نسيان بألوان ألاسكا في الليل
2017
(خمس قصائد)
شمعة في كوخ الإسكيمو
:على حافّةِ النومِ، أُسْقِطُ كافّةَ الأقفال
،نظرتي السقيمة وعلّاقة ظلالي
.الخوف والحبّ والأمل
،حقيبة العلاقات الفاشلة
.لافتة الفندق الملعون
،كأنّني حارسٌ أَطْلَقَ جناحيْهِ لمؤاخاةِ النجومِ
بيانو أَطْبَقَ نفسَهُ تحتَ المطر
.كي يصبحَ طاولةً لقدحٍ وحيد
،أَخَفُّ من ريشةٍ في قبّعةِ طفل، أحلمُ بالثلجِ
،بمساحاتٍ شاهقةٍ من النسيان
،بشجرةٍ بهالةِ الهيكلِ العظميِّ العاري في مختبرِ المدرسة
.بكوخِ إسكيمو صغير، له قبّة آيس كريم في برد باريس
.أُشْعِلُ عودَ ثقابٍ لسَكينتي، ثمّ شمعة موشّاة بالندى
،من الضجرِ أحتمي بمجلّدِ ميكي
.من العاصفة، بمطواةِ جيبٍ حمراء
.بحبّةِ توتٍ بريٍّ، أُضيءُ صمتي بصدقِ بسمة
أهذا الذي بينَ يديَّ كبلّورةٍ بلا ذاكرة
وجهي الذي أَحَبَّ الغيومَ والغرباءَ على حدِّ نصل؟
،ليسَ ما نبصرُهُ من العالم سوى جرح الجليد
،والروحُ غوّاصةٌ
.فراشةٌ عنيفةٌ في الأعماق
،معطفٌ بياقةِ العزلة
.جوربٌ لسرنمةِ الدروب
،مزلجةٌ من الخشبِ الأخضر والزينةِ والأجراس
.لِقَطْعِ المسافةِ الملتبسةِ بينَ الدمعةِ والإدراك
.في كلِّ أرضٍ ومعركة، عمري موعدٌ مع الموت
ليست أسماء المدن والمقاهي
سوى ملصقات قابلة للتبديل
.أسوةً بالأقنعةِ التي لا تضلّلُ أقدارَنا
.لا مدريد ولا لندن ولا باريس
،لا بيروت ولا بغداد ولا سامرّاء
.ولا سُرَّ مَنْ رآك
:في اليقظةِ تؤلمني الحقائقُ الشامتةُ بأطيافِ لوحاتٍ من حولي
.ألوانُ الهزيمةِ في كلِّ قميصٍ ودفتر
.العشقُ كهيكلٍ بهشاشةِ زهرةٍ، في زاويةٍ من شارعِ دارِ المسنّين
،العمرُ الذي يمضي بلا حكمةٍ عدا العبور
.شأنَ كلِّ جسرٍ وتلويحة
نصف قمر من وحدتي
.العالمُ علبةٌ من السردين، مفتوحةٌ وفارغة، والليلُ سبّورةٌ خَطَّ نجومَها، بعشوائيّةِ الدموعِ، أطفالُ الشوارعِ الجائعة
.الحبُّ مأدبةُ المتسوّلين. العشّاقُ أقداحٌ خالية
كلُّ وردةٍ كتابٌ، عن الطينِ الذي تَفَتَّحَ بشرًا وبيوتًا، عن الوجهِ السجينِ في مُرَبَّعِ مرآةٍ، عن أسطورةِ الطائرِ الذي من أكمامِهِ يسقطُ الثلجُ، وعن أحصنةٍ ناصعةٍ في أغنية، حُرّة حتّى من إيقاعِ الحوافر.
،لعجزِ جناحٍ واحدٍ عن وَصْلِ ندبتيْنِ بنجمة
.كلُّ الينابيع أنصافُ جسور
،للأزهارِ وجوهٌ شاحبةٌ كمرضى الأرق
.وهذه الأرضُ آنيةٌ من رمادِنا
.أعرفُ الخوفَ كعنوانِ بيتيَ الواجفِ في خرائط الخريف
.أعرفُ الحبَّ والحربَ ونبلَ الهزيمة. لكنّني أجهلُ ما الذي يجولُ في خاطرِ المطر، حينَ يكسرُ نفسَهُ مثلَ بيانو من الزجاجِ، على أرصفةٍ منبوذة
أحلمُ بكوخٍ من الجليدِ باستدارةِ نصفِ قمرٍ من وحدتي
باسطوانةٍ زرقاء يزيّنُها وجهُ إسكيمو
بمقاعد باسمة حولَ مدفأةِ الحكايات
بحياةٍ أخرى، أعمق من جُرْحِ شجرةِ التوت
بعلاقاتٍ لا أنساها في القبوِ مع ألعابيَ المكسورة
.بأقواس من باقةٍ في قلبي، نحوَ القطبِ البعيد
.في الشفقِ تشفُّ الأشياء. تملأُ الملائكةُ الحانةَ الحانية. تحاورُني الدببةُ القطبيّةُ، مطمئنّة
.الذاكرةُ باندا مُدَلَّى من غصنِ النعاسِ، بأرجوحةِ الأبيض والأسود، والذئبُ حارسٌ نحيلٌ يشربُ ملامحَهُ من صحنِ القمر
.لا منجاةَ لي من هذه الصحراءِ المطمورةِ بضوءِ ثلجٍ، سوى مفاتيحيَ القديمة
هذه التي أعلّقُها من أعناقِ القناديل، على أبوابِ الشجرِ ومن قرونِ الأيائل، في لوحةٍ لا ينقصُها سوى أن تصدِّقَ
.كم هي نافذة
نهاية النسيان
،هذه هي الهاويةُ التي لا تسندُها سوى شجرة حور شافية
.أقصى ما وطأَتْهُ خطوةٌ من خارطةِ جرح
.وجهي رسالةُ حبٍّ بيدِ العاصفة
.كلُّ نظراتي تتساقطُ كالدموع
،كثافةُ الثلجِ لا تطمرُ خطوطَ الحبرِ الأحمر
.ولا بدَّ من نجمةٍ كاملةٍ، كنقطةٍ بعدَ نهايةِ نهر
،على بداهةِ الألمِ يصرُّ أصدقائي
.لكنّني أنكرُ الفأسَ في روحي، لئلّا أنكسرَ بقامةِ قلمٍ أمامهم
.إلى ألاسكا أسافرُ في رذاذِ اليقظة
.يصحبُني قطيعٌ من الذئابِ والملائكة
،في المفارق التي كفناجين فارغة
.تصهرُني أضواءُ الفجرِ الفريد
.ها هو ليلُ الألوانِ المائيّةِ، إكليلٌ من الأشعّةِ الفاتنةِ على شرفةِ الشمال
.سماءٌ من رفيفِ الستائر، برسائل الأخضر الناضر، كفستقةِ قلبٍ مشطور
.ها هي الأرضُ مغلّفةٌ بورقِ هدايا
.ثمّةَ امرأةٌ تُشَبِّهُ الأغصانَ المتشابكةَ بكفِّ عاشق
.أُبْصِرُ صورتَنا الأولى على صخرةٍ، تلك اللقطة المفقودة من ألبوم البدايات
،لا العطرُ العارمُ في طيّاتِ دفتر
.ولا الموسيقى المائجةُ بين قوسيِّ سمّاعة
،كما الجليد الذي لا يرتقي إلى صلابةِ حصاةٍ
.تسحقُ أقنعتَنا القسوة
.عدا تلكَ الريشة التي أفلتَها رسّامٌ مسافرٌ على متنِ غيمةٍ، لا أذكرُ جذرًا لهذا الجناح
.وكأنَّ العظامَ التي من ظلالِها نحتْتُ رحلتي ورماحي، محضُ غبارٍ بينَ الأصابع
.أكثرَ من نفسي، أعرفُ الندم
.الكتابةُ محرقةٌ من الشموع
.الكهفُ كلمةٌ محفورةٌ في حجر
كيفَ تحتملُ الكواكبُ خفّةَ الفصول؟
ومن أيِّ ثقبٍ في الحواسِ يتسلّلُ الحنين؟
أينَ هي هياكلُ المراحل الماضية؟
ومن ذا الذي بَصَقَ في صحنِ النسيان؟
.بينَ قممٍ قارسةٍ بقبّعاتٍ بيضاء، يحومُ شبحُ نسرٍ وحيد
.أفكّرُ في الحياةِ بعمقِ قبرٍ، بصدقِ عبرةٍ عابرةٍ في شفقِ قنديل
أقلّ من أغنية
جُزُرٌ من الجليدِ الجارحِ
،كما هي القلوبُ المكسورةُ في مثلِ أعمارِنا
.هذه التي أجملُها قد مضى
،قِطَعٌ متفرّقةٌ في زرقةٍ محايدةٍ
كلّما تقاطعَتْ فوقَ خارطتِها الغيومُ
.واصلَتِ الرحلةَ بملامح حكاياتنا
نحنُ الذينَ لفرطِ المسامير في حواسِّنا وموسيقانا الغامضةِ
يؤلمُ ضلوعَنا الضوءُ
.وكأنّها محضُ أجفان
،الندمُ شاحنةٌ مُثْقَلَةٌ في ضبابِ الثلج
والندفُ التي تنهمرُ من وجهِ قنديلٍ على جسرٍ
.مطابقةٌ لبصماتِ نسياني
سريعًا مرَّت مدنُ الربيع
.بأكثرِ من قصّةٍ وغصّةٍ أليفة
بسأمِ اسطوانةٍ حولَ شمسِها، يدورُ الكوكبُ البائسُ
.والقُطْبُ قبّعةُ الأرضِ البيضاء
،ماذا أفعلُ بحبرِ روحي
وكلُّ الكلامِ لا يعادلُ قطرةَ دمٍ على قميص؟
.الحبُّ قَرْنُ ماموثٍ، والأيائلُ أشجارٌ شاردة
على عكسِ ما توحي بامّحائِهِ الهضابُ
.هذه الخفّةُ متحفٌ لكلِّ لحظةٍ، مقبرةٌ حافظةٌ للظلال
من ذا الذي تخدعُهُ مفارقةُ الفراغ؟
وكيفَ احتملتُ على امتدادِ المحطّاتِ، ما لا تُحصيهِ رمالٌ من تفاهة؟
.عندَ سفحِ العاصفةِ أصافحُ خوفي
.يدي تلويحةٌ في الريح
.يابسةٌ وشاحبةٌ كما هي دفاترُ الخريف
.مكنونةٌ هي الأقدارُ في فيزياءِ كلماتِنا
.كلُّ فقدٍ انحناءةٌ في أفق
منذُ طيورِ بودابست المضاءةِ كسربِ طائراتٍ في الليل
منذُ أن لامسَ الحصانُ الأحمرُ جناحًا من طفولتي
منذُ الدبّاباتِ المعطَّلةِ في الشارعِ المحاذي لرذاذِ النيل
منذُ أن داسَ الجنديُّ النحيلُ بسماتِ البشر ليلمّعَ حذاءَهُ
وأنا على يقينٍ بأنّ الحياةَ أقلُّ من أغنيةٍ
وأنّنا نكابرُ ونكرّرُ السفرَ والتنفّسَ والكلام
.فقط كي لا يلطّخَ ملاكٌ آخرُ، بسيّارةٍ سريعةٍ وألفِ قناعٍ رخيص، فراءَ هالاتِنا
هارمونيكا حمراء لترجمة تنهيدة
.بينَ أغنيتي والأرض، ينتصفُ القمرُ الذي يترفّعُ عن تهافتِ الثلج
،الكلامُ نهرٌ يهوي قبلَ وصولِه، بعنفِ زخّةٍِ من الشهبِ الزاهرة
.فيما العلاقاتُ الغائمةُ تحتضرُ بغموضِ خريفٍ بينَ الضلوع
.وحيدًا يموتُ الحبُّ، بشجوِ قطارٍ متقطّعِ الأوصالِ، كي تسعه المفارق
ما حاجةُ الضباب إلى سلالم؟
وإن كانتِ الحياةُ أعمقَ من القبورِ، كيفَ تراكمَتْ كلُّ هذه السنواتِ كسنونواتٍ في صمتي؟
لعمقِ ما حلمتُ بقممِ ألاسكا
ترشحُ روحي بنورِ غيمةٍ
.في جرحِ العزلةِ والجفاف
.ثمّةَ ما يعرقلُ ظلالَنا الناجيةَ من ذاكرةِ الربيع
.ثمّةَ من يعيقُ تقدّمَنا وحيدِينَ في النسيان
،للدببةِ القطبيّةِ معاطفُ حولَ الوحدةِ
والحياةُ أطفالٌ حُفاةٌ يرسمونَ الجبالَ
.بجراحٍِ غائرةٍ في جبينِ الجليد
،ها هي أشباحي تتوالى كصفحاتٍ خفيفةٍ في كتاب
.ندمي كلُّ ندفةٍ ناصعةٍ نحو الوديان
كلُّ بحّةِ كمانٍ
حنينُ ذلكَ الذي أحبَّ وبكى
.كنسمةٍ على أكتافِ العاصفة
.لطالما اتّسع قلبي قميصًا لسواي
.من بينِ الآلاتِ الآيلةِ للرمادِ، أُجِلُّ البيانو
،لأنّه شجرةٌ وبابٌ بمفاتيح غزيرة
.كأنّه صورةٌ لعاشقٍ قديم
.في مديحِ الأشياءِ النبيلةِ، أُفني شفتيَّ وشمعتي
،في القطبِ الخالي، أقطعُ كلَّ خيطٍ يقطّبُني بجرحِ الأرض
.أنا المنطادُ الشاردُ كدمعةٍ عالية
:على حافّةِ النومِ، أُسْقِطُ كافّةَ الأقفال
،نظرتي السقيمة وعلّاقة ظلالي
.الخوف والحبّ والأمل
،حقيبة العلاقات الفاشلة
.لافتة الفندق الملعون
،كأنّني حارسٌ أَطْلَقَ جناحيْهِ لمؤاخاةِ النجومِ
بيانو أَطْبَقَ نفسَهُ تحتَ المطر
.كي يصبحَ طاولةً لقدحٍ وحيد
،أَخَفُّ من ريشةٍ في قبّعةِ طفل، أحلمُ بالثلجِ
،بمساحاتٍ شاهقةٍ من النسيان
،بشجرةٍ بهالةِ الهيكلِ العظميِّ العاري في مختبرِ المدرسة
.بكوخِ إسكيمو صغير، له قبّة آيس كريم في برد باريس
.أُشْعِلُ عودَ ثقابٍ لسَكينتي، ثمّ شمعة موشّاة بالندى
،من الضجرِ أحتمي بمجلّدِ ميكي
.من العاصفة، بمطواةِ جيبٍ حمراء
.بحبّةِ توتٍ بريٍّ، أُضيءُ صمتي بصدقِ بسمة
أهذا الذي بينَ يديَّ كبلّورةٍ بلا ذاكرة
وجهي الذي أَحَبَّ الغيومَ والغرباءَ على حدِّ نصل؟
،ليسَ ما نبصرُهُ من العالم سوى جرح الجليد
،والروحُ غوّاصةٌ
.فراشةٌ عنيفةٌ في الأعماق
،معطفٌ بياقةِ العزلة
.جوربٌ لسرنمةِ الدروب
،مزلجةٌ من الخشبِ الأخضر والزينةِ والأجراس
.لِقَطْعِ المسافةِ الملتبسةِ بينَ الدمعةِ والإدراك
.في كلِّ أرضٍ ومعركة، عمري موعدٌ مع الموت
ليست أسماء المدن والمقاهي
سوى ملصقات قابلة للتبديل
.أسوةً بالأقنعةِ التي لا تضلّلُ أقدارَنا
.لا مدريد ولا لندن ولا باريس
،لا بيروت ولا بغداد ولا سامرّاء
.ولا سُرَّ مَنْ رآك
:في اليقظةِ تؤلمني الحقائقُ الشامتةُ بأطيافِ لوحاتٍ من حولي
.ألوانُ الهزيمةِ في كلِّ قميصٍ ودفتر
.العشقُ كهيكلٍ بهشاشةِ زهرةٍ، في زاويةٍ من شارعِ دارِ المسنّين
،العمرُ الذي يمضي بلا حكمةٍ عدا العبور
.شأنَ كلِّ جسرٍ وتلويحة
نصف قمر من وحدتي
.العالمُ علبةٌ من السردين، مفتوحةٌ وفارغة، والليلُ سبّورةٌ خَطَّ نجومَها، بعشوائيّةِ الدموعِ، أطفالُ الشوارعِ الجائعة
.الحبُّ مأدبةُ المتسوّلين. العشّاقُ أقداحٌ خالية
كلُّ وردةٍ كتابٌ، عن الطينِ الذي تَفَتَّحَ بشرًا وبيوتًا، عن الوجهِ السجينِ في مُرَبَّعِ مرآةٍ، عن أسطورةِ الطائرِ الذي من أكمامِهِ يسقطُ الثلجُ، وعن أحصنةٍ ناصعةٍ في أغنية، حُرّة حتّى من إيقاعِ الحوافر.
،لعجزِ جناحٍ واحدٍ عن وَصْلِ ندبتيْنِ بنجمة
.كلُّ الينابيع أنصافُ جسور
،للأزهارِ وجوهٌ شاحبةٌ كمرضى الأرق
.وهذه الأرضُ آنيةٌ من رمادِنا
.أعرفُ الخوفَ كعنوانِ بيتيَ الواجفِ في خرائط الخريف
.أعرفُ الحبَّ والحربَ ونبلَ الهزيمة. لكنّني أجهلُ ما الذي يجولُ في خاطرِ المطر، حينَ يكسرُ نفسَهُ مثلَ بيانو من الزجاجِ، على أرصفةٍ منبوذة
أحلمُ بكوخٍ من الجليدِ باستدارةِ نصفِ قمرٍ من وحدتي
باسطوانةٍ زرقاء يزيّنُها وجهُ إسكيمو
بمقاعد باسمة حولَ مدفأةِ الحكايات
بحياةٍ أخرى، أعمق من جُرْحِ شجرةِ التوت
بعلاقاتٍ لا أنساها في القبوِ مع ألعابيَ المكسورة
.بأقواس من باقةٍ في قلبي، نحوَ القطبِ البعيد
.في الشفقِ تشفُّ الأشياء. تملأُ الملائكةُ الحانةَ الحانية. تحاورُني الدببةُ القطبيّةُ، مطمئنّة
.الذاكرةُ باندا مُدَلَّى من غصنِ النعاسِ، بأرجوحةِ الأبيض والأسود، والذئبُ حارسٌ نحيلٌ يشربُ ملامحَهُ من صحنِ القمر
.لا منجاةَ لي من هذه الصحراءِ المطمورةِ بضوءِ ثلجٍ، سوى مفاتيحيَ القديمة
هذه التي أعلّقُها من أعناقِ القناديل، على أبوابِ الشجرِ ومن قرونِ الأيائل، في لوحةٍ لا ينقصُها سوى أن تصدِّقَ
.كم هي نافذة
نهاية النسيان
،هذه هي الهاويةُ التي لا تسندُها سوى شجرة حور شافية
.أقصى ما وطأَتْهُ خطوةٌ من خارطةِ جرح
.وجهي رسالةُ حبٍّ بيدِ العاصفة
.كلُّ نظراتي تتساقطُ كالدموع
،كثافةُ الثلجِ لا تطمرُ خطوطَ الحبرِ الأحمر
.ولا بدَّ من نجمةٍ كاملةٍ، كنقطةٍ بعدَ نهايةِ نهر
،على بداهةِ الألمِ يصرُّ أصدقائي
.لكنّني أنكرُ الفأسَ في روحي، لئلّا أنكسرَ بقامةِ قلمٍ أمامهم
.إلى ألاسكا أسافرُ في رذاذِ اليقظة
.يصحبُني قطيعٌ من الذئابِ والملائكة
،في المفارق التي كفناجين فارغة
.تصهرُني أضواءُ الفجرِ الفريد
.ها هو ليلُ الألوانِ المائيّةِ، إكليلٌ من الأشعّةِ الفاتنةِ على شرفةِ الشمال
.سماءٌ من رفيفِ الستائر، برسائل الأخضر الناضر، كفستقةِ قلبٍ مشطور
.ها هي الأرضُ مغلّفةٌ بورقِ هدايا
.ثمّةَ امرأةٌ تُشَبِّهُ الأغصانَ المتشابكةَ بكفِّ عاشق
.أُبْصِرُ صورتَنا الأولى على صخرةٍ، تلك اللقطة المفقودة من ألبوم البدايات
،لا العطرُ العارمُ في طيّاتِ دفتر
.ولا الموسيقى المائجةُ بين قوسيِّ سمّاعة
،كما الجليد الذي لا يرتقي إلى صلابةِ حصاةٍ
.تسحقُ أقنعتَنا القسوة
.عدا تلكَ الريشة التي أفلتَها رسّامٌ مسافرٌ على متنِ غيمةٍ، لا أذكرُ جذرًا لهذا الجناح
.وكأنَّ العظامَ التي من ظلالِها نحتْتُ رحلتي ورماحي، محضُ غبارٍ بينَ الأصابع
.أكثرَ من نفسي، أعرفُ الندم
.الكتابةُ محرقةٌ من الشموع
.الكهفُ كلمةٌ محفورةٌ في حجر
كيفَ تحتملُ الكواكبُ خفّةَ الفصول؟
ومن أيِّ ثقبٍ في الحواسِ يتسلّلُ الحنين؟
أينَ هي هياكلُ المراحل الماضية؟
ومن ذا الذي بَصَقَ في صحنِ النسيان؟
.بينَ قممٍ قارسةٍ بقبّعاتٍ بيضاء، يحومُ شبحُ نسرٍ وحيد
.أفكّرُ في الحياةِ بعمقِ قبرٍ، بصدقِ عبرةٍ عابرةٍ في شفقِ قنديل
أقلّ من أغنية
جُزُرٌ من الجليدِ الجارحِ
،كما هي القلوبُ المكسورةُ في مثلِ أعمارِنا
.هذه التي أجملُها قد مضى
،قِطَعٌ متفرّقةٌ في زرقةٍ محايدةٍ
كلّما تقاطعَتْ فوقَ خارطتِها الغيومُ
.واصلَتِ الرحلةَ بملامح حكاياتنا
نحنُ الذينَ لفرطِ المسامير في حواسِّنا وموسيقانا الغامضةِ
يؤلمُ ضلوعَنا الضوءُ
.وكأنّها محضُ أجفان
،الندمُ شاحنةٌ مُثْقَلَةٌ في ضبابِ الثلج
والندفُ التي تنهمرُ من وجهِ قنديلٍ على جسرٍ
.مطابقةٌ لبصماتِ نسياني
سريعًا مرَّت مدنُ الربيع
.بأكثرِ من قصّةٍ وغصّةٍ أليفة
بسأمِ اسطوانةٍ حولَ شمسِها، يدورُ الكوكبُ البائسُ
.والقُطْبُ قبّعةُ الأرضِ البيضاء
،ماذا أفعلُ بحبرِ روحي
وكلُّ الكلامِ لا يعادلُ قطرةَ دمٍ على قميص؟
.الحبُّ قَرْنُ ماموثٍ، والأيائلُ أشجارٌ شاردة
على عكسِ ما توحي بامّحائِهِ الهضابُ
.هذه الخفّةُ متحفٌ لكلِّ لحظةٍ، مقبرةٌ حافظةٌ للظلال
من ذا الذي تخدعُهُ مفارقةُ الفراغ؟
وكيفَ احتملتُ على امتدادِ المحطّاتِ، ما لا تُحصيهِ رمالٌ من تفاهة؟
.عندَ سفحِ العاصفةِ أصافحُ خوفي
.يدي تلويحةٌ في الريح
.يابسةٌ وشاحبةٌ كما هي دفاترُ الخريف
.مكنونةٌ هي الأقدارُ في فيزياءِ كلماتِنا
.كلُّ فقدٍ انحناءةٌ في أفق
منذُ طيورِ بودابست المضاءةِ كسربِ طائراتٍ في الليل
منذُ أن لامسَ الحصانُ الأحمرُ جناحًا من طفولتي
منذُ الدبّاباتِ المعطَّلةِ في الشارعِ المحاذي لرذاذِ النيل
منذُ أن داسَ الجنديُّ النحيلُ بسماتِ البشر ليلمّعَ حذاءَهُ
وأنا على يقينٍ بأنّ الحياةَ أقلُّ من أغنيةٍ
وأنّنا نكابرُ ونكرّرُ السفرَ والتنفّسَ والكلام
.فقط كي لا يلطّخَ ملاكٌ آخرُ، بسيّارةٍ سريعةٍ وألفِ قناعٍ رخيص، فراءَ هالاتِنا
هارمونيكا حمراء لترجمة تنهيدة
.بينَ أغنيتي والأرض، ينتصفُ القمرُ الذي يترفّعُ عن تهافتِ الثلج
،الكلامُ نهرٌ يهوي قبلَ وصولِه، بعنفِ زخّةٍِ من الشهبِ الزاهرة
.فيما العلاقاتُ الغائمةُ تحتضرُ بغموضِ خريفٍ بينَ الضلوع
.وحيدًا يموتُ الحبُّ، بشجوِ قطارٍ متقطّعِ الأوصالِ، كي تسعه المفارق
ما حاجةُ الضباب إلى سلالم؟
وإن كانتِ الحياةُ أعمقَ من القبورِ، كيفَ تراكمَتْ كلُّ هذه السنواتِ كسنونواتٍ في صمتي؟
لعمقِ ما حلمتُ بقممِ ألاسكا
ترشحُ روحي بنورِ غيمةٍ
.في جرحِ العزلةِ والجفاف
.ثمّةَ ما يعرقلُ ظلالَنا الناجيةَ من ذاكرةِ الربيع
.ثمّةَ من يعيقُ تقدّمَنا وحيدِينَ في النسيان
،للدببةِ القطبيّةِ معاطفُ حولَ الوحدةِ
والحياةُ أطفالٌ حُفاةٌ يرسمونَ الجبالَ
.بجراحٍِ غائرةٍ في جبينِ الجليد
،ها هي أشباحي تتوالى كصفحاتٍ خفيفةٍ في كتاب
.ندمي كلُّ ندفةٍ ناصعةٍ نحو الوديان
كلُّ بحّةِ كمانٍ
حنينُ ذلكَ الذي أحبَّ وبكى
.كنسمةٍ على أكتافِ العاصفة
.لطالما اتّسع قلبي قميصًا لسواي
.من بينِ الآلاتِ الآيلةِ للرمادِ، أُجِلُّ البيانو
،لأنّه شجرةٌ وبابٌ بمفاتيح غزيرة
.كأنّه صورةٌ لعاشقٍ قديم
.في مديحِ الأشياءِ النبيلةِ، أُفني شفتيَّ وشمعتي
،في القطبِ الخالي، أقطعُ كلَّ خيطٍ يقطّبُني بجرحِ الأرض
.أنا المنطادُ الشاردُ كدمعةٍ عالية