجر كفيف خلف الشبابيك
بأضوائها تسيل السيّارات
المشاوير بأزهار مظلّاتها
الدمعة عابرة
الحبّ شارع طويل
⁂
هو الحبّ
على الأرجح
هي دمعة وحيدة في كأس
على طاولة المقهى الخشبيّة
خريف يرتّب أوراقه
الآن وقد غدا اسمه غريبًا
كيف أتّكئ على كتف من أحببت؟
⁂
(ذلك الحبّ)
بخطوة إلى الأمام
وأخرى إلى الخلف
هذا الحبّ كملاك مرسوم على حجر
لا يبرح مكانَه
مرير وجميل وله عينان من غمام
محترق دائمًا ومليء بالنجوم
هشّ ومجنون
غَيور ومغرور وخائف وظالم
شاهق لكنّ جناحه عالق بعتبة
إلى العاذل ذاته يصغي
مكذّبًا فصول أصابعنا
هفواتُ طفلٍ خطواته
واثق من رحمة الحنين
المطر والمدينة والفندق الرماديّ
وأضواء المكالمات الطويلة
ندف عاتبة على أهدابه
معسوف ومدان ومنكسر
لأنّك أضعف من أن تكون ضحكتي
حنون وأحمق لأَنّني أحبّك
ولأنّنا نسمح لهامة فارغة بملامسة وسادته
مهدور في هوامش
ونبضُهُ نافذة على شارع مهجور
عادل في قسمتيْنا من القساوة
جائر قليلًا على صبّارة في روحي
صابر وباسم ونادم ربّما
كعصفور حطّ على كتف خاطئة
مثل نهر يسيل نحو حتفه دونما سؤال
خيط خلاص ونحن مقصّ
ريشة طائر في حضن حطّاب
أعلى من أوّل النبع
أعمق من عطر في عناق
حبّنا الذي حاك الطريق بخيط وشاح
وقدماه هنا
بين قلبي وقلبك
⁂
مدن صفراء
صفحات من صحراء مغلقة
الجحيم حول مدفأة من أحطابنا
أنخاب من ندم
غرف بأرقامٍ غامضة يملؤها غمام
نبض فارغ من قطرات اسمك
عبق قطار في مسامّ معطف
خطّ ضوء خارج القضبان
خيوط أسقطت دمى دموعي
خرائط خائفة من فتح أكفّها
حانات ومقاهٍ ومفاتيح ليل
كلّها زائد عن الحزن في جيبي
مناديل مسطّرة بريشة وداع
عداوات صغيرة في علب كبريت
تمثال بهالة شجرة على كتفي
زجاجة عطر من زهرة وحيدة
خريف من شَعرك فوق وسادة
ورد دواوين في حقيبة مهملة
حصان بين أهدابي أربّيه
من نعاسي ينهل ولا يكبُر
أصداء أقنعة في قفص مفتوح
صفصافة عارية من الرسائل
بطاقة باريسيّة وفلّينة للذكرى
دربٌ أمامي، للمحو والسلوان
قصائد لا تصلح حتّى كمراكب ورقيّة
مسوّدة حبّ تالفة تحت ضلعي
كيفما أروي الحكاية
أجد قلبي ناقصًا
⁂
(رسالة إلى الشقيقة)
في البالِ بلادٌ من الريح على شفا بحر
ونخل راسخ بظلاله
يهدهد مراكبنا الورقيّة
قصر ناصع خلف بوّابة سوداء
من قرميده تنهل العصافير صوت نبيذ
صبّارة لها وجه أمّ
ممرّات من الورد لركبة على عكّاز
بومة بيضاء على عتبة عاتمة
قشرة بيضة ملوّنة
مدلّاة برأس طفلة
قمر على جثّة معلّقة على سياج
لعاشق نحيل يشبه نحيب لوركا
سيوف من الفضّة دفنّاها على أمل أشجار
بيت على شجرة خرّوب كثيرة الأشجان
صهيل مهر في عربة مفقودة
نهرنا الذي جفّ في دمعة طريق طويل
كهوف خالية من الذئاب والكنوز
طين أحذية مطّاطية على جباه سجّاد
منطاد ما، من كوكب أعلى على الأرجح
ضفدع يصدح تحت أغصان التين
صندوق سيّارة لضحكات صغار
على أصابعهم يعدّون النجوم
بأسماء إخوة وخِراف
⁂
إلى هذا الرمل الأحمر تؤول تماثيلنا لفرط الجراح
تلك التي من ملامحنا نحتناها لأجل من نحبّ
بوجه عاشق حينًا
ولمرّات على هيئة أشجار
لضوء ضحكتك
لأهدابنا التي تكنز أمطار ليل على بحر
لكنزة وشاليْنِ شفيفيْن
بأجنحتهم ركضتُ في المرفأ العتيق
للطاولة المزويّة بزهرٍ فوق مقعديْنا
لقبّعة دموعي بين يديك
لكلّ ما مضى في غفلة من الغيم
من نبضنا والمشوار
هذا الندم القريب
لم يكن بقامة نهر
ذلك العشق
وتلك التي نامت عاريةً
بهلال ظهرها على جِلد الملاك
دون مسافة لظلّ أو فراق
لم تكن الحقيقة
⁂
رغم رسائل الجنود المعقودة بشارات حمراء
رغم قصائد التائهين فوق ورق شجر
رغم كلّ ما توسّمته طباشير
من بشائر في جدران
لم تُحرق الحبَّ دمعةٌ كحكايتنا
لأنّنا الدم بين يدين
النهر في عروته العارية
العتبة من الجذر حتّى الخريف الأخير
وتلك السماء التي انكسرت في نظرة ملاك
"كم هي كثيرة كلمة "لا شيء
كم في حروفها من ضفاف شوارع
كأنّك بممحاة تخطّ النهاية
ثمّ تنحني كي لا يطالك حنين
هذه قسوتك التي أعرفها
ساقية مُرّة لطفل في قلبي
وهذا الذي في مرآتها حناننا
قوس ابتسامة في كمان مكسور
عدوّان كما يلوح عناق بين قاتل وقتيل
مثلما المرايا تُآخي بين الدموع
حلمنا الجارح بمنطق وردة
قمر قانٍ خلف قضبان
كأنّنا رماد كلّ الحروب
عيون أرض مغمضة
بعضنا تقوده غيمة
كلّنا غبار دروب
⁂
بي شجن على شارع طويل من الحبّ والشجر
على عاشقين في مقهى يتبادلان الأصابع
أشتاق الخريف الذي لبشاشته وجه بيننا
وقَدْ قُدَّ ليله كي يكون معطفًا من عناق
بيننا خصام أطول من مدى نصل
أيعقل أن ينكر خصر ما حفرته فينا أنهار؟
لو أنّ الوحشة عصافير تلتهم عنادنا
لو أنّ عينيك قبالتي ولو بهفوة من عتاب
لكنّ الليل جرح في نافذة
والقمر الذي أردته رسالة حبّ
نصفه ضغينة مكسورة
ونصف ضماد على جبين
⁂
لليلةٍ واحدةٍ تحت قمرها الوحيد
المدينة التي مثل كلمتيّ حبّ وندم
لا تكون إلّا بمفردها
شجر متخفّف من الخسائر
فندق قانٍ كجرح زجاجة نبيذ
محلّ أزهار مغلق
بقسوة قنّينة عطر
البرج قفص تملؤه النجوم
هيكل عظميّ لعاشق
عارٍ إلّا من دمعاته
تطول الشوارع وطفولتي صورة لنهر
والمطر طفل نحيل لا يكفّ عن الركض
إلى أين يا سلالم بيتهوفن؟
مكتب البريد في مكانه
عتباته رسائل لي
مدرستي طفلة مُعاقَبة
وجهها نجمة لجدار
على جسر من غيم وغضى
ناحية البيت العتيق
كيف توهّمت هذا الأسفلت الأسود
فضّة تضيئها خطوتك؟
أمحوك كما كتبتك
كم تبدو الحكاية التي أبكتني مرارًا
تافهة من هنا
كم هي ضحكتك دمعة خادعة
تحت شرفتي الغابرة أقف
وقد صرت ما كنت أبصره قديمًا من الطريق
⁂
شمعتان لأمّي
لامرأتين مائجتين
في ممرٍّ إلى طفولتي طويل
لتلك التي أدارت ظهرها لدمعة دميتي
كي تطعم اليمام بسمة يديها
ولحبيبتي التي تكاد تسقط من النافذة
لأنّ ظلّها طفل كفيف
حزينتان مثل عينيّ في الصور
هزيلتان كيدين من وداع
المطر ما لم نقله بعضنا لبعض
الليل بيت خالٍ
إلّا من صحن صغير للدموع
⁂
لا أملك إلّا أن أمحو
كلَّ ما كتبتُه
كي أجمّل الألم
ليس القمر بدلالة دمعة
وتلك السنوات لم تكن
سوى ساعات ودقائق
ملاك ما
يمرّ مبتسمًا لنفسه
مدينة تنهمر كذكريات على نوافذ
والليل حصان
حصان صغير
حانق وحزين
ثمّة ساعة معطّلة بين الضلوع
مثل مطر خارج سطوتي
كما الورد
تنتهي قلوبنا إلى سواد
⁂
:بأسمائها تناديني الأشياء
الحجر في قلب تمثال
النجمة في زينة شوارع
الشجرة المتفرّقة في حياة غرفة
الحنين الذي ليس جسرًا لقساة
الحبّ الأوّل
بصندوق أبيض من رسائل
الفرح الطفل في الصور
المناورة بين موقد ومصباح
ملاك الحقائق المُطْلَقَة
بشال مائج طويل
لتلك النهايات المهينة
أدين بعودة دموعي
صغارًا بعيون نادمة
أنهارًا منهكة نحو الينابيع
لدمعتي التي تشبه شمعة في متاهة
برجل ثلج مبهج فوق الجبال
لوجهه الغائر في غمام وديان
بتمرين يديَّ
على فكرة الفأس والمنديل
من العظم والظلّ
أكتب الحكاية معكوسةً كهاوية
من تُراه صاحب الوجه الذي توهّمته آخر في المرآة؟
وهل ينجو وحيدًا
نهرٌ يعاود أدراجه؟
"لطالما رجّحتُ أنّها "أزهار الألم
هذه التي كلّ فصولها في الجحيم
ثمّة نقطة ناصعة وسط نواة الندم
خدعة ما
في لعبة التخلّي
ثمّة فنجان ناجٍ من أصل اثنين
بأقلّ من كلمة
يكتمل النسيان
⁂
كتب رسم لطفلة ما
مماحٍ ملوّنة على شكل أسماك
ملصقات صغيرة لوصل مدينتين
دفاتر من الجلد المجروح
زهرة خشخاش نادمة باسمة
علبة يزيّنها حزن غزال
حياة مفكّكة في مكعّبات بيكاسو
غيتار مهشّم كمظلّة مجنون
أشلاء بملامح زجاجة
بطاقات بأحبار مراكب
وصيفات ملكة ميّتة في كشكول
صندوق بحجم مأساة
وجه امرأة بقساوة أقراص
قصائد معلّقة بين ذاكرتين
قلب أَحَبَّ كما لم يفتح نفسه أحد
هدايا بين الأهداب والأصابع
جميعها دموع برسم البيع
⁂
إلى صورتنا القديمة أتسلّل
في معطفي ذاك
وجهي في أوّله
القميص المقلّم الملوّن
ساعة المواعيد البعيدة
خطوة من خيال
أخرى على سلالم قصيرة
أمام الأمل الذي استدار في دمعة وراءنا
هل يتكرّر الحبّ؟
غرفة مجروحة بأنوار مدينة
نهر على مدى نوافذ
عطر يعرّي ملاكًا
خزانة عابقة بظلّ غابة
في القلب أشجار
لكنّنا كحصانين من ورق
⁂
لو أنّ زجاجة العطر السوداء
تعود زهرًا إلى جذورها
الطاولة التي جمعت أوجاعنا
وليمةٌ لا تؤلم
تلك القمصان منك
لرايات بلا أرض
والرسائل كلّها
إلى الصمت الناصع بين غريبين
لو بوسعي أن أقرن هذا الشارع
بمشوار أبعد من غيرتك
وجه الملاك الجادّ
بسعادة لا تنكسر
جِلدي وجراحي
بنهر سالٍ تحت المطر
لكنّ المرايا مشروخة كضحكة
وكلّ ما ادّعته عيناك
غدا دموعي
لا اللوحات نوافذ
ولا الأوشحة أحضان
وحدها أعواد البخور
جسور محترقة بيننا
⁂
لأنّ القمر وجه دمعة
وللفقد مقعدان متقابلان
أرجّح أرجوحة الأمل
مؤلمة لمفرق
لكنّ الحكاية
أنين أطلال إلى طريق
في الباحة القانية أقف
كملك شفيف من الدموع
الأسوار حمراء
بحمام ناحل على الحوافّ
في هذا النسيم
أنفاس خسائرنا
الحبّ بيننا أرض سائبة
لكلّ عاشق
قسطه من عذاب الأرض
⁂
ليل بطعم غيم وغبار
بيت يموت وحيدًا مثل شجرة
لولا المطر
لما برئتُ من الإنتظار
على خشب الطاولة التي عشّقت أصابعنا
جذورًا بين وجهيْن
حياتي دمعة في صحن
في المطبخ الساكن
البسمة الوحيدة لسكّين
كم من الأكفان حول الحبّ
بين هذه الكلمات
للفقد سلالم أطول من العمر
في الممرّات أمشي مثل شمعة سوداء
قسوتي ملاك
لأنّني أتألّم عنك وعنّي
دمعتي الواحدة مثقال عينيك
القلب قصر فارغ
ووحده الحبر بحر من أمامي
⁂
(Untitled)
بتدرّج وردة على سلالم البيت
بحياد سكّين حين تتعرّى
بخضاب الحبّ والحرب
بالأحمر الذي لا يبرأ من الطعنة والقُبلة
بضربات عنيفة كنبض فان غوخ
بضحكات مبعثرة في دفتر طفلة
من الريشة حتّى شرخ النافذة
بوحشة الجدران
أرسم حضنك
بقعة لرماد قلب
ذراعان حول باقة من حطب
وجهك كي تكتمل متاهة
بعينين مغمضتين على كلام
بدم الينابيع
بألوان شمع ذائبة
بأحبار تسيل
ولا يضمّدها قمر أو ورق
برقّة عصفور
بدقّة رصاصة
بدمع قليل بطرف جناحي
لئلّا تختلط ملامحنا في لوحة
⁂
بلون الجرح حين يجفّ
العتبة التي على ليل بلا مفاتيح
ماكينة القهوة والقبلات المُرّة
الفنجان الوحيد مثل ناجٍ على جزيرة
الغرفة المغلقة بغيمة
الكتب المهداة إلى سطر رفّ
الحقيبة ذات الجوف الفارغ
الشمعتان دونما نقصان
الصابونة والمنشفة ومساحة العناق
ملاك الوحدة بمفرده في المرآة
العطر العنيد على وجه وسادة
اللوحة التي نامت تحتها أكفان
المكان من دونك مكتمل
وكأنّ الحبّ لم يمرّ يومًا من هنا
⁂
ملاك مكسور الضحكة
مركب ورقيّ ذابت رسالته
ليل لصغار صفّرت لهم التعاسة
باب يئنّ ولا يطرقه مطر
تمثال حصان تحت المطرقة
غبار مدينة تحلم بالغيوم
جدار بوجه لوحة
سرير بأرق وسادتيْن
كيس هدايا لجمع الدموع
شجن جفّ من ماء المغفرة
ديوان أحمر كما يحتّم الجرح
شبّاك يتذكّر كيف كانت الأيّام
خشب أرضيّة بلا جذور
سقف لألم لا قاع له
هذا قلبي
من هنا مرّ القساة
⁂
وجه بهزال شهرين من القسوة
عينان فائضتان عن معرض من الدموع
يد مفتوحة لمفاتيح مطر
أخرى لأخذ الصحراء على محمل جناحيْن
شطر ابتسامة لا يكتمل بيتها
رموش مسدلة على حماقات الحنين
قدمان قطعتا الوحل والحدائق
بساقين أهيف من الأشواك
حاجب تعلوه وقاحة الوشاة
أنف مكسور في أنفة تمثال
حضن ضامر قابل للتأويل
قميص مقلّم برحلة قطار
ظلّ ضالّ عن سلالة ليل
قلب بأخطاء كلّ الأطفال العصاة
ضمير ناصع من مئة صفحة
ستّ سنوات في سلّة نهر
ريشة للعزف، للرسم، لسأم ساحر
ضلع كمنفضة لأعقاب السجائر
ركبة لطالما تألّمت لسلالم سواها
كتف لا تستقرّ على كنفها نجمة
ساعة لقياس الرمل بين جسديْن
معطف على اسم امرأة من رسائل
ذراعان لاكتمال قيد حول باقة
قارورة عطر بجينات وردة
عنق عتقها طائر لم يعد
حفنة مواعيد من فلّ مجفّف
صبر مربوط بحبال مراكب
ندم قابل للقسمة وكأنّه حبّ
أنا عربة العشّاق المهشّمة على جسر
وسط ركامي، تُزْهِرُ كلّ قطعة مفقودة
⁂
كي لا تتوقّفَ الدرب على غرار قلب
لئلّا يتجذّرَ الألم أسوةً بالقناديل
لأختبر قدميَّ كجناحين بعد العاصفة
كي أبتكر ضحكةً من حطام قطار
لئلّا تبقى الرحلة مَرْسونةً بدمعة
أمشي حتّى امّحاء الوجه والضلوع
⁂
بقطار أسرع من قلبي
لئلّا أقف على أطلال
بقَطْعِ الشوارع بأشواط من مطر
بوجه ناقص من صفحات دفتر
بيد مفتوحة بلا عصافير
بظلّ يتباطأ كطفل
بقدميْن بالكاد تلمسان الخريف
بحصّتي الظالمة من انتصاف القمر
بمصطبة زاهرة بذاكرة من جذور
بإصبع على زناد هاتف
بصورة ذاتيّة تشبه الإنتحار
بعكّازِ عجوز
صوتها نجاة
ببرميل ورد بنصف عمر قصير
بأحضان أصدقائي القدامى
بضلع شجرة ونبض قمصان
بالجلوس بالساعات
على هدب مقهى
دون نجمة في العينيْن
بمفردي كما تشترط هزيمة
أعبر مرآة رصيفين متخاصمين
بدقّة دمعة
أصف كيف يحدث النسيان
⁂
(الصوت أوّل ما يُنسى)
كما الغيمة
كمدينة من رماد سيجارة
كما يمّحي الحبّ في كفّ دمعة
مثلما ملاك المطر محكوم بالسقوط
كما يؤلمني الأمل
مثلما تباغتنا المفارق
كما تتشابه أشهر الأرق
كما الحانة نهاية مفتوحة
كما نغنّي للتعلّق والفقد
كما نحيا وحيدين حول هذه الأرض
كما تزهر لمحات من حديقة
كما تنطفئ الشموع تباعًا بين السطور
على دمعتي أمشي
كما تكتمل في شارع نصف القمر
بمفردها
حكاية
⁂
(ساعة المواعيد الماضية)
بوجه قمر صغير فوق معصمي
برسن مجروح حول ذاكرة
تُقبل وتُدبر معًا
لئلّا نبلغ اللحظة التي
يكفّ فيها الحنين
في طرفها تاج نجمة
نبضها مطرقة على سكون
الأرقام أوزار
بثقل عمر بلا مواعيد
حولها يلتفّ الوقت بالغرق
في قلبها المائل
تتساوى الدقائق بأشهر من الهجران
نافذة متزامنة مع عصافير مجنونة
جرح رصاصة لا يجفّ تحت الثلج
ساعة يد
لا يد لها في النسيان
⁂
مسافة دمعة
كلّ منّا على حدة
هكذا حرسْنا أشواطًا من الألم وراءنا
بنصفيّ قمر
بشمعة مشتعلة من طرفيها
بالعناد العادل بين عدوّيْن
بأشهر كليلة من شتاء
بالكره الذي هو وجه آخر
بالحبّ بكافّة أقنعتنا
بيقين تامّ بأنّ القسوة سفينة
اقتسمنا الصمت
كما لو خندق يسع خاسريْن
كم يضحك الملاك المحايد بيننا
كلّما فضحت أشواق أحدنا أغنية
⁂
نصف قمر لشارع متفرّع من شتاء شجرة
نجمة من النرجس الأصفر البرّيّ بجواره
رصيفان لمشوار متسمّر في مفرق
لوداع واحد، أسطر من أسوَد شبابيك
على عزلتي
ما يتراكم من تعاسة العالم
كما تشبه الكواكبَ التي بلا أسماء
أكياسُ الدموع على أكتافِ صغار
ضحكة من ركام حكاية
نبض يتسارع بغاية الطيران
:تمثال يسأل المطر
أيؤلم كثيرًا السقوط؟
من النهر المائل نحو مدن ممحوّة
إلى مقهًى يئنّ بأغنية
وبيت حزين بين العينيْن
أثقل من صفر
ما تقوله النهايات
ثمّة امرأة محنيّة كغمامة فوق المغسلة
رجل يموت وحيدًا
كما أريد أن أحيا
أشدّ العابرين ألمًا
خيط قطار
لولا عصفور يجنّح القضبان
عدا دمعتك تلك
لم تكن لك شمعة
شارع قصير من صمتي
هو النسيان
الحبّ كالأرض
معضلة العابر
ليت العدل جميل كما الأشجار
⁂
بأكثر من يديْه
يدِين اليأس
لمكالمة بين صوتيْنِ كارهيْن
كم النهاية نصل حرّيّة
في القطار الفارغ مثل دمعة
أبتسم كأنّ الحبّ حكاية سوانا
في المقهى الدافئ كندم صيف
وجهك حجر أكثر من النسيان
من بين المقاعد
أجلس على طمأنينة حلمي
أغيم وأغرق بأنفاس أغنية
لا كلام فوق الطاولة
تلك التي على قلبي قلبتَها
لتسع قسوتَك الأرض
⁂
لوحدتي أدين أكثر من وجهك
أنت الذي تضحك مع الموسيقى في صورة
كما يئنّ قلبي
بأبوابه المفتوحة لمرأى المطر
للغيوم من غدير إلى غرق
لأصحاب أرحب من الحبّ
لحانات لا تصدأ أحضانها
لمفرق بين مكالمة وصدى
لم تكونا سوى ظمأ نجمة
عيناك الحافيتان من النبع والدموع
بصوتك
كلّ ما بيننا كذبة
أكان عليّ
أن أقطع الجحيم مرّتيْن
كي أشكّ في كتاب الوردة؟
كم كان قليلًا
قلبك في الوداع
يا لهشاشة الزهر
يا لشماتة الأشواك
⁂
للملاك الذي
بأنفاسه يحرس رماد حبّي
للطرقات المتلكّئة
على قلبي وقدميْه
لشارع قصير في تنهيدة عاشق
لذلك المطر المهرول بين الخطى
تضحك الحياة
كمن يعرف أكثر
لحقيبة مرسونة مثل سيف عبر نبضي
لدمعة الله المعلّقة فوق أسطح وجراح
لربيع سكران تحت المصابيح
لندف مواعيد عالقة
بركن شجرة أوريجامي
لسور الحديقة
الورق الأحمر
الورق الأخضر
الورق الأصفر
والمصاطب المحفورة بانتظاري في حروف
لتميمة نسياني في حفيف عابرِين
لقطار الليالي الساهم في رحلة سواه
لقلب القيثارة
حدقة النافذة
النافذة نفسها
البذرة والثمرة والخريف
لحلم كاد يلامس كتفي
دون أن يبادر ولو بوخزة وردة
ليُتْمٍ خلّفته امرأة لا تغادرنا
لمقعد لم يكن يومًا لغيمة
للكيس المقلّم بسكّة قوس قزح
لعلبة ألوان بجذور اليديْن
لقمصان روحي قبل أن يعرّيها العدم
للفنجان المنقّط كحضن من دموع
لأخطائي وندمي
الذين ما عادوا أطفالًا
للكنز الذي جلت الكوكب كي أجده
منذ العتبة بجواري
وكحبّ يفرحه
دور مرسال في أغنية حبّ
⁂
أوتار أقرب من ذاكرة
أخرى أوسع من سلوان
كذلك القلب
ضدّ نبضه
في الموسيقى
عطر كالدروب التي
كلّما تقدّمت في التراب
صارت تشبه ينابيعها
هكذا تعيدني نجاة
إلى ما محوته مرارًا
هكذا يعود وجهك
كنهاية نهر عبر دموعي
كما ينقص كوكب ويندمل
بوداع معلّق بين مدينتيْن
إلى بيتي يتبعني في أغنية
شارع نصف القمر
⁂
تشبهنا الشوارع
بما في قلبها من أقدام غرباء
هذه التي في نفسها تشرد طويلًا
دون غاية من الغيم
بألف شرخ في النهاية
لا أنت ولا أنا
ملاك ما مضى
لكنّ قسوتنا عاشق واحد
تحت شجر الحكاية
يؤلمني ربيع الشبابيك
أيّ حبّ هذا الذي يورق في المفارق؟
بعينيْنِ صافيتيْن ِمن الندم
أبصر الدرب
خالصًا من دمعتك
حتّى الجرح اليابس
نرجسة بين عظام قيثارة
⁂
تحيّة إلى العابر بباقة حمراء
كما أحمل فوق الرماد قلبي
إلى سين من الناس
كلّ الرسائل التي سطّرتُها
بوحل ليل على شوارع
لهول الخريف الذي قطعتُهُ على نصل
لفرط ما وهبتُ دموعي لصحراء
لعمق ما يتجذّر الأنذال
بأذاهم وذكرياتنا معًا
،في فيء صفصافة
في الأربعين
يؤلمني الحبّ كما في العشرين
لكنّ الوقت لا يُنضج جرحًا
لكأنّ الصمت أعمق من الرماح
لكنّ الملاك لم يكن ملاكًا
كأنّه لم يصدق حتّى مع مرآته
لكنّ الأسف أكثر من يديْه
ويدانا أقلّ من بسمة قارب
لذا ينهكني النهر
وكأنّه من كتفي يسيل
على قلوبٍ أقفالُها
الذينَ أكتافهم أنصاف أقمار
وفي الحانات تحدّثهم ملائكة حزينة
قاطعو اليقين بوداعات شائكة
والطرق والحدائق على أوراق أقدامهم
الذين يشعلون دموعهم ليبصروا دربًا
سعاة الخريف على أرصفة بلا رسائل
العازفون على أوتار المطر برموشهم
العازفون عن الكلام كي لا يطير الحمام
رعاة النهر بالرمل منهم
رماة الرصاص نحو المرايا
الذين أقدارهم ما تكسّر من أقداح
وأحضانهم أقفاص مهجورة
لندن للوحيدِين
لهؤلاء الذين يعانقون الجذوع بأذرع وأجفان
وحول الأغصان يعقدون شرائط صفراء
⁂
وشاح أصفر لأواكب الخريف
معطف برماد عيوننا حين نحزن
في فتحة الزرّ زهرة خشخاش
لأنّ يدك حصّتي من الندم
لأنّ البداية ببهتان وردة
لأنّ الغرام أغنية في سيّارة
لأنّ حضنك صعد الحافّة وحيدًا
لأنّني انحنيت كي أدخل مرآتك
لأنّك كذبة عادلة الأوصاف
لأنّ الحقيقة طاحونة أرواحنا
لأنّ الصدق أوّل الغرقى
لأنّ السعادة جوف قيثارة
لأنّ اللوحة مسوّدة نافذة
لأنّني الوجه بين جدرانك
لأنّك لم تزن حزننا بيديك
لأنّ الحكاية نصف حكاية
لأنّ الجرح الأعمق لا يسيل
لأنّ النبيذ دم ذكرياتنا
حول نبضي يتساقط شهداء
ربيع من الدموع اليابسة
بظمأ يأس
أقطع حديقة ظلّي
أنكسر مثلما يندثر أمل
أنسى كما يخرج جناح من هلاكه
"في عِداد الموتى"
والحبّ ملاك عاقد حاجبيْه
أهكذا ينتهي نهر يا إلهي؟
⁂
لأنّ الحبّ لا يبدأ بلعبة
لأنّ العشّاق لا يصدقون إلّا فُرادى
لأنّني لم أصغِ إلى البحر في نصيحة
لأنّني رفعت السقف عاليًا بزيف سحابة
تعاتب كتفي الأعتابُ
ينادمني كلّ الندم
في الحانة الزجاجيّة
وحدي ووجهي لشارع
المارّة يقطعون ملامحي
بقبلاتك على رصيفيْن
قلبك شطر ظالم من قمر
وأنا ما ينحني من قامة قوس
ليسع بهلاله حسرة المفارق
⁂
ليل ماطر كأنّه عيناك
شجر كفيف خلف الشبابيك
بأضوائها تسيل السيّارات
المشاوير بأزهار مظلّاتها
الدمعة عابرة
الحبّ شارع طويل
⁂
هو الحبّ
على الأرجح
هي دمعة وحيدة في كأس
على طاولة المقهى الخشبيّة
خريف يرتّب أوراقه
الآن وقد غدا اسمه غريبًا
كيف أتّكئ على كتف من أحببت؟
⁂
(ذلك الحبّ)
بخطوة إلى الأمام
وأخرى إلى الخلف
هذا الحبّ كملاك مرسوم على حجر
لا يبرح مكانَه
مرير وجميل وله عينان من غمام
محترق دائمًا ومليء بالنجوم
هشّ ومجنون
غَيور ومغرور وخائف وظالم
شاهق لكنّ جناحه عالق بعتبة
إلى العاذل ذاته يصغي
مكذّبًا فصول أصابعنا
هفواتُ طفلٍ خطواته
واثق من رحمة الحنين
المطر والمدينة والفندق الرماديّ
وأضواء المكالمات الطويلة
ندف عاتبة على أهدابه
معسوف ومدان ومنكسر
لأنّك أضعف من أن تكون ضحكتي
حنون وأحمق لأَنّني أحبّك
ولأنّنا نسمح لهامة فارغة بملامسة وسادته
مهدور في هوامش
ونبضُهُ نافذة على شارع مهجور
عادل في قسمتيْنا من القساوة
جائر قليلًا على صبّارة في روحي
صابر وباسم ونادم ربّما
كعصفور حطّ على كتف خاطئة
مثل نهر يسيل نحو حتفه دونما سؤال
خيط خلاص ونحن مقصّ
ريشة طائر في حضن حطّاب
أعلى من أوّل النبع
أعمق من عطر في عناق
حبّنا الذي حاك الطريق بخيط وشاح
وقدماه هنا
بين قلبي وقلبك
⁂
مدن صفراء
صفحات من صحراء مغلقة
الجحيم حول مدفأة من أحطابنا
أنخاب من ندم
غرف بأرقامٍ غامضة يملؤها غمام
نبض فارغ من قطرات اسمك
عبق قطار في مسامّ معطف
خطّ ضوء خارج القضبان
خيوط أسقطت دمى دموعي
خرائط خائفة من فتح أكفّها
حانات ومقاهٍ ومفاتيح ليل
كلّها زائد عن الحزن في جيبي
مناديل مسطّرة بريشة وداع
عداوات صغيرة في علب كبريت
تمثال بهالة شجرة على كتفي
زجاجة عطر من زهرة وحيدة
خريف من شَعرك فوق وسادة
ورد دواوين في حقيبة مهملة
حصان بين أهدابي أربّيه
من نعاسي ينهل ولا يكبُر
أصداء أقنعة في قفص مفتوح
صفصافة عارية من الرسائل
بطاقة باريسيّة وفلّينة للذكرى
دربٌ أمامي، للمحو والسلوان
قصائد لا تصلح حتّى كمراكب ورقيّة
مسوّدة حبّ تالفة تحت ضلعي
كيفما أروي الحكاية
أجد قلبي ناقصًا
⁂
(رسالة إلى الشقيقة)
في البالِ بلادٌ من الريح على شفا بحر
ونخل راسخ بظلاله
يهدهد مراكبنا الورقيّة
قصر ناصع خلف بوّابة سوداء
من قرميده تنهل العصافير صوت نبيذ
صبّارة لها وجه أمّ
ممرّات من الورد لركبة على عكّاز
بومة بيضاء على عتبة عاتمة
قشرة بيضة ملوّنة
مدلّاة برأس طفلة
قمر على جثّة معلّقة على سياج
لعاشق نحيل يشبه نحيب لوركا
سيوف من الفضّة دفنّاها على أمل أشجار
بيت على شجرة خرّوب كثيرة الأشجان
صهيل مهر في عربة مفقودة
نهرنا الذي جفّ في دمعة طريق طويل
كهوف خالية من الذئاب والكنوز
طين أحذية مطّاطية على جباه سجّاد
منطاد ما، من كوكب أعلى على الأرجح
ضفدع يصدح تحت أغصان التين
صندوق سيّارة لضحكات صغار
على أصابعهم يعدّون النجوم
بأسماء إخوة وخِراف
⁂
إلى هذا الرمل الأحمر تؤول تماثيلنا لفرط الجراح
تلك التي من ملامحنا نحتناها لأجل من نحبّ
بوجه عاشق حينًا
ولمرّات على هيئة أشجار
لضوء ضحكتك
لأهدابنا التي تكنز أمطار ليل على بحر
لكنزة وشاليْنِ شفيفيْن
بأجنحتهم ركضتُ في المرفأ العتيق
للطاولة المزويّة بزهرٍ فوق مقعديْنا
لقبّعة دموعي بين يديك
لكلّ ما مضى في غفلة من الغيم
من نبضنا والمشوار
هذا الندم القريب
لم يكن بقامة نهر
ذلك العشق
وتلك التي نامت عاريةً
بهلال ظهرها على جِلد الملاك
دون مسافة لظلّ أو فراق
لم تكن الحقيقة
⁂
رغم رسائل الجنود المعقودة بشارات حمراء
رغم قصائد التائهين فوق ورق شجر
رغم كلّ ما توسّمته طباشير
من بشائر في جدران
لم تُحرق الحبَّ دمعةٌ كحكايتنا
لأنّنا الدم بين يدين
النهر في عروته العارية
العتبة من الجذر حتّى الخريف الأخير
وتلك السماء التي انكسرت في نظرة ملاك
"كم هي كثيرة كلمة "لا شيء
كم في حروفها من ضفاف شوارع
كأنّك بممحاة تخطّ النهاية
ثمّ تنحني كي لا يطالك حنين
هذه قسوتك التي أعرفها
ساقية مُرّة لطفل في قلبي
وهذا الذي في مرآتها حناننا
قوس ابتسامة في كمان مكسور
عدوّان كما يلوح عناق بين قاتل وقتيل
مثلما المرايا تُآخي بين الدموع
حلمنا الجارح بمنطق وردة
قمر قانٍ خلف قضبان
كأنّنا رماد كلّ الحروب
عيون أرض مغمضة
بعضنا تقوده غيمة
كلّنا غبار دروب
⁂
بي شجن على شارع طويل من الحبّ والشجر
على عاشقين في مقهى يتبادلان الأصابع
أشتاق الخريف الذي لبشاشته وجه بيننا
وقَدْ قُدَّ ليله كي يكون معطفًا من عناق
بيننا خصام أطول من مدى نصل
أيعقل أن ينكر خصر ما حفرته فينا أنهار؟
لو أنّ الوحشة عصافير تلتهم عنادنا
لو أنّ عينيك قبالتي ولو بهفوة من عتاب
لكنّ الليل جرح في نافذة
والقمر الذي أردته رسالة حبّ
نصفه ضغينة مكسورة
ونصف ضماد على جبين
⁂
لليلةٍ واحدةٍ تحت قمرها الوحيد
المدينة التي مثل كلمتيّ حبّ وندم
لا تكون إلّا بمفردها
شجر متخفّف من الخسائر
فندق قانٍ كجرح زجاجة نبيذ
محلّ أزهار مغلق
بقسوة قنّينة عطر
البرج قفص تملؤه النجوم
هيكل عظميّ لعاشق
عارٍ إلّا من دمعاته
تطول الشوارع وطفولتي صورة لنهر
والمطر طفل نحيل لا يكفّ عن الركض
إلى أين يا سلالم بيتهوفن؟
مكتب البريد في مكانه
عتباته رسائل لي
مدرستي طفلة مُعاقَبة
وجهها نجمة لجدار
على جسر من غيم وغضى
ناحية البيت العتيق
كيف توهّمت هذا الأسفلت الأسود
فضّة تضيئها خطوتك؟
أمحوك كما كتبتك
كم تبدو الحكاية التي أبكتني مرارًا
تافهة من هنا
كم هي ضحكتك دمعة خادعة
تحت شرفتي الغابرة أقف
وقد صرت ما كنت أبصره قديمًا من الطريق
⁂
شمعتان لأمّي
لامرأتين مائجتين
في ممرٍّ إلى طفولتي طويل
لتلك التي أدارت ظهرها لدمعة دميتي
كي تطعم اليمام بسمة يديها
ولحبيبتي التي تكاد تسقط من النافذة
لأنّ ظلّها طفل كفيف
حزينتان مثل عينيّ في الصور
هزيلتان كيدين من وداع
المطر ما لم نقله بعضنا لبعض
الليل بيت خالٍ
إلّا من صحن صغير للدموع
⁂
لا أملك إلّا أن أمحو
كلَّ ما كتبتُه
كي أجمّل الألم
ليس القمر بدلالة دمعة
وتلك السنوات لم تكن
سوى ساعات ودقائق
ملاك ما
يمرّ مبتسمًا لنفسه
مدينة تنهمر كذكريات على نوافذ
والليل حصان
حصان صغير
حانق وحزين
ثمّة ساعة معطّلة بين الضلوع
مثل مطر خارج سطوتي
كما الورد
تنتهي قلوبنا إلى سواد
⁂
:بأسمائها تناديني الأشياء
الحجر في قلب تمثال
النجمة في زينة شوارع
الشجرة المتفرّقة في حياة غرفة
الحنين الذي ليس جسرًا لقساة
الحبّ الأوّل
بصندوق أبيض من رسائل
الفرح الطفل في الصور
المناورة بين موقد ومصباح
ملاك الحقائق المُطْلَقَة
بشال مائج طويل
لتلك النهايات المهينة
أدين بعودة دموعي
صغارًا بعيون نادمة
أنهارًا منهكة نحو الينابيع
لدمعتي التي تشبه شمعة في متاهة
برجل ثلج مبهج فوق الجبال
لوجهه الغائر في غمام وديان
بتمرين يديَّ
على فكرة الفأس والمنديل
من العظم والظلّ
أكتب الحكاية معكوسةً كهاوية
من تُراه صاحب الوجه الذي توهّمته آخر في المرآة؟
وهل ينجو وحيدًا
نهرٌ يعاود أدراجه؟
"لطالما رجّحتُ أنّها "أزهار الألم
هذه التي كلّ فصولها في الجحيم
ثمّة نقطة ناصعة وسط نواة الندم
خدعة ما
في لعبة التخلّي
ثمّة فنجان ناجٍ من أصل اثنين
بأقلّ من كلمة
يكتمل النسيان
⁂
كتب رسم لطفلة ما
مماحٍ ملوّنة على شكل أسماك
ملصقات صغيرة لوصل مدينتين
دفاتر من الجلد المجروح
زهرة خشخاش نادمة باسمة
علبة يزيّنها حزن غزال
حياة مفكّكة في مكعّبات بيكاسو
غيتار مهشّم كمظلّة مجنون
أشلاء بملامح زجاجة
بطاقات بأحبار مراكب
وصيفات ملكة ميّتة في كشكول
صندوق بحجم مأساة
وجه امرأة بقساوة أقراص
قصائد معلّقة بين ذاكرتين
قلب أَحَبَّ كما لم يفتح نفسه أحد
هدايا بين الأهداب والأصابع
جميعها دموع برسم البيع
⁂
إلى صورتنا القديمة أتسلّل
في معطفي ذاك
وجهي في أوّله
القميص المقلّم الملوّن
ساعة المواعيد البعيدة
خطوة من خيال
أخرى على سلالم قصيرة
أمام الأمل الذي استدار في دمعة وراءنا
هل يتكرّر الحبّ؟
غرفة مجروحة بأنوار مدينة
نهر على مدى نوافذ
عطر يعرّي ملاكًا
خزانة عابقة بظلّ غابة
في القلب أشجار
لكنّنا كحصانين من ورق
⁂
لو أنّ زجاجة العطر السوداء
تعود زهرًا إلى جذورها
الطاولة التي جمعت أوجاعنا
وليمةٌ لا تؤلم
تلك القمصان منك
لرايات بلا أرض
والرسائل كلّها
إلى الصمت الناصع بين غريبين
لو بوسعي أن أقرن هذا الشارع
بمشوار أبعد من غيرتك
وجه الملاك الجادّ
بسعادة لا تنكسر
جِلدي وجراحي
بنهر سالٍ تحت المطر
لكنّ المرايا مشروخة كضحكة
وكلّ ما ادّعته عيناك
غدا دموعي
لا اللوحات نوافذ
ولا الأوشحة أحضان
وحدها أعواد البخور
جسور محترقة بيننا
⁂
لأنّ القمر وجه دمعة
وللفقد مقعدان متقابلان
أرجّح أرجوحة الأمل
مؤلمة لمفرق
لكنّ الحكاية
أنين أطلال إلى طريق
في الباحة القانية أقف
كملك شفيف من الدموع
الأسوار حمراء
بحمام ناحل على الحوافّ
في هذا النسيم
أنفاس خسائرنا
الحبّ بيننا أرض سائبة
لكلّ عاشق
قسطه من عذاب الأرض
⁂
ليل بطعم غيم وغبار
بيت يموت وحيدًا مثل شجرة
لولا المطر
لما برئتُ من الإنتظار
على خشب الطاولة التي عشّقت أصابعنا
جذورًا بين وجهيْن
حياتي دمعة في صحن
في المطبخ الساكن
البسمة الوحيدة لسكّين
كم من الأكفان حول الحبّ
بين هذه الكلمات
للفقد سلالم أطول من العمر
في الممرّات أمشي مثل شمعة سوداء
قسوتي ملاك
لأنّني أتألّم عنك وعنّي
دمعتي الواحدة مثقال عينيك
القلب قصر فارغ
ووحده الحبر بحر من أمامي
⁂
(Untitled)
بتدرّج وردة على سلالم البيت
بحياد سكّين حين تتعرّى
بخضاب الحبّ والحرب
بالأحمر الذي لا يبرأ من الطعنة والقُبلة
بضربات عنيفة كنبض فان غوخ
بضحكات مبعثرة في دفتر طفلة
من الريشة حتّى شرخ النافذة
بوحشة الجدران
أرسم حضنك
بقعة لرماد قلب
ذراعان حول باقة من حطب
وجهك كي تكتمل متاهة
بعينين مغمضتين على كلام
بدم الينابيع
بألوان شمع ذائبة
بأحبار تسيل
ولا يضمّدها قمر أو ورق
برقّة عصفور
بدقّة رصاصة
بدمع قليل بطرف جناحي
لئلّا تختلط ملامحنا في لوحة
⁂
بلون الجرح حين يجفّ
العتبة التي على ليل بلا مفاتيح
ماكينة القهوة والقبلات المُرّة
الفنجان الوحيد مثل ناجٍ على جزيرة
الغرفة المغلقة بغيمة
الكتب المهداة إلى سطر رفّ
الحقيبة ذات الجوف الفارغ
الشمعتان دونما نقصان
الصابونة والمنشفة ومساحة العناق
ملاك الوحدة بمفرده في المرآة
العطر العنيد على وجه وسادة
اللوحة التي نامت تحتها أكفان
المكان من دونك مكتمل
وكأنّ الحبّ لم يمرّ يومًا من هنا
⁂
ملاك مكسور الضحكة
مركب ورقيّ ذابت رسالته
ليل لصغار صفّرت لهم التعاسة
باب يئنّ ولا يطرقه مطر
تمثال حصان تحت المطرقة
غبار مدينة تحلم بالغيوم
جدار بوجه لوحة
سرير بأرق وسادتيْن
كيس هدايا لجمع الدموع
شجن جفّ من ماء المغفرة
ديوان أحمر كما يحتّم الجرح
شبّاك يتذكّر كيف كانت الأيّام
خشب أرضيّة بلا جذور
سقف لألم لا قاع له
هذا قلبي
من هنا مرّ القساة
⁂
وجه بهزال شهرين من القسوة
عينان فائضتان عن معرض من الدموع
يد مفتوحة لمفاتيح مطر
أخرى لأخذ الصحراء على محمل جناحيْن
شطر ابتسامة لا يكتمل بيتها
رموش مسدلة على حماقات الحنين
قدمان قطعتا الوحل والحدائق
بساقين أهيف من الأشواك
حاجب تعلوه وقاحة الوشاة
أنف مكسور في أنفة تمثال
حضن ضامر قابل للتأويل
قميص مقلّم برحلة قطار
ظلّ ضالّ عن سلالة ليل
قلب بأخطاء كلّ الأطفال العصاة
ضمير ناصع من مئة صفحة
ستّ سنوات في سلّة نهر
ريشة للعزف، للرسم، لسأم ساحر
ضلع كمنفضة لأعقاب السجائر
ركبة لطالما تألّمت لسلالم سواها
كتف لا تستقرّ على كنفها نجمة
ساعة لقياس الرمل بين جسديْن
معطف على اسم امرأة من رسائل
ذراعان لاكتمال قيد حول باقة
قارورة عطر بجينات وردة
عنق عتقها طائر لم يعد
حفنة مواعيد من فلّ مجفّف
صبر مربوط بحبال مراكب
ندم قابل للقسمة وكأنّه حبّ
أنا عربة العشّاق المهشّمة على جسر
وسط ركامي، تُزْهِرُ كلّ قطعة مفقودة
⁂
كي لا تتوقّفَ الدرب على غرار قلب
لئلّا يتجذّرَ الألم أسوةً بالقناديل
لأختبر قدميَّ كجناحين بعد العاصفة
كي أبتكر ضحكةً من حطام قطار
لئلّا تبقى الرحلة مَرْسونةً بدمعة
أمشي حتّى امّحاء الوجه والضلوع
⁂
بقطار أسرع من قلبي
لئلّا أقف على أطلال
بقَطْعِ الشوارع بأشواط من مطر
بوجه ناقص من صفحات دفتر
بيد مفتوحة بلا عصافير
بظلّ يتباطأ كطفل
بقدميْن بالكاد تلمسان الخريف
بحصّتي الظالمة من انتصاف القمر
بمصطبة زاهرة بذاكرة من جذور
بإصبع على زناد هاتف
بصورة ذاتيّة تشبه الإنتحار
بعكّازِ عجوز
صوتها نجاة
ببرميل ورد بنصف عمر قصير
بأحضان أصدقائي القدامى
بضلع شجرة ونبض قمصان
بالجلوس بالساعات
على هدب مقهى
دون نجمة في العينيْن
بمفردي كما تشترط هزيمة
أعبر مرآة رصيفين متخاصمين
بدقّة دمعة
أصف كيف يحدث النسيان
⁂
(الصوت أوّل ما يُنسى)
كما الغيمة
كمدينة من رماد سيجارة
كما يمّحي الحبّ في كفّ دمعة
مثلما ملاك المطر محكوم بالسقوط
كما يؤلمني الأمل
مثلما تباغتنا المفارق
كما تتشابه أشهر الأرق
كما الحانة نهاية مفتوحة
كما نغنّي للتعلّق والفقد
كما نحيا وحيدين حول هذه الأرض
كما تزهر لمحات من حديقة
كما تنطفئ الشموع تباعًا بين السطور
على دمعتي أمشي
كما تكتمل في شارع نصف القمر
بمفردها
حكاية
⁂
(ساعة المواعيد الماضية)
بوجه قمر صغير فوق معصمي
برسن مجروح حول ذاكرة
تُقبل وتُدبر معًا
لئلّا نبلغ اللحظة التي
يكفّ فيها الحنين
في طرفها تاج نجمة
نبضها مطرقة على سكون
الأرقام أوزار
بثقل عمر بلا مواعيد
حولها يلتفّ الوقت بالغرق
في قلبها المائل
تتساوى الدقائق بأشهر من الهجران
نافذة متزامنة مع عصافير مجنونة
جرح رصاصة لا يجفّ تحت الثلج
ساعة يد
لا يد لها في النسيان
⁂
مسافة دمعة
كلّ منّا على حدة
هكذا حرسْنا أشواطًا من الألم وراءنا
بنصفيّ قمر
بشمعة مشتعلة من طرفيها
بالعناد العادل بين عدوّيْن
بأشهر كليلة من شتاء
بالكره الذي هو وجه آخر
بالحبّ بكافّة أقنعتنا
بيقين تامّ بأنّ القسوة سفينة
اقتسمنا الصمت
كما لو خندق يسع خاسريْن
كم يضحك الملاك المحايد بيننا
كلّما فضحت أشواق أحدنا أغنية
⁂
نصف قمر لشارع متفرّع من شتاء شجرة
نجمة من النرجس الأصفر البرّيّ بجواره
رصيفان لمشوار متسمّر في مفرق
لوداع واحد، أسطر من أسوَد شبابيك
على عزلتي
ما يتراكم من تعاسة العالم
كما تشبه الكواكبَ التي بلا أسماء
أكياسُ الدموع على أكتافِ صغار
ضحكة من ركام حكاية
نبض يتسارع بغاية الطيران
:تمثال يسأل المطر
أيؤلم كثيرًا السقوط؟
من النهر المائل نحو مدن ممحوّة
إلى مقهًى يئنّ بأغنية
وبيت حزين بين العينيْن
أثقل من صفر
ما تقوله النهايات
ثمّة امرأة محنيّة كغمامة فوق المغسلة
رجل يموت وحيدًا
كما أريد أن أحيا
أشدّ العابرين ألمًا
خيط قطار
لولا عصفور يجنّح القضبان
عدا دمعتك تلك
لم تكن لك شمعة
شارع قصير من صمتي
هو النسيان
الحبّ كالأرض
معضلة العابر
ليت العدل جميل كما الأشجار
⁂
بأكثر من يديْه
يدِين اليأس
لمكالمة بين صوتيْنِ كارهيْن
كم النهاية نصل حرّيّة
في القطار الفارغ مثل دمعة
أبتسم كأنّ الحبّ حكاية سوانا
في المقهى الدافئ كندم صيف
وجهك حجر أكثر من النسيان
من بين المقاعد
أجلس على طمأنينة حلمي
أغيم وأغرق بأنفاس أغنية
لا كلام فوق الطاولة
تلك التي على قلبي قلبتَها
لتسع قسوتَك الأرض
⁂
لوحدتي أدين أكثر من وجهك
أنت الذي تضحك مع الموسيقى في صورة
كما يئنّ قلبي
بأبوابه المفتوحة لمرأى المطر
للغيوم من غدير إلى غرق
لأصحاب أرحب من الحبّ
لحانات لا تصدأ أحضانها
لمفرق بين مكالمة وصدى
لم تكونا سوى ظمأ نجمة
عيناك الحافيتان من النبع والدموع
بصوتك
كلّ ما بيننا كذبة
أكان عليّ
أن أقطع الجحيم مرّتيْن
كي أشكّ في كتاب الوردة؟
كم كان قليلًا
قلبك في الوداع
يا لهشاشة الزهر
يا لشماتة الأشواك
⁂
للملاك الذي
بأنفاسه يحرس رماد حبّي
للطرقات المتلكّئة
على قلبي وقدميْه
لشارع قصير في تنهيدة عاشق
لذلك المطر المهرول بين الخطى
تضحك الحياة
كمن يعرف أكثر
لحقيبة مرسونة مثل سيف عبر نبضي
لدمعة الله المعلّقة فوق أسطح وجراح
لربيع سكران تحت المصابيح
لندف مواعيد عالقة
بركن شجرة أوريجامي
لسور الحديقة
الورق الأحمر
الورق الأخضر
الورق الأصفر
والمصاطب المحفورة بانتظاري في حروف
لتميمة نسياني في حفيف عابرِين
لقطار الليالي الساهم في رحلة سواه
لقلب القيثارة
حدقة النافذة
النافذة نفسها
البذرة والثمرة والخريف
لحلم كاد يلامس كتفي
دون أن يبادر ولو بوخزة وردة
ليُتْمٍ خلّفته امرأة لا تغادرنا
لمقعد لم يكن يومًا لغيمة
للكيس المقلّم بسكّة قوس قزح
لعلبة ألوان بجذور اليديْن
لقمصان روحي قبل أن يعرّيها العدم
للفنجان المنقّط كحضن من دموع
لأخطائي وندمي
الذين ما عادوا أطفالًا
للكنز الذي جلت الكوكب كي أجده
منذ العتبة بجواري
وكحبّ يفرحه
دور مرسال في أغنية حبّ
⁂
أوتار أقرب من ذاكرة
أخرى أوسع من سلوان
كذلك القلب
ضدّ نبضه
في الموسيقى
عطر كالدروب التي
كلّما تقدّمت في التراب
صارت تشبه ينابيعها
هكذا تعيدني نجاة
إلى ما محوته مرارًا
هكذا يعود وجهك
كنهاية نهر عبر دموعي
كما ينقص كوكب ويندمل
بوداع معلّق بين مدينتيْن
إلى بيتي يتبعني في أغنية
شارع نصف القمر
⁂
تشبهنا الشوارع
بما في قلبها من أقدام غرباء
هذه التي في نفسها تشرد طويلًا
دون غاية من الغيم
بألف شرخ في النهاية
لا أنت ولا أنا
ملاك ما مضى
لكنّ قسوتنا عاشق واحد
تحت شجر الحكاية
يؤلمني ربيع الشبابيك
أيّ حبّ هذا الذي يورق في المفارق؟
بعينيْنِ صافيتيْن ِمن الندم
أبصر الدرب
خالصًا من دمعتك
حتّى الجرح اليابس
نرجسة بين عظام قيثارة
⁂
تحيّة إلى العابر بباقة حمراء
كما أحمل فوق الرماد قلبي
إلى سين من الناس
كلّ الرسائل التي سطّرتُها
بوحل ليل على شوارع
لهول الخريف الذي قطعتُهُ على نصل
لفرط ما وهبتُ دموعي لصحراء
لعمق ما يتجذّر الأنذال
بأذاهم وذكرياتنا معًا
،في فيء صفصافة
في الأربعين
يؤلمني الحبّ كما في العشرين
لكنّ الوقت لا يُنضج جرحًا
لكأنّ الصمت أعمق من الرماح
لكنّ الملاك لم يكن ملاكًا
كأنّه لم يصدق حتّى مع مرآته
لكنّ الأسف أكثر من يديْه
ويدانا أقلّ من بسمة قارب
لذا ينهكني النهر
وكأنّه من كتفي يسيل