قمصان واسعة على وحدتي
2018
.مخطوط منقول عن دفاترَ خاصّة وقصاصات متفرّقة)
(.لم يُطبع بعد في كتاب، لغبطته بورق الخريف
⁂
.إلى سين من الناس
فندق القلوب الكسيرة
الفندقُ الأصفرُ الرهيفُ
.كنرجسةٍ فوقَ النبض
الذي لجدارِهِ هالةُ صفصافةٍ
.في ظلالِ ناطحاتِ النجوم
ذو الستائر المتطايرة كمواعيد في البال
.والحديقة العارية بروح دمعة
الذي ينعطفُ عندَ عتبتِهِ شارعٌ
،كما تسلو رسالةٌ
.ولخشبِ شبابيكِهِ زرقةُ الزوارق الغريقة
الذي كغُصَّةٍ في صورٍ متلاحقةٍ عن الرصيفِ
وفي أصداءِ سمراء فاتنةٍ
غَفَتْ أغنيتُها
.في بانيو من دموعِها
،فندقُ القلوبِ الكسيرةِ
حيثُ عثرَ اثنانِ على الحبّ
...ثمَّ ضاعَ أكثرُ من ثلاثة
بريشةِ يوشيتومو نارا
.في الصورةِ التي تحبُّها صديقتي، لوحةٌ للرسّامِ اليابانيِّ الذي يرجّفُ أطفالُهُ معظمَ الظلال
.أيتامُ العالم. سليلو الوحدةِ والوحولِ، وغيمةِ عشِّ الغرابِ العملاقةِ فوقَ رمادِ هيروشيما
قُساةٌ في كلِّ سياقٍ وإطار. مُهانونَ مهما اتّسعتِ الابتسامة. مخيفونَ وخائفون، سواءَ أظهروا سكاكينَهُم التي تضحكُ، أو أخفوا في دموعِهِم نصالَها.
ليست لوحةً بالمعنى التقليديِّ لينابيعِ الألوانِ المعلّقةِ كغنائم صيدٍ على الجدران. هو ملصقٌ صغيرٌ عن أصلِ لوحةٍ، بتوقيعِ نارا نفسِهِ، بتاريخِ 2014، بقلمٍ فضِّيٍّ عريض.
.قطعةُ أبدٍ مهداةٌ إلى مجهول
.رسالةٌ لي، بفاصلةِ سكّينٍ في قلبِ روزنامة
.اللوحةُ التي ليست لوحةً، على يمينِ الصورةِ، إلى أعلى، تظلّلُ طيفَ مصطبة. غيمةٌ غامضةٌ، وحيدةٌ في البياض
في الزاويةِ السفلى من الصورةِ، في أقصى اليسار، أجلسُ على مقعدٍ خشبيٍّ داخلَ معطفي. يدي تسندُ رأسي الذي يكادُ يُسقطُ وجهي كما لو ورقة خريف.
.الصورةُ بالأبيض والأسود، بتأثيرِ غيمةٍ من الغضبِ والحنين
الطاولةُ لا تبينُ في الصورةِ، لكن ثمّةَ ما يقترحُ وجودَها: كُوعيَ المسنودُ كوتدٍ على حافّةٍ ما. ثمّ هناكَ منطقُ المكانِ، الذي لا يمكنُنا أن نسندَهُ على ثنيةِ جدار.
.لكنَّ الصورةَ للوحةٍ ومقعدٍ ولي، وكأنّ العالمَ يكتملُ بمفرداتٍ أقلّ
.في اللوحةِ المعتمةِ طفلةٌ حانقةٌ، نصفُها في الماءِ وكلُّها ليل. كأنّها بطرفِ دمعةٍ ترسمُني
ما الذي حدث لرجل "إيسّو" الصغير؟
بقلمِ بيك ذي الألوانِ الأربعة
،أرسمُ سطرًا مائلًا من دموعي
كمن يتتبّعُ الصدى
.نحوَ أغنيةِ نفسِه
مع جُملتي القصيرةِ أسيلُ
.بسكونِ وجهٍ وحيدٍ في نافذةٍ في تشرين
أجدُني فجأةً في خلاءِ محطّةِ البنزين المضاءةِ
:كسفينةٍ في الليلِ، أتساءل
ما الذي حدثَ يا تُرى
لرجلِ "إيسّو" الصغير؟
*
ذلك الذي لا تُواسيهِ نسمةٌ
ويُهدى لأطفالٍ نصف غافين
في المقاعد الخلفيّة
.من سيّاراتِ الماضي
الذي له رأسُ شعلةٍ
ووجهٌ باسمٌ لا يكبرُ في المرايا
.كالأطفالِ الميّتين
الذي يكادُ أن يكونَ شمعةً بيضاء
كتلكَ التي كانت خلفَ بابِ غرفتي تختبئُ
.في ليالي القصفِ العنيف
الرجلُ المدلّى مثل دمعة
.من علّاقةِ مفاتيح
*
،"كم كُنّا وحيدِينَ في الحبِّ"
.تردّدُ قطرةُ بنزين لأخرى
أنا أيضًا أتساقطُ
مع أوهامي
.وأوراقِ الخسارة
*
كفردٍ أخيرٍ من فرقةِ روك منسيّة
.أشتاقُ أصدقائي
.أمل نائمةٌ في قبرِها، قريرةُ القلب
،الآنسةُ كاف في الطابق السابع عشر من وحدتِها
.(تصلُني منها في الليالي البيضاء، رسائلُ ودموع)
.الولدُ الجميلُ اختفى بانزلاقِ قمرٍ خلفَ مفرق
ما الذي حدثَ يا تُرى
لرجلِ "إيسّو" الصغير؟
وصايا ميراسييرّا
.أن تقفَ تحتَ قمرٍ عاموديٍّ، برهافةِ سطرٍ في الريح
.أن تحلمَ بقطارٍ طليقٍ نحوَ طُلَيْطُلَة، وأوراقُ الخريفِ من خلالِكَ تتساقط
،كأنّكَ نسمةُ نفسِكَ
،عاصفةٌ تنقصُها ريشةُ عصفورٍ
.نافذةٌ بقلبٍ مفتوحٍ، في مهبِّ المطر
.أن تدركَ أنّ وجهَكَ الذي لم يحبُّهُ أحدٌ، لم يحبَّ أحدًا
.أن تدفعَ بالجبلِ الجاثمِ على جناحِكَ، بعيدًا برفّةِ نسرٍ، ثمّ تجلس وسطَ غبارِكَ تبكي، لأنّكَ بقساوةِ بيكاسو
.أن تدينَ بنجاتِكَ لإكليلٍ من الكريستال في حنجرةِ نجاة
أن تعيدَ تدويرَ دموعِكَ، مثلما تتعاقبُ بأعمارِ العابرينَ
.أنهارٌ وجسور
.أن تقبضَ بوهنِ مهرّجٍ، على ورقةٍ أخيرةٍ خاسرة، من شجرةِ الاحتمالات
أن تصادفَ في نزهةِ النسيانِ الأطول من ظلالِكَ، نصفَ دستةٍ من الدُّمى المتناثرةِ، بينَ الرصيفِ المغلّفِ بورقٍ أصفر، وصناديق القمامةِ المتراصّةِ كبيوتِ البؤساء، ويلحّ على روحِكَ تابوتٌ بحجمِ حقيبةِ اليد، أو طردِ هدايا في البريد.
.أن تواكبَ كرسيًّا متحرّكًا صوبَ المصعدِ النحاسيِّ، وتفكّرَ لو أنّهُ بوسعِكَ أن تُودِعَ الأملَ المريضَ كوردةٍ صفراء تحتَ قبّةٍ شفيفة
أن تحاولَ أن تحصيَ أخطاءكَ كما النجوم، مثلما تجمعُ طفلةّ ناجيةٌ من المجازر شموعَ أصابعِها، في محاولةٍ لرسمِ دفترٍ برمادِ اليديْن.
.أن يباغتَكَ في الصيدليّةِ الناصعةِ رجلٌ يتنفّسُ بلا أنفٍ، ويهديكَ روزنامةَ جيبٍ يزيّنُها رجلُ ثلجٍ بقبّعةٍ حمراء
أن تعودَ إلى الفندقِ ذي الملامح المغلقة، فارغًا من نفسِكَ مثلَ غرفةٍ، لتتوسّدَ علبةً على الأرضِ، تفيضُ بعطرِ ما مضى. ذلكَ الذي لا يُستعاد. هذا الذي لا يزول.
.أن يرسمَكَ الأرقُ في فنجانِ سارة، وتطلقَ اسمَها المُلْتَبَسَ على معطفٍ قديم
.أن تلوِّنَ فراشةَ رئتيْكَ بشجنِ الشوارع، وتفرغَ في جوفِكَ زجاجةً من النبيذِ، كما لو مسدّس ملطّخ ببصماتِ سواك
.أن تغفوَ على الهاتفِ مثلما يسقطُ العشّاقُ في بئرِ الكلام
.أن تحيا وتَفْنَى في سبيلِ لمحةٍ من العدلِ، ولو في حصّةِ عاشقٍ من الندم
.أن تبصرَ قمريْنِ متزامنيْنِ في ليلِ ميراسييرّا القارس: دمعةٌ خلفَ رذاذِ النافذة، وأخرى في المرآةِ المتأرجحةِ كمدينةٍ في زجاجة
رسائل اسكتلندا
الرسالة الأولى
.تُرَجِّحُ الدربُ دمعةً في المدى
.القطاراتُ أجنحةٌ بسرعةِ الغرق
.الأصدقُ هو الأعمقُ ندمًا
،على بقعةِ بحرٍ تُطابقُ سديمَ لوحةٍ في حلمٍ قديم
.ملاكٌ يجثو على رَمَدِ جناحيْه
.قلبُهُ زهرةُ خشخاشٍ، عميقةٌ في العدم
،جوارُهُ امرأةٌ بقوامِ قصيدةٍ
.شَعْرُها يتطايرُ كي تطولَ الطرق
.بأهدابِها تُحصي الشهبَ الذاويةَ في شذرات
الأرضُ صخرةٌ مُعلّقة بلا خيطِ خلاص
.والقلبُ غوّاصةٌ صفراءُ غامضة
.الأخضرُ الشاسع. الحيلةُ الأقدمُ لاستعادةِ عشبةٍ أولى، شافيةٍ من أشباهِ الأمل
.لطالما غربلَ السفرُ أغنيتي من الغربان
.على أكتافِ الشجر، تتّكئُ كمنجاتٌ مسكونةٌ بأعشاشِ عصافير
،أبصرُ تلالَ اسكتلندا عن مسافةٍ
.كمن ما زالَ بوسعِهِ أن يستدرجَ الحزن
.أُسْقِطُ كُلَّ غبشٍ عالقٍ بنظرتي وظلالي
.ما كانَ سوى لعبةِ غيمةٍ، ذلكَ العذابُ الذي في مستنقعِهِ أذبتُ وجهي وحنيني
.الحبُّ بيانو أسود يلتمعُ في الليلِ، ببسالةِ حصانٍ جريح
.بانيو أبيضُ وفارغٌ، قُبالةَ نافذةٍ عاليةٍ مُغلقةٍ، تحتَ سقفِ التوقُّع
الرسالة الثانية
كم هو وجهي في الليالي
.الجسرُ الأحمرُ العتيق
ضائعٌ كضحكةِ طفلٍ
.وسطَ أصداءِ حقائب
مُضاءٌ بضفافِ قلبٍ
بينَ السككِ الحديديّةِ
.المتشابكةِ كشرايين
،برهافةِ عصفورٍ في عاصفة
.يحلمُ بتحطيمِ الضلوعِ والقضبان
.بسمتُهُ قوسُ قزح قانٍ
.كثيفُ الأشجانِ، كشجرةٍ على قارعةِ الأمل
.برجٌٍ مستلقٍ تحتَ الحَيا
ورّاقٌ قديمٌ
.بظلالِهِ يجمعُ دفاترَ الخريف
الملاكُ المعدنيُّ المعلّقُ كجفنٍ على نهرٍ، دونَ أن يجرؤَ في مرّةٍ، على ذرفِ دمعةٍ في وداعِ يدٍ تلوّحُ خلفَ نافذةِ قطارٍ، أو كتابةِ كلمةِ حبٍّ، على هامشِ تذكرةٍ مُهْمَلَة.
الرسالة الثالثة
.روابٍ بوسعِ السديم
.أشجارٌ متفرِّقةٌ بعناقاتٍ محسوبةٍ، ببراعةِ فرقةٍ من العازفينَ في صمتِ لوحة
.كنيسةٌ صغيرةٌ، بصليبٍ يتلألأُ بحكمةِ نجمة
.حصانان: أحدُهُما ناصعٌ، الآخرُ ظلُّه
.حنانٌ بصيغةِ المثنّى، ضفيرةُ الأبيض والأسود
.بيتٌ بقرميدٍ مجنّح. بابٌ مجروحٌ في الخلاء. صخرةٌ حمراءُ لم يتطاير دمُها عبرَ العصور
.من نافذتي في القطارِ القديمِ، ما لا تُحصيهِ أمطارٌ من عشبٍ وعصافير
في المدينةِ الملوّنةِ برمادِ دمعةٍ، أمشي بغايةِ الغيمِ والنسيان. أسلو عن وجهي الذي أحبَّك. أتناساهُ على شرفةِ المقهى الشاهقةِ، فوقَ رفٍّ خفيٍّ من مكتبة، في أعماقِ الحانةِ الخشبيّةِ، على شفا متجرٍ، مكتظٍّ بأوشحةِ الكشمير والقواريرِ المعدنيّةِ والتحفِ التذكاريّةِ لحصنٍ عتيق.
.يدُ ملاكٍ تُعيدُهُ إليَّ، بأمانةِ أقدارٍ، على كلِّ عتبةٍ عابرة
.في الورقِ المتناثرِ على أرصفةِ إدنبرة، أتصفّحُ حياتي التي ليست كتابًا أو طائرًا في عنقي
.بسمةٌ لملاقاةِ المفارق، يدانِ لطيِّ الخريف
لهذه الأرضِ الغامضةِ أدينُ بطرفِ الخيطِ
.كأنّني طريق
الرسالة الرابعة
سلالمُ بسطورٍ ذائبةٍ
.وسطَ رسائل المطر
.جدارٌ مائلٌ من القسوةِ الملوّنةِ، بدرجاتٍ متفاوتةٍ من حزنِ التراب
.حمامٌ بظلالِ تنانين
أجراسٌ مدلّاةٌ بنصفِ وجهٍ
.في جملةٍ من الدموع
،إسكتلندا حصّالةٌ مكسورةٌ من نجومِ الندم
.ليلٌ يطولُ بتماثيلِهِ السامقة
في حديقةِ الفندقِ المهيبةِ، أقفُ بلا أفقٍ، كمن قطعَ إلى سطحِ القمرِ ظلَّهُ، ليلوّحَ للفراغِ بمنديلٍ شفيف. أدخّنُ بشراهةِ نهرٍ على الغيمِ، أتأمّلُ القدحَ المائلَ يمتلئُ بسماء. أيعقلُ أن يقعَ بحرٌ، في عشقِ وجهٍ بتفاهةِ هبّةٍ من هواء؟
.ثمّةَ موسيقى تتداعى كما تنحدرُ محبّة
.كلُّ الأشياءِ الشفيفةِ مكتملةٌ بالكسر
.كم من الأحصنةِ والحصونِ في سطرٍ وحيدٍ من العزلة
كم على نفسي قسوتُ
.ليكونَ حُبّي شاهقًا كشجرةِ حَوْر
،إسكتلندا أرضُ الهضابِ التي طمرَتْ ضحكتي
الرحلةُ التي لم تكن في الحسبان
.لامتحانِ روحي في دهليزِ دمعة
الرسالة الأخيرة
.معَ السطرِ الخامسِ من الرسالة، يميلُ المطر
،يضربُ النوافذَ العاليةَ بنصفِ نبضِهِ
كما أخفقُ في كلِّ كتابةٍ
في نقلِ قلبي
دونَ نقصانٍ في غصّةٍ
.من البئرِ إلى الورق
في سديمِ الأرقِ
.فقدٌ بلا اسمٍ يقضمُ ضلوعي
من الذي ينزعُ المساميرَ من دموعي طوالَ الليل؟
هذا السقفُ شاهقٌ كالعدلِ
.لكنّ قسوتك تكسرُ الموسيقى
في القصرِ العتيقِ
:كلُّ الأشياءِ شفيفةٌ كنسيان
البابُ والجدرانُ وستائرُ الخريف
السريرُ والمنضدةُ و قرطاسيّةُ الفندقِ المتناثرة
،آنيةُ الهجرِ ووجهيَ الأصفر
.لفرطِ ما بكيتُ خِفْيَةً خلفَ الشبابيك
مثلما تفلقُ نسمةٌ قلبَ نهرٍ
كما يجورُ شاعرٌ على بيتٍ بينَ يديْهِ
.الفقدُ كشّافٌ يفضحُ ما اقترفَتْهُ الفؤوس
،ٍفي وادي النسورِ، نرى نهايةَ الحبِّ تحتَ نظرةِ نجمة
.الخوفُ وأنا
محطّة منتصف الليل
كما يبتسمُ وجهٌ في الضباب
،ترسمُ نفسَها في صمتِ الساعاتِ
المحطّةُ التي لا تنتظرُ أحدًا
.وقضبانُها ريشُ عابرين
.سكونٌ بعمقِ الكون
.غيومٌ تلامسُ الرأسَ بظلالِها
.الوقتُ متوقّفٌ بدِقّةِ موتٍ، تمامَ الظهيرة
لمن كلُّ هذه المقاعد؟
هل تجلسُ الريحُ جوارَ حقائبِها، بأجنحة الغرباء؟
،كأنّهُ منتصفُ كلِّ ليلٍ مفقودٍ من مفاتيح الحلم
.هذا الذي بدمعةٍ وحيدةٍ على خدِّ الوداع
أهذا المكانُ مجاز الكلام الذي لا ينتهي تحتَ المطر؟
.يلحُّ الحبُّ الأوّلُ بأحصنةٍ شاردةٍ مع الشجر
.ألتقطُ صورًا للّحظةِ واللافتاتِ وألفةِ العدم
أُتمتمُ الاسمَ المنسيَّ بهباءِ نسمةٍ نحوَ الهاوية
.وأمشي مثلَ ملوكِ القرونِ الوُسْطَى، مسافةَ رصيفٍ قصير
.عبثًا فتحتُ روحي لحكاياتِ الطريق
لوهلةٍ لا تَمدي لالتقاط صورة
.في الأسواقِ الخاليةِ، على حوافِّ الليل
تي-شرت أبيضُ فضفاض
.بنطلون مقلَّمٌ بسطورِ شوارع
،سيْرُ حقيبةٍ عبرَ النبض
حذاءٌ ذائبٌ
.برذاذِ مدينةٍ في ماءِ العينيْن
.ثمّ فجأةً فراشةٌ على الكتف
.فراشةٌ كبيرةٌ صفراءُ ككفِّ نجمة
وكأنّ ثمّةَ ما يشيرُ دائمًا
بدهاءِ دمعةٍ
.إلى فراغِ الجناح
في دفيئة الفراشات
غرفةٌ شفيفةٌ كما لو في ممرِّ دمعةٍ
.كهذه التي حولَ مصباحِها أحومُ، في متاهةِ نهاياتي
.مَمْشَى من الأغصانِ والحصى، بصبغةِ الغيوم
ربيعٌ بملامح لوحةٍ
.حولَ مروحةٍ من الفصول
أزهارٌ بأحضانٍ مُحلّاةٍ
قفيرٌ من قطراتِ الشمسِ
.وليمةٌ لفراشاتٍ بحجمِ الكفِّ المفتوحةِ لاحتواءِ المطر
،فراشةٌ صفراءُ ساكنةٌ على كتفِ قميصٍ
.أُخرى بزرقةِ الحزنِ، حولَ هالةِ البنتِ الصلعاء
.طفلةٌ جاثيةٌ على عراءِ ركبتيْها، بفستانٍ بمدارِ مظلّة
.عاشقٌ فاردٌ ذراعيْهِ، ووجهُهُ وردةٌ نحوَ السقف
غرباءُ على أرضٍ تضيءُ
.ظلالَ جنّةٍ خفيفةٍ وسطَ رمادِ المدينة
.رحلةٌ قصيرةٌ، كما هو عمرُ الحبِّ والفراشات
مخطوطة خريف
،العالمُ تحتَ مِجْهَرِ دمعةٍ
.الحبُّ عبر مِقْرابِ نجوم
المدنُ المرسومةُ برمادِ ناسِها
.في دفترٍ بغلافِ غيمة
خرائطُ الطرقِ السريعةِ
بدبابيس ملوّنةٍ
.وسطَ رمالٍ متحرّكة
طفولتي المُلطَّخةُ بالحبرِ الأزرق
.بوجهِ دمية
تلكَ البيوتُ المجفّفةُ بين صفحاتٍ
.مع عناوينِ الكتبِ الضائعة
الوردةُ المحنّطةُ الحمراء
.في جرحٍ يهزم الزمن
أوراقُ الفندقِ الأنيقِ
.في فصلٍ ناقصٍ من حكاية
.اللغاتُ المتراكمةُ بضفائر شجرةٍ مُعَمِّرَةٍ فوقَ صمتي
"أغنياتُ الغربة"
.كما كنتُ أكتبُ على كلِّ ضماد
.دموعُ المقاعد الشاغرة
.قُبلةُ الدلفين على خدِّ الخسارة
ملاكُ بول كلي
.الأهيفُ كورقةِ خريف
،من روحي لا أملكُ سوى هذه النسخة اليتيمة
وكلُّ القصصِ التي آلمتْني دونَ عِظَةٍ لظلالٍ
.قمصانٌ واسعةٌ على وحدتي
مديح الدلافين
منذُ دمعةِ آدم كطفلٍ نادمٍ على عتبةٍ
،حتّى آلافِ الغرقى في تلويحةِ حرب
من قطرةِ المطرِ الأولى على صحراء بينَ الأصابع
،إلى هولِ الطوفانِ في شوارعِ العيون
.مسوّداتي مراكبُ لا تكتمل
.الكوكبُ كلُّهُ ذاكرةُ بحرٍ قديم
بِبُوصَةٍ من القصبِ مُهْمَلَةٍ
بينَ نزفِ نايٍ
،وأفقٍ بخطِّ اليد
.أُهْدي الأمواجَ وجوهًا وأجنحة
.قلبي متحفٌ صغيرٌ لجمعِ الأصداف
،لكنَّ الدلافينَ دموعٌ باسمة
ملائكةٌ مائيّةٌ يرسمُها طفلٌ متوحّدٌ بأهدابِهِ
.من وحي الغيوم
،الحبُّ رواياتٌ متعدّدةٌ لدمعةٍ وحيدةٍ
.حمّالةِ أوْجُه
الصيف الذي مرَّ مرّتيْن
.شمسٌ في كلِّ شيء
.شارعٌ واسعٌ ومعبّدٌ بالاحتمالات
.مظلّاتٌ ملوّنةٌ، متفرّقةٌ في المفارق
في خلاءِ الجسرِ العالي
أنا الرجلُ الوطواطُ المختبئُ خلفَ قناعِهِ
.في الإعلانِ المطلِّ على الطريق
في السيّارةِ التي لا تسعُ سوى راكبيْنِ
،كلبتي المسنّةُ وأنا
وحقيبةُ بحرٍ وقبّعةٌ من القشِّ الناعمِ
.وأغنيةٌ شاردةٌ بشجنِ غيتار
،اللحنُ يموجُ بصوتِ كريس ريا اللّازورديّ
وحبّاتُ رملٍ من أصداءِ قصصٍ وقصور
.تتساقطُ من أكمامِ صمتي وقميصي
.في الأفقِ غيمةٌ بلا سياق
في مثلِ هذا النهارِ المشمسِ بجنونٍ
من الذي يجرؤُ على دمعة؟
في هامشِ المشهدِ أقفُ
في فيءِ بالون فضيٍّ
،مضاءٍ بالحرفِ الأوّلِ من اسمي
بقدميْنِ لا تهابانِ النهايةَ
.بحذاءٍ أزرق مفتوح
،أنا الشبحُ المعلّقُ من أذنيْهِ في لافتةِ صيفٍ
الشخصُ الصغيرُ في الصورةِ
.بتلويحةِ منشفةٍ بأقواس دلافين
لو أنّني "الغريب" على شاطئٍ آخر
على مَن أطلقُ الرصاص؟
بالون عيد الميلاد
.لوهلةٍ لَهُ وجهُ أرنبٍ أبيض
تحتَ نجمةٍ أخرى
.هو أحدُ القمريْنِ الساطعيْنِ بينَ سطورِ رواية
.البالون الناصعُ الممتلئُ بالرمل
.الناجي الأوحدُ من إكليلِ الضحكِ والألوان
المثقلُ بنفسِهِ
.مثل دمعة رجل ثلج
*
كثيرةٌ هي الرسائلُ التي تفضحُ فداحةَ وحدتِنا
،في الليل
لكنَّ الأصدقاءَ أقلُّ من رمادِ الأصابع والشموع
،كلُّنا يدخّنُ
.بعضُنا يحرقُ الجسور
*
كم تبدو طفيفةً الآن
.الجراحُ التي توهّمتُها نهايتي
،الحبُّ الذي لم يكن سوى هبّةَ هواء
والدموعُ التي تلاشت في حفنةِ خريفٍ
.ما إن نادتْني نسمةٌ من النافذة
ها أنا خارجَ المتاهة
بقبّعةٍ مائلةٍ
.وحذاءٍ رياضيٍّ جديد
أينَ هي شجرةُ الحياةِ العالية؟
كأنّنا نولدُ ثانيةً
بأصدق ما في النضجِ والندم
.بعد الأربعين بقليل
ربيع براغ
،تحتَ غروبٍ من غيمِ غزلِ البناتِ، تضيءُ بوهيميا
،البقعةُ التي لا رقعةَ لرمادِها في ربيعِ الخرائط
.أرضُ التائهينَ في أغنيةِ هذه الأرض
.أحملُ وجهي كمن يحملُ رسالةً في مغلّفٍ فارغ
.على وجهي أهيمُ، في شوارع تتلألأُ بجراحِ القرميد
،الفندقُ دفترُ جيبٍ من ورقِ شجر
والمدينةُ مرسومةٌ بريشةِ نسرٍ
.قلعةٌ من سلالةِ القلوبِ المكسورة
شبابيكٌ من الخشبِ الأبيض
جدرانٌ باسمةٌ بألوانِ الباستيل
حيٌّ من حنانِ الحوانيت
...وأزقّةٌ حزينةٌ حزينة
نوافذُ في الأسقفِ المائلةِ
مداخنُ نحوَ ميلادِ النجوم
مقاهٍ هاربةٌ إلى الأرصفة
حانةٌ مزيّنةٌ بأزهارِ ريلكَه
وقمرُ براغ ماردٌ بملامح ماريونيت
.بخيوطٍ بمراوغةِ المفارق
في غرفةٍ زجاجيّةٍ
.ضفيرةٌ من بيانو وكمنجةٍ وفلُوت
في الليلِ تتّسعُ الساحةُ بنبضِ ساعةٍ
.ويفيضُ عن ضحكتي متحفُ الحبّ
.ليستِ الحياةُ في مكانٍ آخرَ يا كونديرا
.كافّةُ الطرقِ تعيدُنا إليْنا
كافكا يطوي نفسَهُ كصفحةٍ
.وأنا أركضُ بلا مظلّةٍ على جسرٍ فسيح
.أبتلُّ أكثرَ من دمعة
وحيد القرن يستيقظ من الحلم
يموتُ الحبُّ كما نباتاتُ الشرفةِ
.والحيواناتُ الأليفة
كما يَقْدُمُ قميصٌ صيفيٌّ
.ويغيمُ لونُهُ حولَ الياقةِ والأكمام
مثلما يتقشّرُ طلاءُ قلمٍ من الطفولةِ
أو تتفكّكُ علّاقةُ مفاتيح
.برأسِ نمرٍ بقبّعةٍ بالية
*
أذكرُ امرأةً بوجهٍ غائمٍ في المقعدِ الخلفيِّ
تنحني لتلتقطَ قُصاصةَ رقمِ موقفِ السيّاراتِ
لتخبِّئَها خلسةً في قلبِ محفظتِها
.كما لو رسالة حبّ
كدتُ أبكي
.فيما ألتقطُ صورةً لكشكِ الأزهار
*
:لَكَمْ تُدهشُني تفاصيلُ من حيواتيَ السابقة
.الذينَ أحببتُهُم
.قلبيَ القديمُ، ووجهي ذاكَ، الباسمُ الباكي
أسماءُ وأغنياتٌ كنتُ أحبُّها
وغربةُ أماكن
.ولافتاتٌ غامضة
أهذا الشخصُ الذي يمشي بمعطفٍ خفيفٍ تحتَ مطرِ مدريد أنا؟
بالأصداءِ أقيسُ ما قطعتُهُ من أهوالٍ
.وأحدّدُ المسافةَ الدقيقةَ بينَ الدمعةِ والدرب
*
.الساعةُ تشيرُ إلى الحادية عشرة وإحدى عشر دقيقة
.الكتابُ مفتوحٌ بضفّتيْهِ على غبارِ الكومودينو
أبطالُهُ يهيمونَ في فضاءِ غرفتي
بحفيفِ أجنحةٍ
.وخيوطٍ واهيةٍ تربطُ المصائر
.أضحكُ عاليًا، بعمقِ ما تتألّمُ جذور
تُمطرُ في بيروت
.وفي براغ وباريس
،قمرٌ واحدٌ يظلّلُ كلَّ الوحيدينَ في مدنِ الخيالِ
.وها هو وحيدُ القرنِ يستيقظُ من الحلم
على قائمة الفقد
بالكوبِ المعدنيِّ المزيّنِ برسمةِ بنتٍ
تحضنُ طائرةً ورقيّةً
،أملأُ روحي بحقولٍ من القهوةِ والألوان
كما برفشٍ برتقاليٍّ
بقبضةِ قصيدةٍ من الخشبِ
.دفنتُ قطعةً من قلبي
البراءةُ أوّل ما أفلتَ من بين أهدابي
،رغمَ الدببة القطنيّةِ المتراكمةِ حولَ كتبي وسريري
،ثمّ المقهى تلوَ الآخر
.ثمّ خارطةٌ من خرابِ البلاد
.كم من الشجنِ في مصابيح الشوارع
كيفَ يفلتُ العدلُ بضربةِ مطرقةٍ وكأنّهُ عصفور؟
.كثيرةٌ هي المنازلُ المغلقةُ كقبورٍ على ساكنيها
.كثيرًا ما يلحُّ عليَّ أن يكونَ القمرُ خوذةَ رائدِ فضاءٍ مفقود
في الليلِ أُحصي السيّاراتِ القليلةَ، العابرةَ لأرقي
.كما يفعلُ الأطفالُ في الحروبِ الطويلة
في ذاكرتي ثلاثُ بطّاتٍ في غرفةٍ مشتعلةٍ
وبالوناتِ بكاءٍ أطلقتُها عاليًا
.بعيدًا عن معاول سواي
الموتُ طفلٌ يلعبُ وحيدًا في فراغِ دمعةٍ
.وللفقدِ قائمةٌ تطولُ بأسماءِ أصدقائي
في ظلال الحوت الأزرق
رذاذُ خريفٍ على خطوتي وجبيني
والشجرُ الأصفرُ ينفضُ نفسَهُ في الريح
.تيمُّنًا بريشِ بجعاتِ البحيرة
.الضفّةُ سطرٌ طويلٌ من ربطاتِ العنق
ورقُ السنديانِ
.رسائلُ منتحرين
من السياجِ الأسود
تتدلّى باقةٌ من بنفسج
.برسالةٍ يتيمةٍ إلى رجلٍ غريق
من أيّة نافذة في الفقدِ
تسلّلَ بيتر بان إلى أرض الأحلام؟
*
في القاعةِ المهيبةِ
.هيكلٌ عظميٌّ يتأرجحُ مع ظلالِه
رأسُ سمكةٍ
جسدُ سفينةٍ غارقةٍ
.كفّانِ بفَقْرِ يديَّ في الوداع
السقفُ شاهقٌ كما هي الخسارة
.ودهشةُ الأطفال
*
.ليلُ لندن قمرٌ أقلّ
.عن وجهِ الحبِّ الواسعِ تحدّثُني كلُّ نجمة
تُبكيني كلمةٌ
.كما تَسقطُ سماءٌ برمحِ مظلّة
على قدميْنِ من قشٍّ
.أقطعُ الحديقةَ باليقين
تحت أكاليل الملائكة
صفصافةٌ لقلبِ النهرِ الباكي
يمامتانِ لعاشقٍ فقدَ يديْهِ في وداع
دقيقةُ صمتٍ بينَ ضفيرةٍ وغصنٍ
شرائطُ كاسيت لمفارق قديمة
ممحاةٌ للثلجِ الذي تعذّبُهُ الذكريات
مقلمةٌ بخمسينَ لونٍ لرسمِ الغروب
مصباحٌ أصفر لمتاهةِ الخريف
دَلَّةٌ دافئةٌ لشارعِ الحصانِ الأبيض
مقصُّ شَعرٍ للمشرّدين
زينةٌ لكلِّ زاويةٍ من حزنِ المدينة
شرفةٌ من الشروقِ لأصيصٍ فارغٍ
نافذةٌ لشبحِ ستارةٍ يلوّح بكلِّهِ
بحيرةٌ لشملِ البجعِ والدمعِ
حديقةٌ لتتذكّرَ الملكةُ أنّها من تراب
منزلٌ ملوّنّ كي تضيءَ العزلةُ كقميص
نصفُ زجاجةِ نبيذٍ ليكتملَ سطرٌ من النسيان
تذكرةُ مترو لمظلّةٍ بساقٍ واحدةٍ
ذراعُ هلالٍ لحضنِ فنجان
علبةُ إسعافاتٍ حمراء لدبٍّ وحيدٍ
مجرّةٌ من الأدوارِ لخيطِ دُميةٍ خلفَ الكواليس
معطفٌ شفيفٌ لطفلٍ غافٍ داخلَ دمعتِهِ
حقيبةٌ واسعةٌ لأوراقِ الرصيف
"نهايةٌ أخرى لروايةِ "مدام بوفاري
.بداياتٌ لم تتفحّم في حافلةِ الماضي
حبٌّ وورقُ هدايا ونجومٌ جديدةٌ بأسماءِ أصدقاء
.ووحدها وحدتي هديّتي لي
أيقونة زهر الليمون
لأجنحةِ زهرةِ اليوزو
في الأيقونةِ ذات الآفاقِ الواسعةِ
.شجنُ وجهِك ووجهي
،لها قامةُ موجةٍ تظلّلُ عزلةَ جزيرةٍ
وطعمُ الدموعِ المختلطةِ
.بالحبِّ واليتمِ وخمرِ الخلاص
.وَهْلَةُ زهرتيْنِ متعانقتيْنِ حولَ يباسِ غصن
حزنٌ بجناحيْنِ مفروديْنِ
بوسعِ دمعةٍ واحدةٍ
.فوقَ فراغِ المطعمِ والعالم
تحتَ اللوحةِ الغافيةِ بطفلتِها
بريشتِها العاجيّةِ
،بنجمةٍ لا تُخفى في طرفِ العصا
.قُبالةَ رسمةِ كلبٍ أبيض وحيد
لا أثرَ لأرنبٍ جريحٍ
.أو لرجلٍ مخبوءٍ في بئرٍ أو قبر
لا ظلالَ لركضي فوقَ الثلجِ فيما أضحكُ
أو في دوّامةِ دفترٍ أصفر
.في متاهةِ الخريف
فقط وجهانِ ولوحة
،وأصابعُ متشابكةٌ بلا وعدٍ أو كتابة
ما يكفي من حنانك وحناني
.كي تكتملَ بملامحنا رحلة
أحضان بأكمام قصيرة
كلُّ هذا الثقوبِ في الأرض
.دونَما أثرٍ لوردةِ ثلج
،"كم كنّا أطفالًا وحيدين"
يقولُ القاتلُ
.بتنهيدةٍ أصدق من نهر
،كلُّنا هذه الحقول المحروثة بالدموع
أحضانٌ بأكمامٍ قصيرةٍ
.قبورٌ تسعُ كلَّ كلمةٍ مكسورة
على مهلِهِ يمرُّ الحبُّ
.كمن يتنزّهُ في صدى غابة
يمرُّ اللصوصُ والأصدقاءُ
العاشقُ بقميصِهِ المفتوحِ حولَ باقةٍ
المهرّجُ بمساحيقِهِ الرخيصةِ فوقَ الأرصفة
الطبيبُ الخائفُ خلفَ قناعِ الطاعون
الطفلُ المتعكّزُ على زهرةٍ في طرفِ غصنٍ
الحصانُ الأسودُ والحصانُ الناصعُ
،الخريفُ والليلُ والباصُ الأخيرُ
الأحمرُ ذو الطابقيْن
.والسلالم التي بقامةِ بكاء
ثمّ يسقطُ ثلجٌ كثيرٌ
:ويتفتّحُ في بياضِ الحديقةِ براحُ مرآة
.دببةٌ قطنيّةٌ داكنةٌ تنبتُ بأذرعٍ مفرودة
.لا شيءَ في ملامحِنا يشبهُ الحبّ
كلُّنا في الوحلِ
،تحتَ نصالِ النجومِ
.لكنّ بعضَنا ينظرُ مبتسمًا نحوَ نفسِه
كما يُنقّى قميص من الأحضان
ها هو ثلجُ ديسمبر ينهمرُ ثانيةً
،كما في تلكَ المتاهةِ البيضاء
وعشبُ الحديقةِ يستيقظُ على أوزانٍ خفيفةٍ
.لملائكةٍ بلا ذاكرة
،هي نهايةُ حقبةٍ بحقائبِها
وأنا أكتبُ نفسي بلا مواربةٍ
كما يصفُ طفلٌ بألوانِ أصابعِهِ
الثلجَ الذي يحدثُ في نافذةٍ
.ليلةَ الميلاد
،العالمُ محبرةٌ مكسورةٌ على صفحةٍ أخيرةٍ من دفترِ خلاصِنا
ونجومٌ نائيةٌ تتلألأُ بألوانٍ مائيّةٍ
بفوضى كلماتٍ متفرّقةٍ
لو أجمعُها في رسالةٍ
.صوتي مجرّةٌ عالية
لكنَّ اللغةَ دونَ سقفَ الغيوم
وروحي إثرَ هالةِ المتنبّي
.أعمق من الغناء
في مثلِ هذه الشقّةِ ذات الشبابيك الكثيرة
سقطَ جورج مايكل وحيدًا
.كما تستسلمُ ورقةٌ لخريف
لهولِ الأملِ في قلبِهِ
ويتمِ العناقاتِ العابرةِ
.وثقوبِ الجيتاراتِ السوداء
لعجزِ الأغصانِ عن أن تكونَ عكّازًا لزهرة
فاضتِ الأواني بدمِ الخسارةِ
وفرغت من الهدايا
.قبّعاتُ السحرةِ والقمصان
هكذا عادَ أصدقائيَ القُدامى
الجرح تلوَ الآخر
.في جملةٍ طويلةٍ من الأجراسِ والأقنعة
.بعضُهُم جاءَ من الموتِ بلا حقيبة
.جميعُنا تائهٌ في برهةِ النسيان
ها هي الرسائلُ تتكدّسُ كعمرٍ قديمٍ على بابي
وأكنسُها بأهدابيَ على مهلٍ
.دونَ أن يرفَّ لي جفنٌ أو جناح
من مثلي فقدَ يديْهِ في الثلج؟
لمن هذا التاجُ المعلّقُ كقميصٍ على غصن؟
وكيف أشرحُ لغرباءِ الحانةِ
أنّ الدمعةَ شيءٌ حميم
كالحلمِ الذي نخطئُ حينَ نقتسمُهُ في أنخاب؟
أذكرُ امرأةً قصيرةً تجلسُ قُبالتي
.بسحنةٍ عريقةٍ من الأحقاد
.تكادُ تبكي من الكرهِ الذي يُعمي مفارقَ العشّاق
.وحدها الآن بقامةِ ما مضى
وجهي في مكانٍ آخر
ومعطفي
.وحذائيَ الرياضيُّ بفراشتيْنِ ناجيتيْن
،الثلجُ سفرُ الغريبِ في نفسِهِ
رسالةٌ فارغةٌ
كما كانَ اقتراحُ الحبِّ
.في وهلةِ مرآة
ها أنا أولدُ ثانيةً
.كما يُنَقَّى قميصٌ أبيضُ من وحلِ الأحضان
الفندقُ الأصفرُ الرهيفُ
.كنرجسةٍ فوقَ النبض
الذي لجدارِهِ هالةُ صفصافةٍ
.في ظلالِ ناطحاتِ النجوم
ذو الستائر المتطايرة كمواعيد في البال
.والحديقة العارية بروح دمعة
الذي ينعطفُ عندَ عتبتِهِ شارعٌ
،كما تسلو رسالةٌ
.ولخشبِ شبابيكِهِ زرقةُ الزوارق الغريقة
الذي كغُصَّةٍ في صورٍ متلاحقةٍ عن الرصيفِ
وفي أصداءِ سمراء فاتنةٍ
غَفَتْ أغنيتُها
.في بانيو من دموعِها
،فندقُ القلوبِ الكسيرةِ
حيثُ عثرَ اثنانِ على الحبّ
...ثمَّ ضاعَ أكثرُ من ثلاثة
بريشةِ يوشيتومو نارا
.في الصورةِ التي تحبُّها صديقتي، لوحةٌ للرسّامِ اليابانيِّ الذي يرجّفُ أطفالُهُ معظمَ الظلال
.أيتامُ العالم. سليلو الوحدةِ والوحولِ، وغيمةِ عشِّ الغرابِ العملاقةِ فوقَ رمادِ هيروشيما
قُساةٌ في كلِّ سياقٍ وإطار. مُهانونَ مهما اتّسعتِ الابتسامة. مخيفونَ وخائفون، سواءَ أظهروا سكاكينَهُم التي تضحكُ، أو أخفوا في دموعِهِم نصالَها.
ليست لوحةً بالمعنى التقليديِّ لينابيعِ الألوانِ المعلّقةِ كغنائم صيدٍ على الجدران. هو ملصقٌ صغيرٌ عن أصلِ لوحةٍ، بتوقيعِ نارا نفسِهِ، بتاريخِ 2014، بقلمٍ فضِّيٍّ عريض.
.قطعةُ أبدٍ مهداةٌ إلى مجهول
.رسالةٌ لي، بفاصلةِ سكّينٍ في قلبِ روزنامة
.اللوحةُ التي ليست لوحةً، على يمينِ الصورةِ، إلى أعلى، تظلّلُ طيفَ مصطبة. غيمةٌ غامضةٌ، وحيدةٌ في البياض
في الزاويةِ السفلى من الصورةِ، في أقصى اليسار، أجلسُ على مقعدٍ خشبيٍّ داخلَ معطفي. يدي تسندُ رأسي الذي يكادُ يُسقطُ وجهي كما لو ورقة خريف.
.الصورةُ بالأبيض والأسود، بتأثيرِ غيمةٍ من الغضبِ والحنين
الطاولةُ لا تبينُ في الصورةِ، لكن ثمّةَ ما يقترحُ وجودَها: كُوعيَ المسنودُ كوتدٍ على حافّةٍ ما. ثمّ هناكَ منطقُ المكانِ، الذي لا يمكنُنا أن نسندَهُ على ثنيةِ جدار.
.لكنَّ الصورةَ للوحةٍ ومقعدٍ ولي، وكأنّ العالمَ يكتملُ بمفرداتٍ أقلّ
.في اللوحةِ المعتمةِ طفلةٌ حانقةٌ، نصفُها في الماءِ وكلُّها ليل. كأنّها بطرفِ دمعةٍ ترسمُني
ما الذي حدث لرجل "إيسّو" الصغير؟
بقلمِ بيك ذي الألوانِ الأربعة
،أرسمُ سطرًا مائلًا من دموعي
كمن يتتبّعُ الصدى
.نحوَ أغنيةِ نفسِه
مع جُملتي القصيرةِ أسيلُ
.بسكونِ وجهٍ وحيدٍ في نافذةٍ في تشرين
أجدُني فجأةً في خلاءِ محطّةِ البنزين المضاءةِ
:كسفينةٍ في الليلِ، أتساءل
ما الذي حدثَ يا تُرى
لرجلِ "إيسّو" الصغير؟
*
ذلك الذي لا تُواسيهِ نسمةٌ
ويُهدى لأطفالٍ نصف غافين
في المقاعد الخلفيّة
.من سيّاراتِ الماضي
الذي له رأسُ شعلةٍ
ووجهٌ باسمٌ لا يكبرُ في المرايا
.كالأطفالِ الميّتين
الذي يكادُ أن يكونَ شمعةً بيضاء
كتلكَ التي كانت خلفَ بابِ غرفتي تختبئُ
.في ليالي القصفِ العنيف
الرجلُ المدلّى مثل دمعة
.من علّاقةِ مفاتيح
*
،"كم كُنّا وحيدِينَ في الحبِّ"
.تردّدُ قطرةُ بنزين لأخرى
أنا أيضًا أتساقطُ
مع أوهامي
.وأوراقِ الخسارة
*
كفردٍ أخيرٍ من فرقةِ روك منسيّة
.أشتاقُ أصدقائي
.أمل نائمةٌ في قبرِها، قريرةُ القلب
،الآنسةُ كاف في الطابق السابع عشر من وحدتِها
.(تصلُني منها في الليالي البيضاء، رسائلُ ودموع)
.الولدُ الجميلُ اختفى بانزلاقِ قمرٍ خلفَ مفرق
ما الذي حدثَ يا تُرى
لرجلِ "إيسّو" الصغير؟
وصايا ميراسييرّا
.أن تقفَ تحتَ قمرٍ عاموديٍّ، برهافةِ سطرٍ في الريح
.أن تحلمَ بقطارٍ طليقٍ نحوَ طُلَيْطُلَة، وأوراقُ الخريفِ من خلالِكَ تتساقط
،كأنّكَ نسمةُ نفسِكَ
،عاصفةٌ تنقصُها ريشةُ عصفورٍ
.نافذةٌ بقلبٍ مفتوحٍ، في مهبِّ المطر
.أن تدركَ أنّ وجهَكَ الذي لم يحبُّهُ أحدٌ، لم يحبَّ أحدًا
.أن تدفعَ بالجبلِ الجاثمِ على جناحِكَ، بعيدًا برفّةِ نسرٍ، ثمّ تجلس وسطَ غبارِكَ تبكي، لأنّكَ بقساوةِ بيكاسو
.أن تدينَ بنجاتِكَ لإكليلٍ من الكريستال في حنجرةِ نجاة
أن تعيدَ تدويرَ دموعِكَ، مثلما تتعاقبُ بأعمارِ العابرينَ
.أنهارٌ وجسور
.أن تقبضَ بوهنِ مهرّجٍ، على ورقةٍ أخيرةٍ خاسرة، من شجرةِ الاحتمالات
أن تصادفَ في نزهةِ النسيانِ الأطول من ظلالِكَ، نصفَ دستةٍ من الدُّمى المتناثرةِ، بينَ الرصيفِ المغلّفِ بورقٍ أصفر، وصناديق القمامةِ المتراصّةِ كبيوتِ البؤساء، ويلحّ على روحِكَ تابوتٌ بحجمِ حقيبةِ اليد، أو طردِ هدايا في البريد.
.أن تواكبَ كرسيًّا متحرّكًا صوبَ المصعدِ النحاسيِّ، وتفكّرَ لو أنّهُ بوسعِكَ أن تُودِعَ الأملَ المريضَ كوردةٍ صفراء تحتَ قبّةٍ شفيفة
أن تحاولَ أن تحصيَ أخطاءكَ كما النجوم، مثلما تجمعُ طفلةّ ناجيةٌ من المجازر شموعَ أصابعِها، في محاولةٍ لرسمِ دفترٍ برمادِ اليديْن.
.أن يباغتَكَ في الصيدليّةِ الناصعةِ رجلٌ يتنفّسُ بلا أنفٍ، ويهديكَ روزنامةَ جيبٍ يزيّنُها رجلُ ثلجٍ بقبّعةٍ حمراء
أن تعودَ إلى الفندقِ ذي الملامح المغلقة، فارغًا من نفسِكَ مثلَ غرفةٍ، لتتوسّدَ علبةً على الأرضِ، تفيضُ بعطرِ ما مضى. ذلكَ الذي لا يُستعاد. هذا الذي لا يزول.
.أن يرسمَكَ الأرقُ في فنجانِ سارة، وتطلقَ اسمَها المُلْتَبَسَ على معطفٍ قديم
.أن تلوِّنَ فراشةَ رئتيْكَ بشجنِ الشوارع، وتفرغَ في جوفِكَ زجاجةً من النبيذِ، كما لو مسدّس ملطّخ ببصماتِ سواك
.أن تغفوَ على الهاتفِ مثلما يسقطُ العشّاقُ في بئرِ الكلام
.أن تحيا وتَفْنَى في سبيلِ لمحةٍ من العدلِ، ولو في حصّةِ عاشقٍ من الندم
.أن تبصرَ قمريْنِ متزامنيْنِ في ليلِ ميراسييرّا القارس: دمعةٌ خلفَ رذاذِ النافذة، وأخرى في المرآةِ المتأرجحةِ كمدينةٍ في زجاجة
رسائل اسكتلندا
الرسالة الأولى
.تُرَجِّحُ الدربُ دمعةً في المدى
.القطاراتُ أجنحةٌ بسرعةِ الغرق
.الأصدقُ هو الأعمقُ ندمًا
،على بقعةِ بحرٍ تُطابقُ سديمَ لوحةٍ في حلمٍ قديم
.ملاكٌ يجثو على رَمَدِ جناحيْه
.قلبُهُ زهرةُ خشخاشٍ، عميقةٌ في العدم
،جوارُهُ امرأةٌ بقوامِ قصيدةٍ
.شَعْرُها يتطايرُ كي تطولَ الطرق
.بأهدابِها تُحصي الشهبَ الذاويةَ في شذرات
الأرضُ صخرةٌ مُعلّقة بلا خيطِ خلاص
.والقلبُ غوّاصةٌ صفراءُ غامضة
.الأخضرُ الشاسع. الحيلةُ الأقدمُ لاستعادةِ عشبةٍ أولى، شافيةٍ من أشباهِ الأمل
.لطالما غربلَ السفرُ أغنيتي من الغربان
.على أكتافِ الشجر، تتّكئُ كمنجاتٌ مسكونةٌ بأعشاشِ عصافير
،أبصرُ تلالَ اسكتلندا عن مسافةٍ
.كمن ما زالَ بوسعِهِ أن يستدرجَ الحزن
.أُسْقِطُ كُلَّ غبشٍ عالقٍ بنظرتي وظلالي
.ما كانَ سوى لعبةِ غيمةٍ، ذلكَ العذابُ الذي في مستنقعِهِ أذبتُ وجهي وحنيني
.الحبُّ بيانو أسود يلتمعُ في الليلِ، ببسالةِ حصانٍ جريح
.بانيو أبيضُ وفارغٌ، قُبالةَ نافذةٍ عاليةٍ مُغلقةٍ، تحتَ سقفِ التوقُّع
الرسالة الثانية
كم هو وجهي في الليالي
.الجسرُ الأحمرُ العتيق
ضائعٌ كضحكةِ طفلٍ
.وسطَ أصداءِ حقائب
مُضاءٌ بضفافِ قلبٍ
بينَ السككِ الحديديّةِ
.المتشابكةِ كشرايين
،برهافةِ عصفورٍ في عاصفة
.يحلمُ بتحطيمِ الضلوعِ والقضبان
.بسمتُهُ قوسُ قزح قانٍ
.كثيفُ الأشجانِ، كشجرةٍ على قارعةِ الأمل
.برجٌٍ مستلقٍ تحتَ الحَيا
ورّاقٌ قديمٌ
.بظلالِهِ يجمعُ دفاترَ الخريف
الملاكُ المعدنيُّ المعلّقُ كجفنٍ على نهرٍ، دونَ أن يجرؤَ في مرّةٍ، على ذرفِ دمعةٍ في وداعِ يدٍ تلوّحُ خلفَ نافذةِ قطارٍ، أو كتابةِ كلمةِ حبٍّ، على هامشِ تذكرةٍ مُهْمَلَة.
الرسالة الثالثة
.روابٍ بوسعِ السديم
.أشجارٌ متفرِّقةٌ بعناقاتٍ محسوبةٍ، ببراعةِ فرقةٍ من العازفينَ في صمتِ لوحة
.كنيسةٌ صغيرةٌ، بصليبٍ يتلألأُ بحكمةِ نجمة
.حصانان: أحدُهُما ناصعٌ، الآخرُ ظلُّه
.حنانٌ بصيغةِ المثنّى، ضفيرةُ الأبيض والأسود
.بيتٌ بقرميدٍ مجنّح. بابٌ مجروحٌ في الخلاء. صخرةٌ حمراءُ لم يتطاير دمُها عبرَ العصور
.من نافذتي في القطارِ القديمِ، ما لا تُحصيهِ أمطارٌ من عشبٍ وعصافير
في المدينةِ الملوّنةِ برمادِ دمعةٍ، أمشي بغايةِ الغيمِ والنسيان. أسلو عن وجهي الذي أحبَّك. أتناساهُ على شرفةِ المقهى الشاهقةِ، فوقَ رفٍّ خفيٍّ من مكتبة، في أعماقِ الحانةِ الخشبيّةِ، على شفا متجرٍ، مكتظٍّ بأوشحةِ الكشمير والقواريرِ المعدنيّةِ والتحفِ التذكاريّةِ لحصنٍ عتيق.
.يدُ ملاكٍ تُعيدُهُ إليَّ، بأمانةِ أقدارٍ، على كلِّ عتبةٍ عابرة
.في الورقِ المتناثرِ على أرصفةِ إدنبرة، أتصفّحُ حياتي التي ليست كتابًا أو طائرًا في عنقي
.بسمةٌ لملاقاةِ المفارق، يدانِ لطيِّ الخريف
لهذه الأرضِ الغامضةِ أدينُ بطرفِ الخيطِ
.كأنّني طريق
الرسالة الرابعة
سلالمُ بسطورٍ ذائبةٍ
.وسطَ رسائل المطر
.جدارٌ مائلٌ من القسوةِ الملوّنةِ، بدرجاتٍ متفاوتةٍ من حزنِ التراب
.حمامٌ بظلالِ تنانين
أجراسٌ مدلّاةٌ بنصفِ وجهٍ
.في جملةٍ من الدموع
،إسكتلندا حصّالةٌ مكسورةٌ من نجومِ الندم
.ليلٌ يطولُ بتماثيلِهِ السامقة
في حديقةِ الفندقِ المهيبةِ، أقفُ بلا أفقٍ، كمن قطعَ إلى سطحِ القمرِ ظلَّهُ، ليلوّحَ للفراغِ بمنديلٍ شفيف. أدخّنُ بشراهةِ نهرٍ على الغيمِ، أتأمّلُ القدحَ المائلَ يمتلئُ بسماء. أيعقلُ أن يقعَ بحرٌ، في عشقِ وجهٍ بتفاهةِ هبّةٍ من هواء؟
.ثمّةَ موسيقى تتداعى كما تنحدرُ محبّة
.كلُّ الأشياءِ الشفيفةِ مكتملةٌ بالكسر
.كم من الأحصنةِ والحصونِ في سطرٍ وحيدٍ من العزلة
كم على نفسي قسوتُ
.ليكونَ حُبّي شاهقًا كشجرةِ حَوْر
،إسكتلندا أرضُ الهضابِ التي طمرَتْ ضحكتي
الرحلةُ التي لم تكن في الحسبان
.لامتحانِ روحي في دهليزِ دمعة
الرسالة الأخيرة
.معَ السطرِ الخامسِ من الرسالة، يميلُ المطر
،يضربُ النوافذَ العاليةَ بنصفِ نبضِهِ
كما أخفقُ في كلِّ كتابةٍ
في نقلِ قلبي
دونَ نقصانٍ في غصّةٍ
.من البئرِ إلى الورق
في سديمِ الأرقِ
.فقدٌ بلا اسمٍ يقضمُ ضلوعي
من الذي ينزعُ المساميرَ من دموعي طوالَ الليل؟
هذا السقفُ شاهقٌ كالعدلِ
.لكنّ قسوتك تكسرُ الموسيقى
في القصرِ العتيقِ
:كلُّ الأشياءِ شفيفةٌ كنسيان
البابُ والجدرانُ وستائرُ الخريف
السريرُ والمنضدةُ و قرطاسيّةُ الفندقِ المتناثرة
،آنيةُ الهجرِ ووجهيَ الأصفر
.لفرطِ ما بكيتُ خِفْيَةً خلفَ الشبابيك
مثلما تفلقُ نسمةٌ قلبَ نهرٍ
كما يجورُ شاعرٌ على بيتٍ بينَ يديْهِ
.الفقدُ كشّافٌ يفضحُ ما اقترفَتْهُ الفؤوس
،ٍفي وادي النسورِ، نرى نهايةَ الحبِّ تحتَ نظرةِ نجمة
.الخوفُ وأنا
محطّة منتصف الليل
كما يبتسمُ وجهٌ في الضباب
،ترسمُ نفسَها في صمتِ الساعاتِ
المحطّةُ التي لا تنتظرُ أحدًا
.وقضبانُها ريشُ عابرين
.سكونٌ بعمقِ الكون
.غيومٌ تلامسُ الرأسَ بظلالِها
.الوقتُ متوقّفٌ بدِقّةِ موتٍ، تمامَ الظهيرة
لمن كلُّ هذه المقاعد؟
هل تجلسُ الريحُ جوارَ حقائبِها، بأجنحة الغرباء؟
،كأنّهُ منتصفُ كلِّ ليلٍ مفقودٍ من مفاتيح الحلم
.هذا الذي بدمعةٍ وحيدةٍ على خدِّ الوداع
أهذا المكانُ مجاز الكلام الذي لا ينتهي تحتَ المطر؟
.يلحُّ الحبُّ الأوّلُ بأحصنةٍ شاردةٍ مع الشجر
.ألتقطُ صورًا للّحظةِ واللافتاتِ وألفةِ العدم
أُتمتمُ الاسمَ المنسيَّ بهباءِ نسمةٍ نحوَ الهاوية
.وأمشي مثلَ ملوكِ القرونِ الوُسْطَى، مسافةَ رصيفٍ قصير
.عبثًا فتحتُ روحي لحكاياتِ الطريق
لوهلةٍ لا تَمدي لالتقاط صورة
.في الأسواقِ الخاليةِ، على حوافِّ الليل
تي-شرت أبيضُ فضفاض
.بنطلون مقلَّمٌ بسطورِ شوارع
،سيْرُ حقيبةٍ عبرَ النبض
حذاءٌ ذائبٌ
.برذاذِ مدينةٍ في ماءِ العينيْن
.ثمّ فجأةً فراشةٌ على الكتف
.فراشةٌ كبيرةٌ صفراءُ ككفِّ نجمة
وكأنّ ثمّةَ ما يشيرُ دائمًا
بدهاءِ دمعةٍ
.إلى فراغِ الجناح
في دفيئة الفراشات
غرفةٌ شفيفةٌ كما لو في ممرِّ دمعةٍ
.كهذه التي حولَ مصباحِها أحومُ، في متاهةِ نهاياتي
.مَمْشَى من الأغصانِ والحصى، بصبغةِ الغيوم
ربيعٌ بملامح لوحةٍ
.حولَ مروحةٍ من الفصول
أزهارٌ بأحضانٍ مُحلّاةٍ
قفيرٌ من قطراتِ الشمسِ
.وليمةٌ لفراشاتٍ بحجمِ الكفِّ المفتوحةِ لاحتواءِ المطر
،فراشةٌ صفراءُ ساكنةٌ على كتفِ قميصٍ
.أُخرى بزرقةِ الحزنِ، حولَ هالةِ البنتِ الصلعاء
.طفلةٌ جاثيةٌ على عراءِ ركبتيْها، بفستانٍ بمدارِ مظلّة
.عاشقٌ فاردٌ ذراعيْهِ، ووجهُهُ وردةٌ نحوَ السقف
غرباءُ على أرضٍ تضيءُ
.ظلالَ جنّةٍ خفيفةٍ وسطَ رمادِ المدينة
.رحلةٌ قصيرةٌ، كما هو عمرُ الحبِّ والفراشات
مخطوطة خريف
،العالمُ تحتَ مِجْهَرِ دمعةٍ
.الحبُّ عبر مِقْرابِ نجوم
المدنُ المرسومةُ برمادِ ناسِها
.في دفترٍ بغلافِ غيمة
خرائطُ الطرقِ السريعةِ
بدبابيس ملوّنةٍ
.وسطَ رمالٍ متحرّكة
طفولتي المُلطَّخةُ بالحبرِ الأزرق
.بوجهِ دمية
تلكَ البيوتُ المجفّفةُ بين صفحاتٍ
.مع عناوينِ الكتبِ الضائعة
الوردةُ المحنّطةُ الحمراء
.في جرحٍ يهزم الزمن
أوراقُ الفندقِ الأنيقِ
.في فصلٍ ناقصٍ من حكاية
.اللغاتُ المتراكمةُ بضفائر شجرةٍ مُعَمِّرَةٍ فوقَ صمتي
"أغنياتُ الغربة"
.كما كنتُ أكتبُ على كلِّ ضماد
.دموعُ المقاعد الشاغرة
.قُبلةُ الدلفين على خدِّ الخسارة
ملاكُ بول كلي
.الأهيفُ كورقةِ خريف
،من روحي لا أملكُ سوى هذه النسخة اليتيمة
وكلُّ القصصِ التي آلمتْني دونَ عِظَةٍ لظلالٍ
.قمصانٌ واسعةٌ على وحدتي
مديح الدلافين
منذُ دمعةِ آدم كطفلٍ نادمٍ على عتبةٍ
،حتّى آلافِ الغرقى في تلويحةِ حرب
من قطرةِ المطرِ الأولى على صحراء بينَ الأصابع
،إلى هولِ الطوفانِ في شوارعِ العيون
.مسوّداتي مراكبُ لا تكتمل
.الكوكبُ كلُّهُ ذاكرةُ بحرٍ قديم
بِبُوصَةٍ من القصبِ مُهْمَلَةٍ
بينَ نزفِ نايٍ
،وأفقٍ بخطِّ اليد
.أُهْدي الأمواجَ وجوهًا وأجنحة
.قلبي متحفٌ صغيرٌ لجمعِ الأصداف
،لكنَّ الدلافينَ دموعٌ باسمة
ملائكةٌ مائيّةٌ يرسمُها طفلٌ متوحّدٌ بأهدابِهِ
.من وحي الغيوم
،الحبُّ رواياتٌ متعدّدةٌ لدمعةٍ وحيدةٍ
.حمّالةِ أوْجُه
الصيف الذي مرَّ مرّتيْن
.شمسٌ في كلِّ شيء
.شارعٌ واسعٌ ومعبّدٌ بالاحتمالات
.مظلّاتٌ ملوّنةٌ، متفرّقةٌ في المفارق
في خلاءِ الجسرِ العالي
أنا الرجلُ الوطواطُ المختبئُ خلفَ قناعِهِ
.في الإعلانِ المطلِّ على الطريق
في السيّارةِ التي لا تسعُ سوى راكبيْنِ
،كلبتي المسنّةُ وأنا
وحقيبةُ بحرٍ وقبّعةٌ من القشِّ الناعمِ
.وأغنيةٌ شاردةٌ بشجنِ غيتار
،اللحنُ يموجُ بصوتِ كريس ريا اللّازورديّ
وحبّاتُ رملٍ من أصداءِ قصصٍ وقصور
.تتساقطُ من أكمامِ صمتي وقميصي
.في الأفقِ غيمةٌ بلا سياق
في مثلِ هذا النهارِ المشمسِ بجنونٍ
من الذي يجرؤُ على دمعة؟
في هامشِ المشهدِ أقفُ
في فيءِ بالون فضيٍّ
،مضاءٍ بالحرفِ الأوّلِ من اسمي
بقدميْنِ لا تهابانِ النهايةَ
.بحذاءٍ أزرق مفتوح
،أنا الشبحُ المعلّقُ من أذنيْهِ في لافتةِ صيفٍ
الشخصُ الصغيرُ في الصورةِ
.بتلويحةِ منشفةٍ بأقواس دلافين
لو أنّني "الغريب" على شاطئٍ آخر
على مَن أطلقُ الرصاص؟
بالون عيد الميلاد
.لوهلةٍ لَهُ وجهُ أرنبٍ أبيض
تحتَ نجمةٍ أخرى
.هو أحدُ القمريْنِ الساطعيْنِ بينَ سطورِ رواية
.البالون الناصعُ الممتلئُ بالرمل
.الناجي الأوحدُ من إكليلِ الضحكِ والألوان
المثقلُ بنفسِهِ
.مثل دمعة رجل ثلج
*
كثيرةٌ هي الرسائلُ التي تفضحُ فداحةَ وحدتِنا
،في الليل
لكنَّ الأصدقاءَ أقلُّ من رمادِ الأصابع والشموع
،كلُّنا يدخّنُ
.بعضُنا يحرقُ الجسور
*
كم تبدو طفيفةً الآن
.الجراحُ التي توهّمتُها نهايتي
،الحبُّ الذي لم يكن سوى هبّةَ هواء
والدموعُ التي تلاشت في حفنةِ خريفٍ
.ما إن نادتْني نسمةٌ من النافذة
ها أنا خارجَ المتاهة
بقبّعةٍ مائلةٍ
.وحذاءٍ رياضيٍّ جديد
أينَ هي شجرةُ الحياةِ العالية؟
كأنّنا نولدُ ثانيةً
بأصدق ما في النضجِ والندم
.بعد الأربعين بقليل
ربيع براغ
،تحتَ غروبٍ من غيمِ غزلِ البناتِ، تضيءُ بوهيميا
،البقعةُ التي لا رقعةَ لرمادِها في ربيعِ الخرائط
.أرضُ التائهينَ في أغنيةِ هذه الأرض
.أحملُ وجهي كمن يحملُ رسالةً في مغلّفٍ فارغ
.على وجهي أهيمُ، في شوارع تتلألأُ بجراحِ القرميد
،الفندقُ دفترُ جيبٍ من ورقِ شجر
والمدينةُ مرسومةٌ بريشةِ نسرٍ
.قلعةٌ من سلالةِ القلوبِ المكسورة
شبابيكٌ من الخشبِ الأبيض
جدرانٌ باسمةٌ بألوانِ الباستيل
حيٌّ من حنانِ الحوانيت
...وأزقّةٌ حزينةٌ حزينة
نوافذُ في الأسقفِ المائلةِ
مداخنُ نحوَ ميلادِ النجوم
مقاهٍ هاربةٌ إلى الأرصفة
حانةٌ مزيّنةٌ بأزهارِ ريلكَه
وقمرُ براغ ماردٌ بملامح ماريونيت
.بخيوطٍ بمراوغةِ المفارق
في غرفةٍ زجاجيّةٍ
.ضفيرةٌ من بيانو وكمنجةٍ وفلُوت
في الليلِ تتّسعُ الساحةُ بنبضِ ساعةٍ
.ويفيضُ عن ضحكتي متحفُ الحبّ
.ليستِ الحياةُ في مكانٍ آخرَ يا كونديرا
.كافّةُ الطرقِ تعيدُنا إليْنا
كافكا يطوي نفسَهُ كصفحةٍ
.وأنا أركضُ بلا مظلّةٍ على جسرٍ فسيح
.أبتلُّ أكثرَ من دمعة
وحيد القرن يستيقظ من الحلم
يموتُ الحبُّ كما نباتاتُ الشرفةِ
.والحيواناتُ الأليفة
كما يَقْدُمُ قميصٌ صيفيٌّ
.ويغيمُ لونُهُ حولَ الياقةِ والأكمام
مثلما يتقشّرُ طلاءُ قلمٍ من الطفولةِ
أو تتفكّكُ علّاقةُ مفاتيح
.برأسِ نمرٍ بقبّعةٍ بالية
*
أذكرُ امرأةً بوجهٍ غائمٍ في المقعدِ الخلفيِّ
تنحني لتلتقطَ قُصاصةَ رقمِ موقفِ السيّاراتِ
لتخبِّئَها خلسةً في قلبِ محفظتِها
.كما لو رسالة حبّ
كدتُ أبكي
.فيما ألتقطُ صورةً لكشكِ الأزهار
*
:لَكَمْ تُدهشُني تفاصيلُ من حيواتيَ السابقة
.الذينَ أحببتُهُم
.قلبيَ القديمُ، ووجهي ذاكَ، الباسمُ الباكي
أسماءُ وأغنياتٌ كنتُ أحبُّها
وغربةُ أماكن
.ولافتاتٌ غامضة
أهذا الشخصُ الذي يمشي بمعطفٍ خفيفٍ تحتَ مطرِ مدريد أنا؟
بالأصداءِ أقيسُ ما قطعتُهُ من أهوالٍ
.وأحدّدُ المسافةَ الدقيقةَ بينَ الدمعةِ والدرب
*
.الساعةُ تشيرُ إلى الحادية عشرة وإحدى عشر دقيقة
.الكتابُ مفتوحٌ بضفّتيْهِ على غبارِ الكومودينو
أبطالُهُ يهيمونَ في فضاءِ غرفتي
بحفيفِ أجنحةٍ
.وخيوطٍ واهيةٍ تربطُ المصائر
.أضحكُ عاليًا، بعمقِ ما تتألّمُ جذور
تُمطرُ في بيروت
.وفي براغ وباريس
،قمرٌ واحدٌ يظلّلُ كلَّ الوحيدينَ في مدنِ الخيالِ
.وها هو وحيدُ القرنِ يستيقظُ من الحلم
على قائمة الفقد
بالكوبِ المعدنيِّ المزيّنِ برسمةِ بنتٍ
تحضنُ طائرةً ورقيّةً
،أملأُ روحي بحقولٍ من القهوةِ والألوان
كما برفشٍ برتقاليٍّ
بقبضةِ قصيدةٍ من الخشبِ
.دفنتُ قطعةً من قلبي
البراءةُ أوّل ما أفلتَ من بين أهدابي
،رغمَ الدببة القطنيّةِ المتراكمةِ حولَ كتبي وسريري
،ثمّ المقهى تلوَ الآخر
.ثمّ خارطةٌ من خرابِ البلاد
.كم من الشجنِ في مصابيح الشوارع
كيفَ يفلتُ العدلُ بضربةِ مطرقةٍ وكأنّهُ عصفور؟
.كثيرةٌ هي المنازلُ المغلقةُ كقبورٍ على ساكنيها
.كثيرًا ما يلحُّ عليَّ أن يكونَ القمرُ خوذةَ رائدِ فضاءٍ مفقود
في الليلِ أُحصي السيّاراتِ القليلةَ، العابرةَ لأرقي
.كما يفعلُ الأطفالُ في الحروبِ الطويلة
في ذاكرتي ثلاثُ بطّاتٍ في غرفةٍ مشتعلةٍ
وبالوناتِ بكاءٍ أطلقتُها عاليًا
.بعيدًا عن معاول سواي
الموتُ طفلٌ يلعبُ وحيدًا في فراغِ دمعةٍ
.وللفقدِ قائمةٌ تطولُ بأسماءِ أصدقائي
في ظلال الحوت الأزرق
رذاذُ خريفٍ على خطوتي وجبيني
والشجرُ الأصفرُ ينفضُ نفسَهُ في الريح
.تيمُّنًا بريشِ بجعاتِ البحيرة
.الضفّةُ سطرٌ طويلٌ من ربطاتِ العنق
ورقُ السنديانِ
.رسائلُ منتحرين
من السياجِ الأسود
تتدلّى باقةٌ من بنفسج
.برسالةٍ يتيمةٍ إلى رجلٍ غريق
من أيّة نافذة في الفقدِ
تسلّلَ بيتر بان إلى أرض الأحلام؟
*
في القاعةِ المهيبةِ
.هيكلٌ عظميٌّ يتأرجحُ مع ظلالِه
رأسُ سمكةٍ
جسدُ سفينةٍ غارقةٍ
.كفّانِ بفَقْرِ يديَّ في الوداع
السقفُ شاهقٌ كما هي الخسارة
.ودهشةُ الأطفال
*
.ليلُ لندن قمرٌ أقلّ
.عن وجهِ الحبِّ الواسعِ تحدّثُني كلُّ نجمة
تُبكيني كلمةٌ
.كما تَسقطُ سماءٌ برمحِ مظلّة
على قدميْنِ من قشٍّ
.أقطعُ الحديقةَ باليقين
تحت أكاليل الملائكة
صفصافةٌ لقلبِ النهرِ الباكي
يمامتانِ لعاشقٍ فقدَ يديْهِ في وداع
دقيقةُ صمتٍ بينَ ضفيرةٍ وغصنٍ
شرائطُ كاسيت لمفارق قديمة
ممحاةٌ للثلجِ الذي تعذّبُهُ الذكريات
مقلمةٌ بخمسينَ لونٍ لرسمِ الغروب
مصباحٌ أصفر لمتاهةِ الخريف
دَلَّةٌ دافئةٌ لشارعِ الحصانِ الأبيض
مقصُّ شَعرٍ للمشرّدين
زينةٌ لكلِّ زاويةٍ من حزنِ المدينة
شرفةٌ من الشروقِ لأصيصٍ فارغٍ
نافذةٌ لشبحِ ستارةٍ يلوّح بكلِّهِ
بحيرةٌ لشملِ البجعِ والدمعِ
حديقةٌ لتتذكّرَ الملكةُ أنّها من تراب
منزلٌ ملوّنّ كي تضيءَ العزلةُ كقميص
نصفُ زجاجةِ نبيذٍ ليكتملَ سطرٌ من النسيان
تذكرةُ مترو لمظلّةٍ بساقٍ واحدةٍ
ذراعُ هلالٍ لحضنِ فنجان
علبةُ إسعافاتٍ حمراء لدبٍّ وحيدٍ
مجرّةٌ من الأدوارِ لخيطِ دُميةٍ خلفَ الكواليس
معطفٌ شفيفٌ لطفلٍ غافٍ داخلَ دمعتِهِ
حقيبةٌ واسعةٌ لأوراقِ الرصيف
"نهايةٌ أخرى لروايةِ "مدام بوفاري
.بداياتٌ لم تتفحّم في حافلةِ الماضي
حبٌّ وورقُ هدايا ونجومٌ جديدةٌ بأسماءِ أصدقاء
.ووحدها وحدتي هديّتي لي
أيقونة زهر الليمون
لأجنحةِ زهرةِ اليوزو
في الأيقونةِ ذات الآفاقِ الواسعةِ
.شجنُ وجهِك ووجهي
،لها قامةُ موجةٍ تظلّلُ عزلةَ جزيرةٍ
وطعمُ الدموعِ المختلطةِ
.بالحبِّ واليتمِ وخمرِ الخلاص
.وَهْلَةُ زهرتيْنِ متعانقتيْنِ حولَ يباسِ غصن
حزنٌ بجناحيْنِ مفروديْنِ
بوسعِ دمعةٍ واحدةٍ
.فوقَ فراغِ المطعمِ والعالم
تحتَ اللوحةِ الغافيةِ بطفلتِها
بريشتِها العاجيّةِ
،بنجمةٍ لا تُخفى في طرفِ العصا
.قُبالةَ رسمةِ كلبٍ أبيض وحيد
لا أثرَ لأرنبٍ جريحٍ
.أو لرجلٍ مخبوءٍ في بئرٍ أو قبر
لا ظلالَ لركضي فوقَ الثلجِ فيما أضحكُ
أو في دوّامةِ دفترٍ أصفر
.في متاهةِ الخريف
فقط وجهانِ ولوحة
،وأصابعُ متشابكةٌ بلا وعدٍ أو كتابة
ما يكفي من حنانك وحناني
.كي تكتملَ بملامحنا رحلة
أحضان بأكمام قصيرة
كلُّ هذا الثقوبِ في الأرض
.دونَما أثرٍ لوردةِ ثلج
،"كم كنّا أطفالًا وحيدين"
يقولُ القاتلُ
.بتنهيدةٍ أصدق من نهر
،كلُّنا هذه الحقول المحروثة بالدموع
أحضانٌ بأكمامٍ قصيرةٍ
.قبورٌ تسعُ كلَّ كلمةٍ مكسورة
على مهلِهِ يمرُّ الحبُّ
.كمن يتنزّهُ في صدى غابة
يمرُّ اللصوصُ والأصدقاءُ
العاشقُ بقميصِهِ المفتوحِ حولَ باقةٍ
المهرّجُ بمساحيقِهِ الرخيصةِ فوقَ الأرصفة
الطبيبُ الخائفُ خلفَ قناعِ الطاعون
الطفلُ المتعكّزُ على زهرةٍ في طرفِ غصنٍ
الحصانُ الأسودُ والحصانُ الناصعُ
،الخريفُ والليلُ والباصُ الأخيرُ
الأحمرُ ذو الطابقيْن
.والسلالم التي بقامةِ بكاء
ثمّ يسقطُ ثلجٌ كثيرٌ
:ويتفتّحُ في بياضِ الحديقةِ براحُ مرآة
.دببةٌ قطنيّةٌ داكنةٌ تنبتُ بأذرعٍ مفرودة
.لا شيءَ في ملامحِنا يشبهُ الحبّ
كلُّنا في الوحلِ
،تحتَ نصالِ النجومِ
.لكنّ بعضَنا ينظرُ مبتسمًا نحوَ نفسِه
كما يُنقّى قميص من الأحضان
ها هو ثلجُ ديسمبر ينهمرُ ثانيةً
،كما في تلكَ المتاهةِ البيضاء
وعشبُ الحديقةِ يستيقظُ على أوزانٍ خفيفةٍ
.لملائكةٍ بلا ذاكرة
،هي نهايةُ حقبةٍ بحقائبِها
وأنا أكتبُ نفسي بلا مواربةٍ
كما يصفُ طفلٌ بألوانِ أصابعِهِ
الثلجَ الذي يحدثُ في نافذةٍ
.ليلةَ الميلاد
،العالمُ محبرةٌ مكسورةٌ على صفحةٍ أخيرةٍ من دفترِ خلاصِنا
ونجومٌ نائيةٌ تتلألأُ بألوانٍ مائيّةٍ
بفوضى كلماتٍ متفرّقةٍ
لو أجمعُها في رسالةٍ
.صوتي مجرّةٌ عالية
لكنَّ اللغةَ دونَ سقفَ الغيوم
وروحي إثرَ هالةِ المتنبّي
.أعمق من الغناء
في مثلِ هذه الشقّةِ ذات الشبابيك الكثيرة
سقطَ جورج مايكل وحيدًا
.كما تستسلمُ ورقةٌ لخريف
لهولِ الأملِ في قلبِهِ
ويتمِ العناقاتِ العابرةِ
.وثقوبِ الجيتاراتِ السوداء
لعجزِ الأغصانِ عن أن تكونَ عكّازًا لزهرة
فاضتِ الأواني بدمِ الخسارةِ
وفرغت من الهدايا
.قبّعاتُ السحرةِ والقمصان
هكذا عادَ أصدقائيَ القُدامى
الجرح تلوَ الآخر
.في جملةٍ طويلةٍ من الأجراسِ والأقنعة
.بعضُهُم جاءَ من الموتِ بلا حقيبة
.جميعُنا تائهٌ في برهةِ النسيان
ها هي الرسائلُ تتكدّسُ كعمرٍ قديمٍ على بابي
وأكنسُها بأهدابيَ على مهلٍ
.دونَ أن يرفَّ لي جفنٌ أو جناح
من مثلي فقدَ يديْهِ في الثلج؟
لمن هذا التاجُ المعلّقُ كقميصٍ على غصن؟
وكيف أشرحُ لغرباءِ الحانةِ
أنّ الدمعةَ شيءٌ حميم
كالحلمِ الذي نخطئُ حينَ نقتسمُهُ في أنخاب؟
أذكرُ امرأةً قصيرةً تجلسُ قُبالتي
.بسحنةٍ عريقةٍ من الأحقاد
.تكادُ تبكي من الكرهِ الذي يُعمي مفارقَ العشّاق
.وحدها الآن بقامةِ ما مضى
وجهي في مكانٍ آخر
ومعطفي
.وحذائيَ الرياضيُّ بفراشتيْنِ ناجيتيْن
،الثلجُ سفرُ الغريبِ في نفسِهِ
رسالةٌ فارغةٌ
كما كانَ اقتراحُ الحبِّ
.في وهلةِ مرآة
ها أنا أولدُ ثانيةً
.كما يُنَقَّى قميصٌ أبيضُ من وحلِ الأحضان